في ندوة فكرية في إربد - الأردن / من لقاء الفكر والعقل والفعل ولدت المقاومة الوطنية العراقية |
|||||||
شبكة المنصور | |||||||
حسن خليل غريب | |||||||
تحت شعار ( المقاومة طريقنا لتحرير فلسطين والعراق)، دعت لجان إحياء ذكرى الشهيد صدام حسين ورفاقه في محافظة اربد / الأردن، لحضور الندوة الفكرية تحت عنوان (9 نيسان ذكرى انطلاق المقاومة) للأستاذ حسن خليل غريب / لبنان / عضو قيادي في حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي، باحث متخصص في شؤون المقاومة العراقية، ومقاتل دفاعا عن عروبة لبنان وكرامة الأمة.
وذلك في مجمع النقابات المهنية /اربد، يوم الأربعاء في ٢٨ / نيسـان / ٢٠١٠ ، الساعة السابعة مساء. وهذا نص المحاضرة: أيتها السيدات والسادة: أيها السادة تجمعت في نيسان ولادات ثلاث: ولادة البعث وولادة صدام حسين وولادة المقاومة العراقية. وإذا كانت صدفة الظرف والمكان هي التي جمعت تلك الولادات في شهر واحد، فإن جمعهم في تاريخ الأمة العربية لم يكن صدفة على الإطلاق بل كان نتيجة موضوعية وعلمية، ومن هنا سوف أبدأ محاضرتي هذه تحت عنوان (من لقاء الفكر والعقل والفعل ولدت المقاومة الوطنية العراقية).
على قلة نصيرها وكثرة أعدائها، يتساءل البعض عن سر نجاح المقاومة العراقية في سرعة انطلاقها كما في سرعة حصولها على نتائج بهرت أعداءها قبل أن تبهر أصدقاءها.
لم يقف سر سحري أيتها السيدات والسادة وراء ما حصل. بل إن دراسة التجربة ستفضي بنا لصياغة قانون علمي يصبح خطاً استرتيجياً في مواجهة الاستعمار والصهيونية طالما ظلت موازين التكنولوجيا العسكرية تميل لمصلحتهما.
إن هذا القانون مبني على اجتماع ثلاثة عوامل، لا علاقة لها بالتمائم ولا التعاويذ السحرية، وهذه العوامل هي الفكر والعقل والعمل، بمعنى الفكر العلمي والعقل المميز والفعل الخلاق. وبوضوح أكثر لقاء فكر البعث مع عقل صدام حسين وفعل المقاومة الشعبية.
فولادة البعث مبنية على استراتيجية فكرية واضحة الأهداف، انتمى إلى مدرستها صدام حسين بمميزاته العقلية الخاصة، فكانت المقاومة الوطنية العراقية نتاجاً عملياً لذلك اللقاء.
إن لقاء فكر البعث مع عقل صدام حسين، كرمز مميز في تاريخ حزب البعث في العراق، أنتج عملاً مقاوماً تميز عن غيره من حركات التحرير العالمية. فلقاء الفكر المقاوم الاستراتيجي مع العقل الاستراتيجي الخلاق لا بدَّ من أن يولِّد فعلاً مقاوماً استراتيجياً، وهكذا تم توليد المقاومة العراقية. وتلك هي المعادلة العلمية التي نبني عليها رؤيتنا ونستنتج منها قانوناً علمياً يوجِّه حركات التحرر من الاستعمار والصهيونية، فيكسبها مميزات الانطلاقة السريعة وقطف النتائج المضمونة. كما يحول دونها والتخبط في العشوائية.
فإذا كان الشعور بالكرامة ثابت قيمي إنساني، والدفاع عنها ردة فعل تلقائية، فإن القانون العلمي يشكل منارة للوسيلة فينظم خطواتها ويقلِّل من أخطائها.
أما من حيث الفكر المقاوم الاستراتيجي للبعث فقد أشبعته الأقلام بحثاً، وهو ما لن نقف عنده في هذا الوقت المحدود.
أما العقل الاستراتيجي، عقل صدام حسين، فدعونا أيتها السيدات والسادة، نقف عنده قليلاً. إن هذا الجانب لم يأخذ حقه من البحث والتمحيص والاستنتاج، وتلك مهمة من المهمات التي على البعث بشكل خاص أن يقوم برعايتها، وتشكيل لجان بحث علمية من أجل إنجازها. إن أمنيتنا هذه تستند إلى أن شهيد البعث والأمة أضاف إلى فكر الحزب والفكر القومي إضافات نوعية لن يحدد جوانبها بشكل أكثر دقة إلاَّ بحث علمي جاد. كما تميَّز رائده بأنه خاض من أجل تطبيق هذا الفكر أكثر المواجهات حدة ضد كل من وقف في خندق العداء لهذه الأمة، وتوَّجها بأنه دفع حياته ببطولة نادرة في سبيلها.
لقد نال الجانب السياسي والنضالي من حياة صدام حسين الجزء الأكبر من الاهتمام، حتى ولو كان منهج الاهتمام إعلامياً، إلاَّ أن صدام حسين المفكرَ الاستراتيجي لم نفه حقه، ولنقل إننا لم نخطط حتى الآن لإيفائه هذا الحق.
إن شهيد البعث والأمة أنموذج الطليعة النخبوية والمتميزة، ترك لنا تراثاً ضخماً من الفكر النظري العام، والفكر السياسي الخاص. إلاَّ أن هذا التراثَ موزَّعٌ على عشرات المجلدات، لا يمكن أن نستخلص منها قوانينها العامة إلاَّ بالبحث العلمي، ولهذا السبب اقترحت أن نضع هذه المهمة على عاتق الحزب من أجل البدء في إنجازها.
وإذا كان المتميزون في أممهم قد تميزوا بإبداع فكري أو سياسي أو عسكري أو موقف بطولي خارق للعادة، فإن صدام حسين قد تميز بكل تلك المواصفات. ولكي لا نكون إنشائيين في إطلاق الأوصاف عليه من أجل التعبئة في مرحلة تحرر وطني مطلوب فيها عامل التعبئة، فإن ما توصلت إليه من نتائج أولية هو أن تراث صدام حسين الذي تركه، المدون منه أم غير المدون، سيصل بنا إلى أكثر النتائج التي أشرت إليها. تلك النتئج هي ما يجب أن يتم توظيفها في خدمة فكر حزب البعث بشكل خاص وخدمة الفكر القومي لعربي وإغناء التجربة القومية بشكل عام.
أيتها السيدات أيها السادة مؤجلين ما توصلت إليه من نتائج جزئية في مجال دراسة الفكر الاستراتيجي المقاوم لحزب البعث، وما رأيناه ولمسناه من خصوصيات عقل صدام حسين لنقوم بتوسيع ما وجدنا أنه انعكاس لالتحام فكر البعث المقاوم مع عقل صدام حسين الاستراتيجي ألا وهو الفعل المقاوم الاستراتيجي الذي تجري فصوله على ساحة العراق تحديداً في هذه الأيام.
سأوزِّع كلامي عن المقاومة الوطنية العراقية إلى مجموعة من الاستنتاجات الفكرية مستنداً بالطبع إلى ما تراكم من تفصيلات كثيرة وضخمة خلال سبع سنين من هذه التجربة العربية التي يحق لنا كعرب أن نفتخر بها متجاوزين موقف كل عدو حاقد وما أكثر الحاقدين، أو متغافل من أبناء جلدتنا عن قراءتها ووضعها في موقعها اللائق بها.
إن الاستنتاج الأساس من تلك التجربة هي أنه تم توظيف الإمكانيات الفكرية مع إمكانيات العقل المبدع مع إمكانيات السلطة الوطنية لصياغة أسس مواجهة طويلة مع مؤامرة متعددة الرؤوس، ذلك الفكر الذي قرأ بشكل مبكر أن الأمة العربية تتعرض وستتعرض إلى هجمة متواصلة من الاعتداءات. وهي لن تهدأ إلاَّ بقطف رأس الأمة بقطف رؤوس من نذروا أنفسهم لحمايتها بالقول والفعل. آخذ بالاعتبار أن أسس المواجهة مع القوى التي تمتلك إمكانيات عسكرية تفوق الخيال ستكون خاسرة بمقاييس تلك الإمكانيات، وبدلاً من الاستسلام لها واتخاذ موقف الهروب من نتائجها، أطلق الفكر البعثي استراتيجية المقاومة الشعبية بديلاً أساسياً، وقد تكون هذه الاستراتيجية هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن لأمتنا أن توفِّر مستلزماتها.
ولأن العدوان على العراق واحتلاله كان متوقعاً في أية لحظة، خاصة بعد عدوان العام 1991، كانت الفكرة ناضجة وجاهزة في عقل قيادة العراق الوطنية، فأنزلتها إلى مستوى التطبيق بإعداد مستلزماتها بوقت مبكر سبق العام 2003 بسنوات عديدة. وكانت فكرة المقاومة في حالة حصول العدوان مستندة إلى ثابتين: طلقة وكلمة.
لهذا عندما ابتدأ العدوان في آذار من العام 2003، كانت خطة المواجهة جاهزةً. وإنه على الرغم من كل ما يُشاع، وخلافاً لذلك كانت الطلقة الأولى بعثية لأشهر سبقت أي طلقة أخرى. وسبقت كلمة البعث كل الكلمات. فالطلقة الأولى نعني بها الثابت العسكري، والكلمة الأولى نعني بها ثابتها السياسي.
لكن أيتها الأخوات أيها الأخوة لا يعني ذلك افتئاتاً على حق أحد ولا تجاوزاً لدور أحد، إلاَّ أن الحقيقة الموضوعية أيضاً لا تجيز التنازل عن حق البعثيين وشهدائهم أولاً، كما أنه ثانياً للموضوعية حقوق عامة لا تجيز للبعثيين أن يتنازلوا عنها وإلاَّ فقد القانون العلمي أهميته.
إن للفكر العلمي الأثر الأكبر في إطلاق المقاومة العراقية ولهذا كانت الأسرع والأكثر تأثيراً. ولهذا فإن التنازل عنه هو كمن يتنازل عن الوسائل العلمية لاستبدالها بأساليب العشوائية والصدفية والعفوية. ولهذا حاول البعض أن ينسبوا أسس المقاومة العراقية إلى العشوائية وأنكروا أن يكون محضراً لها سلفاً.
أليس من أهم أمراض الأمة أيها الحفل الكريم أنها تتسول العشوائية على حساب العلم والمعرفة؟ كانت الطلقة الأولى من حق البعث لأنه أعلن في البيان الأول لقيادة المقاومة والتحرير، في 22/ نيسان 2003، واستناداً للخطة التي أعدَّها مسبقاً، أن حرب التحرير الشعبية ابتدأت في العاشر من نيسان. وأكدتها الرسالة الأولى لأمينه العام في 28 نيسان من العام 2003. كما كانت الكلمة الأولى له أيضاً عبر إعلان المنهج السياسي الاستراتيجي، بتاريخ 9/ 9/ 2003، فكان الدليل الذي حدد ثوابت المقاومة وأهدافها منذ انطلاقتها الأولى وحتى مرحلة التحرير. وإذا عدنا إلى نصوصه وقمنا بمقارنتها مع نتائج المرحلة لجاءنا الدليل الواضح على أهمية المنهج العلمي في مسيرة المقاومة الشعبية المسلحة.
أيتها الأخوات أيها الإخوة ثابتان: مقاومة عسكرية ووضوح سياسي، منذ بداية الاحتلال، كانا عاملين أساسيين في تجذير المقاومة وانتشارها، وبالتالي إثبات فعاليتها، والنجاح في إفشال أهداف العدوان والاحتلال، وبالتالي إرغامه على الاعتراف بالفشل، واستسلامه للهزيمة ببرمجة انسحابه، وهو قد بدأ بسحب القوات إلى حصون وقلاع عسكرية محمية، وسينجز المرحلة الثانية بتقليص قواته في آب القادم. وسيترك العدد الباقي، كما يزعم، إلى ما قبل نهاية العام 2011.
أزاء ذلك، يُطرح السؤال الراهن: ما هي آفاق المرحلة القادمة؟ إن المرحلة القادمة ذات شقين: الأول ويختصره السؤال التالي: هل فعلاً سيتم الانسحاب في شهر آب القادم؟ وهل سيكتمل قبل نهاية العام 2011؟
والثاني ويختصره السؤال: ماذا أعدت المقاومة الوطنية العراقية لمرحلة ما بعد التحرير؟ بالنسبة للشق الأول ننظر إليه من زاويتي اليقين والشك:
-أما من زاوية اليقين فنرى أن عوامل الانسحاب أصبحت مكتملة الشروط الموضوعية. خسائر في الروح والمال بما لم يستطع الاحتلال تحمله، وطالما أن المقاومة مستمرة في تحميله تلك الخسائر سيظل الانسحاب قراراً لا عودة عنه.
-وأما من زاوية الشك فإننا لا نستطيع أن نغفل محاولات أميركا في الالتفاف على قرارها من خلال ما تسميه تدعيم العملية السياسية معطوفة على عامل الاستعانة بما تسميه حواراً مع النظام الإيراني. وهي تتوخى من ورائهما الوصول لاتفاق تتقاسمان فيه المصالح في العراق على شرط أن يوفِّر النظام المذكور أمن القوات الأميركية التي ستبقى بعد آب القادم.
ولكن هل يمكن أن ينجحا في ذلك؟ باختصار، سيبقى الجواب بيد المقاومة. والمقاومة تجيب بأنها لن تدع أحداً يرتاح طالما ظلت قدم تدنس شبراً من أرض العراق. أما هل نثق بجوابها؟ نعم نحن نثق، لأنها أثبتت جدارتها بالقول والفعل.
وعن ذلك، ومن أجل استشراف آفاق المرحلة المقبلة، علينا أن نستند إلى الثوابت التي عليها يتقرر مستقبل العراق. والإشارة إلى العوامل الرئيسية التي من دونها لا يمكن تقرير هذا المستقبل.
بما أن ثنائية الصراع لا تزال منحصرة بين طرفيها الرئيسين، المقاومة والاحتلال. وبما أن الصراع لا يزال مستمراً على قاعدة أن ثوابت المقاومة هي التحرير الكامل وهي ثوابت لن تتغير وإلاَّ فقدت المقاومة موقعها وتأثيرها وفتحت الأبواب واسعة أمام الاحتلال للتراجع عن ثوابته.
وبما أن ثوابت الاحتلال قد اهتزت وهو يعمل على إعادة ترميمها بكل الوسائل والطرق وإذا نجح في عملية الترميم فإنه سيقوم بتدعيم ثوابته شيئاً فشيئاً إلى أن يستعيدها كاملة.
لكل ذلك طالما بقيت صورة المواقع على حالها الراهنة فإن الكفة في المرحلة الانتقالية ستبقى راجحة لمصلحة ثوابت المقاومة. وهذا يعني أن الاحتلال سيتابع تنفيذ استراتيجية هروبه من العراق، وفي حال اكتمالها ستعلن المقاومة النصر النهائي، وسيكون الاحتلال قد نفَّذ عملية هروبه بشكل كامل ونهائي.
ومن أجل أن تعزز المقاومة مواقعها، وتمنع أي احتمال في تراجع الاحتلال عن تنفيذ ما قام بتقريره، فعليها أن تتمسك بثوابتها التي نختصرها بثابتين، عسكري وسياسي:
-إدامة الزخم العسكري في التضييق على الاحتلال، وهو مركون على عاتق القيادة العسكرية للمقاومة ومقاتليها. -ورفع أدائها السياسي الميداني بعد أن أصبحت استراتيجيتها السياسية واضحة المعالم محددة البدايات والنهايات.
وهنا لا بدَّ من التوقف قليلاً أمام أهمية الارتباط والتلازم الجدلي بين الثابتين العسكري والسياسي، بحيث يفقد الثابتان أهمية تأثيرهما، فإذا ما تراجع أحدهما سينعكس تراجعاً على الثابت الآخر. فالجانب العسكري يشكل الدرع الواقي والحامي للعامل السياسي وإذا خفَّت موازينه فستجعل العامل السياسي كلاماً فارغاً، أي بندقية من دون ذخيرة. وإذا تاه العامل السياسي فسيقع العامل العسكري في سراب يفقده اتجاهاته بحيث يأكل اليأس من همة المقاتلين قطعة قطعة.
إن هذا الترابط يجعل من عملية المقاومة كلاً متكاملاً تتساوى فيه أهمية دور الجندي في القاعدة مع أهمية دور القائد في أعلى هرمها. وهنا لو أخذنا استراحة بسيطة ولكنني أعتبرها ضرورية للتنويه بالدور الكبير للجيش العراقي جنوداً وضباطاً في إيصال المقاومة الوطنية العراقية إلى مستويات غير مسبوقة في النجاح والنصر. وأهمية هذا الدور أنه شكَّل صفعة مدوية لطمت وجه الذين قزموا دور الجندي العراقي عندما وصفوه بأنه حمل السلاح في وجه الاحتلال لأنه كان ناقماً على قطع راتبه، وهو يقاتل لاستعادة راتبه الذي انقطع.
لا تزال علاقة الترابط بين العاملين العسكري والسياسي حتى اليوم متينة، كما تطمئننا ليست قيادة المقاومة فحسب، بل ما نتلمسه على أرض الواقع أيضاً.
أما على صعيد الثابت العسكري فنرى العديد من مظاهر التطوير والتجديد في أداء المقاومة لعلَّ من أهمها ترسيخ أرضية العمل الجبهوي التي وصلت إلى نسبة عالية من التنسيق من جهة، وتطوير سلاح المقاومة بما يتناسب مع متغيرات انتشار قوات الاحتلال من جهة أخرى.
وأما على صعيد الثابت السياسي فإن المقاومة استطاعت أن تنجز العديد من المهمات، ولعلَّ من أهمها: -جعلت من عقيدتها عقيدة للغالبية العظمى من الشعب العراقي، وهي قد ضمنت انتشارها على كل الأراضي العراقية.
-عمَّقت صلاتها مع حركات التحرر في العالم على طريق تشكيل جدار دولي في الشارع العالمي ومنتدياته. -فتحت كوى، وقد تكون بوابات، من العلاقات والحوار مع بعض النظام العربي الرسمي كانت مغلقة إلى أمد قريب. وهذا يُعد كسباً في زمن عزَّت فيه الشجاعة بين الحكام العرب. كما أنه يعني أن تلك الأنظمة ربما قد بدأت تستشعر رياح الخطر الداهم الذي يلاحقها نتيجة تواطؤها واستسلامها لإرادة العدوين الأميركي والصهيوني.
-استطاعت أن تنتزع من تيارات وقوى وأحزاب عربية موقفاً واضحاً من خطورة الموقف الإيراني بعد طول صبر وأناة. تلك القوى كانت لا تزال حتى وقت قريب مخدوعة بذلك الموقف نتيجة تغليفه بدعم للمقاومة اللبنانية والفلسطينية. وعرفت أخيراً أن دعمه هناك لن يغفر جريمته في العراق.
أيتها السيدات والسادة أما عما أعدته المقاومة لمرحلة ما بعد التحرير، فنرى أنه أصبح من العلمي المطلوب أن نطرح هذا السؤال، وأصبح بإمكاننا الإجابة عليه. إن الاحتلال أعلن هزيمته، وهو قادم على ترجمتها تحت دخان ما يسميه الانسحاب المشرِّف. وقد أعلنت المقاومة برامجها السياسية لترتيب أوضاع العراق في المرحلة الانتقالية التي تعقب اكتمال انسحابه. ومن أهم ما أعلنته أنه من غير المسموح لأحد أن يزعم لنفسه دوراً صغيراً كان أم كبيراً في ملء الفراغ. وحذرت المقاومة أي طرف من إقحام نفسه في هذه المسألة، وفي الطليعة منهم النظام الإيراني، تحت طائلة اعتباره احتلالاً آخر. وإذا لم يعد هذا النظام إلى رشده فإن قادسية ثالثة تنتظره على كل مفارق العراق ودساكره لترغمه على تجرع السم مرة ثانية.
أيها الحفل الكريم إن المؤشرات التي قمت بتبيانها من زوايا عامة، ولأنني أحسب أنها ضرورية في لقاء سريع، لكنها لا تعني أنها أحاطت بكل جوانب تأثير المقاومة العراقية لأن هناك زوايا كثيرة ومتشعبة، وهي كبيرة كبر دور المقاومة وأهمية ما فرضته من تداعيات على صعيد الاحتلال ومتغيرات سيقطف الوطن العربي ثمارها ولن تكون بمعزل عن التأثير بما يخدم مصلحة العالم الحر.
أرجو أن أكون قد أوجزت بإطار نظري سريع ما تعنيه أهمية دور الفكر المقاوم نظرياً عند حزب البعث، ودوره بالفعل من خلال المقاومة العراقية، والأهم من كل ذلك أرجو أن لا أكون قد بالغت في استنتاج ما سترسو عليه ساحة العراق في المستقبل القريب.
وإذا كنا قد أشرنا إلى دور صدام حسين الشهيد الأكبر بما يليق بوقفة العز التي وهبها لنا، فإننا غير متناسين دور كل عراقي في المقاومة التاريخية، نتوجه إلى الرفيق عزة ابراهيم الدوري بتحية الإكبار لدوره في قيادة المسيرة الكبرى نحو التحرير والنصر.
وإذا كنا نفخر بالمقاومة الوطنية العراقية، ونوليها اهتمامنا المرحلي، إلاَّ أن هذا لن يخفِّض من سقف قضية فلسطين، بل يعلي من شأنها كونها ستبقى القضية المركزية في فكر الحزب ونضاله. وإنما اهتمامنا بالمقاومة العراقية فلأنها المقاومة الأم في هذه المرحلة، وهناك تدور معركة سحق رأس الأفعى الذي إذا ما تمَّ إنجازها وتتويجها بالنصر، وهو ما سوف يحصل، سيعود العراق حاضنتها الرئيسية كما أقسم شهيد البعث وفلسطين والأمة وهو يواجه الموت. وسيعود العراقيون كما كانوا دائماً إلى المشاركة في القتال من أجل فلسطين حتى تحريرها من البحر إلى النهر. |
|||||||
|
|||||||
للإطلاع على مقالات الكاتب إضغط هنــا | |||||||
|
|||||||