الجيتو هو ، في المقام الاول ،
سايكولوجيا مشتركة بين مجموعة من
البشر تجعلهم يتميزون بسلوك معين
ونمط خاص بهم في التفكير ، يعبر
عنه بثقافة انعزالية في الواقع
حتى لو تظاهرت بالتفاعل مع الاخر
. والجيتو الصفوي الطائفي وجود
قائم ونشط وهو يتحكم بكثير من
الشيعة الصفويين ، ورأيناه في
العراق بعد الغزو يعبر عن نفسه في
قدرته على تمزيق الروابط
الاجتماعية والوطنية كافة ، وتلك
ظاهرة بالغة الخطورة على الرابطة
الوطنية والهوية القومية للامة
العربية ، وتتجاوز خطورتها خطر
الجيتو اليهودي ، لان الجيتو
الصفوي جزء منا ، ويقع داخل الامة
ويتبرقع بالاسلام ، لذلك لا توجد
حصانة فعالة ضده ، بينما الجيتو
اليهودي خارجنا وهو عدو صريح لنا
، لذلك فان الحصانة ضد مخاطره
موجودة وفعالة .
واذا اردنا ان نلخص السمات
المشتركة بين الجيتو الصفوي
والجيتو اليهودي ، فان اهم
الملاحظات بهذا الشأن هي ما يلي :
1 –
العمل
بموجب التقية
، فالجيتو الصفوي يقوم على التقية
والتي تعبر عن نفسها في ممارسات
وسلوكيات محددة مثل ازدواجية
السلوك ، المخادعة ، الغدر ،
تدمير الثقة بين المواطنين ، وجود
جماعتين لا تلتقيان ابدا وعلاقتها
علاقة تناحر دائم لابد ان ينتهي
بانتصار احدهما وسحق الاخر ...الخ
، وهذه السمات هي ذاتها سمات
الجيتو اليهودي .
2 – الحط من شأن الاخر سرا وتعظيم
الذات ، وهذا السلوك قاسم مشترك
بين الجيتو اليهودي والجيتو
الصفوي .
3 – تأهيل الاجيال سرا لتحطيم
الاخر من خلال توارث كرهه
بالتربية المنظمة .
4 – اعتماد كلام ناعم كالحرير
واظهار التبعية والخضوع للاخر ،
باستخدام تعابير مثل ( مولاي ) ،
وتقبيل اليد وتكرار التعبير عن
الاخلاص والولاء .
5 –
التمسكن حتى التمكن
تلك هي قاعدة سلوك مواطن الجيتو ،
سواء كان يهوديا او صفويا ،
ففي مرحلة الضعف لابد من التمسكن
، التظاهر بالمسكنة والضعف
والحاجة للحماية ، لكنه ما يصبح
قويا حتى يتنمر ويتجبر ، فتنقلب
مظاهر الخضوع والولاء الى تمرد
عنيف جدا ويصبح من كان يبدو
مسكينا وعطوفا ولينا عبارة عن
دريل ( مثقاب كهربائي ) لا وظيفة
له سوى تثقيب راس من كان يعده
مولاه وقتله ببطء ، لاجل جعله
يعاني من عذاب ليس له نظير حتى
الموت . ان العراق المحتل شهد هذا
النوع من الانقلاب من التمسكن الى
التنمر والتجبر
. وهذا ايضا ما فعله اليهود قبل
انشاء اسرائيل .
6 – ممارسة
طقوس وثنية لا اسلامية تعمق
كراهية الاخر ، باحياء ذكريات
عمرها مئات السنين ، والتعامل
معها وكأنها تحدث الان ! ان
اللطميات في ذكرى عاشوراء
والمسيرات والضرب بسلاسل الحديد
والسيوف ، هي نوع فعال من عمليات
غسل الدماغ الجماعي للكتل
الجماهيرية ، تضعها دائما في
اجواء الثأر والانتقام والحزن على
من قتل قبل مئات السنين !
لكن الهدف
الحقيقي لهذه الطقوس غير ذلك :
انه ابقاء هذه الكتل تحت سيطرة
ايران ، فبمجرد النجاح في اتهام
الاخر ، العراقي او العربي ، بانه
مسئول عن قتل ال ( البيت ) ، مع
انه ليس كذلك ، فان ايران ضمنت
انشطار اجزاء كبيرة داخل البيت
العراقي والبيوت العربية الاخرى
ووقوعها تحت سيطرتها ، والتبي
تستغلها في تنفيذ خططها داخل
العراق وغيره ، كما اكدت الاحداث
في العراق خصوصا منذ عام 1980
وحتى الان .
وحينما
نقول ان هذه الطقوس وثنية ولا
علاقة لها بالاسلام فان ما تقوم
به ايران يثبت ذلك ، ففي ايران
تمنع اسالة الدماء عند تنظيم
المسيرات الدينية بقرار من
الملالي ، مع انها تشجعها وتأمر
بها في العراق ! كما ان هذه
الطقوس سابقة للاسلام ومورست في
اوربا والهند ، ومازالت تمارس من
قبل الهندوس حتى الان باشكال
مشابهة جدا ، بصفتها طقوسا
هندوسية صرفة ، وانا شاهدت ذلك
حينما عملت في الهند . وتقع مسألة
التسمية في هذا الاطار ، فان
اطلاق اسماء عبدالحسين وعبدالحسن
وعبدالزهرة وغيرها من اسماء الشرك
، وهي اسماء شرك لانها تجعل من
البشر عبيدا لبشر مع ان العبودية
هي لله وحده ، لا تستخدم في ايران
التي تامر باطلاقها في الاقطار
العربية ! والسبب هو ان ايران
تريد ان تخلق خط فصل زائف بين
السنة والشيعة حتى في مجال
الاسماء ، لدرجة ان عمليات القتل
على الهوية في العراق المحتل كانت
تتم استنادا للاسماء على يد فرق
موت ايرانية وامريكية وتكفيرية
سنية ! والسؤال المركب والجوهري
هنا هو : لماذا ترفض ايران ممارسة
طقوس التوحش والسادية داخلها
وتأمر بها في الاقطار العربية ؟
ولماذا ترفض ايران اسماء الشرك
داخلها وتفرضها ، عبر حوزتي قم
والنجف ، في العراق والاقطار
العربية ؟ اليس لتسهيل تمييز
الشيعي عن السني وتعميق الخلافات
بينهما ؟
7 –
ان
المظلومية ارث مشترك يهودي شيعي
صفوي ، واليهود هم اساتذة
الصفويين لانهم اقدم في هذا
المجال ولان مظلوميتهم الكاذبة
كانت تكتيكا لغزو فلسطين وتحويلها
الى ( وطن قومي لليهود ) . ولعل
من اغرب عناصر التشابه هو ان
المظلومية لدى الطرفين اقترنت
بالتقية ذاتها . ان اهم ما يسقط
ادعاءات المظلومية هو ان الحوزة ،
سواء في قم او النجف ، كانت تأمر
اتباعها بعدم المشاركة في الحكم
او وظائف الدولة او السياسة لغياب
الامام ، لان غياب الامام يحرم
الحكم من الشرعية ، ومن ثم فان
خدمة الدولة هي خروج على الشرع !
وقصة غياب الامام وانتظار عودته
ارث يهودي صفوي مشترك مصدره سابق
لليهودية بزمن طويل ، وابتدأ في
الاساطير العراقية اصلا ، لكن هذا
الارث وظف من قبل اليهود لزرع
الامل في الانقاذ من ( الجور
والظلم ) مع ان الكهنة قبل ظهور
اليهودية والحاخامات اليهود
يعرفون انها قصة اسطورية لا غير .
قاطع اليهود الاشتراك في الحكم
لاسباب تعلق بالتقية ، وهي تجنب
استفزاز الحاكم غير اليهودي ،
فاتجه اليهود لحرفة التجارة
والعلم والفن وغير ذلك وتجنبوا
السياسة ، اما الصفويون فانهم
قاطعوا الحكومات ورفضوا العمل
داخلها ولم يحرمهم احد من ذلك
ابدا ، فاتجهوا كاليهود للتجارة
وغيرها معتقدين ان انتظار المهدي
القادم لنشر العدل بعد الجور
سيسمح لهم باستلام الحكم وليس
المشاركة فيه كمواطنين عاديين
كغيرهم ! اذن ليس صحيحا ان الشيعة
ابعدوا عن الحكم بقرار من الاخر ،
بل الصحيح هو ان المرجعيات
الصفوية هي التي ابعدتهم خلقا
للكراهية في نفوسهم او تعميقا لها
. وبما ان ما بيسمى ب ( المظلومية
الشيعية ) يقوم على ادعاء فاسد ،
وهو ان الاخر أي السني يحتكر
السلطة ولا يسمح للشيعي بالمشاركة
في الحكم والحياة السياسية ، فان
فساد اصل الفرضية يسقطها كلها .
اما العامل الحاسم في نسف فرضية
المظلومية فهو ملاحظة ان الشيعة
العرب حينما اختاروا العمل
السياسي في الدولة والاحزاب لم
يمنعهم احد ، لانهم اهل العراق
وليسوا ضيوفا عليه ، واحتلوا
المواقع الاولى في كل الدولة ، من
رئيس وزراء الى قادة في الجيش الى
امناء سر للاحزاب القومية ، وامين
السر في البعث هو اعلى موقع حزبي
، فحزب البعث مثلا قاده خمسة
امناء سر حتى الغزو ، ثلاثة منهم
شيعة وهم المرحومان فؤاد الركابي
وعلي صالح السعدي والسيد حازم
جواد ، واثنان سنيان هما المرحوم
احمد حسن البكر والشهيد الخالد
صدام حسين ... الخ . اذن لم تروج
المرجعيات في النجف وقم وهما
ايرانيتان ، لاسطورة المظلومية ؟
اليس لخلق سبب جوهري للشرخ
الطائفي ؟
8 –
يلاحظ ان
الصفوية كاليهودية تلزم المنتمي
اليها بالطاعة المطلقة لرجل الدين
والا حل عليه عقاب الهي مستمر في
الدنيا والاخرة !
والطاعة في الصفوية اشد من الطاعة
في اليهودية ، وهي منحدرة لدى
الصفويين من الزرادشتية ، والتي
تربط حصول الانسان على اقامة في
الجنة بطاعة رجل الدين والملك !
ومن
مظاهر تأثر التشيع الصفوي
بالزرادشتية هو تقليد طاعة المرجع
الديني بشكل اعمى لدرجة ان مثقفين
كبار لا يستطيعون التمرد على هذه
الطاعة ! ان تقبيل يد الامام هو
المظهر الاشد بشاعة لنظام
العبودية الزرادشتي والذي نقلته
النخب الفارسية الى التشيع الصفوي
.
والتأكيد على الطاعة المطلقة يحول
رجل الدين الى وكيل الله في الارض
ويمنحه سلطات مفتوحة تشمل حتى
استمرار الحياة الزوجية او
انهاءها بقرار من الامام !
ما دور ذلك
في التوسع الاستعماري الإيراني ؟
ان الطاعة
التامة لرجل الدين تجعل سلطته
اقوى من الانتماء القومي او
الوطني ، وهي سلطة تستطيع استخدام
مواطني بلد اخر لخدمة ايران وهم
واثقون من انهم يخدمون الله
ويشترون بطاقة الاقامة في الجنة !
ولا يمكن تفسير ماحدث في العراق
عند الغزو وبعده لعدد ليس بالقليل
من العراقيين بعيدا عن هذا الامر
الخطير . فلولا فتاوى السيستاني ،
وهو ايراني الجنسية رغم انه
المرجع الاعلى لشيعة العراق ،
بعدم مقاومة الغزو ثم فتاواه
بالاشتراك في الحكومة التي شكلها
الاحتلال وبدعمها والتعاون مع
الاحتلال لما تورط الاف العراقيين
في العمل ضد وطنهم العراق .
9 –
يشترك
الصفوي مع اليهودي ومع المسيحي
المحافط ايضا ، في الوقوع في فخ
التمحور حول الذات .
ما معنى ذلك ؟ التمحور حول الذات
مرض في الوعي الانساني يجعل
الانسان يعتقد بانه هو مصدر
الحقيقة والحق والمقرر للخطأ
والصواب وليس هيئة او وثيقة
قانونية او طرف اخر خارجه ، لذلك
فانه لا يهتم بما يقوله الاخر ولا
يعترف بحقوقه ولا بانسانيته ، حتى
لو ادعى ذلك للتخلص من بعض
الاحراجات . ان من غزا امريكا
الشمالية وجنوب افريقيا واستراليا
واباد سكانها او حولهم الى عبيد
هم اوربيون ، ومن غزا فلسطين وطرد
اغلب سكانها هم يهود صهاينة ،
وهؤلاء قتلوا عشرات الملايين من
البشر ، وفي امريكا الشمالية فقط
قتل المستعمرون الاوربيون 112
مليون هندي احمر دون وجود حاجة
لتلك الابادة المنظمة على الاطلاق
، لان الهندو الحمر استقبلوا
المهاجرين البيض بالترحاب وقدموا
لهم الطعام واقاموا لهم اماكن
السكن وعلموهم الزراعة ، وكان
يمكن ان يتعايش الابيض مع الهندي
الاحمر ، لكن الابيض قرران يحتكر
القارة كلها له فاباد الاغلبية
الساحقة من الهنود الحمر ( 112
مليون هندي ابادهم البيض مع العلم
ان عدد سكان اوربا كلها وقتها كان
52 مليون نسمة ) بطريقة منظمة
ومدروسة .
في محاكمة تاريخية في اسبانيا
اثناء هجرة الاوربيين لامريكا
الشمالية ، دارت حول موضوع شرعية
او عدم شرعية ابادة الهنود الحمر
، كان الجدل بين منطقين منطق من
يقول ان الهنود الحمر ليسوا بشرا
بل حيوانات رغم ان شكلهم بشري ،
وراي اخر يقول انهم بشر . والمنطق
الاول ينطلق من ايمان يهودي يقوم
على التمييز بين اليهود والجوييم
( الاغراب من غير اليهود ) ،
فالجوييم ليسوا بشرا حتى لو كان
شكلهم بشري لذلك فان استعبادهم
وقتلهم وسرقتهم واغتصاب نساءهم لا
يحرمه الله !
والتمييز بين اليهودي والجوييم هو
الشكل الاكثر تطرفا للتمحور حول
الذات ، تلك النظرية التي تسمح
لمعتنقها بارتكاب كل الجرائم معها
كانت بشعة ، انطلاقا من قناعته
بانه هو الانسان والاخر شبيهه
وليس هو الانسان . الان وقد تطور
العالم وظهرت اغنية حقوق الانسان
واصبح من يغنونها كثر ، لم يعد
بالامكان عزف اغنية شبيه الانسان
علنا ومباشرة ، فاختفت ظاهريا ،
لكنها بقيت تعبر عن نفسها بطرق
موهة ومزوقة ومنها ظاهرة التمحور
على الذات .
ان امريكا
وممارساتها في العالم تقدم لنا
صورة ممتازة لهذه النظرية ومثلها
اسرائيل . ان التسويق الغالب
للتوسع الاسرائيلي على حساب العرب
وغزوات امريكا تقوم على ادعاء
ساذج وهو حق الدفاع عن النفس
بكافة الوسائل ، وعند مناقشة هذا
الحق نجد الامريكي والاسرائيلي لا
يستمعان لما يقوله الاخر والاخرون
، مهما وضحوا وفسروا ودحروا منطق
التمحور حول الذات . لقد اقفلت
الذات الابواب والشبابيك عليها
وحيدت حواسها كلها كي لا تلتقط
سوى ما تريده هي ، فاخذنا نرى
حوار طرشان بين امريكا وخصومها
لان قاعدة الاتفاق على المبادئ
مفقودة . وايران تشترك مع امريكا
واسرائيل في خاصية التمركز حو
الذات .
استمعوا الى بوش مثلا وهو يتحدث
عن غزو العراق ستجدون كانه لم
يسمع راي أي طرف اخر ، بما في ذلك
معارضوا الحرب في الكونغرس بالذات
، ويردد كلمات لا تتغير : جئنا
لتحرير العراق ونشر الديمقراطية ،
العنف في العراق سببه الارهاب ،
الفتن الطائفية سببها عراقيون ،
نحن نتقدم في تحقيق لسلام ...الخ
، واستمعوا لخامنئي ونجاد وحتى
الكتاب الايرانيون يقولون : اننا
ضد احتلال العراق ، امريكا هي سبب
كارثة العراق ، الفتنة الطائفية
تحركها امريكا ، القتل على الهوية
تقوم به فرق موت امريكية وارهابية
وهابية ، ايران تعمل من اجل مصلحة
العراق وشعبه ...الخ ، هذا لكلام
يكرر باستمرار وكأن من ينطق به لم
يعترف بانه لولا الدعم الإيراني
لما تمكنت امريكا من غزو العراق ،
وان من يقوله لا يرى خامنئي ونجاد
وغيرهما يقولون نحن نستطيع اخراج
امريكا من مأزق العراق !
ما معنى هذا ؟ انه يعني ان الصفوي
، كالامريكي وكالصهيوني ، لا يرى
الا ما يريد ان يراه هو ،ولا يقبل
الا ما يظن انه مفيد له . لقد
تكون اهم اسس التمحور حول الذات
وهو الغاء الطرف الاخر بنمطقه
ووجوده ومصالحه . |