![]() |
|||||||
![]() |
|||||||
![]() |
|||||||
![]() |
|||||||
تأملات - قراءة متأخرة لدروس إستراتيجية |
|||||||
﴿ الجزء الثامن ﴾ |
|||||||
شبكة المنصور | |||||||
سمير الجزراوي | |||||||
وتكون التجارب الديمقراطية واحدة من هذه الخصوصيات المهمة في تعريف
هوية الشعب أو الامة,فنحن العرب مثلا لدينا مفاهيمنا الخاصة بالحرية لم
نأتي بها من الآخرين وهذا لايعني ترفعاً ولا تعالياً أبداً, بل أن هذه
الخصوصية تنبع من إيمانناً بأدياننا السماوية وإستمرارنا بالتمسك
بتعاليمها والتي هي مصدر كل فلسفتنا وتشريعاتنا وبالرغم من مغادرة
الكثيرين لها بدعوى باطلة تنم عن جهل مطبق عن حقيقة الدين وتعاليمه
ونظرته الشاملة للحياة وحججهم الموهومة تستند على أحكام التطور,وليس
المقصود بهذا أن نُقِيمْ أنظمة حكم دينية أبداً فهذا لا يتوافق مع
روحية التسامح و التعايش التي جاءت بها الأديان,ولا التطور التأريخي
المادي واللامادي للانسانية الذي لايشجع على قيام هكذا نوع من
الديمقراطيات والدول,ولكن أن نستمد من الدين فلسفة الحكم ومفاهيمه
للدبمقراطية والعدالة الاجتماعية فهذه خصوصية لابد أن يعرفها الغرب
بشكل خاص عن هذه الأمة والتي هي بعيدة عن كل حالات التطرف الديني
والقومي.بل هي أُمة تؤمن بالتعدد الثقافي الديني والقومي في جوانبه
الايجابية فقط ,أي بالمحصلة الثقافية للامةالناتجة عن تلون الثقافات
وتعددها ولكنها مع بعضها البعض تخلق البيئة المناسبة و الحافزة لبلورة
ثقافة الامة الواحدة ومن التكون للارضية الفكريةالخصبة بسبب هذا التنوع
تتقدم الامة بثقافة إنسانية حقيقية وقوتها تكمن في تنوع مصادرها والتي
تندفع بكل ثقة في المشاركة الانسانية السليمة للبناء الثقافي والحضاري
على هذه الكرة الارضية,وتكون الثقافة وتبلورها مهم جداً للدخول ومن ثم
التفاعل مع الثقافات الاخرى لانه يعطينا الحصانة وقدرة التمييز ومن ثم
تحديد الخيارات وفي هذا الصدد يقول المفكر و المناضل العربي الكبير
الاستاذ ميشيل عفلق(رحمه الله) في تاكيده على امتلاك ثقافة عربية خاصة
بنا تؤهلنا لمجايهة (التفاعل )الثقافات الأخرى بعد تحصننا بالثقافة
العربية:( فالشخص يكون ضعيفاً مجرداً فتدخل الثقافة الاجنبية عليه دون
ان تجد مانعاً او رادعاً اومعدلاً، فيصبح معدوم الشخصية أمامها وتتحكم
به في حين ان تثقف الفرد العربي بالثقافة الغربية مفيد له كل الفائدة
شرطة أن تكون شخصيته قد تكونت، فالفرد العربي الذي له من ثقافته وروحه
ما يكون رادعاً عن الوقوع في خطأ الثقافة الغربية ومصححاً لها وما يكون
فيه من القدرة على تمثل تلك الثقافة تمثلاً فكريا يجعله حاكما فيها لا
محكوماً لها فتكون اداة في خدمته ونفعه.
الثقافة ليست شيئاً جامداً يدخل على الرأس ويستقر وانما هي حركة وحياة تتفاعل مع الشخص وتؤثر فيه، لها حاجات ومطالب ومستلزمات ولها وسط تنبت فيه وتتخذ معناها، فاذا دخلت الثقافة الغربية على عقل عربي غير مسلح بالثقافة العربية فانها تنقله إلى الحياة الغربية.)*.وأيظاً حالما تنضج الظروف البيئية الفكرية فإن ظواهر الابداع تبدء بالولادة والنمو وتعطي خير تعبير عن هوية الامة العربية في كل خصوصياتها وتماثلها مع الامم الاخرى,ومن هذه الخصوصيات الثابتة هي مسئلة الدين.. فالحرية التي تتعامل بها أدياننا السماوية هي حرية الروح من الخطايا وحرية الجسد من الشهوات,والتي هي نقطة بداية تحرر الانسان من كل أنواع العبودية,والتي تؤدي بالتالي بناء مجتمعات حرة, فمبأدئ الحرية في أدياننا السماوية تبدأ بتحرر ذات الإنسان من عبودية كل أنواع الخطايا والشهوات وان يكون الإنسان كما خلقه الله رب السماء والأرض حُراً في خياراته, وما تَخْيير الخالق لأبونا أدم وأُمنا حواء في التعامل مع شجرة الحياة في الجنة ألا الاساس الذي بنيت عليه حرية الإنسان.وبالرغم من أنها كانت تحمل تحدي المخلوقين لخالقهما,ولعلم الرب بان أبوينا سوف يخطئان في التصرف بحريتهما ولكن حب الرب لمخلوقيهِ وإحترامه لارادتهما كان له الاولية عند الرب في إحترامه لحريتهما الاثنين معاً.وجاء قول الخليفة العادل عمربن الخطاب(رض) ليؤكد هذه الحقيقية على حرية الإنسان التي وهبها الله له:
(متى أستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).وأيظاً قول الامام علي (ع) في أحدى خطبه: (يا ايها الناس ان آدم لم يلد عبدا ولا أمة، وان الناس كلهم احرار, ولكن الله خوّل بعضكم بعضا، فمن كان له بلاء فصبر في الخير فلا يمن به على الله)(1) .وفي حديث الامام علي (ع) من وصية له لنجله الامام الحسن (ع) والتي جاء فيها: (ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا)(2).وحرية المعتقد البشري ويعبرعنها القران الكريم في أيات كريمة كثيرة بشكل واضح وعلى سبيل المثل ولا الحصر (لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)(3)وأيضا الآية القرانية (إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر)(4) ،والاية الكريمة (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها وما انا عليكم بوكيل) (5) ،, والكتاب المقدس يحكي عن الحرية بالمفهوم الروحي، ويقول الرسول بولس:( "فانكم انما دعيتم للحرية ايها الاخوة. غير انه لا تصيّروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا")(6). ويوصينا الرسول بولس، قائلاً:( "فاثبتوا اذا في الحرية التي قد حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا ايضا بنيرعبودية)(7). و قول السيد المسيح (ع) (وتعرفون الحَقَ والحق يحرركم)(8)في ربطه بين الحق والحرية الحقيقية التي يعيشها الإنسان والتعامل معها و بها مع الله و مع بني جنسه,وأن مفتاح الحربة هو معرفة الحق..إنها القاعدة والمبدأ والاساس الذي ينبغي على الإنسانية أن تستوعبها بشكل دقيق وتحرص على أن تبنى المجتمعات الإنسانية عليهما وهو الغير متحقق اليوم...هذا لابد أن يعرفه الآخرين عنا,ليتقبلوا طروحاتنا في تصورنا للحرية وبناءنا الخاص في االديمقراطية.وإن الأمة العربية لم تتبني هذه الفلسفة فقط على حصيلةوعبقرية الجهد الإنساني لفلاسفتها من أمثال أبن خلدون و الفارابي وغيرهم,ولكن جوهرهذه الطروحات يكمن في أدياننا وأنبيائنا وأمَتْنا وقديسينا..
----------------------------------------------------------------------- |
|||||||
|
|||||||
للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا | |||||||
|
|||||||