من دهوك إلى البصرة والمثنى، ومن ديالى إلى الأنبار، يتناقل الناس في العراق برسائل الجوال أو في مجالسهم خبر القناة الجديدة التي اقتحمت مشهدهم الإعلامي بقوة لافتة، وحازت ما لم تحزه القنوات العراقية الكثيرة المتكاثرة. إنها قناة اللافتة، التي تقول مصادر أنها قناة عراقية، بينما تقول مصادر أخرى أنها غير عراقية لكنها تهتم بالشأن العراقي ضمن اهتمامها بالشؤون الإسلامية والعربية عموما. وبنفس تحرري يضفي عليها شرعية أخلاقية كبيرة تحوز قناة اللافتة مساحة هائلة من الاهتمام والتفاعل، ليس فقط مع العراقيين في الداخل، بل ومع العراقيين المتواجدين في الخارج أيضا، الأمر الذي جعلها ظاهرة تحتاج إلى قراءة. في دول عربية أخرى لقيت القناة ترحيبا وتفاعلا، لكن العراق يبقى الساحة الأكثر تعبيرا عبر اللافتة، وهو ما يفسره البعض بالتهميش والتصميت المضروب على شرائح واسعة من الشعب العراقي. وبوصفها قناة للإسلام والعروبة ورفعها شعار التقريب بين التيارين المقاومين في الأمة وهما التيار الإسلامي والتيار العروبي، دقت القناة على وتر استراتيجي كبير يدل على وعي سياسي لديها عكس كثير من القنوات التي تحارب الإسلاميين باسم القومية أو تحارب العروبة باسم الإسلام، هذا الأمر يوسع مساحة المقاومة ويوحدها في وجه العدو المشترك وهو أمر يتذمر منه الذين يراهنون على زرع الفرقة والشقاق في صفوف المقاومة. ويلاحظ من شعاراتها أن القناة تؤصل للعروبة بأقوال علماء الإسلام الأمر الذي يعطيها الصبغة الشرعية في التأصيل للمشروع الإسلامي العربي. ظاهرة قناة اللافتة ونفوذها وانتشارها المتزايد يوميا بين العراقيين والإسلاميين والعروبيين من ناصريين وبعثيين وغيرهم في البلدان العربية والعالم يمكن قراءته في إطار الهبّة التي يشهدها العالم في وجه الاحتلال والهيمنة الغربية، ليدل ذلك على أن القناة فهمت جيدا بأي لغة تتحدث ومع أي موجة أو تيار تسبح. ولعل اهتمام اللافتة بتفاصيل ما يتعرض له العراقيون من انتهاكات ومداهمات ليلية وتسليطها الضوء على تفاصيل الاعتقالات الأخيرة ووصفها لها باعتقالات على الهوية، قد بث الكثير من الامتعاض من هذه القناة التي تفسد على بعض الجهات والمجموعات المسلحة التابعة للنظام نشوة العمل دون رقيب في ليل بغداد خاصة. الكثير من أهالي الموصل وبغداد يرون أن قناة اللافتة هي قناتهم الأولى بعد أن كانوا يعلقون آمالا كبيرة على قناة الجزيرة لكشف مآسيهم ومنع مجازر ضدهم، فبعيدا عن فترات الأخبار التي يشاهدها المواطن العراقي في قنوات إخبارية متخصصة، تأخذ اللافتة نصيب الأسد من ساعات اليوم العراقي في بيوت العراقيين، صادحة بأناشيدها الحماسية ولقطاتها السياسية اللاذعة ما يجعلها كما يسميها الشارع هنا في العراق: قناة الأحرار والشرفاء.
الاحد ١٥ ÔÜæÇá ١٤٣٠ هـ - الموافق ٠٤ / ÊÔÑíä ÇáÇæá / ٢٠٠٩ م