ففي الرابع عشر من كانون
الثاني/يناير عام (1991)أسطورة جسدت معنى الشجاعة والصبر لرسل السلام .
عندما نتذكر العدوان الثلاثيني الغاشم الذي قامت به قوى الشر
الصهيو-أمريكية الأطلسية لا بد أن نذكر أيضا رسل السلام على سفينة
السلام (ابن خلدون) الذين وصلوا إلى العراق المحاصر قبل العدوان
الثلاثيني الغادر بثلاثة أيام.
رست السفينة التي كانت تحمل اكثر من (250) شخصية عربية وأجنبية في
الميناء للتعبير عن مساندة الشعب العراقي في مواجهة التهديدات
الأميركية وحلفائها.
وكانت سفينة السلام (ابن خلدون) قد انطلقت في السادس عشر من كانون
الأول/ديسمبر عام (1990) من ميناء الجزائر وهى تحمل شخصيات نسوية
وأطفالا من العراق وفلسطين واليمن والأردن والجزائر وتونس والسودان
ومصر وسورية ولبنان وارتيريا والسويد وإيطاليا وأميركا واليابان
وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا.
ولم يكن خط سير السفينة سالكا أو سهلا بل أن ما شهدته عند مرورها في
بحر العرب وعلى مدى عشرين يوما كان أسطورة جسدت معنى الشجاعة والتحدي
والإرادة والصبر وذلك خلال الاشتباك الفظ الذي حدث بين رسل السلام
العزل وبين القوات الأميركية المدججة بالأسلحة والتي كانت تحميها اكثر
من (15) قطعة بحرية إضافة إلى حاملات طائرات والحوامات الأميركية التي
حاصرت السفينة حيث نزل اكثر من (450) عسكريا من قوات المارينز مدججين
بالسلاح وهم يرتدون الأقنعة على سطح سفينة السلام وذلك تضليلا وتخويفا
لرسل السلام.
واقتحم جنود المارينز الهمجيون السفينة عنوة واشتبكوا مع النساء وقاموا
بإطلاق القنابل المسيلة للدموع وأشعة الليزر واستخدموا الهراوات في ضرب
كل من كان على ظهر السفينة بكل ما اختزنوه من حقد وسفالة.
وكانت هذه الاشتباكات معركة غير عادلة تعرضت فيها النساء إلى كل أنواع
الأذى حيث أسفرت عن جرح (75) امرأة وإجهاض سيدتين وتعرضت ثلاث سيدات
لأزمة قلبية و(31) امرأة لكدمات شديدة كما أصيب (18) شخصا بجروح بليغة
إضافة إلى احتجاز قائد السفينة وطاقمها والفريق الإعلامى الذي كان
يرافق السفينة.. كما قام المتوحشون بإغلاق تهوية السفينة بعد إيقاف
محركاتها بالقوة لمدة خمس ساعات برغم نداءات الاستغاثة التي وجهتها
السفينة المحاصرة إلى المنظمات الإنسانية ومنظمات السلام والصليب
الأحمر.
وبرغم كل ما لحق برسل السلام من أذى فإنهم تشبثوا بشعارهم العتيد (نحن
نريد السلام) كما نظموا في ليلة رأس السنة الميلادية ندوات الحوار
الفكري وحفلات للتعارف وكتبوا القصائد ولحنوها وأصدروا ثمانية أعداد من
جريدتهم ونظموا مكتبة وعروضا سينمائية وكتبوا يومياتهم حيث تداخلت
حياتهم وتواريخهم في المهمة الإنسانية بنفس الإرادة التي عملوا فيها في
ذلك الزهو.
وفى الرابع عشر من كانون الثاني/يناير عام (1991) دخلت سفينة السلام
المياه الإقليمية العراقية وسط زغاريد أبناء البصرة الصامدة الذين
استقبلوها بحفاوة كبيرة في ميناء أم قصر.. مشيدين بشجاعة وصمود رسل
السلام الذين استطاعوا مقاومة القوات الأميركية الغازية التي كانت في
الخليج العربي وشهد فجر اليوم الأخير من رحلة السفينة جراح رسل السلام
وآلامهم وكدماتهم التي كانت بمثابة أوسمة زينت صدورهم لتبقى شاهدة على
همجية من يدعون الحفاظ على الشرعية الدولية وحقوق الإنسان وهى منها
براء.
واليوم يتجدد السيناروا نفسه ونفس الايادي المجرمة على احرار العالم
والشخصيات التي تدعوا لكسر حصار غزة هاشم ، الا اننا لاحظنا نفس رد
الفعل ولم يخرج عن الشجب والادانة والاستنكار واختفت العبارات
والشعارات التي كنا نسمعها عند كل تجربة اطلاق صواريخ او سلاح يدعون هو
جديد وحيث كانوا ومازالوا يهددون ويتوعدون ، لكننا نسمع جعجعة ولا نرى
طحينا .
رحم الله شهيدنا شهيد الحج الاكبر صدام حسين الذي دك الكيان الصهيوني
بأحدى واربعون صاروخا ، فمن سوف يدك الكيان الصهيوني من بعده ليعيد لنا
الامجاد انه حلم !!!!!!
|