المستجيرون من الرمضاء بالنارملاحظات على دعوة بعض المفكرين العراقيين تشكيل حكومة إنقاذ وطني |
|||||||
شبكة المنصور | |||||||
شبكة البصرة - الدكتور عبد الواحد الجصاني | |||||||
أولا : الوقائع بتاريخ 31/5/2010 وجّهت (نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين العراقيين المستقلين) نداء الى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ومنظمات دولية وإقليمية أخرى طالبت فيه أن : (تباشر الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبالتعاون مع الجامعة العربية بتشكيل حكومة إنقاذ وطني في العراق من المستقلين ومن ذوي الخبرة والكفاءة والسيرة المهنية والوطنية الحسنة، لتمثل إرادة الشعب وتحقق تطلعاته إلى دولة عصرية متقدمة، وتمارس الحياة السياسية وتداول السلطة السلمي، وتحقق الثقافة الديمقراطية، وتعمل على إنقاذ العراق من الفوضى السياسية والأمنية).
وبررت المجموعة ندائها بالمعضلات الاستراتيجية التي أفرزها غزو وإحتلال العراق، ومن ذلك العملية السياسية المبنية على أسس عرقية وطائفية، وانتخابات 7/3/2010 التي أفرزت واقعا سياسيا مضطربا وهمّشت نصف الشعب العراقي تقريبا. (النداء مرفق)
لا جدال في حسن نية المتبنين لهذا النداء فهم إجتهدوا، وفق ما جاء في النداء، من أجل إنقاذ العراق من الفوضى والتدمير والتهجير والإرهاب السياسي ووضع حدّ لهيمنة إيران على العملية السياسية المنشأة في ظل الإحتلال، إلاّ أن القراءة المتأنية للنداء تكشف ثغرات خطيرة في المضمون والصياغة تستوجب التحذير منها :
ثانيا : الملاحظات على النداء 1- لنبدأ من جوهر النداء وهو (الطلب من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بالتشاور مع الجامعة العربية، إختيار حكومة الإنقاذ الوطني من الشخصيات المستقلة).
من بديهيات الأمور في العلاقات الدولية الراهنة أن الأمم المتحدة وأمينها العام (بان كي مون) وممثلها في العراق (أد ميلكرت) ومجلس الأمن وعمرو موسى لا يتصرفون في موضوع العراق إلاّ بأوامر أمريكية. وبالنتيجة فإن حكومة الإنقاذ الوطني لن يكون سيناريو تشكيلها سوى قيام (بريمر) أمريكي جديد بتشكيل (مجلس حكم) جديد يعود بالعراق إلى السنة الأولى للإحتلال.
ومعروف من آليات عمل مجلس الأمن إنه عندما يطلب منه تشكيل (حكومة إنقاذ وطني) في بلد تسوده اوضاع مضطربة، فإن ولايته لا تبدأ بالتشكيل ولا تنتهي به، بل ستكون للمجلس إشتراطات (أمريكية بالدرجة الأولى) بشأن شكل الحكومة ومهماتها ودور مجلس الأمن في توجيه أعمالها وفي إقالتها إن خرجت على توجيهاته، أي بكلمة أخرى سيكون العراق تحت إنتداب أمريكي جديد بغطاء دولي، وهذه المرة بناء على طلب من (مفكري العراق وباحثيه وأكاديمييه المستقلين)، وعندها تصبح الأهداف الوردية لحكومة الإنقاذ الوطني التي سطّرت في النداء مجرد أمنيات!
ثم، هل يرتضي (المفكرون والباحثون والأكاديميون المستقلون) أن يشكلوا حكومة تكتسب شرعيتها من مجلس الأمن وليس من شعب العراق؟ وهل سيقبل شعب العراق مثل هذه الحكومة؟
2- إن الصراع الأساسي في العراق اليوم قائم بين المحتلين الأمريكان والفرس من جهة، وبين شعب العراق وممثله الشرعي المقاومة العراقية من جهة ثانية، وأن المقاومة الشعبية العراقية، المسلحة منها والمدنية، في طريقها للإجهاز على ما تبقى من مشروع الإحتلال وإقامة مشروعها الوطني لعراق ما بعد التحرير. لكنّ متبنو النداء وهم يتصدّون للوضع السياسي في العراق تجاهلوا ما يجري على الأرض، وتجاهلوا المقاومة العراقية ومشروعها السياسي، وزادوا على ذلك بالإدعاء أنهم يمثلون إرادة الشعب وتطلعاته حيث وصفوا الحكومة التي ينوون إقامتها بإنها (حكومة إنقاذ وطني في العراق من المستقلين ومن ذوي الخبرة والكفاءة و السيرة المهنية والوطنية الحسنة، لتمثل إرادة الشعب وتحقق تطلعاته إلى دولة عصرية).
قد يردّ بعض متبني هذا النداء بالقول نحن مثقفون نؤيد المقاومة لكننا لا ننخرط في تنظيماتها ونريد إنقاذ بلدنا من الهيمنة الإيرانية بعد أن أصبحت هزيمة أمريكا في العراق قريبة. وهنا تبرز إشكاليتان خطيرتان. الأولى هي التمييز والمفاضلة بين المحتل الأمريكي والمحتل الفارسي، وكأن الأول سرطانا حميدا والثاني سرطانا خبيثا. إن مثل هذه المقاربة ستقود الى إدامة الإحتلالين معا، فالإحتلالين جاءا سوية لنفس الأهداف، وإن إختلفا فيما بعد على تقسيم الغنيمة، ولا سبيل للتعامل معهما بغير قوة المقاومة وسيطردان معا بعون الله.
أما الإشكال الثاني فهو يتعلق بدور المثقفين في مقاومة الإحتلال وحدود هذا الدور. إن تاريخ مقاومة الشعوب يكشف عن علاقة ولاء وإنتماء بين المثقفين الوطنيين والمقاومة، ومن بين الآف الأسماء نذكر على سبيل المثال آرنست همنغواي وبابلو نيرودا وغسان كنفاني وناجي العلي، فكيف يجب أن تكون علاقة المثف العراقي بالمقاومة العراقية التي هي درة تاج كل مقاومة على الأرض. فمن إحتل العراق لم يكن دولة واحدة ولا مجموعة دول، بل كان النظام الدولي برمّته وبكل إمكانياته العسكرية والإقتصادية والسياسية والإعلامية، وشاركت إثنان وأربعون دولة في هذا الغزو، إضافة إلى مشاركة إيران وميليشياتها في دعم الإحتلال وفي تنفيذ سياساته الطائفية والتدميرية في العراق.
والمقاومة العراقية لم تهزم هذا التحالف الدولي عسكريا فحسب، بل وقوّضت أركان النظام الدولي أحادي القطب وفتحت الباب واسعا لإنتصارات الإنسانية الحالية والقادمة على الطغيان الأمريكي والعولمة الرأسمالية والصهيونية العالمية (وهذا ما إعترف به أوباما في خطابه في القاهرة عام 2009 وأكّده تقرير استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الصادر منتصف مايس 2010).
لذا فإن المثقفين يكتسبون شرعيتهم الوطنية من مدى إرتباطهم بالمقاومة والدفاع عنها والتعبير عن برنامجها، ويجب أن تنتفي صفة (المستقل) في وصف المثقف والمفكر عندما يتعلق الأمر بتحرير الوطن، وتصبح المقاومة هي الهوية والإنتماء والمستقبل.
3- يأخذ النداء على الحكومة المنشأة في ظل الإحتلال تعطيل وإنتهاك مواد عديدة من الدستور، ويعهد لحكومة الإنقاذ الوطني بمجموعة مهمات من بينها إصلاح النظام السياسي والقضائي والمؤسساتي القائم مع التركيز على (إعادة النظر بالدستور ومنظومة القوانين الأخرى).
إن متبني النداء، ورغم إقرارهم بأن دستور 2005 (منتهك للقانون الدولي وتحديدا المادة 43 من إتفاقية لاهاي لعام 1907)، إلاّ أنهم يقبلون به وبالنظام السياسي والتشريعي والقضائي القائم منذ الإحتلال ويدعون الى إصلاحه، وهذا موقف يناقض القانون الدولي ويفرّط بحقوق العراق.
القانون الدولي وقوانين الحرب أكدت على مبدأ احترام دولة الاحتلال للقوانين المعمول بها في الأراضي المحتلة قبل الاحتلال، وأن سلطة المحتل الحربي بالنسبة للإقليم وسكانه هي سلطة فعلية مؤقتة وليست سلطة قانونية، وإن جميع الإجراءت والقوانين والهياكل السياسية والتشريعية المنشأة في ظل الإحتلال تعتبر لاغية وباطلة ولا أثر قانوني لها ولا يجب الإعتراف بها كلا أو جزءا، كونها تشكل إغتصابا للسلطة الشرعية القائمة قبل الاحتلال. هذه النصوص القانونية ليست أحكاما إفتراضية، بل هي الأساس القانوني للعلاقات الدولية وطبقت في حالات كثيرة، وعلى العراق بالذات ابان إحتلال الكويت، فقرار مجلس الأمن 660 (1990) طالب العراق بسحب قواته فورا من الكويت، والقرار 661 (1990) إعتبر العراق مغتصبا للسلطة الشرعية في الكويت وأكّد على عدم الإعتراف بأي نظام تقيمه سلطة الإحتلال كماأكّد على حق الكويتيين في الدفاع عن النفس ردا على الهجوم المسلح الذي قام به العراق ضد الكويت. والقرار 662 (1990) إعتبر ضم العراق للكويت فاقدا لأية صلاحية قانونية ويعتبر باطلا ولاغيا، والقرار 687 (1991) إعتبر العراق مسؤولا بمقتضى القانون الدولي عن أي خسائر مباشرة أو ضرر مباشر بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة.
4- لم يشر النداء إلى (عدم شرعية الإحتلال) وإكتفى بأن وضع على رأس أهداف حكومة الإنقاذ الوطني (توقيع اتفاقية جلاء قوات الاحتلال الأمريكي، وإنهاء الاحتلال في العراق وما يترتب عليها من حقوق قانونية ومعنوية). ولم يحدد النداء ما هي الحقوق القانونية والمعنوية المترتبة على إتفاقية الجلاء، ولا لأي طرف تعود، خاصة وإننا نعرف أن الأمريكان يعتبرون غزوهم للعراق تحريرا ومن غير المستبعد أن يطالبوا بتعويضات عن قتلاهم، فسبق للمحاكم الأمريكية أن اقرت تعويضات بمليار دولار للطيارين الذين أسروا خلال عدوان أمريكا على العراق عام 1991!
إن عدم النصّ على (عدم شرعية الإحتلال) هو إنتقاص لحقوق ثابتة للعراق أقرها القانون الدولي وفي مقدمتها إقرار شرعية المقاومة لطرد المحتل، وإلزام المحتل بالإنسحاب الفوري وغير المشروط، وتحميله المسؤولية القانونية عن جميع جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها قواته وتلك التي إرتكبتها السلطات المحلية المنشأة في ظل الاحتلال وجميع الجرائم الأخرى التي إرتكبت أثناء الإحتلال وبسببه، كذلك تحميله المسؤولية القانونية في دفع التعويضات عن جميع الخسائر والأضرار البشرية والمادية التي سببها هذا الغزو والإحتلال. إن حقوق العراق هذه لا تسقط بالتقادم ولا يحق لأحد التنازل عنها أو التفاوض عليها، وإن لم ينلها هذا الجيل فهي حقوق ثابتة للأجيال القادمة.
5- يذكر النداء (إن العراقيين الذين قد أقصوا عن الحياة السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية، لإغراض طائفية سياسية، وبدوافع وأجندات إقليمية، بغية الاستئثار بالسلطة والهيمنة على تضاريس المشهد السياسي العراقي، تربو نسبتهم على ما يزيد عن 43%)،
إن وضع هذه النسبة فيه خطل كبير، فإن كانت هذه النسبة للعراقيين على وجه الإطلاق الذين أقصوا عن الحياة السياسية فتلك مصيبة، لإن من يقود العملية السياسية في العراق المحتل هم زمرة من أذناب جاؤا من الخارج ويحكمون نيابة عن المحتلين الأمريكان والفرس، والشعب العراقي برمته جرى إقصاؤه بالإجتثاث والإرهاب والتهجير، وإن كان المقصود من هذه النسبة لونا طائفيا معينا، وهو الإحتمال الأقرب، فالمصيبة أعظم لإننا هنا أمام منطق أفلج يحارب الطائفية بالطائفية.
لقد أثبت العراقيون أنهم شعب واحد وإنهم طيف عبقري واحد صنع أكبر الحضارات الإنسانية، ومن خدع منهم في بداية الإحتلال بدعاوى الطائفية عاد سريعا لنبذها. إن غضب العراقيين العارم على الإحتلال والعملية السياسية المنشأة في ظل الإحتلال هو خير دليل على وحدتهم ونبذهم الطائفية.
ثالثا : ملاحظة أخيرة كثرت في السنتين الأخيرتين مشاريع ومقترحات المثقفين والأكاديميين العراقيين لإيجاد حل سياسي للوضع الكارثي الناشيء عن الإحتلال، وللأسف فإن أغلب هذه المقترحات والمشاريع تعالج جانبا من الأزمة وتهمل جوانب كثيرة واساسية اخرى مما يجعلها تفتقد الشمولية وتنتقص، من حيث لا تشعر، بحقوق أساسية للعراق. ولعل من أهم أسباب هذا الوضع هو نقص التفاعل بين المثقفين الوطنيين وقيادة المقاومة العراقية. وأرجو أن أعيد هنا التذكير بمقالي (مقترح الى قيادة المقاومة العراقية : تشكيل مؤتمر التحرير الموسع) وفيه إقترحت قيام قيادة المقاومة والقوى الوطنية العراقية المناهضة للإحتلال بشكل عام بفتح باب الترشيح لمؤتمر التحرير الموسع ليضمّ الأحزاب والجبهات والقوى العراقية المقاومة والمناهضة للإحتلال إضافة الى الشخصيات الوطنية العراقية المستقلة والمناهضة للإحتلال من عسكريين وسياسيين ومهنيين ومثقفين وصحفيين ووجوه إجتماعية ورؤساء عشائر، وينتخب المؤتمر مجلس شورى مؤقت يقوم بتشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تتولى إدارة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها وإعداد دستور دائم للعراق. ويبقى مؤتمر التحرير الموسع يعمل سندا ورقيبا لحين إستقرار المؤسسات السياسية والتشريعية والقانونية للعراق المحرر.
مطلوب اليوم أكثر من اي وقت مضى تفعيل العلاقة المصيرية بين المثقفين والمقاومة، وعلى قيادة المقاومة تقع المسؤولية الأكبر لتحقيق هذا الهدف.
والله المستعان بغداد 3/6/2010 -------------------------------------------------------------------
نص النداء
نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين العراقيين المستقلين
بسم الله الرحمن الرحيم * السيد الأمين العام للأمم المتحدة * السادة الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة * السادة الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن الدولي * السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية * السيد رئيس الاتحاد الأوربي * السيد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي * السيد رئيس محكمة العدل الدولية * السيد رئيس المحكمة الجنائية في لاهاي * السيد رئيس المحكمة الجنائية الدولية في نظام روما * السيد رئيس منظمة العفو الدولية
الموضوع / مطالبة الأمم المتحدة تشكيل حكومة إنقاذ وطني في العراق بضمانات دولية توطئه أفرز غزو واحتلال العراق حزمة من المعا ضل الإستراتيجية، ولعل أبرزها شكل العملية السياسية الطائفي والعرقي، ومنظومة القوانين القسرية التي لا تتسق مع منظومة القيم الوطنية، ومنظومة الإجراءات الانتخابية التي تستند على المحاصصة الطائفية والعرقية وبدورها تنخر منظومة القيم الوطنية، وكذلك ملفات الضحايا من المدنيين من جراء العلميات الحربية وعمليات الإرهاب السياسي والقمع المجتمعي، وقد بلغت أرقام مليونية من المهجرين قسرا والمغيبين والأرامل والأيتام والجياع والبطالة، إضافة إلى الانهيار الشامل للبنى التحتية والخدمات الأساسية، وانهيار الاقتصاد العراقي بين العجز والدين المالي في ظل رواج ظاهرة الفساد السياسي والإداري والمالي، وقد أفرزت الانتخابات العراقية في 7-3-2010 واقع سياسي مضطرب للغاية نتيجة لتجريف البيئة السياسية والبيئة الانتخابية والمجتمعية، حيث أقصي وهمش ما يقارب نصف الشعب العراقي عن حقه في الممارسة السياسية والانتخابية، ولم تقترب النتائج المعلنة من أرادة الشعب العراقي في تحقيق الإصلاح والتغيير السياسي والقانوني والقضائي والمؤسساتي، والرقي لمفهوم الدولة العصرية، والذي يعد مطلبا وطنيا ودوليا، خصوصا في ظل انعدام الخيار الأفضل، وقد انتهكت الحكومة المنتهية ولايتها حقوق المواطنة والإنسان والقوانين والأعراف الدولية، واتسمت بممارسة الإرهاب السياسي والتمايز الطائفي ضد المجتمع العراقي والناخبين، بغية تحقيق نتائج انتخابية للتمسك بالسلطة وباستخدام السلطة والمال العام، وبذلك يؤسس لدكتاتوريات طائفية وعرقية سياسية، واحتكار للسلطة، وبأساليب القمع الحكومي كالاعتقالات والتعذيب والقتل والتغييب ألقسري، مما جعل البيئة السياسية والأمنية والمجتمعية منهارة تماما، وتنعكس على المناخ الأمني المنهار، خصوصا في ظل تعاظم النفوذ الإيراني في العراق وتحكمه بالأدوات السياسية المليشياوية التابعة له، وتوجيهها للانتقام له من الشعب العراقي وتحقيق أهداف إيران دون مصلحة الشعب العراقي، ولم تتمكن الحكومة وغالبية الطبقة السياسية المرتبطة بها من تحقيق ابسط مقومات الدولة خصوصا على صعيد السياسة الخارجية والداخلية، ولعل أبرزها تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية، الإصلاح السياسي، الحفاظ على المال العام، محاربة الفساد، سيادة مناخ الحرية وحقوق الإنسان، تحقيق الأمن والاستقرار، قوات مسلحة مهنية ومستقلة وغير مؤد لجة طائفيا وعرقيا، بالرغم من الإنفاق المالي الكبير طيلة تلك السنوات، وقد أصبح العراق ساحة نزاع وصراع مطامع دولية وإقليمية، وتنتشر فيه بؤر المليشيات والجماعات الخاصة والعنف والجريمة المنظمة والإرهاب الوافد مع الغزو، وقد خلف ملفات إنسانية كارثتيه كالمهجرين والأرامل والأيتام والبطالة والجياع في أغنى بلد بالعالم، وتؤثر تلك الملفات سلبا على استقرار العراق وأمنه ودوره الحيوي، وينعكس على تحقيق الأمن والسلم الدوليين، وقد عجزت الحكومات والطبقة السياسية عن توفير الحاجات الأساسية للمجتمع وفي مقدمتها " الخدمات العامة مثل التعليم - الصحة - النظام - الأمن".
الدوافع الإستراتيجية لأهمية استقرار العراق ودوره في تحقيق الأمن والسلم الدولي العراق محور جيوسياسي هام، لما يمتلكه من قدرات بشرية ومالية هائلة، نظرا لموقعه الجغرافي المميز، ويعد ركيزة التوازن الإقليمي الرابعة في الشرق الأوسط وبجزئه الغربي، وعنصر الارتكاز العربي والرابط الحيوي ما بين دول الخليج العربي ودول غرب المتوسط العربي، ويشكلان مجتمعاً المشرق العربي ومغرب الشرق الأوسط في اللوحة الجيوسياسية الدولية، ونستعرض بعض من الحقائق الإستراتيجية المهمة التي تعزز فكرة استقرار العراق:
1. العراق حوض إستراتيجي للطاقة، ويتسق بمصادر تزود الطاقة في العالم، ويفترض أن يكون دولة صلبة متوازنة مستقرة سياسيا وعسكريا وامنيا واقتصاديا، ويجب أن يكون دولة قوية موحدة.
2. محاربة الإرهاب السياسي المستشري والذي سيقود العراق إلى كارثة وخطيئة إستراتيجية تؤدي إلى انزلاق العراق إلى الحرب الطائفية وتعاظم النفوذ الإقليمي.
3. يرتبط العراق بشبكة مصالح سياسية واقتصادية دولية وعربية وبمنحى استراتيجي عسكري، يستوجب استقراره وعدم تركه منطقة رخوة، يقود إلى انفلات امني وعسكري ينعكس سلبا على الأمن والسلم الدوليين.
4. يشكل تقسيم العراق أشعاع فوضى وانفلات امني ثلاثي الأبعاد، ويذكي الحروب والنزاعات الطائفية والدينية والقومية، وسرعان ما ستنتشر إلى دول العالم العربي، وبمنحى ليبرالي يغمر الشرق الأوسط ويشع إلى أوربا، مما يحقق فوضى شاملة لا يمكن توقع نتائجها الكارثية، خصوصا في ظل تعاظم نزعة المليشيات الطامحة للحصول على مكاسب سياسية ومطامع مالية، مع رواج ظاهرة المتعهدين السياسيين.
5. العراق بلد عربي يشغل رقعة حيوية ضمن لوحة المصالح العربية، وهويته ثابتة وانتزاعها أمر محفوفا بالمخاطر والكوارث، وأن حضارة العراق قد وثقت مكونات الشعب العراقي بقومياته المختلفة، حيث تشكل القومية العربية عنصر سائد 90%، وقد حرقت وثائق العراق ومكتباته ومستمسكات أبنائه ومتاحفه بشكل مقصود وبإرادة إقليمية مركبة، وأعقبتها حرب التغيير والتطهير الدموغرافي المنظم لتغيير الشكل السياسي لدولة العراق، وقد قتل وهجر ملايين العراقيين، ومنحت الجنسية العراقية للأجانب بغية أحداث هذه التغييرات الدموغرافية لمدن العراق بموجب قانون رقم (26) لسنة 2006م.
6. تسعى إيران لجعل العراق ساحة صراع وتقاسم نفوذ وتبادل منافع، وتساهم بتوسيع فرشة العنف والإرهاب السياسي من خلال دعم قوى سياسية مؤد لجة طائفيا، وقد تمخض عنه هيجان شعبي رافض لطقوس الاستقطاب الطائفي والعرقي مما يؤثر سلبا على النسيج الاجتماعي العراقي خصوصا بعد تهجير ابرز مكوناته وطبقته الوسطى واستبدال مؤسساته.
الدوافع القانونية لخرق القانون والدستور اختلف العراقيون سياسيا وشعبيا على طريقة أعداد الدستور وتوقيته في ظل الفوضى والاحتلال، وخاصة تلك البنود التي تفتعل الأزمات، وتقسم العراق، وتبدد ثرواته، وتمايز بين مكوناته، وترهن إرادته ومصيره، ويتطلب إعادة النظر فيه وبما يتلائم مع وحدة واستقرار العراق والحفاظ على ثرواته، وضمان كرامة ورفاهية الشعب العراقي وأن هذا جاء مخالفاً ومنتهكاً للقانون الدولي وتحديداً بالمادة (43) من اتفاقية لاهاي لسنة 1907م، دون الأخذ بنظر الاعتبار التحديدات الدستورية وتعطيل تطبيق وخرق النصوص الدستورية وأبرزها :-
1. العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي وكما ورد في المادة (14) من الدستور.
2. لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة وكما ورد في نص المادة (15) من الدستور.
3. تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك وكما ورد في نص المادة (16) من الدستور.
4. أن تبرير وترويج المناخ الطائفي السياسي يعتبر خرقاً دستوريا وفق المادة (7) منه والتي تنص على : (يحظر كل كيانٍ أو نهجٍ يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي، أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له).
5. شهد شعب العراق الإذلال وامتهان الكرامة والتنكيل وفضائح الاعتقالات والتعذيب والاغتصاب الطائفي والذي مارسته الأحزاب ومليشياتها وعدد من القوات الحكومية التي خرقت القانون ومواد الدستور خصوصا في المواد (9) أولاً والتي تصر أن لا يكون الجيش أداة لقمع الشعب العراقي و (14) و(15) و(16) و(17) و(19) و(37) من الدستور.
6. تعطيل وانتهاك الحقوق الدستورية في المواد (25) (27) (29) (30) (31) (32) (33) (34) (35) المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب العراقي.
7. شهد العراق قمعاً للحريات الصحفية وحرية الرأي والتي نص عليها الدستور بمادته (38) فضلاً عن ممارسة القمع المجتمعي والإرهاب السياسي بما يخرق المادة (42) من الدستور.
8. عدم تشكيل مجلس الاتحاد الذي يعد النصف القانوني في التشريع العراقي و كما جاء بالمادة (65).
9. تسييس القضاء وانتهاك استقلالية وتطويع القوانين لمصلحة السلطة الحاكمة وكما جرى في التفسير المحرف للمادة (76) من الدستور، وسكوته وعدم ممارسة الرقابة على الاعتقالات العشوائية والانتهاكات لحقوق الإنسان والتعذيب والاغتصاب في السجون العلنية والسرية وغيرها من الممارسات التي تحط من كرامة الإنسان العراقي وتنكل بالمجتمع العراقي..
رسالة الدعوة : مطلب شعبي/حكومة الإنقاذ الوطني بدعم أممي وعربي يطالب الشعب العراقي المعطل سياسيا من الشخصيات الوطنية والمفكرين والباحثين والاكاديميين والعشائر والطبقة الوسطى والمواطنين العراقيين في الداخل والمهجرين في الخارج، والذين قد أقصوا عن الحياة السياسية والمؤسساتية والاجتماعية والثقافية، لإغراض طائفية سياسية، وبدوافع وأجندات إقليمية، بغية الاستئثار بالسلطة والهيمنة على تضاريس المشهد السياسي العراقي، والذين يربوا نسبتهم على ما يزيد عن 43%، ويطالب الشعب العراقي اليوم بعد انهيار النظام السياسي بتفعيل دور الأمم المتحدة في العراق وضرورة توليها أدارة الملف العراقي سيما وأن العراق لازال تحت الولاية الدولية للفصل السابع وصولاً لتحقيق المبدأ والمقاصد الواردة في الميثاق على وفق ما يأتي : -
تباشر الأمم المتحدة ومجلس الأمن وبالتعاون مع الجامعة العربية بتشكيل حكومة إنقاذ وطني في العراق من المستقلين ومن ذوي الخبرة والكفاءة و السيرة المهنية والوطنية الحسنة، لتمثل إرادة الشعب وتحقق تطلعاته إلى دولة عصرية متقدمة، وتمارس الحياة السياسية وتداول السلطة السلمي، وتحقق الثقافة الديمقراطية، وتعمل على إنقاذ العراق من الفوضى السياسية والأمنية، ودوامة العنف والإرهاب السياسي، والفساد المالي والإداري الذي يشهده اليوم، وتحقيق العدل والإصلاح والتغيير السياسي والقانوني والقضائي والمؤسساتي الذي يتسق مع مفاهيم ومعايير الأمن والسلم الدوليين في الدول المتحضرة وتعمل على جلاء القوات الأمريكية وإنهاء النفوذ الإقليمي وإلزامه امميا بعدم التدخل بالشؤون الداخلية العراقية.
مهام حكومة الإنقاذ الوطني تقوم حكومة الإنقاذ الوطني بما يأتي : 1. الشروع بتوقيع اتفاقية جلاء قوات الاحتلال الأمريكي، وإنهاء الاحتلال في العراق وما يترتب عليها من حقوق قانونية ومعنوية.
2. إنهاء النفوذ الإيراني في العراق بقرار دولي صارم يضع عقوبات في حالة المخالفة بعدم التدخل بالشؤون الداخلية.
3. أجراء المصالحة الوطنية الحقيقية بين مكونات الشعب العراقي وبإشراف أممي وعربي، وتعويض المتضررين وضمان العودة الآمنة لهم.
4. محاربة الفساد والقضاء على ظواهره، وإعادة بناء البني التحتية للعراق.
5. إيقاف الخروقات القانونية والدستورية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها القوات الحكومية والفاعلين الغير حكوميين.
6. الشروع بالإصلاح السياسي وإعادة النظر بالدستور ومنظومة القوانين الأخرى.
7. الشروع بالإصلاح القضائي والمؤسساتي وإلغاء المحاكم التي لا تتناسب مع معايير حقوق الإنسان والعمل الديمقراطي الحر وإعادة تأهيل المعتقلين للتجانس مع المجتمع وتعويض المتضررين منهم ومحاسبة منتهكي حقوقهم.
8. أعادة بناء القوات المسلحة العراقية وكافة الأجهزة الأمنية على أسس وطنية حرفية مهنية مستقلة.
9. تهيئة بيئة سياسية وديمقراطية رصينة، وتشريع قانون أحزاب وانتخابات لأجراء انتخابات شفافة ونزيهة بعد انتهاء فترة إدارة الإنقاذ الوطني.
10. معالجة تحديات الملف الأمني وتفكيكها إلى عواملها الأولية.
11. وضع آليات رصينة لتحقيق سياسة خارجية ناجعة تضع في أولوياتها إرساء مبادئ السلم والأمن الإقليمي والعالمي لتعيد للعراق استقراره دوره الحيوي.
12. الشروع التنمية المستدامة والاستثمار الناجع والادخار ورفع دخل الفرد، وخلق بيئة التحول الديمقراطي الحقيقية أسوة بالدول المتقدمة.
13. تعزيز عمل منظمات المجتمع المدني وإشراكها في الإصلاح والتغيير. 14. خلق مناخ الحريات - الحريات الإعلامية - حرية الرأي. 15. حقوق المرأة العراقية وإعطاء أسبقية متقدمة لملف الأرامل والأيتام. 16. ضمان حقوق الأقليات والقوميات بما ينسجم مع تلاحم الشعب العراقي والمساواة والعدالة الاجتماعية. 17. أجراء تعداد للسكان بأشراف دولي. 18. أطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم وأسرى الحرب.
19. تطوير أجهزة الدولة الإدارية والفنية والرقابية لأداء مهماتها في خدمة الصالح العام والمصلحة الوطنية وحماية العاملين فيها من التمييز والتعسف والإفساد والفساد والمحسوبية.
20. تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والتكامل العسكري بالتوافق مع مصلحة العراق الدفاعية ومصلحته الاقتصادية ودوره المحوري في الأمن والسلم الدوليين.
21. يساهم المجتمع الدولي في مساعدة العراق بالحفاظ على وحدته وهويته العربية و استقلاله وسيادته والمشاركة الفاعلة في أعادة بناءه ليكون في مصاف الدول المتحضرة.
نسخة منه / الى جميع أصحاب القرار وقوى التحرر في العالم
الموقعون نخبة من المفكرين والباحثين والأكاديميين العراقيين المستقلين 1. الدكتور عمر الكبيسي. 2. الدكتور صلاح عمر العلي. 3. الدكتور عبد الإله البياتي. 4. الدكتور عصام الجلبي. 5. الدكتور فاضل الجنابي. 6. الدكتور هيثم الناهي. 7. الدكتور نزار السامرائي. 8. الدكتور مهند العزاوي. 9. الدكتور قصي صالح محمد ألأعظمي. 10. الدكتور محمد لطيف الدليمي. 11. الدكتور صابر العطية. 12. الدكتور علي الفهداوي. 13. الدكتور محمد عبد الحميد. 14. الدكتور عبد الوهاب القصاب. 15. الدكتور أكرم المشهداني. 16. الدكتور عماد الدين الجبوري. 17. الدكتور عباس ألأسدي. 18. الدكتور عزيز علي الجنابي. 19. الدكتور وليد عبد الملك الراوي. 20. الدكتور عماد الدليمي. 21. الدكتور حسام العزاوي. 22. الدكتور علي حسين أحمد. 23. الدكتور خالد السامرائي. 24. الشيخ مزاحم العاصي. 25. الشيخ جمعة الدوار. 26. الشيخ احمد مطر الدليمي. 27. الشيخ عوض العبدان. 28. السيد جاسم الرصيف. 29. السيد جلال جرمكا. 30. السيد هاشم كريم أسود. 31. السيد جمال نمر العدوان. 32. السيدة سهام النقيب. |
|||||||
|
|||||||
للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا | |||||||
|
|||||||