جريمة الكيان الصهيوني
البشعة ضد"إسطول الحرية"الذي كان متوجّها الى غزة سوف تمر, كما مرّت
قبلها مئات الجرائم والمجازر التي إرتكبها هذا الكيان اللقيط, دون عقاب
أو حساب أو حتى عتاب مؤثّر. وسوف يكتفي العرب والمسلمون وغيرهم من
إحرار العالم كالعادة بكلمات الادانة والتدديد والشجب, وإصدار قرارات
إدانة وإستنكار مكتوبة بلغة مخفّفة خجولة تكاد لا تعني شيئا, كما قرأنا
في بيان مجلس الأمن الدولي الذي أدان "حوادث أدت الى مقتل مدنيّين" ولم
يعتبرها جريمة بشعة ضد إناس عزّل أبرياء تمّت مع سبق الاصرار والترصّد,
وفي المياه الدولية التي يُفترض أن مجلس الأمن أول من يحمي ويصون
حرمتها من القرصنة والاستهتار الذي تقوم بها بعض الدول الخارجة عن
القانون, كالكيان الصهيوني الفاشي.
ومن المؤكّد إن عاصفة التنديد والادانة ضد الكيان الصهيوني سوف تهدأ
بعد بضعة أيام أو أسابيع بعد أن يتم إطلاق سراح رعايا الدول الأجنبية,
والأوروبية على الأخص, ويبقى الرعايا العرب أو بعضهم في سجون"واحة
الديمقراطية الأولى" في الشرق كي تستخدمهم كاوراق لعب وضغط ضد
حكوماتهم, وتفرغ أحقادهم وعداءها المتأصل ضدهم من خلال التعذيب النفسي
والجسدي وما يتبعه من شتى صنوف الاساءة والحط من كرامة الانسان. فكيان
إسرائيل اللقيط ذو خبرة عريقة ومشهود لها إقليميا ودوليا في ميدان
إنتهاك حقوق الانسان العربي وهدر كرامته.
أما نحن كعرب فلم يعد لدينا, بعد أن حوّلنا حكّامنا الغير أشاوس, الى
كائنات هائمة على وجهها أو قطعان من البهائم, غير الخروج في مظاهرات
صاخبة والصراخ باعلى أصواتنا تنديدا وتهديدا, وحرق العلم"الاسرائيلي"
والمطالبة من قبل حكوماتنا المسلوبة الارادة والقرار بفعل كذا وكذا
وكذا. ثم تنتهي بطولتنا وتهديداتنا وتخمد"ثورتنا"المؤقّتة حالما نعود
الى قواعدنا المنزلية سالمين غانمين, بل مرتاحي الضمير, لأننا قمنا
بواجبنا أزاء أهل غزة, أخوتنا في الدم والدين واللغة والتاريخ
والجغرافية والمآسي والعذابات والظلم, والذين حوّلهم العالم
الغربي"الحر"عن طريق ذراعه القوي, إسرائيل العنصرية الغاصبة, الى سجناء
ومحاصرين في معسكر إعتقال مترامي الأطراف. سجناء لا يتمتعون حتى بحقوق
السجناء المعترف بها دوليا!
ومن العبث هنا الاشارة أو ذكر مواقف وتصرفات الحكام والساسة العرب التي
عادة ما تكون مدعاة للضحك والسخرية والبكاء على حظّنا العاثر. فجامعة
عمرو موسى دعت الى إجتماع عاجل. ولا ندري ماذا تنتظرالشعوب العربية من
جامعتها التي عجزت على مدى تاريخها الطويل عن حلّ أية مشكلةولو صغيرة,
لا بين العرب وأعدائهم ولا بين العرب أنفسهم. وهل ثمة جديد عند عمرو
موسى غير التلويح, والتلويح فقط, بسحب مبادرة السلام العربية التي لا
يمكن "أن تبقى على الطاولة الى الأبد" كما صرّح ذات يوم.
أمّا حكام إمارة الكويت,أحفاد آكلي المرار, فقد أعلنوا عن طريق ما
يُسمى بمجلس الأمة "الكويتي"عن سحب إعترافهم بمبادرة السلام العربية,
وطبّلوا وزمّروا لهذه الخطوة "الجبارة" التي لم يسبق لسواهم أن إتخذها.
والمضحك أن أهل الكويت"الشقيقة جدا!" تناسوا أن حكّام الكيان الصهيوني
الفاشي داسوا باقدامم القذرة وتبولوّا أفرادا وجماعات ولعدة مرّات
على"مبادرة السلام العربية"بعد سويعات من صدورها وقبل أن يجفّ حبرها.
ثمّ هل يتصوّر حكام الكويت العملاء إن دويلة إسرائيل العنصرية تعترف أو
تقيم وزنا لهم ولمجلس أمتهم العتيد؟
إن الكيان الصهيوني كيان فاشي, مجرم, بربري, متعطّش للدماء وله تاريخ
حافل في المجازر والجرائم بحق أكثر من دولة وشعب. وفوق كل هذا وذاك أنه
كيان لقيط ويتصرّف باعتباره خارج عن القانون. ومعروف في الحياة العامة
إن اللقيط يبقى لقيطا, وهو يعي ويدرك ويعيش وضعه هذا, حتى وإن منحته
عشرات الوثائق والشهادات التي تعترف بشرعيته واصالته وطبيعية مجيئه الى
هذا الكون.
لا يمكن مواجهة مجرم محترف وقاطع طريق متوحّش وخارج عن القانون الاّ
بقوة السلاح أو بقوة الارادة أو بقوة القانون وصرامته. وكيان إسرائيل
العنصري سوف يستمر في إرتكاب الجرائم والمجازر, كما دأب على ذلك منذ
تأسيسه وحتى يومنا هذا, طالما بقيَ العرب, حكاما وشعوبا, مسلوبي
الارادة منزوعي السلاح, وأعني سلاح النفط قبل كلّ شيء, فاقدي العزيمة
لا حول لهم ولا قوة الاّ بساكن البيت الأبيض في واشنطن.
لكن, بعد أن فقدنا كلّ أمل بحكامنا وساستنا, يبقى أملنا الوحيد في
الموقف المشرف البطولي لحكومة وشعب تركيا الذين أثبتوا أنهم عرب أصلاء
نجباء وسواهم, من عرب الجوار وما بعد الجوار, أجانب دخلاء وعبيد.
فالموقف التركي يُحسب له ألف حساب في السياسة الدولية لأكثر من سبب.
فتركيا دولة إستحقّت ونالت بجدارة إحترام وتقديرالعالم أجمع ولم تشترِ
هذا التقدير والاحترام بابار نفطها أو بصفقات السلاح الباهضة الثمن,
كما تفعل الأنظمة العربية.
ثمّ أن لتركيا كبرياء وكرامة ما زالت تجري في عروق ساستها وشعبها,
ولديها القدرة والارادة والعزم والشجاعة, وجيمع هذه الصفات غير موجودة
لدى الحكام العرب, لردّ الصاع صاعين لمن يعتدي عليها أو يجرح كرامتها
ويسيء لها, حتى وإن كان صديقا أو حليفا. أما حكامنا الغير أشاوس
وجامعتهم"العربية" فسوف يستمرّون في الثرثرة العبثية "فوق النيل"
وتبادلون الاتهامات ومطالبة بعضهم البعض بوقف كل أنواع التطبيع مع
الكيان الصهيوني.
وكذلك التوجّه الى المؤسسات والمحافل الدولية, ومناشدة دولة العام سام
كي تمارس الضغط, طبعا بالقفازات المخملية والحريرية, على ربيبتها وقرّة
عينها دويلة الكيان الصهيوني الغاصب. وقد سبق للحكام العرب وأن جرّبوا
وسلكوا لعشرات المرات هذه الطرق والسبل دون أن يتحرّر سنتيمترا واحد,
ولا نقول شبرا واحدا لأنه كثير, من أرض فلسطين المحتلّة. ثمّ ماهي قيمة
وأهميّة التقرير,, حتى لو صدر فعلا, الذي طالب به مجلس الأمن الدولي
والذي أوصى أن يكون"محايدا ونزيها وشفافا" إذا كان الكيان الصهيوني
وراعيته وحاميته أمريكا في آن واحد, هم الخحصم والحكم وكاتب التقرير!
|