غزت اميركا وحلفاءها
العراق واحتلته عام 2003 بعد ان روجت لسلسلة أكاذيب بمشاركة فاعلة من
عدد من حلفاءها وفي مقدمتهم انجلترا وبقبول يتراوح بين الرضا وبين
الخضوع المذل لدول أخرى وسكوت غير لائق مع دول أخرى . استحوذت ارادة
العدوان الامريكي الغاشم على اعلام العالم باسره . لم يعد بوسعنا نحن
أبناء العراق أن نسمع كلمة طيبة واحدة عن نظامنا الوطني وقيادته من دول
وقادة وأحزاب كانت تعلن احترامها وتقديرها للعراق حكومة وشعبا وتتعاطى
معنا بالاقتصاد والتجارة وباخلاقيات العصر القديم والحديث .لم نعد نسمع
من منظمات الامم المتحدة التي طالما تغنت بانجازاتنا في التربية
والتعليم الأساسي والعالي وانجازاتنا العملاقة في الصحة والخدمات
وانفتاحنا الكبير على العالم علميا وتكنولوجيا . لم يتحدث حزب أو شخص
من العالم الثاني الذي كان صديقنا ولا من العالم الثالث الذي كان
الكثير من أحزابه وقادته يحملون لنا ويعلنون كل معاني الأعتراف بالفضل
والجميل والمعروف الذي أسديناه لهم بالمادة وبالاعتبار وبالاعلام
وبالاحتضان . صمت الجميع ولم يعد من احد يجيد الكلام غير اميركا
وحلفاءها واتباعها وخدمها وابواق اعلامهم المختلفه.
بعد زمن قصير , بل وقصير جدا في حسابات السياسة وحركة العالم المرتبطة
بها , بدات أميركا تعلن من داخلها وتكشف بفمها وحنجرتها عن كذب ما روجت
له ضد العراق وقيادته . وتبعا لذلك بدأ البعض من الخرسان باستعادة
قدرتهم جزئيا على النطق ولو على سبيل النطق ببيانات وتحليلات واعترافات
أميركا بانها كذبت في ما روجت له وحشدت به العالم ضد العراق وقيادته
وحكمه الوطني . اعلنت اميركا على العالم بانها كذبت في موضوعة اسلحة
الدمار الشامل وعض وزيرها الاهم كولن باول على نواجده ندما امام العالم
كله على لطخة العار التي سود بها تاريخه بتبني الكذب على العراق في
مجلس الامن وغير مجلس الامن . اعترف باول بجريمته البشعة غير ان رد فعل
الخرسان قد كان مكتفا ومعصوب الاعين وجبانا بكل مقاييس الجبن ولم يتعدى
ترديد اعترافات اميركا ووزيرها وكان العالم غير معني بانتهاك سيادة بلد
واحتلاله واسقاط نظامه وحكومته التي اعترف بها وتعامل معها على مدار
خمس وثلاثين عاما . ثم اعقب ذلك اعتراف امريكي بكذب وافتراء ادارة بوش
عن وجود صلة وعلاقات بين القاعدة المتهمة بهجمات سبتمبر وبين حكومة
العراق . وردد العالم الاخرس بذات الطريقة الببغاوية هذه الاعترافات
التي تعني ضمنا ان اميركا قد غزت بلدا امنا وقتلت الملايين من ابناءه
وهجرت واقصت وشردت ملايين أخرى ودمرت كامل بناه التحتية والفوقية ولم
نسمع ادانة من دولة ولا من منظمة أممية أو اقليمية ولا من حكومة عربية
لجريمة أميركا, ألا ما ندر, فضلا عن اننا لم نسمع عمن يطالب اميركا
بالعمل على ترميم ماهدمته وتصحيح ما اخطأت به وايقاف مسيرة تهديم البلد
اجتماعيا وجغرافيا. ولنتوقف عند هذا الحد من الامثلة على خطيئة اميركا
وعلى خنوع ذليل للعالم امام هذه الخطيئة او الخطايا . لنتساءل :
او لم يصل العالم الى سمة يسم بها نفسه هي التحضر ؟ او لم تعلن كل دول
العالم عن ايمانها بمنظومات اخلاقية للتعامل مع بعضها البعض؟ او لم تقر
كل دول العالم بوجود قانون دولي يحكم صلاتها ويحمي سيادتها وامن شعوبها
؟ وهل ثمة قواسم متفق عليها دوليا في عالم يسمي نفسه متمدنا ومتقدما
ومتحضرا وديمقراطيا وقانوني تحكم على من يعتدي على سواه عدوانا يصل الى
حد الغزو والاحتلال ؟ كيف اذن توحد العالم كله بادانة ما سمي بغزو
العراق للكويت وتصرفه بالضد من العراق ؟
لن اجيب على هذه التساؤلات لانها لم تصمم أصلا بحثا عن اجابة فهي تحمل
الاجابة ضمنيا وعلنيا . غير ان التعليق على موضوع ادانة ما اصطلح عليه
غزوا عراقيا للكويت دون أي بحث في خلفياته ومبرراته واحتمالات صلته
الجوهرية بأمن العراق وشعبه وحقه في الدفاع عن مقدراته ومع احتمالية
كبيرة لرابط ربما غير منظور للبعض عن صلات وثيقة لمواقف الحكومة
الكويتية التي انطلقت بها مباشرة بعد انتهاء الحرب العراقية –الايرانية
عام 1988 ضد العراق وهي في جوهرها المعلن والمعروف لكل العالم اجراءات
اقتصادية مدمرة للعراق وامنية تتعلق باحتضان بدايات العدوان على العراق
من قبل اميركا وعملاءها .
أذن , فالعالم كله وكل القواعد التي يقف عليها اخلاقيا وقانونيا امام
تحد لامناص من الوقوف ازاءه يوما ما قد يكون قريبا باذن الله حين تخسر
اميركا كل مقومات عدوانها على العراق ويستعيد العالم قدرته على النطق
ويتحرر من جبنه ووهنه امام القبضة الامريكية الغاشمة التي مزقت الكثير
من اعصابها وانسجتها وعظامها ضربات المقاومة العراقية الاسطورية ,
سيكون العالم برمته امام حق العراق وحق شعبه الذي سيوضع في كفتي ميزان
تحمل احدهما الحق الذي تبناه العالم في ضرب العراق بحجة تحرير الكويت
رغم ان القضية برمتها كانت قابلة للحل من غير حرب كونية يعقبها حصار لم
يشهد له التاريخ مثيل وتختتم الحملة بغزو واحتلال بعد قرابة اربعة عشر
عام على قضية الكويت علما بان قضية الكويت قد غييبت بالكامل عن ملف
الغزو والاحتلال عام 2003 في الوقت الذي تم التركيز فيه على ما ذكرناه
من مسوغات تم تكذيبها لاحقا. لو اعطتها اميركا وحلفاءها واحد من مليون
مما اعطته من ترو في معالجة ملف ايران النووي مثلا او في معالجة مشكلة
الكوريتين . وحق اخر سيكون للعراق وشعبه لانه تعرض لغزو واحتلال وتدمير
لا يقل في خطورته ويفوق كثيرا بانجازاته التدميرية ما حصل من دخول
العراق الى الكويت مع ما هو معروف من خلفيات العلاقة الجغرافية
والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بين العراق والكويت .
لقد أرتكبت أميركا جريمة كبرى بحق العراق وشعبه وعليها وعلى العالم أن
يبدأ فورا بالبحث عن وسائل تعيد للعراق وللعراقيين حقوقهم القانونية
والانسانية بدلا من الهرب الى امام في عملية مخابراتية تسجل المزيد من
سؤ التقدير وسؤ التصرف وضعف العقل والحكمة لاميركا وبما يسجل المزيد من
استحقاقات للعراق وشعبه اهمها على الاكلاق استمرار زهق ارواح الالوف من
العراقيين وتمزيق وحدة البلد ونهب وتضييع ثرواته .
وعود على بدء...ظهرت علينا في وسائل الاعلام مؤخرا اعترافات اميركية
مقرفه ومقززة عن قيام المخابرات الامريكية بتصوير فلم قذر لتشويه او
بالاحرى لاحداث مزيد من التزييف ضد الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام
حسين رحمه الله . والفيلم الذي أعلن عنه في مهرجان اعلامي ضخم لقناة
الجزيرة القطرية الفضائية من قبل أحد المسؤولين الاميركان يقشعر له جسد
اي مخلوق يدعي الانسانية ويحمل قطرة حياء في جبينه او ذرة من الاخلاق
ويصور الرئيس الشهيد الراحل رحمه الله في سرير نوم مع مراهق ...
ونعود لنتساءل بمرارة وخيبة امل بمنظومة الاخلاق وقواعد القانون وكل ما
يوصف بانه عدل دولي :
هل يمكن لدولة تصف نفسها بانها الأقوى والأهم والأعظم في تاريخ البشرية
ان تسقط أخلاقيا وتنحدر الى هذا المستوى الرخيص في التعامل مع العالم
كاشخاص وكدول؟
|