تشهد المنطقة تصعيدا متعمدا
ومخططا تقوم به الولايات المتحدة
وايران ، مباشرة او عبر اجهزتهما
الخارجية ، لدرجة انه استحوذ على
الاهتمام الرئيسي في المنطقة
والعالم ! فما هي الاهداف
الحقيقية لهذا التصعيد ؟ وما هي
حدوده ؟ لتقديم جواب ينبغي ملاحظة
ما يلي :
1 – رغم حدة التصعيد بين
الطرفين فان اتصالاتهما لم تنقطع
ويهيئان لعقد اجتماع رابع رسمي
بين السفيرين الامريكي والايراني
في بغداد لمواصلة خطة تقسيم
العراق ، التي تم الاتفاق عليها
بينهما .
2 – بعد
ان تأكدت الاجهزة الامريكية من ان
الهزيمة محققة ولا مفر منها مهما
حاولت امريكا تغيير الخطط والقادة
، وبعد ان قدم الجنرال بتريوس
والسفير كروكر تقريريهما
وشهادتيهما اما الكونغرس الامريكي
، وبعد ا بنا بوش على ذلك موقفه ،
توفر غطاء من الدخان الكثيف لعقد
صفقة اقليمية ايرانية امريكية على
حساب العراق والامة العربية . ان
الخروج الامريكي من العراق يتطلب
قبل كل شيء تنفيذ خطة تقسيم
العراق الى ثلاثة دول والتوقيع
على عقد نفطي ستراتيجي طويل الامد
، وهذان المطلبان الامريكيان هما
المقدمة الطبيعية للانسحاب وترك
العراق فريسة للصراعات الداخلية
المريرة بين دوله القزمة الثلاث ،
وللصراعات الاقليمية العربية
الايرانية ، وباشراف وضبط من قبل
امريكا .
3 – ولاجل مواصلة الخداع
وتضليل اطراف عراقية ، تريد
امريكا الحصول على دعمها
وانخراطها في جهود عملية تضبيط
صلتها بايران لصالحها ، بتحييد
بعض القوى الداعمة لايران داخل
العراق وتعزيز قوة ردع البعض
الاخر منها ، فان الشعار الذي
تطرحه امريكا لاقناع تلك الاوساط
العراقية هو ضرورة ضرب ايران في
العراق .
ان ما تريده امريكا في الواقع هو
تقليم اظافر ايران في العراق وفي
المنطقة وليس قصها وقص اجنحتها
التي تحلق فيها ، ومن ثم فان
مفهوم الصفقة بينهما مازال هو
السائد وليس الانخراط في صراع
اساسي .
4 –
المطلوب امريكيا وايرانيا خلط
الاوراق في المنطقة كلها ، من
خلال احتمال توجيه ضربات جوية
وصاروخية انتقائية محدودة لايران
، لان امريكا بحاجة لكسب كل
العديد من الاطراف العربية ، التي
اذهلها قيام امريكا ب(تقديم
العراق هدية لايران ) ، كما قالت
تلك الاطراف ، ونتيجة لذلك اخذت
تتخوف من النوايا الامريكية
الحقيقية فتحفظت في تعاملها مع
امريكا ، اما الان فان المطلوب
امريكيا هو اعادة تحشيد كل
الاطراف العربية الممكن اقناعها
بان تصطف مع امريكا لضرب النفوذ
الإيراني الذي تجاوز الحدود
المسموح بها . اما من جهة ايران
فان تلوث وسقوط سمعتها في الوطن
العربي والعالم الاسلامي نتيجة
دورها المشين في غزو العراق
واثارة الفتن الطائفية المقيتة
لاجل تقسيم كافة الاقطار العربية
، يجبرها على الاقدام على خطوة
لتحسين سمعتها وتقديم حجج لمن كان
يدعمها من العرب لاستئناف دعمها
وتعزيزه . وهذا الامر غير ممكن
الا عبر وسيلتين ، الاشتباك مع
امريكا في صراع محدود ، او قيام
حرب جديدة في لبنان او بين سوريا
واسرائيل تتاح لايران من خلالها
الظهور بمظهر من يقاتل اسرائيل
بالواسطة ! ان التصعيد الخطير في
لبنان وضد سوريا هو المكمل
للتصعيد الخطير الامريكي الإيراني
.
5 – ان
الصدام الامريكي الإيراني ، ان
وقع ، فانه سيؤدي الى اتفاق
امريكي ايراني على اقامة ( شرق
اوسط جديد ) تكون ايران طرفا
اساسيا فيه الى جانب اسرائيل
، مهمته اعادة رسم الخارطتين
السياسية والسكانية للوطن العربي
، بطريقة تخدم الاهداف الامريكية
الاسرائيلية الايرانية بالدرجة
الاولى ، ويكون المتضرر الاكبر
منه هو الاقطار العربية . وهذا
التغيير يمكن ان يحدث عقب عاصفة
صدامات عسكرية تشعلها عمليات
القصف الجوي والصاروخي الامريكية
، فترد ايران بضرب القواعد
الامريكية في المنطقة ومنشأت
النفط العربية وهكذا تشمل
الصدامات الخليج العربي والجزيرة
العربية ، وقد تقترن بتغيير سياسي
في ايران .
6 –
واخيرا وليس اخرا فان التصعيد مع
ايران يقصد به التغطية على تطور
الوضع العراقي والذي يتسم بسقوط
الخيارات الاخيرة لكل من امريكا
وايران في العراق ، من خلال
انتصارات المقاومة العسكرية وفشل
مخطط اشعال فتنة شاملة بين فصائل
المقاومة العراقية . لقد اصبح
جليا للادارة الامريكية من خلال
تقارير جنرالات امريكا في العراق
بان الاسابيع والشهور القادمة
ستكون حاسمة نتيجة اصرار المقاومة
على التعجيل بحسم الصراع في
العراق ووضع حد للاحتلال .
وكان من اهم مؤشرات ذلك التصعيد
الكبير في عمليات المقاومة
وانضمام ابناء العشائر العراقية
خصوصا في جنوب العراق ، بطريقة
اوسع ، الى المقاومة الوطنية
والبعث في جهد مشترك وشامل لطرد
الاحلال الذي وصل مرحلة من
الاعياء لم يعد معها قادرا على
خوض معارك شاملة ومتزامنة في كل
العراق .
ان حزبنا وهو يسجل هذه
الملاحظات يدعو كل ابناء العراق
لليقظة والحذر من تكتيكات
الاستدراج المنظم لبعض التنظيمات
للتعاون مع امريكا ، او لعقد
صفقات مشبوهة معها على حساب هدف
التحرير . كما ان حزبنا يدعو
الجماهير العربية ومثقفيها الى
الانتباه الى اللعبة الايرانية
التي تنفذها مباشرة ، او عبر
اذرعها العربية ، والقائمة على
استخدام الدم العربي والارض
العربية للدفاع عن ايران ومصالحها
القومية . وهنا يجب ان نشدد القول
على ان من غير المقبول الدفاع عن
ايران وهي تحتل ارض عربية في
العراق والجزر والاحواز ، وتعمل
وبشكل اخطر مما تفعل اسرائيل الان
لتغيير الهوية العربية للعراق
وللاقطار العربية الاخرى .
ان الموقف
الوطني والقومي الصحيحان هما
اللذان لا يفصلان موقف ايران في
العراق ، وهو موقف دولة استعمارية
معادية بكل ما تعنيه هذه الكلمة
معنى ، عن موقفها من امريكا والذي
يقوم على التعاون معها وبنفس
الوقت الضغط عليها لعقد صفقات على
حساب الاقطار العربية . من هنا
فان المطلوب الان هو الاصرار على
محاربة العدوين الخطرين للامة
العربية وبلا هوادة وهما امريكا
وايران وتجنب الاتكاء على احدهما
ضد الاخر .
عاشت الثورة العراقية المسلحة
.
قيادة قطر العراق
|