لم ينقشع بعد غبار الانتخابات التشريعية في العراق الجديد, والتي إختلط
فيها حابل الديمقراطية المزيفة بنابل التزوير والتلاعب والاتهامات
المتبادلة من قبل الجميع ضد الجميع. فما زالت أعمدة دخان وغبار ونفيات
أخرى, طائفية وعنصرية وحزبية, تتصاعد من مقر هذا الائتلاف أو ذاك. أما
أبناء الشعب العراقي, خصوصا الملايين الذين شاركوا باصواتهم وأصابعهم
في انتخاب فلان وفلان من المرشّحين, فانها الآن تقف مكتوفة الأيدي,
تتفرّج على المشهد المثير للدهشة والغرابة حقّا بعد أن أنتهى دورها
المطلوب من قبل ساسة المنطقة الخضراء.
وُيلاحظ أن موسم الهجرة الى الشمال )الكردي( جاء متزامنا مع إطلالة
الربيع. وأصبح قصر صاحب الفخامة الشاهنشاهية مسعود البرزاني قبلة
لرؤساء الكتل والائتلافات الفائزة والساعية باي ثمن وبأية وسيلة للوصول
الى كرسي الحكم. الى درجة أصبح فيها البرزاني مسعود منافسا قويا, في
عدد الزيارات واللقاءات, لحاخام الحوزة النجفية"آية" الله على
السيستاني. ويُلاحظ أيضا أن جميع اللقاءات والمناقشات وتبادل الأراء
كانت "ناجحة ومثمرة وبناءة..و..و..,و..". كما يعلن أصحاب الشأن أنفسهم
بعد كل لقاء يجمعهم.
وبما أننا نتعامل مع لصوص وسراق وأصحاب سوابق وخونة أوطان وميّتي
ضمائر, فان الشك والريبة والتوجّس, من تآمر وصفقات وبيع وشراءعلى حساب
الوطن والشعب, يظل سيّد الموقف ويحيط بهم وبلقاءاتهم من كل مكان.
فالقيادات الكردية, التي تمارس في الفلم الواحد وبجدارة نادرة عدة
أدوار, الضحية المظلوم والشريك المخلص والأخ الوفي والمعارض الشرس
والمتمرّد الخارج عن القانون.. وغير ذلك, لا تكفّ عن وضع العراقيل أمام
الجميع ساعية الى مسك خيوط اللعبة في بغداد بعد أن بسطت هيمنتها
العشائرية ـ العائلية على شمال الوطن ونجحت نجاحا باهرا في المتاجرة
بكل قضية تتعلّق بالمواطنين الأكراد.
ومَن إطّلع أو قرأ تصريحات أحد عباقرة الأكراد, الوزير على بابان
المنشورة على بعض مواقع الانترنت لا يجد بدّا من شتم هؤلاء الأنذال
جميعا ويلعن ألف مرّة ذلك اليوم المشؤوم الذي جلبهم الى العراق.
فهؤلاء, الذينن يجري في عروقهم الحقد والعداء لنا, ما زالوا يعيشون في
حالة حرب وعدوان مع بقية العراقيين رغم أنهم خرّبوا وهدّموا وسرقوا
وقتلوا آلاف العراقيين, وإستولوا على السلطة والأموال والممتلكات
والأراضي العائدة للعرب والتركمان والكلدوآشوريين في كركوك وغيرها,
تتقدّمهم لافتة المظلومية المزعومة.
ورغم كونه وزير في حكومة عراقهم الجديد الاّ أن كاكه على بابان لا يبدو
عليه لا الذكاء ولا الخبرة ولا الموضوعية ولا المعرفة الدقيقة فيما حدث
ويحدث من حوله.لأن الحقد والتععصّب أعمى بصره وبصيرته. فهو يقول, في
موضوع رئاسة الجمهورية ودفاعه عن ثور المنطقة الخضراء جلال الطلباني
ودعمه له برئاسة ثانية"إن الأمم المتحضّرة تمنح إستحقاقات لآقلياتها
أكثر من عددهم السكاني طمأنة لمخاوفهم وتأكيدا لمواطنتهم" وضرب مثلا
بامريكا التي إختارت مسلم كيني أسود ليكون رئيسا لها, وفرنسا صاحبة
مباديء الثورة الفرنسية إختارت نيكولا ساركوزي, يهودي مجري مهاجر,
رئيسا لها أيضا. فكيف ننكر - والحديث لعلى بابان - أن يكون كرديا رئيسا
للعراق".
ونحن بدورنا نقول له يا كاكه على بابان, لا أحد ينكر ذلك ولا يستغربه
ورلا يرفضه لو كان هذا الكردي ,جلال الطالباني في هذه الحالة, عراقي
فعلا وينتمي لهذا الوطن العظيم الذي آواه وأكرمه وأعزّه وإعترف به
وبقوميته قبل أي بلد في المنطقة والعالم. وليس عميلا للكيان الصهيوني
وأمريكا وإيران السوء ويحمل أكثر من جواز سفر أجنبي, كما إعترف هو
نفسه. وقضى جلّ عمره الرذيل يتآمر على العراق وشعبه ويشارك في كلّ
مشروع وخطّة ومؤتمر عدواني لتمزيق وحدة العراق الترابية وتفكيك أواصر
الأخوة والتآلف بين أبناء شعبه الواحد.
ولم نسمع أن باراك أوباما الأمريكي أو نيكولا ساركوزي الفرنسي سبق لهما
وأن تآمرا وعملا مع أجهزة الخابرات الأجنبية المعادية بغية غزو وإحتلال
وتدمير بلديهما من أجل الحصول على مكاسب حزبية وعشائرية ضيّقة. أو من
أجل تمثيل دور رئيس كارتوني عاجز عن مواجهة الشعب وجها لوجه كما يفعل
جميع رؤساء دول العالم.
ثمّ أنه بالرغم من أن المقارنة التي إختارها الأحمق على بابان في حديثه
عن موضوع رئاسة العراق لا يقبل بها لا الله ولا بني آدم كما يقال, الاّ
أنه تجاهل بسبب قصر النظر وسوء النية والعنصرية التي تطغي على كل ما
يصدر عن الساسة الأكراد من تصريحات, أن أمريكا وفرنسا "دول متحضّرة"
كما يصفها هو, بينما عراقهم الجديد حصل على المدالية الذهبية, وللسنة
السابعة على التوالي, في الفساد المالي والأداري والأخلاقي وسوء
الادارة والحكم وعدم الاستقرار. وكدولة أصبح مثالا سيئا يثير شفقة
وسخرية أكثر الدول تخلّفا وبدائية.
أما حيدث على بابان عن كركوك فاقلّ ما يُقال عنه أنه قمّة المهزلة
ومدعاة للضحك والسخرية من هكذا رجال. يقول على بابان "إن كركوك كردية
حتى وإن كان الأكراد فيها يمثلون أقلّية". وكيف هذا يا عبقري زمانه؟
الرجل يجيب قائلا "هوية المناطق لا يحددها عدد السكان فقط بل التاريخ
والجغرافية, ولو كان السكان هم مَن يقرّرون هوية المناطق لكان لليهود
الحق اليوم في فلسطين لأنهم يشكّلون الأكثرية الساحقة". أسمعتم هذا
الهراء, إن إبن العاهرة هذا يشبّه العرب والتركمان في كركوك, وهي
مدينتهم أبا عن جد منذ قرون طويلة, باليهود الذين تقاطروا عصابات
عصابات على فلسطين وإغتصبوا أرضها المقدسة وقتلوا وشرّدوا وطردوا - وما
زالوا يفعلون أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر, شعبها الأعزل.
نحن كعراقيين, وأنا أولهم, نعتبر كركوك مدينة عراقية. وهذا يعني إننا
لا نستثني منها أحدا ولا نحرمها على أحد ولا نمنحها صفة قومية أو
عنصرية أو طائفية. فهي عراقنا المصغّر. آخذين بنظر الاعتبار كونها
مثالا رائعا للتعايش والتآلف بين مكوناتها الاجتماعية, لولا سموم
الأفاعي الكردية وفحيحها الذي لا يتوقّف. أما القادة الأكراد فيعتبرون
كركوك مدينة "كردية"بدعاوي باطلة وزائفة وبناءا على حقائق مزّورة
ومفبركة, ويجب أن تعود الى إقليمهم المقدس ويمنحونها صفة عنصرية مقيتة
مستخدمين ذات الأساليب والطروحات التي يستخدمها قادة الكيان الصهيوني.
ثم يتهمونا نحن بالعنصرية.. فبئس هذا الزمان يا على بابان!
|