إن صح ما نشر عن رفض
القاضي العراقي الكردي "رزكار محمد أمين" في شهر مايو 2006، مواصلة
تمثيل دور القاضي في مسرحية محاكمة الرئيس العراقي صدام حسين، فقدم
استقالته، إن صح ما نشر؛ فمعنى ذلك أن المسرحية الأمريكية التي كان أحد
ممثليها السيد "رزكار" ما زالت تعرض في بلاد الشرق، وفي كافة المجالات،
ولا يعجزها استنكاف أحد الممثلين، فالبدائل كثيرة، وإن اختلفوا في
الشكل، فهم يتفقون على أداء الدور المناط فيهم على أكمل وجه. وهذا ما
رفضه القاضي رزكار، وهو يبرر استقالته بالتالي:
1ـ فداحة الضغوط التي تمارس على إدارة المحكمة من قبل السلطة الحاكمة
الحالية، ضغوط دولية وسلطوية لا يمكن للفرد ومهما يكن أن يتحملها، ولا
يمكن لأي فرد يملك قليلاً من الشرف أن يتقبلها، إنهم لا يريدون محكمة
تحاكم الرئيس صدام حسين وأصحابه بل يريدون منّا أن نأخذ دور ممثلين في
مسرحية يتم تأليفها وإخراجها من قبلهم.
2- عظمة هذا الرجل صدام حسين وشيبته ووقاره، والحق الذي يقف به أمام
المحكمة، تجعل إدارة المحكمة في موقف ضعف لا تحسد عليه، وتجعلنا في
حيرة من أمرنا، وصراع كبير بين ضمير عاشق خالص لهذا الرجل العظيم وبين
ما يملى علينا من رغبات لمجاميع طائفية، لا تملك في تلك المحكمة غير
الحقد والكراهية والطائفية.
3- وفوق عظمة هذا الرجل تأتى عظمة القانون والشرع الذي لا تملكه
محكمتنا، فلا قانون سابق يؤهلنا لنحاكم الرجل، ولا قانون جديد يشّرع
لنا محاكمته على أعمال قديمة، فانتهينا إلى شعور بأننا أصبحنا مفضوحين
أمام ضمائرنا وعيون الشعوب الشريفة.
انتهى كلام القاضي العراقي، ولكنه سيظل يدوي بالفضيحة التي تشهد على
انهيار القيم الحضارية، والأخلاقية التي تدعيها أمريكا، ودول الغرب،
وتشهد أن معظم الحكام في منطقتنا العربية لم يتمردوا على دورهم
التمثيلي في المسرحية التي لما تزل أمريكا تكتب فصولها، وترتب مسرحها،
وتنظم ممثليها، وتخرجها تحت مسمى ديمقراطية.
لقد شنق صدام حسين، وسال دمه بالقطرة في كأس الكرامة العربية، لينام
مطمئناً في حضن التراب. فهل يستطيع الشانق أن ينام مطمئناً في حضن
الغزاة؟ وإلى متى سيأتمن الأمريكيين والإسرائيليين على شرف زوجته، وعلى
دم أطفاله، وعلى مستقبل الأجيال؟
|