ما يزال وضع معسكر أشرف في
العراق محفوفا بالمخاطر في ظل ضغوط إيرانية شديدة تعززها أحقاد مكثفة
من حكومة الإحتلال وضغوط جانبية من الميليشيات الإيرانية والعراقية
الخاضعة لولاية الفقية وسماسرته في العراق، مع تجاهل عربي وأقليمي
وأممي للوضع المثير للقلق لهذه النخبة المناضلة والمعارضة لنظام
الملالي الحاكم في إيران. ورغم النداءات الباهتة التي تخرج من هنا
وهناك، لكن الضغوط الإيرانية والحكومية ما زال تشتد يوما بعد آخر،
والولايات المتحدة المسئولة عن سلامة المعسكر تتملص من مسئوليها
التعاقدية بموجب الإتفاقية التي أبرمتها مع المنظمة كأن الأمر لا
يعنيها البته، وهذا الأمر ليس غريبا عن السياسة الامريكية.
الأمم المتحدة بدورها لم يكن موقفها جديا تجاه المعاناة اليومية لسكان
المعسكر فتقاريرها الدورية وبياناتها المتعلقة بسلامة المدنيين لم تلق
أذان صاغية لا من قبل إيران ولا من حكومة الإحتلال أو الإدارة
الأمريكية. إنها حبر على ورق! بل الطامة الكبرى أنه كلما حاولت الأمم
المتحدة أن تتشدد في قوة تصريحاتها كلما كانت ردة فعل حكومتي الملالي
والإحتلال المزيد من الضغوط على المعسكر وكذلك المزيد من تجاهل الإدارة
الأمريكية لاوضاعهم المأساوية! كإنما هناك إتفاق سري بين هذه الأطراف
على نحر المنظمة وعناصرها المجاهدة، والمؤسف إن هذه الضغوط شملت عوائل
الأشرفيين في إيران فقد كانت ردًة فعل الملالي مؤخرا على الضغوط
الدولية بإصدار حكم الإعدام على (6) مجاهدين من اقارب سكان أشرف، في
تحدي سافر للإرادة الدولية التي دعت مرارا وتكرارا النظام المتعجرف إلى
تخفيف أحكام الإعدام التي غالبا ما تكون من نصيب الخصوم السياسيين سيما
عناصر مجاهدي خلق.
هذه المعاناة المستديمة منذ الغزو الأمريكي وصلت إلى حد لا يطاق ولا
يمكن التغافل عنها سيما عندما يتعلق الأمر بوقف تدفق المواد الغذائية
والأدوية والوقود إلى المعسكر. فالحق في الحياة يرتبط أساسا بالحصول
على المواد الاساسية للعيش. واستخدامها كسلاح لمحاربة المدنيين جريمة
لا تغتفر بحق تعاليم الأرض والسماء، وتتناقض جوهريا مع ميثاق الأمم
المتحدة والصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ولاسيما العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولأن المنظمة تحمل صفة اللجوء
السياسي في العراق فهذا يضيف لها ميزة الحماية الدولية بموجب إتفاقيات
جنيف الخاصة بحماية اللاجئين. لذلك أكد الأمين العام للأمم المتحدة في
تقريره للشهر الجاري المقدم الى مجلس الأمن الدولي في اطار القرار 1883
(2009) حق سكان أشرف في الحماية من التشريد الجماعي التعسفي أو الإعادة
إلى ايران بالإكراه. وجاء فيه ضرورة"مواصلة أنشطة الدعوة الرامية إلى
تمكين سكان المخيم من الحصول دون عوائق على السلع والخدمات ذات الطابع
الإنساني، وحقهم في الحماية من التشريد الجماعي التعسفي أو الإعادة إلى
الوطن بالإكراه الذي يمثل انتهاكًا لمبدأ متفق عليه دوليًا هو عدم
الإعادة القسرية للاجئيين".
الأزمة الحالية التي يتعرض لها معسكر اشرف أظهرت بكل وضوح قدرتها على
الصمود ومقاومة وتفكيك عناصر الازمات المختلقة من قبل حكومة الإحتلال
بالتعقل والمنطق والحكمة، نظير ما يملكه عناصر منظمة مجاهدي خلق من نضج
سياسي وخصوبة فكرية مستمدة من نضالهم التأريخي الحافل بالبطولات
ومسيرتهم الجهادية الطويلة. فكلما شدد دهاقنة الإحتلال قبضتهم على
رقبتها كلما إرتفع صوتها عاليا للشرعية الدولية والضمائر الحية
لإسعافها. وكلما حاول الطغاة تسويق الدجل والكذب للإجهاز على كيانها
القوي كلما كشفت فساد تلك البضاعة للرأي العام الدولي. وكلما زاد الظلم
عليها تمسكت بحبل الصبر والحكمة. وكلما ارتفعت حدة الأصوات الظالمة
لإستئصال جذورها الموغلة في تربة العراق كلما تمسكت أكثر بمنطق الحق
والشرعية في الوجود والجهاد, وكلما اغتالوا فردا من عناصرها غيلة وغدرا
ـ وهذا ديدن الجبناء ـ كلما أنجبت بدلا عنه جيلا من المجاهدين القادرين
على تحمل المسئولية الوطنية ومواصلة المسيرة للخروج من النفق المظلم.
رغم أن بلورة تلك الولادة ليست بالأمر الهين بسبب المعقوقات السياسية
والإقتصادية والنفسية التي تواجهها. لكن حب الوطن والتفاني في سبيله
وحتمية إنجاز المهام التأريخية المصيرية، هي ثوابت مقدسة لا يمكن
التفريط بها أو السماح بالمساس بها، إنها حالة صحية تؤمن القناعة
الكافية لتحدي الظلم والوقوف بوجه الطغاة مهما تمادوا في غييهم
وتجاهلوا صوت الحق.
إذا تنصلت الولايات المتحدة الامريكية عن مسئوليتها تجاه معسكر أشرف
بذريعة الإتفاقية الأمنية المشبوهة التي عقدتها مع حكومة الإحتلال، فإن
هذه الأخيرة لا تستطيع أن تتنصل من المسئولية القانونية لحماية معسكر
أشرف ولا نقول الأخلاقية والإنسانية والشرعية لأننا على يقين من إفتقار
قاموسها الإحتلالي لتلك المفاهيم. فالقانون الدولي يفرض على الحكومة
العراقية سلامة عناصر المنظمة في العراق وتأمين إحتياجاتهم الاساسية.
لذا ناشد الأمين العام إدارة وحكومة الأحتلال بضرورة" تحمل المسؤولية
الجسيمة التي على عاتقهما لحماية معسكر أشرف في إطار القوانين
الإنسانية الدولية وصكوك حقوق الإنسان الدولية، والمادة (47) من
اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على مسؤولية الدولة عن حماية الأشخاص
المحميين، وكذلك التشدد على ضرورة تكثيف الرقابة الدولية وتواجد القوات
الدولية وعدم إحداث أي تغيير في معسكر أشرف لحين تشكيل الحكومة
العراقية الجديدة وتوفير ضمانات قابلة للمحاسبة والمساءلة في ما يتعلق
بتوفير الأمن والحماية لسكان معسكر أشرف".
بديهيا أمسى معسكر اشرف نقطة إلتقاء الأحقاد والمؤمرات التي يحيكها
نظام الملالي من جهة والحكومة العراقية من جهة أخرى، وغالبا ما تتشابك
وتتداخل هذه المؤمرات فتعكس اثرها السلبي ليس على المعسكر فحسب وإنما
على الشعب العراقي الذي يرفض الطرق البربرية في التعامل مع ضيوفه ويحبذ
الطرق الإنسانية وفق ما تمليه عليه الشرائع السماوية والوضعية، علاوة
على الحقائق المستجدة على الساحتين العراقية والدولية. فالأعمال
المشينة التي تقوم بها حكومة الإحتلال ضد معسكر أشرف والتهديدات
المتلاحقة بنقلهم قسريا لإيران، والحصار غير الإنساني المفروض على
سكانه إستنادا إلى الخيوط التآمرية الواهنة التي ينسجها عناكب طهران
ويصدرونها لبراغيث بغداد. لم تعد هذه فنون الشعوذة والدجل تنطلي على
العراقيين ومصيرها حتما مكب المالكي للنفايات. فأوراق إصطفاف ملالي
العراق إلى جانب اسيادهم ملالي طهران والإستماع إلى مشوراتهم الصفراء
كشفت للجميع ولم تعد سرا يتكتم عليه، ومن ينكرها فأما طائفي لحد النخاع
أو عميل لأيران أو أحمق وجاهل.
ليس غريبا أن يتبع الغنم الحاكمين في بغداد رعاتهم في قم، مغيبن إرادة
الشعب العراقي وصوت العقل والضمير. متحملين لعنات العراق ولعنة التأريخ
التي سيورثونها بكل أمانة وجدارة إلى ابنائهم جيل بعد جيل. لكن الغريب
ان يضحوا بشعبهم ومصالحه العليا في سبيلهم. تحت غطاء نشر مذهب آل البيت
والمحافظة على المنجزات الطائفية التي حققوها في العراق كزيادة عدد
العطل الرسمية ونشر طقوس النياحة واللطم والتطبير وإذاء النفس وتوسيع
دائرة الملايات والملالي لتشمل برلمانيين ووزراء، وإعلاء الملايين من
الرايات الخضراء والسوداء فوق السطوح تكفي لإكساء ملايين العراة من
أيتام العراق وأرامله. فهذه اللعبة لطائفية صارت هزيلة ومرفوضة من قبل
الطائفة الشيعية في العراق التي تجاهد يوم بعد آخر لإستقطاب الجماهير
المستغفلة ممن بين اضلاعهم درك من الجهل وعتمة من الوعي. في محاولة
صميمية لإخراجهم من كهوف الملالي المظلمة وتسليط النورعلى مذهبهم
العربي النقي الذي لوثه ملالي طهران بقصد واضح ونية مبيته. لقد أصبح
واضحا للجميع بأن الأمم قد لا تسقط وتتدهور حضارتها بسبب تفشي الجهل
والغفلة والفقر والكفر فحسب وانما بسبب الاطمئنان التام والايمان
المفرط بصفات ومزايا رجال الدين من أصحاب الحل والعقد والانقياد الاعمى
لأوامرهم.
نقولها بكل صراحة وثقة بأن مذهب آل البيت مذهب عربي وليس هنديا أو
أفغانيا أو فارسيا أو باكستانيا ـ مع كل إحترامنا وتقديرنا للشعوب
المسلمة المؤمنه بالمحبة والسلام والتآخي، الملتزمة بالعقيدة الإسلامية
والرافضة للعدوان والطغيان ـ فآل البيت عرب، وأبناءهم عرب، وذريتهم نحن
العرب. حتى لو تزوجوا أجنبيات فالنسب للأب وليس للأم فأحفادهم إذن عرب.
نحن فقط ورثة آل البيت ولا يحق لأحد أن يستغفلنا ويسرق منا هذه التركة
الغالية مدعيا خلاف ذلك. ومعاذ الله ان يمثل طغمة الشر في إيران مذهب
آل البيت السمح ولا أخلاقهم ولا رسالتهم ولانهجهم القويم. أؤلئك
متطفلون على المذهب يتخذون منه ذريعة لتنفيذ مخططاتهم التوسعية التي
تنكشف دائما من خلال تصريحاتهم المعادية للعرب والعروبة. بعد أن خلطوا
تعاليم الدين السمحاء بأفكارهم البشرية المقيته فعكروا صفوها ونقاوتها،
واحاطوها بهالة كاذبة من القدسية وقدموها كمواعظ وفتاوى جاهزة للسذج
والجهلة. عمائم شيطانية إمامهم أبليس ومصحفهم (الدجل والشوذة) وأتباعهم
من الجهلة والحمقى والسذج. عمائم شيطانية تبتهج بإثارة القلاقل والفتن
كبهجة أرنب جائع بالعثورعلى حقل جزر.
إن منظمة مجاهدي خلق وعناصرها المناضلة في العراق هم ضيوف على الشعب
العراقي وليس على حكومة الإحتلال, والتصرفات البربرية التي تنفذها
حكومة الإحتلال بأوامر من السفير الإيراني في العراق لا تعبر مطلقا عن
إرادة وضمير العراقيين. ويدرك عناصر المنظمة اكثر من غيرهم بأن هذا
العهد الملوث أفسد كل الأمور وإستغل الشعب إستغلالا بشعا ليضمن بقائه
ومصالحه.
مع إعترافنا المؤلم بإن منظمة مجاهدي خلق ومعسكر أشرف يتحملون الكثير
من الضغوط بسبب تعدد الجهات التي تناصبهم العداء. فهناك الحرس الثوري
الإيراني والمخابرات الإيرانية وحكومة المالكي والميليشيات المسعورة
كفيلق بدر وميليشيا حزب الدعوة وحزب الله والتيار الصدري وأعداء
منظورين وغير منظورين. الطامة الكبرى إن حكومة المالكي لا تكتف
بالتغطية على أفعال هذه الأطراف العدوانية فحسب وإنما تتغاضى وتتستر بل
تشجع كل من يؤذي سكان أشرف حتى لو كان مسئولا يسيطا أو مواطنا عاديا.
وهذا إنتهاك جسيم للقانون الدولي وكذلك إنتهاك خطير لأخلاقية الشعب
العراقي المضياف وتقاليده الطيبة المعروفة للجميع.
أخيرا! تحية لمنظمة مجاهدي خلق.. وتحية لكل من يكشف للعراقيين حقيقة
عملاء إيران ومخطاتهم التآمرية ومن يقف وراء الإرهاب الذي طال
العراقيين بكل فئاتهم. وألف تحية لكل من يحاول إيقاد شمعة فى وطننا
المظلم.
|