مرت سنون من اعمار اهلنا
من الطبقة الكادحة قبل ثورة البعث عام 1968 م ولم يلتفت اليهم احد من
السياسيين الذين جكموا البلاد ,وبقى مصيرنا نحن الابناء مجهولا لا
يتعدى ان تبقى فلاحا او عاملا او تذهب متطوعا شرطيا او جنديا كي تصل
الى رتبة اما مفوض او نائب ضابط وتحال الى التقاعد ..
كنا نتنفس الهواء الساخن القاتل صيفا ونرتوي من المياه الحارة التي لا
تصلح الا لغسيل الملابس الملوثة بالدهون واما في الشتاء فلا يوجد
امامنا غير بقايا الحطب وروث الحيوانات نحرقها في غرف طينية تفتقد
لابسط التخطيط الصحي لنجلس ولا احد يرى الاخر من مداخن الشتاء كي لا
نجمد .. فلا الكهرباء موجودة ولا مشتقات النفط متوفرة لدينا وان توفرت
فلا تستطيع الطبقة الكادحة دفع اثمانه ..
كانت الامية تنخر بعقول اهلنا وتحيلهم الى عدم فلا وعي ولا كتب على
الرف الا في بيوت ملالي الدين الذين تعلموا القراءة والكتابة بالقدرة
من خلال الهجرة الى جوامع المدن الكبيرة ليتتلمذوا على يد علمائها
وخطبائها,وان توفرت تلك الكتب لديهم رجال الدين فلا تتجاوز اصابع اليد
وهي عبارة عن مصادر اساسيات الدين كالقران الكريم وكتاب السنة وربما
كتاب فقه واحد قد ابتاعه رجل الدين معوزا على لقمة عيشه ..
طرقنا ودروبنا عبارة عن رمال متحركة من النوع المطحون بشكل الدقيق فأن
ذهبت الى المدينة في سيارة (بيكب او لوري حمل)فلسوف يستقبلك اهلك كضيف
لانهم غير قادرين على رؤية ملامحك من تلال التراب التي تعلوك .. فيندر
ان ترى شارعا مبلطا حديثا يربط مركز القضاء الذي تعود له بمركز
المحافظة,واما الناحية وقراها فهي من جزر الواق الواق سبحان الرب
الخلاق أي من عالم الاساطير .. لك وجبة ملابس واحدة في العام عليك ان
تحافظ عليها لمناسبة العيدين ..
اجمالي العراقيين يعانون
من علل صحية مرعبة والسل ينخر في العظام .. اما الامراض المعدية التي
تصيب الاطفال فتروح لها اجيال شبه بكاملها ولهذا بقى تعداد العراقيين
لا يتجاوز اربع الى ست ملايين حتى عام الثورة ..
مزارعنا مهملة وكل تعب فلاحنا وعائلته الكادحة يروح هباءا في موسم جني
المحصول لعدم توفر وسائل التسويق أي مركبات الحمل .. هنا يعيش الفلاح
تحت رحمة القدر وانتظار الفرصة ذات النسبة شبه المعدومة لمجيئها فكل شئ
مجهول حتى موتنا كان بطيئا مؤلم .. موتنا الجسدي والنفسي سيان يتباريان
علينا وكلاهما يصل هدفه دون قيد او شرط .. لا ضلال حكومية تضلنا من جور
الزمان وتحمينا وكأننا نعيش غرباء في بلدنا العراق الثري بكل شئ بل هو
اثرى بلاد العالم على الاطلاق ..
كانت قبل الثورة تتناثر النواعير التي تديرها الحمير والبغال على
شواطئنا التي تذهب بمياهنا الى المحيط مودعة ودون اكتراث بن .. اما
اهلنا الذين يعيشون في البراري فلا حل لهم كي يروون حيوناتهم غير
الابار المالحة التي تزودهم بالمياه بطريقة الحمار والدلو ..
كنا نصر على القراءة والكتابة في مدارس بعيدة عن سكنانا ننتقل اليها
بواسطة الحمير فلا مركبات نقل متوفرة وان توفرت فلا يوجد من له القدرة
على تحمل اسعارها المرتفعة جدا وهي درهم لكل نقلة في بلد النفط الذي
اكتشف منذ بدايات القرن العشرين ؟؟؟
كل شئ يرحل بالنسبة لنا يرحل في عالم المجهول .. حياتنا كانت عبارة عن
مجموعة مجاهيل رياضية من النوع المتقدم وعلينا نحن الجهلة المنسيين حله
.. لا ندري ماذا نفعل فحكوماتنا كانت منشغلة بالقومية العربية وبتحرير
فلسطين فلا يوجد متسع لها كي تختلط بنا او تران .. كنا نصفح عنها
ونعذرها بسبب واجبها القومي التحرري وتوحيد الامة العربية من خلال
الجامعة العربية فضلا عن انشغالها بتخطيط المشاريع لا تنفيذه ..
كبرنا قبل ان تتاتي الثورة واصبحنا طلبة متوسطة او اعداديات هذا اذا
حالف البعض النزر ان يصل تلك المراحل المتقدمة جدا بالنسبة لنا حيث
ينظر الينا الاخرون ونحن راجعون من المتوسطة وكاننا جئنا لزيارتهم
كمبعوثين الى جامعات العالم المتقدم .. نحن الصفوة الذين اذا جلسنا في
مجلس العشيرة فالكل يطالع بنا هل يا ترى هؤلاء بشرا سويا؟؟؟!!!
ان الشريحة الشعبية الكادحة التي كنت اتحدث عنها تشكل السواد الاعظم من
العراقيين حتى تكون قيمة لموضوعي ان يقرأ جيدا ويحلل احصائيا كونه قابل
للدراسة من الناحية الاحصائية وله فروقات معنوية هائلة اذا قورنت
نتائجه بالمجتمعات نصف المتحضرة ..
الى هنا اكون قد انتهيت من تخطيطات اللوحة لشعبي العراقي قبل الثورة
ثورة البعث على ان اترك ملئ فراغات الشكل والوانه الاخرى من المجتمع
العراقي للقراء الاعزاء من العراقيين فهم ايضا شركاء في تلك اللوحة
الحزينة ومن أي مكان جاؤا من العراق قبل الثورة وهي امانة في الرقاب
نحاسب عليها يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ..
جاءت الثورة كالبركان الذي انتشرت مقذوفاته على كل ارض العراق .. اهتز
الشارع العراقي وتحرك رغم كل الامراض التي اصابته واتعبته وخاصة فقر
الدم المزمن والسل الذي ادمنت جرثومته لحمنا وعظامن ..
ثورة بيضاء بتخطيط رفاق دقيق وانساني تحاشى الدماء فتم اعفاء الرئيس
العراقي عبد الرحمن عارف رحمه الله على ان يختار أي دولة يقيم فيها دون
ملاحقة ولا سؤوال .. شكلت الحكومة فورا وبقى كل عاراقي في وضيفته ولم
يحل أي جهاز من اجهزة الدولة المتعبة حينذاك ..
اعدم الجواسيس عام 1969 ليتخلص العراق من كابوس العملاء والخونة وتتفرغ
الدولة لشئونها الداخلية والخارجية ..
امم النفط بالكامل فلا ثورة عمرانية يمكن ان تقام من خلال مئة مليون
دولار كانت في البنك المركزي العراقي قبل الثورة .. وضع الشعب العراقي
الاحجار على بطنه فقد تحاصرنا الدول ذات المصلحة المباشرة بالنفط
وصاحبة شركاته والمستحوذة على الانتاج والتصدير .. ثورة قررت ان ينجح
مشروعها في التاميم وشعب عراقي وقف الى جانب ثورته وكنا قد ساهمنا نحن
الطلبة بدينار تبرعا للدولة قيد التأميم ومن اجل انجاحه .. نجح التاميم
بقوة قرار البعث وبمساندة الشعب العراقي المحروم في حينه من كل شئ ..
ثم راحت مليارت الدولارات تدخل بنكنا المركزي وارتفعت قيمت الدينار
العراقي لتصل منتهاها كاقوى عملة في العالم عندما وقف الدينار عند
قيمته 3,33دولار ..
كانت هناك حرب في الشمال ضد البيش مركة الانفصاليين العملاء المشاغلين
للبعث وثورته العملاقة وتم حلها بشكل نهائي عام 1975 واستقرت البلاد
والعباد ..
اساتذة الجامعات قبل الثورة الكثير منهم كانوا اجانب والدولة بحاجة
ماسة الى كادر عراقي وطني تكنوقراط فراحت الدولة البعثية ترسل الاف
الطلبة سنويا الى ارقى الدول المتقدمة كبريطانيا واميريكا وكندا وفرنسا
والمانيا واليابان .. رجع معظم هذه البعثات مزنرين بالشهادات العليا
ومدربين اعلى تدريب وفي كل اختصاصات العلوم والاداب والقانون والهندسة
والطب وغيرها ودون استثناء ليعيد العراق تجربة اليابان بعد الحرب
العالمية الثانية في محال البعثات غير ان العراق زاد مئات المرات على
بعثات اليابان.
فتحت الجامعات الجديدة وتوسعت الجامعات القديمة وراحت حركة البحث
العلمي كالصاروخ في خلال عشر سنوات .. خطة عمرانية انفجارية كبرى شملت
كل شئ في قطاعات العراق المختلفة .. الكل يبني والكل مسرور ولا يوجد
جائع واحد حيث اختفت كل مظاهر التسول من الشارع العراقي ..
اتسعت المدارس بشتى مستوايتها لتصل الى ابعد نقطة في القطر وزادت
الثورة على ذلك بقانون محو الامية الالزامي فما هن الا سنيات واذا
بالعراق خالي من الامية باعتراف الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو ..
فتحت الدراسات العليا على مصاريعها من اجل الاعتماد على الكادر العراقي
المؤهل الذي جاء من بعثات خارج العراق ناقلا تحاربه من تلك البلدان
المتقدمة .. راح العراقيون ومن فاتت عليهم فرصة الرواح في بعثة خارج
الوطن يحصل على ذات الشهادة على ايدي عراقيين اكفاء ..
الكهرباء راح يسعى باعمدته المتسارعة ليصل الى اخر بيت من العراق كان
لا يعرف معنى كهرباء سوى الانارة على ضوء قنديل الكازولين(اللمبة) التي
يطفئها شخير القطة .. اسعار الكهرباء رمزية لا تعني شئ للمواطن وشبه
مجانية .. وزعت اجهزت التلفاز على العراقيين المحرومين مجانا وخاصة اهل
الريف لتصل اليهم طلائع الحضارة ومضاهر التقدم ..
راحت العقول العراقية المدربة في الخارج بشكل ممتاز تبني المصانع
والمنشات والكل يتبارى كي يكون الاول في التنفيذ باجود الانتاج حتى
وصلنا مرحلة الصناعات الثقيلة كالمركبات الصغيرة والكبيرة وادوات
الفلاحة واجهزة الكهرباء والماء والادوية وغير ذلك ..
المطابع انتشرت وراحت دور النشر متسارعة في النمو وبشكل مبرمج جميل
فضلا عن التقدم الاعلامي وادواته البشرية والمادية التي حضيت باهتمامات
الدولة الكبيرة ..
حملة منقطعة النظير لتسوية الطرق وتبليطها وبمواصفات عالمية متقدمة
خاضعة للصيانة الدورية والتي وصلت القرى التي ما كانت تحلم ان تصلها
تلك النعمومة وهذا الثراء الحضاري المتسارع الجسور ..
مشاريع زراعية عملاقة وسدود رائدة واهتمام بالفلاح وزراعته منقطع
النظير .. الفلاح اصبح متشبثا بارضه ومستوليا على الارض البور
ليحيلها الى بساط اخضر جميل وسلة خبز وصلنا من خلالها الى التصدير
.. ثروة حيوانية هائلة راحت تتنامى مع التنامي الزراعي ومن النوع
العراقي النادر ..
جيش لم ينسى من قبل حكومة البعث بل راح العراق يبني جيشه الوطني الجسور
على احدث المواصفات التدريبية والالية العسكرية .. كليات عسكرية
للبر والجو والبحر ولتخريج القيادات العليا والاركان واهتمام رائع به
.. حد ان وصل الجيش العراقي المقدمة بين جيوش العالم .. حكومة فولاذية
بجيش مهاب ومقتدر لحراسة بوابة العرب الشرقية ومراقبة الاحداث
والتطورات على تخوم فلسطين الحبيبة ..
منشات عسكرية ماهرة لتوفير احتياجات الجيش السوقية اعتمادا على المنتوج
المحلي وبخبرات عراقية بحتة ..
علاقات دولية متينة واجهزة امنية كافحت موروث الجريمة حتى اختفت من ارض
العراق تماما فصار العراقي يذهب من شمال العراق الى جنوبه في أي وقت
يشاء وفي أي مكان يريد ان ينام فيه دون خوف او وجل من احد قد يداهمه
.. تقلصت ارقام الجريمة الى الحد الذي ما عاد يذكر ..
اسطول جوي عراقي وطيارين عراقيين مهرة شهد العالم ورابطة الطيران
العالمية لهم بالبنان ودون حادث مأساوي واحد يحصل على خطوطنا الجوية
الذهبية التي احتوت احدث الطائرات ..
مع كل هذا الجهد وحركة البناء تلك التي قل مثيلها في العالم فقد اصبح
هناك فائض عملة صعبة تجاوزت 30 مليار دولار لصالح البنك المركزي
العراقي ..
فلا سرقات من المال العام ولا نهب ولا سلب له من قبل المسؤولين
المؤدلجين كبعثيين ثوار اصحاب قيم مبادئ وطنية وقومية كبرى لا مجموعة
من الحرامية والسراق ودعاة النهيبة الذين احلوا كل شئ اليوم بالعراق
المجنى عليه ..
اما ان يتامر الكفار والمسلمون على هذا البلد الطيب وحكومته الوطنية
الرائعة لتبدأ سلسلة الحروب اولها مع ايران المجوسية واخرها احتلال
العراق بهدف ان لا يكون هناك عراق قوي في المنطقة يشكل خطرا على الكيان
الصهيوني من جهة وعلى جيرانه من جهة اخرى فتلك مسالة اخرى فيها نظر لمن
يحمل لبا ما زال فاعلا طاهرا نظيفا منصفا تجاه البعث وحكومته الوطنية
التي استعرضنا البسيط من منجزاتها في وقت قياسي وبرقابة بعثية ماهرة
استطاعت ان تنقل العراق من الحضيض الى قمة التقدم ..
ولك الله يا بعث ولك الله
يا عراق يا من نذرتما الغالي والنفيس من اجل امة العرب وصرفتما
المليارات من الدولارات من اجل دعم قوى المقاومة والتحرر العربي اينما
كانت ومن اجل دعم القضية الفلسطينية ومن اجل دعم البلدان الفقيرة
العربية ومن اجل تخريج افواج من الطلبة المدنيين والعسكريين العرب ..
لقد كنتما انسانيان كليكما البعث والعراق ان نسي الاخوة والاصدقاء ام
لم ينسوا فالتاريخ لا ينسى وهو خير شاهد على ان مقاومة الاحتلال كانت
وما زالت ايضا من نصيب البعث, ومن الله التوفيق وحسبنا الله ونعم
الوكيل .. |