باسقاط مطالب سابقة بأن تغلق إيران محطة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم وتنقل اليورانيوم المخصب الى خارج حدودها ضمن أي اتفاق مؤقت أرجأ المفاوضون في المحادثات النووية أصعب نقاط الخلاف الى محادثات العام المقبل. يقول خبراء إن القيود التي قبلت ايران بفرضها على برنامجها النووي بموجب اتفاق مع القوى الغربية يوم الأحد يسهل التملص منها مقارنة باجراءات دعت اليها في وقت سابق القوى العالمية الست التي تسعى إلى منع ايران من امتلاك قنبلة ذرية. وبالنسبة لمعارضي الاتفاق مثل إسرائيل التي وصفته بانه "خطأ تاريخي" يعد هذا عيبا فادحا. لكن أنصار الاتفاق يقولون إن التسوية كانت ضرورية لوقف التقدم النووي الإيراني بحيث يمكن أن تبدأ المساومات الحقيقية وأن ذلك يجب أن يساعد الجانبين على التركيز على المفاوضات النهائية. وأقر دبلوماسي غربي كبير بأن إيران يمكنها أن تستأنف أكثر الأنشطة المثيرة للجدل وهي تخصيب اليورانيوم لمستوى 20 في المئة إذا ما قررت التخلي عن الاتفاق أو في حال فشل المحادثات النهائية. لكن لتيسير مهمة المفتشين في رصد أي خطوة من هذا النوع يطالب الاتفاق التمهيدي طهران بأن تثبت صدق نواياها بينما يجري التوصل للاتفاق النهائي. وقال الدبلوماسي الغربي "الأمر يتعلق بالكامل باختبار حسن نواياهم. سوف ندرك سريعا جدا إن هم أظهروا عكس ذلك." ويضيف "أي اتفاق من هذا النوع يمثل شكلا من أشكال التسوية. فبالنظر إلى ما كان عليه الوضع منذ ستة أشهر فان اتفاق الجانبين على شيء ما يعني بالضرورة أن هناك بعض التنازلات من كلا الجانبين." وبدلا من مطالبة ايران باتخاذ خطوات يصعب العدول عنها ركزت مطالب القوى الست على وقف تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى وتجميد التقدم في أجزاء اخرى من البرنامج النووي لمدة ستة أشهر مع زيادة عمليات التفتيش للتحقق من التزام طهران. وبالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فقد عززا موقفيهما في المفاوضات القادمة بالابقاء على معظم العقوبات الاقتصادية التي يفرضانها على الجمهورية الإسلامية. ويقول علي فايز الخبير في الشأن الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية "كل طرف سيحتفظ بقدر كاف من النفوذ - واحد في شكل استمرار العقوبات الاقتصادية والآخر في شكل استمرار البرنامج النووي للمحافظة على الحوافز من أجل صفقة أكبر والاحتراس من احتمال تنصل الطرف الآخر." والجزء الأكثر إثارة للجدل في برنامج طهران النووي هو تخصيب اليورانيوم الذي يتحول إلى غاز في البداية ثم يجري تدويره بسرعات عالية في أجهزة الطرد المركزي لزيادة تركيز النظائر الانشطارية اللازمة إما لانتاج وقود المفاعلات أو لانتاج المادة الأساسية للقنبلة الذرية. وتقول طهران إنها تخصب اليورانيوم فقط للأغراض السلمية وإن المعاهدات الدولية تكفل لها هذا الحق. وتنكر الدول الغربية على إيران هذا الحق وترى إنه ليس هناك مبرر مشروع لأن تمتلك طهران برنامجا خاصا بها لتخصيب اليورانيوم. وبالاضافة إلى تخصيب اليورانيوم لمستوى أقل والذي بدأ عام 2007 شرعت طهران منذ 2010 في تخصيب اليورانيوم لمستوى نقاء 20 في المئة وهو ما يرى الغرب انه يفصلها بخطوة فنية صغيرة عن التخصيب لمستوى 90 في المئة المطلوب لانتاج قنبلة. وخلال اجتماعات غير مثمرة جرت عام 2012 سعت القوى العالمية إلى خطوات لبناء الثقة والتوصل لاتفاق مؤقت يلزم إيران بوقف أنشطة التخصيب لمستويات أعلى واغلاق موقع فوردو للتخصيب وارسال مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب للخارج. وأطلق الدبلوماسيون على المطالب الثلاث مسمى "وقف..اغلاق..شحن". وفي نهاية المطاف استبعد الاتفاق الذي أبرم يوم الأحد اثنين من هذه المطالب الثلاثة إذ يلزم إيران "بوقف" التخصيب لمستوى 20 في المئة دون أن يذكر شيئا عن "اغلاق" فوردو أو "شحن" اليوارنيوم المخصب للخارج. ويمكن لإيران تشغيل نفس العدد من أجهزة الطرد المركزي لكن لانتاج يورانيوم مخصب لدرجة أقل في منشأة فوردو التي بنيت في قلب جبل قرب مدينة قم الإيرانية لحمايتها من أي هجوم عسكري وفي منشأة تخصيب أخرى قريبة من مدينة نطنز بوسط البلاد. وبدلا من ارسال مخزونها من اليورانيوم المخصب لدرجة 20 في المئة إلى الخارج ستقوم ايران بتخفيفه أو تحويل الغاز إلى مسحوق أكسيد. وتقول الولايات المتحدة إن هذا "سيحيد" المادة الخام. لكن خبراء يرون أنه يمكن لإيران نظريا أن تعيد تحويل المسحوق إلى غاز بالرغم من موافقتها على عدم بناء منشأة لهذا الغرض. يقول أولي هاينونين نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا والذي يعمل حاليا خبيرا في جامعة هارفارد "هذا ليس تراجعا في البرنامج". وأضاف أنه يمثل "وقفا مؤقتا" للكثير من عناصر البرنامج النووي. وإلى جانب اليورانيوم المخصب تخشى الدول الغربية أيضا من أن تنتج ايران البلوتونيوم في مفاعل اراك وهو مفاعل أبحاث غير مكتمل تقول طهران إنه مخصص لانتاج النظائر الطبية. ويمكن استخدام البلوتونيوم كبديل لليورانيوم المخصب في صنع قنبلة نووية. ويلزم اتفاق الأحد إيران بتجميد الأنشطة في اراك لكن ربما يكون به ثغرة لا تمنعها من تركيب المكونات خارج الموقع. وفي تصريحات من غير المرجح أن تمر مرور الكرام في العواصم الغربية قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف يوم الأربعاء إن البناء سيستمر في اراك لكنه أضاف أنه لن يتم تركيب معدات جديدة. ويسلم مسؤولون غربيون وخبراء بان الاتفاق لن يمس البرنامج النووي الايراني في الوقت الحالي. ويقول روبرت إينهورن مستشار منع انتشار الأسلحة النووية في الخارجية الأمريكية حتى وقت سابق هذا العام "في الوقت الحالي سيسمح لايران بالاحتفاظ بمعظم بنيتها التحتية والتي يجب خفضها بصورة كبيرة في مرحلة لاحقة." وكتب في صحيفة هاارتس الإسرائيلية "لكن الخطوة الأولى ستمنع ايران من تعزيز قدراتها بدرجة كبيرة خلال الستة شهور المقبلة." وقال هيرمان ناكيرتس كبير مفتشي الأمم المتحدة النوويين سابقا إن إيران يمكنها إن هي أرادت أن تستأنف بسرعة التخصيب لمستويات عالية في فوردو لكن نظرا لعمليات التفتيش الواسعة ومن بينها زيارات يومية لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية فمن الممكن كشف هذا بسهولة. وأضاف ناكيرتس الذي تقاعد في سبتمبر أيلول لرويترز "من السهل فنيا القيام بذلك وبسرعة...بالتأكيد حينما يكون المفتشون هناك بصفة يومية سيلحظون ذلك." ويقر دبلوماسيون غربيون بأن إيران يمكنها التملص من التزاماتها بصورة كبيرة حتى الآن لكنهم يقولون إن الاتفاق يعالج المخاوف الأكثر إلحاحا بينما تكون المحادثات النهائية جارية. وقال دبلوماسي ثان مقره فيينا "هذه المرحلة الأولى يتم فيها ابطاء وتيرة البرنامج بصورة ما وتقييده بصورة أخرى لكن بوسع إيران استئنافه بسرعة."وقال الدبلوماسي الغربي الكبير إن المرحلة الأولى "غطت المسائل الرئيسية التي كانت تشغلنا. سنعالج المزيد والمزيد من الأمور ونحن نمضي قدما
الخميس ٢٥ ãÍÑã ١٤٣٥ هـ - الموافق ٢٨ / ÊÔÑíä ÇáËÇäí / ٢٠١٣ م