بعد مرور 63 سنة على تأسيس
حزب الأمة العربية حزب البعث العربي الاشتراكي، لا نجد غير التعلق أكثر
فأكثر بفكر البعث ومبادئه وصواب تحليلاته وتوجهاته وإبداء الإعجاب
والتقدير لصلابة ووفاء مناضلي البعث وقادته في ساحات المواجهة التي
انطلقت حزبيا ورسميا منذ سنة 1947 لتستمر في البناء والتحرير إلى يومنا
هذا من أجل تخليص الأمة العربية من الاستعمار والاستبداد والعجز
والتخلف. ورغم المحن التي تعرض لها حزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي
عبر مسيرته الجهادية فقد ترسخت القناعة بأنه حزب من طراز خاص فكريا
وتنظيميا وأن مبادئه لا تقبل التأويل والتبديل لأنه حزب أمه تتطلع إلى
الوحدة والحرية والمساواة. ولا سبيل إلى تحقيق هذه الأهداف الملحة
والمصيرية غير الثورة المستمرة.
في ذكرى ولادة البعث هذا الحزب الثوري بكل المقاييس تتجدد مسؤولية
البعثيين تجاه أمتهم وقضاياها وتجاه حزبهم وأهدافه. ذكرى تعبق بالنضال
والتضحيات، نستلهم منها استعادة الأمل وانبعاث روح الصمود أمام كل
الموجات الهمجية الإنجلوأمريكية الصهيونية الصفوية العاملة بكل أساليب
الحقد والعدوانية على اجتثاث عقيدة البعث وتصفية معتنقيها وتدمير
إنجازاتهم سعيا إلى استئصال إرادة الأمة العربية وأملها في الوحدة
والتحرر والعدالة والكرامة. أمام هذا الحقد والعدوان، ليس للبعثيين غير
المواجهة والمقاومة بكل وسائل التصدي والصمود والتضحية والوفاء
لرسالتهم الخالدة ولأمتهم المجيدة. ذلك هو قدرهم وموعدهم مع عهد
البطولة والانبعاث المتجدد "كما تصورهم مؤسس البعث" وكما عاهدوا
شهداءهم الأبرار الذين توجوا مسيرة النضال وأشاعوا حب الشهادة في سبيل
العزة والكرامة، فكانوا خير ما أنجبت الأمة وبهم ستظل خير أمة وأول أمة
تعبد طريق الخير وتواجه قوى الشر والطغيان الخارجية وقوى الغدر
والخذلان الداخلية.
لهذا ولذاك تأسس حزب البعث، حزب الثورة العربية ليكون الممثل الصادق
لإرادة الأمة والمعبر الوفي عن تطلعاتها وطموحاتها. وها هم فرسان البعث
في طليعة المرابطين المجاهدين والمقاومين الثائرين يذيقون جيوش
الاحتلال على أرض الرافدين مرارة الهزيمة ويحاصرون الخونة والمرتدين في
جحورهم ويرسمون مسيرة النصر بتضحياتهم ودماء شهدائهم الزكية.
تأتي الذكرى 63 لتأسيس البعث ورجاله ومناضلون يسطرون أكبر ملحة نضالية
ضد أعتى قوى الحقد والطغيان ولم يفل فيهم قانون الاجتثاث ومشروع
التصفية الجسدية، بل يزدادون يوما بعد يوم تألقا وشموخا وتزداد بهم
الأمة شرفا واحتراما مثلما يزداد الأحرار والشرفاء قناعة بأن البعث ليس
مجرد حزب يسعى إلى السلطة بل هو مشروع بناء وتحرير، منهاج صمود ومقاومة
لا تلين مهما غلت التضحيات وتعددت جبهات الأعداء.
ومن حق الشعب العراقي الأبي المرابط في خط المواجهة الأول أن يفخر
بالبعث وبأبنائه الذين رفعوا شعلة البعث عاليا دفاعا عن حرية ووحدة
العراق الأبي وعن عروبته ودوره التاريخي والقومي والذي من خلال البعث
كان وسيظل قلب الأمة النابض ونموذجا لاقتدارها وانبعاثها في زمن الرخاء
مثلما هو الحال في زمن المحنة. ومن حق الشعب العراقي أيضا أن يستقوي
بالبعث فكرا نيرا وحزبا وحدويا لمقاومة الطائفية والشعوبية والخيانة
والعمالة وإفرازات الاحتلال الإنجلوأمريكي الصهيوني والإيراني بعدما
كشفت الأحداث صحة مسيرة البعث ومصداقية ووفاء رجال وقادة نظام البعث
الذين بنوا العراق الحر القوي وحين ابتلي العراق بالاحتلال سنة 2003،
لم يستسلموا بل أشعلوا معركة التحرير بكل إيمان وعزيمة في وقت قل فيه
السند والمدد وكثر فيه الغدر والانتقام.
وقد نسي الحاقدون والخونة والأعداء أن البعث عقيدة جهاد وإرادة انبعاث
وحزب المهمات الأصعب، لا يساوم ولا يهادن ولا يحيد عن أهدافه ورسالته
الخالدة إيمانا منه بأن النضال هو أنبل ساحات العطاء وأكثر أساليب
التعبير عن إرادة الحياة الحرة والكريمة وأن الشهادة قدر المؤمنين
الصادقين والمجاهدين الأوفياء. وإن حاول الحاقدون والمنبتون في غمار
تعقيدات الأحداث وملابساتها السياسية تشويه دور البعث منذ ست عقود مضت
في مقارعة الرجعية وقوى الردة والاحتلال في كل ساحات النضال، فإن
الشرفاء الوطنيين يدكون أن البعث نبع عطاء لا ينضب وطليعة نضال لا
تهادن، فقد غذى البعث حركات التحرر العربية الوطنية والقومية بالفكر
والرجال وبالمال والسلاح. وإن تناسى البعض دور نظام البعث في العراق
وما قدمه من دعم للعرب جميعا ولقوى التحرر دون تحسب، فإن المقاومة
العراقية اليوم بقيادة البعث تسجل وتقدم للناس جميعا دروسا في الوفاء
والتضحية والاعتماد على الذات والمداومة على مقاومة المحتل وحلفائه دون
كلل أو ملل كما علمت المرتدين والخونة والطائفيين والأعداء جميعا أن
العراق لا تحكمه ولا تحميه ولا تبنيه العصابات والمليشيات وحكومات
الاحتلال ومعاونيه. فالعراق الحقيقي هو عراق المقاومة مهما طال أمد
الاحتلال واستطالت وتمادت أيادي النهب والانتقام تنكيلا بشعب العراق
الصابر الأبي وتدميرا لمجد العراق ودوره التاريخي.
لقد أثبت التاريخ أن البعث ولد من رحم الأمة ومعاركها وأنه الممثل
الحقيقي لإرادتها والأقدر على إعادة الأمل إلى أبنائها بعدما أفلست
الأحزاب الطائفية والانفصالية القطرية والأحزاب المعادية للعروبة
والإسلام وانكشفت الأنظمة العائلية والفردية وبرهنت على عمالتها وعجزها
وعلى معاداتها للحرية والوحدة والعدالة والديمقراطية. بات وجيها العودة
إلى الأصول لإحياء قيم ومبادئ الوحدة والتوحيد. فلا خيار غير التمسك
بنهج المقاومة ووحدة النضال ونضال الوحدة لمواجهة قوى الهيمنة ومشاريع
التفرقة والتجزئة واجتثاث العقيدة والهوية.
ونحن نحيي ذكرى ولادة البعث ندعو البعثيين في تونس وفي جميع الساحات
النضالية إلى مزيد التآزر ورصف الصفوف لأن التحديات ليست هينة وما يهدد
الأمة وما يعطل إرادتها وتطلعها يزداد خطورة، كما ندو الأحرار والشرفاء
من أبناء الأمة وقواها الوطنية والقومية إلى مراجعة الواقع وأحداثه
وقراءة محطاته التاريخية سعيا إلى تخطي التقوقع الفكري والمزاجية
السياسية من أجل عهد جديد للعمل الجبهوي والوحدوي على امتداد الساحة
العربية من المحيط إلى الخليج.
ونحن نستذكر مسيرة البعث الطويلة والحافلة بالأحداث والحافلة أيضا
بقوافل الشهداء وهم أكرم منا جميعا، فإننا:
* نترحم تقديرا وعرفانا على روح القائد المؤسس الأستاذ الراحل أحمد
مشال عفلق
*نحيي إكبارا وإجلالا شهداء البعث والمقاومة، شهداء العروبة والإسلام
جميعا.
* نترحم تكريما وتعظيما على روح القائد الرمز الشهيد صدام حسين وجميع
رفاقه الشهداء الميامين.
* نحيي بكل فخر صمود الشعب الفلسطيني والعراقي والأحوازي ضد العدوان
والاحتلال.
* نحيي بكل اعتزاز صمود الأسرى في سجون الاحتلال عجل الله بفك أسرهم.
* نحيي وندعو بالنصر المبين للمقاومة العراقية الباسلة وجميع فصائلها
البطلة.
* نهنئ ونجدد العهد والوفاء لقائد الجهاد والتحرير الأمين العام للحزب
الرفيق عزت إبراهيم الدوري حماه الله.
* نهنئ وفاء واحتراما أعضاء القيادة القومية للحزب وجميع القيادات
القطرية والمحلية المناضلة
* نهنئ جميع رفاقنا البعثيين والأمة العربية بذكرى تأسيس حزب الثورة
العربية، حزب الوحدة والحرية والاشتراكية. وإنها لأمة عربية واحدة /
ذات رسالة خالدة.
حزب البعث العربي الاشتراكي
القطر التونسي
٧ أفريل / نيسان
٢٠١٠
|