شبكة ذي قار
عاجل










في تصريح أدلى به الى صحيفة "الديلي ميل"البريطانية قال سيف الدين القذافي, بكل بساطة وراحة بال, إن رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير يعمل مستشارا للزعيم الليبي معمّر القذافي, وهو أيضا صديق"شخصي" للعائلة. ودافع القذافي الأبن عن حقّ بلير في جني الأموال الطائلة لقاء نصائحه"الأخوية جدا" وفتاواه المقدّسة وإستشاراته الخلاّقة التي يقدّمها الى مَن عزّ عليهم العثور, وجلّهم من الحكام العرب طبعا, على شخص أكثر نزاهة وصدقا وسلوكا حسنا غير مجرم الحرب, بل الحروب توني بلير. ولاغرابة عزيزي القاريء في ذلك, فالعرب هُم الذين قالوا في ما مضى, من قلّة الخيل شدّوا على الكلاب سروج! ومع أننا تعودّنا على غرائب وعجائب الحكام العرب وبعض أبنائهم الاّ اننا لم نتصوّر أن الأمور سوف تصل الى حد هذا الدرك, حيث نرى مجرما تلطّخت يداه وسمعته وتاريخه بدماء آلاف العراقيين كتوني بلير وقد أصبح مستشارا, في ميدان ماذا وفي شؤون ماذا وبسبب أية عبقرية ونبوغ؟ للزعيم الليبي معمر القذافي, بل وصديقا شخصيا لعائلته, وضيفا معززا مكرما على أرض الجماهيرية, كيف ومتى شاء. ويتمّ إستقباله بكلّ تأكيد تحت شعار: "يا ضيفنا لو زرتنا )حتى وإن كنت مجرم حرب( لوجدتنا - نحن الضيوف وأنت ربُّ المنزلِ" والوطن وثرواته النفطية. إن المرء يكاد يُصاب بالحيرة المزمنة وفقدان الرغبة في الحياة أزاء تناقض وتضارب وتخبّط أقوال وأفعال الحكّام العرب الذين لا همّ ولا غمّ لهم على الاطلاق غير البقاء على سدّة الحكم يورثونها لابنائهم وأحفادهم الى يوم يُبعثون. فالوطن بالنسبة لهم ضيعة عائلية لا ينازعهم عليها اي إنسان. وثروات البلاد والعباد تُهدر بين هدابا وهبات وعطايا, تحت يافطات ومسميات وشعارات مختلفة, لهذا المسؤول الأجنبي أو ذاك, بينما تئنّ الجماهير الغفيرة, التي تخضع لعمليات تخدير يومي وبأحدث الوسائل, تحت مطرقة الجوع والحرمان وفقدان الأمل برؤية أفق مشرق ومستقبل زاهر لها ولأجيالها القادمة. لكن ما يثير أكثر من علامة إستفهام وتعجّب هو أن الكثير من الساسة الأوروبيين يعانون من الأهمال والتهميش والاحتقار والنسيان في أوطانهم, كمجرم الحرب توني بلير, نرى أن قصور وأبواب الحكام العرب تفتح لهم على مصراعيها حيث يتبخترون ويتنزّهون فيها وكأنها ملوك وأباطرة في عصرهم الذهبي. بل أن بعضهم يجد كلّ ما يغنيه عن الكلام المُباح فيمارس هوايته المفضّلة, التي لم يحقّق فيها الكثير عندما كان في السلطة, في التدخّل في شؤون أهل الدار على أنه"مستشار" لا يمكن الاستغناء عنه. والحقيقة يمكن للانسان أن يغض الظرف ويعتبر الأمر عادي جدا لو أن مجرم الحرب توني بلير كان سابقا رئيس أحدى الشركات العالمية المهمّة أو مدير لمؤسسة ذات باع طويل في الاستشارات السياسية والقانونية وغيرها, وليس رئيس وزراء بريطانيا التي شاركت بكل ما أوتيت من قوة وحقد وغطرسة وزيف ونفاق, في حروب وغزوات أمريكا ضد العرب والمسلمين في أفانستان والعراق وفلسطين والسودان واليمن وغيرها. وما زالت نيران حروبه الدموية, تحت الراية الصهيوأمريكية, مشتعلة في أكثر من بلد ودولة. وآثارها المدمّرة ما زالت ماثلة للعيان في أكثر من مكان. والأنكأ من ذلك هو أن الحكام العرب, وخلافا لأي حاكم في العالم, يقومون بمكافأة هؤلاء المجرمين ويفرشون لهم السجاد الأحمر ويملؤون حياتهم بما لّذ وطاب من ثروات وخيرات وعقود تجارية خيالية, بدل أن يرفعوا ضدهم دعوات قضائية في المحاكم الدولية باعتبارهم مجرمي حرب من الطراز الأول. والغريب أيضا هو إن العقيد معمر القذافي, لو صحّ كلام نجله سيف الاسلام, لم يجد بعد هذا العمر الطويل في السلطة مستشارا له أفضل من توني بلير, وهل هو فعلا, أي العقيد القذافي, بحاجة وهو الرجل الذي خبر الدنيا وخاض في وحول السياسة حتى الحزام, بحاجة الى مَن يستشيره؟ نعم, إن تصرفات وسلوك الحكام العرب لا تخضع لمنطق أو نظرية أو فلسفة أو علم من العلوم. فغالبا ما تصدر عن ردّات فعل أو حالات إرتجال عاطفية أو خليط من هذه وتلك. ومصيبة الزعماء العرب هي إن بقية زعماء العالم لا يتعاملون معهم بالمثل, لأنه الأخيرين يحترمون شعوبهم ويلتزمون بدساتير بلدانهم ويخشون المحاسبة والمساءلة عن كلّ خطوة بقومون بها. فقبل أيام على سبيل المثال قام الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بتقليد المستشارة الأبمانية أنجيلا ميركل, في زيارتها الى السعودية مؤخرا, باعلى وسام أو قلادة في المملكة. يا ترى عن أي إنجاز أو بطولة أو خدمة قدّمتها المستشارة الألمانية ميركل الى العرب والمسلمين والى السعودية بالذات؟ وهل تناسى خادم الحرمين الشريفين, وهو يقلّد هذه الذئبة الألمانية الوسام أو القلادة الملكية, مئات الأفغان الأبرياءالذين تحرقهم يوميا وتدمّر بيوتهم الفقيرة أصلا, قوات بلادها بمشاركة مجرمي العصر الأمريكان؟ فضلا عن ذلك أننا لا نتصوّر أبدا أن مستشارة ألمانيا ميركل سوف تردّ "الجميل" للعاهل السعودي وتضع حول عنقه أو على صدره أعلى وسام في ألمانيا. لكن ما يميّز الحاكم العربي عن سواه من حكام العالم هو أنه مُصاب بالرعب واالخوف حتى من ظلّه, وخشيته من فقدان السلطة أكثر وأعمق من خشيته من ملك الموت عزائيل. فهو يستمد شرعية وجوده وبقائه في الحكم من خارج بلاده وبالتالي تراه دائما في حالة تملّق وتزلّف وإستجداء للحكام الأجانب حتى بعد رحيلهم عن سدة الحكم ودخولهم مزبلة التاريخ.




الاربعاء٢٦ ÌãÇÏí ÇáÇÎÑ ١٤٣١ ۞۞۞ ٠٩ / ÍÒíÑÇä / ٢٠١٠


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق محمد العماري طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان