ولاتعني الحرية عندنا كما يفسرها بعض البسطاء بأنها التي تعفينا عن وصايا والتزامات تجاه الله سبحانه وتعالى,فالحرية والديمقراطية بالنسبة لنا ما يختص و يتعلق بعلاقتنا البشرية في هذه الأرض ,ونظرياتنا و إجتهاداتنا في فلسفة الحرية وتطبيق الديمقراطية تتعلق فقط بالعلاقات الافقية بين البشر وليس بالعلاقات العمودية التي تربط الإنسان بالسماء وهذه العلاقات قد تكون الأساس الذي نعتمده في تحديد علاقاتنا البشرية بين بعضنا البعض ولا نرتضي بأي تقاطع يحصل بينهما,وإذا ما حصل فنعتبره إنحرافاً ولابد إن نتوقف عنده لمعالجته,ولكن البعض قد غادر منصات الانطلاق في رسم حياته من القوانين الروحية وبدء يعيش حالة التقلبات والادق حالة التيهان لأنه يريد الوصول للامثل عبر قواه العقلية والجسدية والبشرية بدون أن يعتمد أو حتى يمر بقوة السماء التي منحته بالمجان الخلاص أو متجاوزاً للكتب السماويةوذلك لحالة الاحباط التي يعيشها هو أو ما يعيشهُ البعض و ينطلق عابراً إلى تقليد ما عند الآخرين من تجارب كجزء من الفخر والبهرجة بها لا يختلف عن تبجح البعض مثلا بإمتلاكهم لمنتوجات أجنبية ويعتبرونها جزء من حالة المعاصرة وليس جزء من جودة المنتج.وهذا كله بسب فقدان المعرفة بالكنوز الفلسفية الموجودة في كتبنا السماوية وايظا للجهالة بعظمة التجارب الموجودة في التاريخ العربي والإسلامي,وبالتأكيد هذان الامران يتسببان في تيه وعمى في تحديد الاختيارات ويحصرنا في زوايا العبودية لها,وأعود لأقول من المفيد جداً أن نتفاعل مع تجارب الآخرين سواء بالاستفادة من نشأتها و صيرورتها ونجاحها أو فشلها,ولكن أن لا نقبل بتطبيقها وحشرها في واقعناو بذلك يكون أختيارنا للطريق الاصعب في أن نعيش التجربة وأن نتصارع مع الظروف ونحاول إن نكيفها مع المستورد من التجارب ونترك الطريق الاسهل أن نكييف التجربة مع ظروفنا وواقعنا لنستفيد منها بقدر أكبر واسهل.إن فرض التجربةالذي اقصد به سواء كان عن طريق محاولات الآخرين لاستيراد التجربة أو محاولات فرضها علينا وكما هو حاصل اليوم من فرض تجربة سياسية يؤمن بهاا المحتل وقد أستخدم القوة (غزو العراق وتغير نظامه السياسي يالقوة العسكرية وتصديره لتجربته بإستخدامه لاحصنة طروادة تعب كثيراً في تهيئتهم لهذه المهمة)لتغير بنية المجتمع العراقي لكي يتقبل التجربة المفروضة,وهذا يعطينا حق مقاومة التجربة المسخة لا يكون فقط برفضها بل بتعريتها ونقد نقاط ضعفها وصولاً إلى محاكمتها أيديولوجياً وتطيبقاً,إنها مسخة لأنها لا ترتبط بالوطن نشأتاً ولا بالمواطن العراقي في فكره وهمومه وإرهاصاته وطموحاته وأحلامه,ومحاكمتها فكرياً لأنها باتاكيد ستعتمد على منظرين أجانب هم غرباء عن منطلقاتنا النظرية و السياسية وعن تطورهما التأريخي ,ومحاكمتها كتجربة سيكون من خلال وصولها وفي كل إنعطافة لطريق مسدود وصعب لا يمكن أن تتجاوزه مالم يتدخل أصحاب التجرية(المحتل الأجنبي) في إيجاد مخرج لحالة الاختناق السياسي, وما تدخل المحتل في أيجاد ما سمي بمجلس الحكم بعد احتلال العراق ومحاولته لجعله صيغة ترضي العراقيين بتمثيله للطوائف والاديان والمذاهب وعندما تعسرت العملية ذهب لانقاذها بصياغة دستور أعرج وطائفي ووضع فيه يصماته الغريبة عنا ومن ثم ذهب للانتخابات وصبغها بالديمقراطية وإذا تتحول إلى أكبر مسبب للمذابح والقتل على الهوية وتشضي للهوية العراقية .وجاءت الانتخابات الأخيرة وتصور معها المحتلون بإنها سوف توقف تصدعهم من ورطتهم في العراق وكانت بدايتها صراع بين العملاء وبعض من يحملون الهوية الوطنية وكان السلاح المستخدم هو أسوء قانون عرفته الإنسانية (الاجتثاث). وعندما لم يتوقف زحف التيارالوطني القومي بدءوا يتعاملون معه باستخدام القوة أي السلطة وها هي نتائج العملية السياسية لا تستطيع أن تجد مخرجاً لها وبعد مضي ثلاثة أشهر على الانتخابات وسوف لا يكون هنالك مخرجا ابداً مالم يتدخل صاحب التجربة والتي فرضها على العراق ويأمر أحصنته بإتباع نهج معين وتحت يافطةجديدة يعطي لها عنواناً ديمقراطياً جديداً,مسكين شعبي وهويعاني هذه المحنة ومغفل المحتل وعملائه إن صدقوا أنفسهم بأن الذي يجري في العراق هو فعلٌ دبمقراطي!وسوف يستكين الامروتنتهي معها ورطتهم الحزينة.. إن فلسفة الحرية و العمل الديمقراطي التي نريد من الآخرين وبالأخص الغرب أن يستوعبوها عنا نحن العرب وقبل أن يحكموا على أي من تجاربنا بالديكتاتورية أو الديمقراطية أو الشوفينية كما يسميها البعض لانا نتاج فكره .وأن لا يتوهموا ومعهم مقلديهم من العرب وكأن ليس هناك فكر ديمقراطي عربي حديث عبر عنه شخصيات وأحزاباً عربية ينشدون مجتمعات و إقامةدول ديمقراطية .. و ليس هناك اي نخبة من اساتذة او أو علماء ومفكرين وكتاب ومختصين دعوا إلى التغيير السياسي والاصلاح الاقتصادي والتحديث الاجتماعي وتبديل المناهج وتقويم البنى السياسية والمطالبة بتغيير الانظمة قبل منادة أمريكا للديمقراطية في الشرق الاوسط . ونحن العرب لنا خزين كبير من الفلاسفة والمفكرين العظام من الصعب جدا ان نذكرهم كلهم ولكن على سبيل الاسترشاف السريع ونحاول التقاط ما نستطيع من إنجابات هذه الامةوليعبر عن فترة زمنية محددة اذا صح لنا ان نبدءا بحمورابي (واضع فلسفة المبادئ القانونية الاول)وابن خلدون والفارابي و والجاحظ وجبران خليل جبران وتوفيق الحكيم والمفكر والمناضل العربي الكبير ميشيل عفلق والمفكر الكبير الدكتور الياس فرح ويتشرف التوجه القومي العربي بمناضلي و مفكري حزب البعث العربي الاشتراكي والحركة الناصرية من رفد فكري و نضالي للحركة العربية الاشتراكية وما قدموه من تطوير في مفاهيم كثيرة سواء فيما يخص موضوع القومية والديمقراطية و الاشتراكيةوتطوير الادوات النضالية لتحقيق هذه الاهداف . اما فيما يخص الديمقراطية فالعالم كله و باختلاف ايدولوجياته و فلسفته يتفقون على انها( التوزيع العادل للسلطةوحكم الشعب للشعب )ولكن كيفية تحقيق ذلك يجب أن تعطى الشعوب فرصتها لأنجاز ذلك وحسب بيئتها والا كيف تدعي القوى العظمى بإيمانها بالحرية والديمقراطية وهي لا تسمح للشعوب في تحقيق ما تريده ,وبكل تسلط وديكتاتورية يفرضون أنفسهم على شعوب العالم بأنهم هم وحدهم القادرون على تحقيق الديمقراطية اليس هذا هو التناقض بعينه؟! ولكي يضفوا شرعية على ديكتاتوريته في تغير الانظمة سواء بالتامر أو غزوها يلتقطون من لفظتهم شعوبهم ليحولونهم الى دمية المعارضة,ويخدعون ويسخرون أخرين بانهم دعاة للديمقراطيةو الوحيدون القادرون على تحقيقهاوينساق بعض الكتاب وأصحاب الاقلام لهذه المعزوفة أما لتأجيرهم لضمائرهم للاجنبي أو جهلهم بما يحرك هذه الامة .إنه الجهل أو التجاهل,فأن كان جهلٌ بهذه الكنوز فمعالجتها أيسر من التجاهل الذي قد يحتوي على أغراض لتصغير هذه الأمة العظيمة,وفي كل الاحوال لا يمكن لا أحد ولا لقوى عالمية من تمويه الحقيقة الواحدة لهذه الأمة المعطاة والتي تساهم مع الأمم الأخرى وبذات القدر في البناء الحضاري للانسانية.