بسم الله الرحمن
الرحيم
( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا )
صدق الله العظيم
رجل صديق مسلم وطني قومي عربي .. متعبد .. ناسك .. زاهد .. بعيد عن
هموم السياسة والتجارة ، اهتماماته بعمل الخير . . علمته الحياة بفهم
عميق للصهيونية واطماعها وتحالفاتها . ازوره بين الحين والاخر .
حدثني عن معركة الكرامة وكان احد المقاتلين مع الجيش العربي الاردني ،
وبين لي اهمية الوحدة والتماسك والاخوة لكي يتحقق النصر ، وذكر
انطباعاته عن التلاحم العربي الذي حصل في معركة الكرامة بين ابناء
الاسرة الاردنية ، واستطرق لمخططات الاسرائيليين الذين يتحدثون عنها
بصراحة وانغماس . واضاف ان السبب في ذلك هو التواجد الفلسطيني الكثيف
في الاراضي المحتلة ، واوضح ان الوجود الفلسطيني المتزايد فوق ارض
فلسطين هو الكابوس الدائم الذي يقض مضاجع قادة اسرائيل ويحيرون في
كيفية معالجته . فليس من الممكن التخلص منهم على طريق الابادة الجماعية
الجسدية اما الارهاب والتعسف والقهر والسلب والطغيان فقد ألفه
الفلسطينيون وتقبلوا تضحياته على فداحتها ولم يعد اداة فعالة في
تهجيرهم كما كان الحال عام 1948 .
وحتى الماء الذي قيدوه عليهم اخذوا يلتفون عليه ويتدبرونه بحفر برك
لجمع مياه الامطار تعوضهم بعض الشيء عن ما سلب او قيد من حقوقهم
وحاجاتهم المائية . واسترسل الرجل الطيب في طرحه قائلا : أليس مما يثير
اشد العجب والتساؤل ان سكان مدينة القدس وضواحيها العرب يعتبرون في نظر
اسرائيل ( مقيمين ) أو ( ساكنين ) ( RESIDENTS ) على الرغم من ان
اسرائيل ضمت القدس العربية المحتلة اليها ضما قانونيا كاملا وليس ضما
واقعيا فحسب كما هو الحال في سائر المناطق المحتلة ! وهي تخلق الاعذار
لحرمان اي منهم يغادر القدس لعمل او حاجة من العودة اليها . واسترسل
قائلا : المثلث السري الاميركي الصهيوني الفارسي ، بعد تدمير العراق و
زرع الفتنة الطائفية وتواجد الموساد في العراق بشكل عام وفي شماله بشكل
خاص ، و اغتيال الرئيس صدام حسين ، سيكون الاردن هو الهدف التالي حيث
يتحينون وربما يفتعلون عدوانا على الاردن في المستقبل ليتخذوا منه
ذريعة للتخلص من اكبر عدد ممكن من شعب فلسطين في الاراضي المحتلة
والقذف بهم عبر النهر .
لا احسب ان فيما قاله الصديق المسلم العربي الطيب ما هو جديد او مفاجيء
. فالمثلث الاميركي الصهيوني الصفوي المجوسي وحماقة البعض من عرب
الجنسية دفعنا ثمن فرقتنا في العراق ، والتهجير للفلسطينيين يقض مضاجع
الامة مثلما يقض صمود اهلنا مضاجع اعدائنا ، ولكن حديثه وانطباعاته
انما تؤكد تخوفنا العميق من الصراع الفلسطيني – الفلسطيني ، والصراع
العربي – العربي . ولا ادري اذا كانت الامة العربية تعي جيدا القفص
المحكم الذي وضعنا فيه زعماؤنا ولا يبدو اننا قادرون على الخروج منه
والانفكاك من قضبانه الحديدية ، بعد ان دمروا العراق وشتتوا عربه
ومسلميه ومسيحييه ، ويلهثون ليل نهار مسعورين ادواتهم يهود صهاينة و
ابناء متعة لاجتثاث العروبة والاسلام والشرفاء والاحرار والقوى الوطنية
والقومية والاسلامية العراقية ، يسعون لتدمير الشرق الاوسط ويتم الان
اعادة ترتيبه ترتيبا جذريا لاجيال قادمة كما تم في فرساي عام 1919 وفي
اطارات وقوالب تعتبر الامة العربية عنصر هامشيا بين القوى المؤثرة في
هذه المنطقة . كل دولة عربية من الدول الاثنتين وعشرين ضعيفة بمفردها
ازاء المثلث الاميركي الصهيوني الفارسي والقوى الاكثر تماسكا منها سواء
اقليميا او دوليا وكلها مستهدفة بانفرادها ولم يعد امامها من سبيل
للخلاص سوى تماسكها واندماجها بشكل او باخر قبل ان تتم الصفقة على حساب
الامة العربية .
العراق الجناح الشرقي للامة وحاميها غزوه واحتلوه ودمروا كيانه
ومنجزاته التي تحققت عبر 35 عاما ، وجعلوه في خضم معركة مصير ضاربة
تستهدف وحدته ، ومنعوا دعم مقاومته والبسوها لبوس الارهاب ليرعبوا
الامة كلها ، ومصر التي تشكل اكبر تجمع عربي اسلامي ما زالت بعيدة عن
الفاعلية تحت ظروف الضغوط الاميركية والصهيونية التي تعمل بشتى الوسائل
والاساليب لاستمرار ابعادها عن العمل العربي القومي المشترك ،
والسعودية ودول الخليج لاتملك على اهميتها الاستراتيجية والاقتصادية
والمالية الطاقات البشرية الكثيفة التي تمكنها من الذود عن نفسها امام
المخططات الصفوية المجوسية الهادفة الى الغزو والاحتلال وهدم الكعبة ،
واقامة الدويلات الصفوية . وسورية منغمسة في متاهات اهل السنة والشيعة
والنصارى والدروز في لبنان والصراعات الداخلية والامتداد الكردي
المتصهين وغير مهتمة بما يجري في العراق على ايدي اصدقاءهم الصفويين
متوهمين انهم حلفاء لهم ! ولبنان مزقه حزب الله الصفوي والكل يأكل بعضه
بعضا ، وفلسطين سلطتها الوطنية تلهث وراء التفاهات والفتات واصبح
القرار بيد من ربتهم ربيبتهم اسرائيل ، وصار الهواء الذي يستنشقه
الفلسطيني يحتاج لأذن من اسرائيل ، وحماس غارقة بحبها وعشقها لملالي قم
وطهران و للصفويين ومالهم وصارت قم وطهران كعبتهم ! والاردن العربي
المتماسك والمستهدف بسبب ارتباطه العضوي بفلسطين واهل فلسطين عليه
الحذر والحيطة والاستعداد والاسرة الاردنية عليها ان تعرف وتفهم جيدا
ان الدول العربية لن ولم تدعمه ، واهل العكل الميالة يتمنون ان يلحق
الطوفان والغرق في الاردن واهله .
قبض عربان النفط من الاردن اكثر من مائة دولار ثمنا لبرميل النفط
العربي ، وبكل الخسة حملوا ميزانية الاردن عبئا وصل لاكثر من 5 مليار
دولار ثمن نفط باعوه للاردن ، وتحمل الشعب الاردني جشع الاخوة وابناء
العم ، بينما كان الرئيس صدام حسين يعطي النفط للاردن بسعر تفضيلي لم
يتجاوز 12 دولار ونصفها مقايضة بمنتجات اردنية حسب البروتوكول
الاقتصادي الفني الاردني العراقي .
صدام حسين وحكمه الوطني استقبل اكثر من ستة ملايين عامل وفني وعالم
عربي ، وكان يخطط لاستقبال عشرة ملايين عربي مصري للعمل في العراق .
وفي الخليج العربي اطفالهم صاروا يتحدثون الهندية وغيرها ! والعربي
ممنوع من الدخول والفيزة مستحيلة ، والعمل للعربي ممنوع يرونه من فعل
الشيطان وهم بفعلهم هذا اخوان الشياطين بواقع الحال .
افلا تفكرون ؟ افلا تعقلون ؟ افلا تبصرون ؟ ان كنتم يا من تدعون
القيادة وانتم لا تعرفون التفريق بين القيادة والريادة ، متى ستفكرون
لو وضعنا احتمالية امكانية التفكير تجاوزا بتعبئة طاقات وحريات شعوبكم
لتكون سندا لكم في التصدي للمثلث الاميركي الصهيوني الفارسي وللقوى
المتأمرة عليكم كحكام والشعوب سواء بسواء ؟ واعلموا ان الشعوب لا تخشى
قيودا توضع ومؤامرات تحاك ضد وجودها ومصالحها من اية جهة . حان الوقت
لاستخدام هذه الورقة الاخيرة والحاسمة لمنع الكارثة ؟
كفى يا قادة الامة : دفعتمونا ثمن الفرقة التي زرعتموها انتم قبل
الاعداء .. وأضحى ليس امامنا سوى الصراع من اجل البقاء .
|