ب_الخلط بين المفاهيم الديمقراطية والديكتاتورية أن الخصوصية في التجربة الديمقراطية(أشكال نظام الحكم)عند العرب قد تمتد من المجتمع العربي القبلي و إلى وقتنا الحاضر و بالتأكيد نريد من الشعوب والأمم الأخرى أن تحترم هذه الخصوصية وهذا يعني لدينا استيعابها لأننا أصحاب التجربة,وندركها ونعيرها ووفق التطور التاريخي لها,ونعي تماماً بأنها لتتناسب مع معطيات العصر الحالي من التجارب الديمقراطية ولكننا في الوقت نفسه لا نريد من ديمقراطيات الحكم الأخرى أن ترشدنا إلى نماذج هم يريدون أن يفرضونها علينا لسبب من الأسباب كأن تكون ناجحة عندهم,وأكثر من ذلك نريد من الإدارات الحاكمة في الغرب على وجه الخصوص أن لا يعطون الحق لأنفسهم بترتيب بيوتنا الديمقراطية,وإذا لم نرضى يدبرون المؤامرات ويحيكونها لتحقيق ما يريدونه هم ,وإذا قاومنا إرادتهم الشريرة في تسلطهم علينا يقومون بالعدوان علينا ويغزون بلادنا لفرض إرادتهم,وبعد ذلك يقولون إنهم ديمقراطيون!! والحق هو أن يعطونا الفرصة أن نطلع على كل التجارب وتفاعلها بالذي عندنا ونختار نحن ما نريده لا أن يفرض علينا بتهديد سلاح الاحتلال .. بمعنى أدق وأوضح أن مفهوم الديمقراطية عند الآخرين يختلف في بعض مفاصلها من الذي عندنا,وليجب أن يَفْهَمْ بعض السذج من ذلك ويفسرونه على إنه صورة من صور الانعزالية أو الانفرادية لتَكَونْ الفكر والفلسفة العربية,ونحن العرب لم نخلق فلسفتنا من أجواء منعزلة عن التحضر ولم نقبع في جوف الصحراء ونتأمل فقط لنخرج النظريات كما يحلو للبعض أن يفهم من تأكيدنا على خصوصيتنا في الإبداع الفكري والاجتماعي, بل كنا ولازلنا نشارك الأمم الأخرى في استقبال والتفاعل مع كل الآراء و النظريات والفلسفات للشعوب والأمم في هذه الأرض,وفي موضوع الحرية والديمقراطية كان هنالك تفاعل قوي مع الفلسفة اليونانية وخاصة في مواضيع الحرية والديمقراطية مثلاً أن( أقدم تعريفات الحرية في الشرق الإسلامي لم تصدر عن دوائر إسلامية، ولم يعبر عنها في اللغة العربية، بل وردت في الأعمال السريانية، على أساس أن الحرية هي القوة غير المحددة للطبائع العاقلة التي تتعلق بالحواس والإدراك العقلي.)(1) وأيضا تبنى الفيلسوف العربي الفارابي الفكرة القائلة بأن الديمقراطية هي مدينة الحرية، ويرى أن أشكال الحكومات الموجودة في هذا العالم غير كاملة، إنها نتيجة حاجة الإنسان للتنظيم الاجتماعي لضمان بقائه,ويقدم الرازي تعريفا فلسفيا للحرية، حرية النفس، ويقع ضمن التقليد الأخلاقي الذي يربط حرية النفس. وقد فسر ابن رشد جمهورية أفلاطون بأن على كل إنسان أن يقتنع بأنه حر، وأن شكل الدولة التي تمثل الحرية هو الديمقراطية، ويبقى هنا على كل حال احتمال تحول الزيادة في الحرية لغير صالحها.إن هذا جزء من الإبداع العربي في نظريات الحكم وفلسفة الحرية و الديمقراطية الذي جاء نتيجة التفاعل بين العقل العربي والعقل الأجنبي. وألان الذي عندنا نحن في الشرق ليس كل حكم قائم على المركزية الفردية هي دكتاتورية وليس كل حكم قائم على مجموعة هو حكم قائم على الديمقراطية,ففي تأريخنا العربي والإسلامي الكثير من الشواهد على هذه الركائز التي قامت عليها الديمقراطيات في حياتنا كعرب ولازالت تؤثر في تركيبة النفس العربية ونتأثر بتا .فالديمقراطيات الملكية لبعض بلداننا العربية التي لازال المجتمع العربي يتعامل معها كسلطة للحكم و بمبادئ القبيلة والعشيرة في إدارة الحكم, ليس بالضرورة أن الحكم على هذا النمط من الديمقراطيات بأنها متخلفة أو لا تواكب متطلبات العصر الحالي إلا بقدر ما تدفع هذه الديمقراطيات للمحاصصات أو التخدقات أو التمييز على أسس الانتماء العشائري أوالدين والمذهبي,وإما فعل هذا النظام في ترسيخ الأخلاق العشائرية وعلى مكارم الأخلاق وجمع الصفوف في الدفاع عن الأوطان وتوحيد الجهود لبناء المجتمعات فهذه وبالضرورة من الايجابيات بل الحسنات.. كان شيوخ القبائل يحكمون قبائلهم وبموجب أعراف وعادات متبادلة عند الكل, ومن خلال مجلس شورى أو مجلس القبيلة,والخلفاء الراشدين كانوا يحكمون على هدى العقيدة الإسلامية. وتاريخ الدولة الإسلامية يؤكد على أن الحاكم الإسلامي (الخليفة) كان يجمع بين يديه السلطتين الدينية والسياسية ،فالنظام الإسلامي إذن على هذه الصورة نظام فريد خاص بالإسلام,ولا يمكن وبأي صورة أن يطلق عليه مثلاً بالحكم الديكتاتوري. فقد يكون الحاكم الإسلامي في تلك الفترات يتخذ القرارات بنفسه أي بصورة فردية ولكنها تكون محكومة بالشريعة الإسلامية كل قراراته ومن خلال جهتين رقابيتين,الأولى القضاء المستقل عن حكم الخليفة ووزرائه والثاني هو إيمان الخليفة بالشريعة الإسلامية ومن ثم التزامه بتا وحيث كان قوة الإيمان لا تزال تؤثر بالحكام,ويمكن أن يواجه معارضة أو نقداً فيما لو أساء استخدام سلطته, ولكن بمرور الوقت والابتعاد عن حقبة الإيمان الأولى في الدولة الإسلامية والمتمثلة بحكم الخلفاء الراشدين بدء هذا العامل(عامل الإيمان الذاتي) يضعف و خاصة بعد ظهور الاجتهاد الدينية وظهور المذاهب المختلفة ولم يعدمن الصواب الركون إلى أن يجمع الحاكم(فرد أو جماعات) بين السلطتين الدينية و السياسية ولم يعد أي تطابق أو تماثل مع أي من النظم السياسية الأخرى المعاصرة لان تخلفها ليس بسبب مبادئ الحكم بل بصيغ المستعملة للحكم(النظام الديمقراطي) .وإن كان هذا لا يمنع قيام أوجه شبه بين بعض النظريات السياسية الإسلامية وبين بعض النظريات السياسية الغربية,وخاصة في حقبة حكم رجال الكنيسة في أُوروبا,والتي نشاء عنها ردود فعل سلبية وخاطئة تجاه الدين والموقف من السماء .ومثلما نحن نروج بالرجوع لشريعة السماء في بناء فلسفتنا في الحرية والبناء الديمقراطي .ففي الغرب الكثيرين من دعاة هذه المدرسة (أن صح التعبير عنها)وأكتفي بمقولة الرئيس الأمريكي إبراهيم لنكولن: ( من الصعب إن تجعل الإنسان يشعر بالتعاسة والحقارة إذا كان يؤمن بنفسه كما يؤمن بانتمانه إلى الخالق العظيم الذي خلق جميع البشر ). (1) هذا ما جاء في كتاب ((مفهوم الحرية في الإسلام)) للمؤلف:فرانو روزنتال / ترجمة رضوان السيد,مع زيادة