أثـنـان وثـلاثـون سـنـة عـُمـر الـجـمـهـوريـة الإسـلامـيـة الـتـي فـرضـت واقـع جـديـد عـلـى الـمـنـطـقـة بـرمـتهـا بـعـد وصـول الإسـلامـيـن إلـى سـدة الـحـكـم الـمُـطـلـق فـي دولـة تـُعتـبـر مـن دول الإرتـكـاز الأسـاسـيـة فـي مـنـطـقـة الـشـرق الأوسـط مـن حـيـث الـمـسـاهـمة فـي خـلـق بـيـئـة الأسـتـقـرار مـن عـدمـه سـيـاسـيـاً-أمـنـيـاً- عـسـكـريـاً- أقـتـصـاديـاً ... نـظـام ولايـة الـفـقـيه الـذي تـمـتـع بـشـعـبـيـة كـبـيـرة فـي بـدايـتـه نـتـيـجـة الـتـمـاس الـمـبـاشـر بـيـن رجـال الـديـن والـمـجـتـمـع الإيـرانـي والـذي كـان الـسـبـب فـي نـجـاح ثـورتـهـم الـتـي أدت إلـى قـلـب مـعـادلـة الـتـوازن فـي الـمـنـطـقـة بـأعـادة رسـم خـارطـة الـتـحـالـفـات الإسـتـيـراتـيـجـيـة بـيـن إيـران مـن جـهـة والـغـرب وأمـريـكـا مـن جـهـة ... بـعـد أثـنـان وثـلاثـون عـاماً مـضـت عـلـى الـثـورة فـي إيـران التي أدت إلـى الأطـاحـه بـنـظـام الـشـاه مـحـمـد رضـا بـهـلـوي وأعـلان الـجـمـهـوريـة الإسـلامـيـة تـأتـي الإنـتـفـاضـة الـشـعـبـيـة بـعـد الأنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة قـبـل عـام مـن الـيـوم والـتـي أضـهـرت فـوز مـحـمـود أحـمـدي نـجـاد بــ ولاية ثانية لـتـُحـدث صـدمة لـدى التـيـار الإصـلاحـي الـمـنـافـس لـنـجـاد وأخـرى للشـعـب الإيـرانـي المتـعـطـش إلـى الـحـريـة والتـغيـيـر , وسـرعـان مـا تحـولـت الـصدمـة إلـى غـضـب عــارم فـجـر حـالـة مـن الـغـلـيـان عـمت الـشعـب الإيـرانـي وخــاصـة شــريحـة الـشبــاب منه حيث عــبـروا عــن غـضبهـم بــالإحــتـجـاجـات والـهـتـافـات والمــظـاهــرات الــتـي جـابـت ولا تـزال شــوارع طـهـران والـمـدن الإيـرانـيـة الـكـبـرى لـيـعـلـن بـذلـك الـشـعـب الإيـرانـي أنـتـفـاضـته والـتـي بـدا مـن مـلامـحـهـا ومـا تـمـتـلـكـه مـن مـقـومـات كــالأسـتـمـراريـة والـصـمـود وتـوسـع مـسـاحـتـهـا لـتـشـمـل مـدن ومـنـاطـق أخـرى وأنـبـثـاق أهـداف أوسـع تـبـنـتـهـا وعـمـلـت عـلـى بـلـورتـهـا وأسـتـحـداث وسـائـل وأسـالـيـب جـديـدة لإنـجـاحها حـيـث تـجـاوزت الـرغـبـة إلـى الـتـغـيـيـر الـجـزئـي مـن داخـل مـؤسـسـة الـنـظـام إلـى الـتـصـمـيـم عـلـى الـغـيـيـر الـجـذري للـنـظـام , لـذا مـن الـواضـح وحـسـب الـمـعـطـيـات الـمُـشـار الـيـهـا أن أقـتـراب الانـتـفـاضـة يـومـاً بـعـد أخـر الـى ثـورة شـعـبـيـة واسـعـة الـنـطـاق والأهـداف قـد بـدأت بـالـفـعـل ... تـُعـيـد الاحـداث الـجـاريـة الـيـوم فـي إيـران الـى الاذهـان أحـداث ثـورة عـام 1979, من حـيـث الاسـالـيـب التي اتبعها الـشـعـب الإيـرانـي فـي الـتـعـبـيـر عـن رفـضـه للنظام من خلال الـتـظـاهـرات والاحـتـجـاجـات والـهـتـافـات والـتـكـبـيـرات مـن عـلـى أسـطـح الابـنـيـة والـبـيـوت مـنـدديـن بـنـظـام الـشـاه آنذاك , ونـرى الـيـوم ذات الـمـشـهـد يـتـكـرر بـعـد عـام عـلـى انـقـضـاء الإنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة الأخـيـرة فـي ايـران والـتـي اعـتـبـرهـا الـتـيـار الإصـلاحـي غـيـر شـرعـيـة حـيـث تـتـواصـل الـتـظـاهـرات والاحـتـجـاجـات الـمـلـيـونـيـة فـي مـدن ايـران ومـنـاطـقـهـا وتـرتـفـع الـتـكـبـيـرات والـهـتـافـات الـداعـيـة لإسـقـاط نـظـام ولايـة الـفـقـيه ومـن أبـرزهـا "الـمـوت للـدكـتـاتـور " ومـن الاسـالـيـب الـتـي أوصـى الـزعـمـيـين الاصـلاحـيـيـن مـيـر حـسـيـن مـوسـوي ومـهـدي كـروبـي بـأتـبـاعـهـا مـن قـبـل مـؤيـديـهـم هـي الـتـصـويـر عـبـر كـامـرات الـهـاتـف الـمـحـمـول لـحـالات الـعـنـف والـضـرب والاعـتـقـال الـتـي يـتـعـرض لـهـا انـصـارهـم عـلـى أيـدي مـيـلـيـشـيا الـبـاسـيـج والـحـرس الـثـوري وأجـهـزة الامـن الاخـرى لـفـضـح الـمـمـارسـات الـقـمـعـيـة بـحـق الـشـعـب الإيـرانـي ... ومـن الـجـديـر بـالـذكـر أن الـمـتـابـع للـقـضـيـة الإيـرانـيـة مـن كـافـة زوايـاهـا ومـا طـرأ عـلـيـهـا مـن تـغـيـيرات داخـلـيـة وخـارجـيـة يـلاحـظ أنـه فـي حـال أسـتـمـرت الأنـتـفـاضـة الـشـعـبـيـة بـغـلـيـانـهـا وصـمـودهـا وتـمـسـكـهـا بـتـحـقـيـق أهـدافـهـا الـتـي بـدأت تـأخـذ أعـلـى الـسـقـوف الـمـمـكـنـة ومـع أسـتـمـرارالـتـخـبـط الـسـياسـي للـنـظـام و أطـلاقـه يـد الأجـهـزة الامـنـيـة والـعـسـكـريـة والاسـتـخـبـاراتـيـة لـقـمـع الـمـتـضـاهـريـن وأعـتـقـالـهـم سـيـؤدي إلى أضـعـاف الـنـظـام داخـلـيـاً وتـوسـيـع نـطـاق الـمـواجـهـة الـمـبـاشـرة مـع الـشـعب لـيـولـد بـذلـك حـالـة مـن الـعـصـيـان الـواسـعـة الـنـطـاق مـن الـصـعـب الـسـيـطـرة عـلـيـهـا , رغـم أنـه كـلـمـا طـال عُـمـر الانتفاضه سـيـزيـد الـنـظـام مـن وحـشـيـتـه فـي الـتـعامـل مـعـهـا , لـكـن مـع بـقـائـهـا وصـمـودهـا أكـبـر مـدة مـمـكـنـة سـتـتـمـكـن مـن تـقـويـض الـنـظـام وتـبـدأ حـالـة مـن الـعـجـز والـتـمـرد تـسـود أجـهـزة ومـؤسـسـات الـنـظـام عـلـى الـنـظـام نـفـسـه مـمـا سـيـضـع الأنـتـفـاضـه عـلـى آول الـطـريـق لـدخـولـهـا مـرحـلـة الـثـورة الـقـادرة عـلـى أسـقـاط الـنـظـام بـرمـته . مـحـمـد الـيـاسـيـن- كـاتـب وسـيـاسـي عـراقـي مـسـتـقـل Moh.alyassin@yahoo.ca