الإستخفاف الأمريكي بعقول العرب والمسلمين ... الى أين ؟!!!

الإستخفاف الأول بالعقول البشرية جاء على لسان الرئيس الأمريكي باراك أوباما حينما حذر يوم أمس في مؤتمر صحفي من مساعي تنظيم القاعدة "الحصول على السلاح النووي" وإعتبره "التهديد الأكبر للسلم والأمن العالميين" على المديين القريب والبعيد. الأسئلة التي تطرح نفسها آنيا هنا هي:

كيف سيكون بإستطاعة تنظيم مثل تنظيم القاعدة الحصول على السلاح النووي ومن من، علما أن تنظيم القاعدة ليس دولة معروفة وعضوة في الأمم المتحدة ولها علاقات ديبلوماسية وإقتصادية وعسكرية وتجارية ...الخ متعددة ومتنوعة مع بلدان معترف بها؟!!! ما هو حجم هذا السلاح وكيف سينقل من مكان الى أخر، وكيف سيستخدم من قبل هذا التنظيم؟!!! ماهي الأليلات التي ستوجه هذا السلاح وضد من؟!!! من هو في الحقيقة تنظيم القاعدة؟!!! أهو التنظيم الأمريكي، أهو التنظيم الإيراني أم هو تنظيم أسامة بن لادن المشتت في جبال أفغانستان؟!!!

تنظيم القاعدة إصطلاح فضاض ومضلل يستعمل كحجة لتنفيذ النوايا العسكرية والسياسية للإدرات الأمريكية المتعاقبة في مناطق عدة من عالمنا العربي والإسلامي ومنذ عهد مجرم الحرب بيل كلينتون والى يومنا هذا. تنظيم القاعدة تنظيم فكري مشتت وهجيني وليس أيديولوجية متجانسة بحد ذاتها وأنه ليس تنظيم جيش منظم أو حركة منظمة تحت قيادة سياسية وعسكرية معينة كما كان سابقا في أفغانستان قبل إحتلالها في عام 2001. الولايات المتحدة بالطبع لا تقصد هنا تنظيم القاعدة بالضبط وأنما وكما ذكرنا هنا أن الإدارات الأمريكية معتادة على إستعمال شماعات سياسية واسماء لمنظمات معينة للتغطية على أهدافها المعنية وطبعا في هذه الحالة تقصد إدارة أوباما السلاح النووي الباكستاني والخوف من وقوعه في يد الإسلاميين الباكستانيين في حالة سيطرتهم على مراكز الحكم في باكستان وهنا ينطبق المثل الشعبي العراقي الذي يقول "أكلمج يابنتي واسمعج يا جنتي" خصوصا وأن هذا التصريح جاء بعد إجتماع أوباما مع رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني. الغاية من هذه التصريحات هي لتحييد السلاح النووي الباكستاني وحين الضرورة السيطرة عليه وتدميره حماية للمصالح الصهيوأمريكية والهندية في المنطقة لأنه من المستحيل أن الحركات الإسلامية أو الإسلاموية في باكستان تسيطر على الحكم في هذا البلد المسلم لأسباب سياسية وإجتماعية معقدة جدا، ولكن هذه الحركات تستخدم بين الحين والأخر من قبل المخابرات الباكستانية والجيش الباكستاني لأغراض سياسية وعسكرية معينة وحسب الظروف الإقليمية والدولية خصوصا في منطقة كشمير وفي أفغانستان.

الإستخفاف الثاني بعقول العرب والمسلمين كان حول القضية الفلسطينية وألية حلها وكما جاء على شكل إقتراحات في مقالة نشرت في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية سوية من قبل زبيغنيو بريجينسكي مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر والصهيوني ستيفن سولارز العضو السابق في الكونجرس الأمريكي عن ولاية نيويورك. إقترح هذا الرجلان المؤيدان العنيدان للكيان الصهيوني بأن على الرئيس الأمريكي المتصهين باراك أوباما القيام بـ "زيارة تاريخية جريئة للمنطقة مصطحبا معه القادة العرب الى الكنيست الصهيوني في القدس والمجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله المحتلتين" بالضبط كما عمل سابقا الخائن أنور السادات وذلك لإقناع الطرفين الصهيوني والفلسطيني تقديم التنازلات المتبادلة للوصول الى حل ناجع لهذه القضية وكأن المؤتمرات واللقاءات السابقة والتنازلات العربية المشينة والإعتراف بالكيان الصهيوني من قبل عدة دول عربية، ونسج علاقات سرية وتبادل الزيارات مع نظم عربية أخرى لم تكفي لدفع هذا الكيان المسخ للإنسحاب من الأراضي الفلسطينية التي إحتلها في حرب 5 حزيران عام 1967. التبرير المزري لهذا الإقتراح هو أن زيارة القادة العرب للكنيست الصهيوني ستزيل الشكوك التي يحملها بعض "الإسرائيليين" حول عدم رغبة العرب في السلام وأنها أيضا ستشكل غطاءا سياسيا للقادة الفلسطينيين في حين قبولهم بالإملاءات الصهيونية حول حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإعادة توطينهم في الضفة الغربية وليس في أماكنهم التي سلبت منهم قبل وبعد تشكيل دولة الكيان الصهيوني في عام 1948 لأن ذلك يؤدي الى حالة إنتحار هذا الكيان المسخ.

الإقتراح المجحف الأخر هو سرقة ودمج أراضي المستوطنات الصهيونية الكبرى في الضفة الغربية المحتلة بدولة الكيان الصهيوني مقابل إعطاء بعض الأراضي للكيان الفلسطيني المقترح إضافة الى نشر قوات أمريكية أو قوات من حلف شمال الأطلسي (الناتو) على طول نهر الأردن لحماية الكيان الصهيوني. هذا يعني العزل التام للدولة الفلسطينية المقترحة المنزوعة السلاح عن عالمها العربي وحصرها في كماشة بين قوات حلف الناتو والقوات الصهيونية. ماذا سيكون مردود هذا الإجراء على حرية تنقل الفلسطينيين داخل الكيان الفلسطيني المقترح أو خارجه فهو غير معروف. إضافة، ماذا ستكون طبيعة علاقة الدولة الفلسطينية المقترحة وإرتباطها بالدول العربية هي غير معروفة أيضا.