توني بلير : ( أنهينا الحرب ضد صدام حسين في شهرين ) !.. |
||||||
شبكة المنصور | ||||||
كامل المحمود | ||||||
يطرح مفكري ومُنَظّري السياسة الخارجية الأمريكية والبريطانية الذين قادوا العالم الى حرب دمّرت وإحتلت العراق ومزقت لحمته الوطنية وأججت صراعات طائفية وعرقية ومناطقية وغذّت روح الإنتقام طائفيا وسياسيا وفكريا وحتى شخصيا داخل المجتمع العراقي في بؤرة من أكثر مناطق العالم حساسية وأهمية وتأثيرا .. وهي العراق بعد ان أشعلوا حربا مدمرة أخرى في أفغانستان ..
ويستمر دعاة الحروب هؤلاء من ومروجي أفكار( رد الصاع صاعين ) وإستخدام نظرية (التعرض للإرهاب خارج البلاد بغية منعه من الوصول للداخل) في إشعال الفتن والنار في أماكن هم يختارونها لأسباب بعيدة عن تأثيرات الإرهاب وحواضنه وأذرعه..ثم ينتقلوا وبعد تحديد الأهداف والأماكن وحسب إختياراتهم الى نسج القصص والحكايات وصناعة الأدلة والقرائن المزيفة لبناء هيكل التبرير ( القانوني والعملياتي ) لإحتلال أو تدمير الدولة هذه أو تلك..
ويخلط هؤلاء المهووسون بدماء الشعوب بين المفاهيم بشكل يُظهر شعبهم الذي يستمع اليهم بمظهر الساذج تماما إن صدّقَهم وعندما يتكلمون للعالم تتوضح نبراتهم الإستعلائية ومحاولاتهم المستميتة لأطفاء الشرعية على أفعالهم الإجرامية ليحاولوا إظهار أنفسهم بمظهر الحريص على أمن وإستقرار وإزدهار البلد الذين قاموا بتدميره وتمزيقه وإحتلاله.
ومن هؤلاء الساسة السيد توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق وحليف جورج بوش الإبن في غزوه وتدميره وإحتلاله للعراق ..
هذه الحرب التي يُعجَب الكثيرين بتسميتها (بحرب تحرير العراق) .. والسيد بلير خلط في حديثه لصحيفة هآرتس الإسرائيلية قبل أيام من حضوره امام لجنة التحقيق البريطانية حول قانونية إشتراك بريطانيا في هذه الحرب..عندما قال: (لقد أنهينا الحرب ضد صدام خلال شهرين)!..
وإضافته بأن: (ما يتواصل منذئذ هو الصراع ضد جهات خارجية وهي القاعدة من جهة ومليشيات تدعمها إيران من الجهة الأخرى وهؤلاء هم الجهات ذاتها التي نحاربها في جميع الجبهات ولا يمكن التركيز على جبهة واحدة فقط).. وقوله أيضا في تفسير غير واقعي لما يجري في العالم من إن : "الحديث يدور عن صراع واحد وحركة عالمية واحدة مع أيديولوجية واحدة عندها فقط سنتمكن من التغلب على الإرهاب".
وأضاف أن : "هناك من يطلبون التركيز على أفغانستان وآخرون يطلبون التركيز على باكستان وهناك من يعتقدون أن المركز موجود اليوم في اليمن، إلا أن "الإرهاب" موجود في جميع هذه الأماكن التي توحدها أيديولوجيا واحدة"
وقوله الغريب أيضا : (إن نشاط جهات إرهابية في بريطانيا مطابق لما يحدث في دول مثل اليمن والصومال)!..
هذه هي العقلية التي يحملها (القادة) الذين تستند عليهم ركائز الأمن والإستقرار العالمي الذي يمثل إنعكاسا حقيقيا لما جرى ويجري في العراق وإفغانستان وغيرها من الدول التي شهدت تدخلا مباشرا من الولايات المتحدة وبريطانيا والتي تتأرجح اليوم بين هاوية السقوط والإنهيار وبين محاولات غير جدية وسطحية لمعالجة جراحات شعبية وإجتماعية وسياسية وأمنية عميقة وخطيرة ونازفة بغزارة..
فالحرب على العراق اليوم في المفهوم البريطاني للسيد بلير أنها إنتهت بمجرد الإطاحة بالنظام السابق! .. في وقت درس فيه أغلب القادة العسكريين وضباط الركن العراقيين في معاهد وأكاديميات بريطانيا العسكرية وتعلموا مالذي تعني كلمة (الحرب) وكيف إن على الجيش أن ينفذ أوامر القيادة السياسية في صراع واضح الأهداف وتكون (الصورة المفترضة لنتائج النصر واضحة المعالم حتى قبل النصر على العدو في هذا النزاع)..وهذا في معركة عسكرية مهنية محددة بين قطبين متنازعين ..أما في موضوع تكليف الجيش بتدمير بلد حر ومستقل وإحتلاله بدون تفويض من الأمم المتحدة فهذا يعني أن نتائج هذه الخطوة محسوبة بدقة وكل الإحتمالات بما فيها الأسوأ وكان من المفروض وضعها أمام صاحب القرار بما فيها ظهور مستجدات محتملة بعيدة عن أقصى درجات الفرض والمصادفة..
وبهذا تكون الحرب على العراق قائمة منذ إصدار الأمر للجيش لحين تحقيق كامل الأهداف بما فيها وحسب إدعاء الذين أشعلوا نارها هي : (خلق نموذج ديمقراطي مستقر وآمن ومزدهر وعنصر فاعل إيجابيا في امن وإستقرار ونمو دول المنطقة والعالم!) ..
وهذا الهدف هم الذين وضعوه .. وهو اليوم بعيد جدا ونحن ندخل السنة السابعة على بداية الغزو وإحتلال العراق.. ومن السذاجة طرح مفهوم : ( إن الحرب إنتهت بإزالة النظام ) في حين إن الحرب الفعلية بدأت فعلا بعد ذلك وبلحظات إن لم نقل بالتزامن مع بدء العمليات العسكرية .
ومرة أخرى يتناسى السيد بلير عن عمد بل ويتعمد عدم الإشارة الى المقاومة الشعبية العراقية العارمة والمتزايدة والقوية للإحتلال في تصنيفه للجهات الخارجية والتي قال عنها بأن بريطانيا والولايات المتحدة تصارعها بعد إسقاط النظام وجعل القاعدة وميليشيات إيران هي الجهات التي تقاتلها فقط ..
وهذه التحليلات عدا عن كونها ساذجة ومبسطة وخالية من الصدق كالعادة فهي تُقال لغايات في النفس يعرفها القاصي والداني!..
والذين يعرفون جيدا إن المقاومة العراقية التي قاتلت وتقاتل القوات المعتدية بضراوة وإصرار تمثل التحدي الرئيسي لتواجد المحتل على أرض الرافدين.. وهي النتاج الطبيعي لقراره بضرب وغزو وتدمير العراق وإحتلاله ..وهذا هو التسلسل الحتمي لتتابع طبيعة هذا الصراع والذي كان من المفروض ان تدرسه القيادة البريطانية والأمريكية بشكل علمي قبل الإستعجال بتنفيذ مخطط الغزو والتدمير والإحتلال..
والحديث عن الصراع مع الجهات الخارجية تلك لتي تحدث عنها السيد بلير ماهو إلا تبسيط آخر للمعضلة وتحريف للحقائق التأريخية التي رافقت مراحل هذا الصراع.
ومرة أخرى يُخطيء السيد بلير في تحليله عندما إعتبر كل أيديولوجيات الجهات التي تقاتلها بريطانيا والولايات المتحدة وهي تحاول تحشيد الرأي العالمي معها هي إيديولوجيات تنبع من مصدر واحد ليصل الى إستنتاج خاطيء بانها تمثل جميعها أيديولوجية واحدة سواء كان الصراع في العراق او إفغانستان والباكستان أو في بريطانيا والصومال أو في اليمن!..متغافلا بشكل متعمد وجود مقاومة شعبية حقيقية تختلف في توجهاتها وأهدافها وآلياتها عن مفهوم الإرهاب الذي يعنيه..
وهكذا دمج السيد بلير كل حركات التحرر في العالم وتنظيمات القاعدة في تصنيف واحد هو الإرهاب وحوّل بذلك وعن قصد كل أشكال نضال الشعوب للتحرر من الإحتلال الى فعل إرهابي!..
ومرة أخرى عن الحرب على العراق.. تناسى السيد بلير عن عمد إن السفير البريطاني لدى بغداد لعامي 2005 و 2006 السير وليام بيتي قد قال ان رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير كان منقطع الصلة عن ما كان يحدث في العراق.وأضاف السفير السابق امام لجنة التحقيق حول حرب العراق التي يرأسها جون تشيلكوت:
"انه لم يسبق له طوال عمله الدبلوماسي ان شهد اتصالات يومية متواصلة من رئاسة الوزراء البريطانية تطالبه بالعمل على استقرار العراق بعد غزوه واحتلاله، حتى يمكن نقل القوات منه الى افغانستان كما يشاع اليوم وكما يدعيه السيد بلير"!..
وللحديث بقية.... |
||||||
. | ||||||
|
||||||