هاهي جريمة الغزو الامريكي الصهيوني , تتناسل يوميا في الواقع العراقي
, لتنتج لنا مزيدا من ضياع الحقوق , وأهدار الدماء والثروات , والاف من
المعتقلين والمغيبين , وأنتشارا وبائيا لقيم دونية , وتكاثرا فطريا
ساما لاحزاب أقليمية الرأي والهوى , وأنفلونزا التكتلات المصلحية
وغالبية شعبية جائعة , تبحث عن ملجأ في مقبرة , أو في أماكن جمع
القمامة , وأيتام بأعداد مليونية , وأرامل تفوقهم مأساة وذلة , وكل ذلك
يحدث في وسط ضجيج أعلامي متهالك الحجة مسلوب الارادة , يغني
للديمقراطية الرثة , والعراق الجديد المدمي من زاخو حتى الفاو , بعد أن
خطف الابصار بريق الدولار المتهالك , ففقد البعض شرف المهنة , كما أفقد
البعض من ساسة العراق الوعي , فتنادوا أن يا سواعد القي سلاحك ,
وياجراح العقي دمائك , فليس لكم بعد اليوم الا المركب الامريكي , فهو
الذي يملآ الجيوب , ويلمع الكراسي , والقوا بقيمكم البالية الى سلة
المهملات , فلا مكان بعد اليوم لمن يؤمن بالتحرير والعزة والكرامة
والشرف ,
لانها من مخلفات (النظام السابق)
والقاعدة , وتهمة الارهاب جاهزة لمن يدعو الى هذه القيم . لكن الحقائق
لاتغطى بغربال , وشواهد التاريخ لاتغيب عن البال , والمستعمر لايبحث
الا عن مصلحته , مهما سطر من تصريحات وبنود معاهدات وأتفاقيات , لان كل
الاخرين بنظره يبقون مجرد وسائل لهدف يحقق به غاياته , التي هي أعلى من
كل الغايات , لذلك ليس مفاجأة أن يسقط القضاء الامريكي التهم الموجهة
الى حراس ( شركة بلاك وتر ) سيئة الصيت , الذين تسببوا في مقتل سبعة
عشر عراقيا في مجزرة ( ساحة النسور) في بغداد , منتصف سبتمبر من العام
2007 , على الرغم من أن التحقيقات التي أجراها القضاء العراقي , بحضور
ممثلين عن السفارة الامريكية في بغداد , قد أثبتت بشكل قاطع , أن حراس
الشركة المذكورة , أرتكبوا جريمة القتل ضد أناس أبرياء .
أن الاثار المادية والمعنوية الكارثية للاحتلال الامريكي ,والتي تطل
برأسها على الشعب العراقي يوميا , تذكر العراقيين جميعا بأنهم قد
أصبحوا مواطنون من الدرجة العاشرة في بلدهم , أمام القانون الامريكي
المدني والعسكري , فلا حرمة الا لدماء جنودهم , ولاحياة الا لمرتزقتهم
, ولاكرامة الا لحامل جنسيتهم , ففي الوقت الذي يرفض فيه القضاء
الامريكي تجريم هؤلاء الذين أجرموا بحق مواطنين أبرياء وعزل , بينهم
أطفال وشيوخ ونساء , تنكس الاعلام الامريكية لمقتل سبعة ضباط من وكالة
الاستخبارات الامريكية , في مقاطعة خوست شرق أفغانستان , ويعبر الرئيس
أوباما عن تعازيه الى العاملين في تلك الوكالة ويصف أعمالهم بالبطولية
, بينما يعرف العالم أجمع الدور القذر الذي تمارسه هذه المؤسسة , وما
هو الواجب الموكل لهؤلاء الذين قتلوا في أفغانستان .
وفي الوقت الذي يكون فيه الموقف الامريكي موغلا في الازدواجية , كما
عرفناه خلال عقود طويلة , وأبعد مايكون عن العدل وأنصاف الابرياء
العراقيين , يطل علينا الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية , والذي
سبق وأن وصفه الرئيس السوري ب(العبقري) تهكما , ليعبر عن أسف حكومته
لقرار القضاء الامريكي بأسقاط التهم عن المجرمين , مسجلا براءة أختراع
بأسمه وبأسم حكومته بعد أن أكد بأن (حراس بلاك ووتر أرتكبوا جريمة
القتل وخرقوا قواعد أستخدام السلاح من دون وجود أي تهديد يستدعي
أستخدام القوة ) , وكأن جريمة أغتصاب الطفلة العراقية (عبير) وقتلها ,
وقتل عائلتها , وحرقهم جميعا , كان بسبب وجود تهديد , أستدعى أستخدام
القوة , وكذلك جريمة حديثة التي قتل فيها الامريكان أكثر من عشرين فردا
من عائلة واحدة , وأغتصاب الرجال والنساء في سجن أبو غريب , وجرائمهم
في بغداد والانبار والموصل والنجف وواسط وديالى وكل أنحاء العراق , حتى
وصل عدد الشهداء الى مايقرب المليون ونصف المليون , كانت كلها بسبب
وجود تهديد من هؤلاء الضحايا , أستدعى أستخدام القوة , ولم يسجل فيها
أي خرق من قبل الجانب الامريكي لقواعد أستخدام السلاح , لذلك ران صمت
الموتى على أفواه وبصائر السلطة في المنطقة الخضراء , ولم نسمع منهم
مايشفي غليل الدماء الطاهرة والارواح البريئة,ثم يسترسل (الدباغ) في
سرد أجراءات حكومته وهو الذي لاينطق عن الهوى , مؤكدا ب( أن الحكومة
العراقية ستتابع أجراءاتها بكل حزم وقوة لملاحقة الجناة من الشركة
المذكورة , وحفظ حقوق المواطنين العراقيين من الضحايا وعوائلهم والذين
تضرروا من هذه الجريمة ) , دون أن ينورنا نحن أهالي الضحايا , عن ماهية
السبل التي ستعتمدها حكومته في أحقاق حقوقنا , وملاحقة الجناة ؟ هل
بجهاز مكافحة الارهاب الذي زعموا بأنه من أفضل سبعة أجهزة في العالم
والذي يقوده زعيم دولة القانون , يعتقل به ضباط الجيش العراقي السابق
الذين يرفضون الولاء للعملية السياسية وسلطة الاحتلال ؟ أم ببقية
الاجهزة الامنية والاستخبارية التي تداهم وتعتقل الكوادر الوطنية
العراقية , وقادة المقاومة , والتي تم في حصنها المنيع , حصول الاحد
والثلاثاء والاربعاء الدامية ؟ أم أنهم سوف يغلقون السفارة الامريكية
الاكبر في العالم , والتي تتجسس عليهم ليل نهار , للضغط على الامريكان
لتسليم الجناة ؟ أم بالغاء الاتفاقية الامريكية-العراقية ؟
لقد غاب عن ذهن (الدباغ) والذي يتحدث بأسمهم , بأن الدمى لايحسب لها
حساب , وأن أصنام المحتل تبقى مجرد أصنام أعجز من أن ترد بعوضه , وأن
العبيد يبقون عبيدا لسيدهم مهما نفخ فيهم , وأن وجودهم الفاعل هو لرد
أذى بني قومهم عن سيدهم الجائر,لذلك سمعنا ورأينا فعلهم
بالصحفي العراقي الذي تجرأ وأهان مرجعهم الاكبر بوش سيد البيت الابيض
السابق,بل لاحقوه الى خارج العراق , وحاولوا الرد بنفس الاسلوب ,
لاثبات ولائهم وتقديم فروض الطاعة , كما قدموا فروض الولاء لمرتزقة
سيدهم القتلى,في مقبرة واشنطن حاملين أكاليل الزهور ,وتبرعوا لانشاء
نصب تذكاري لاخرين غيرهم في بريطانيا , بينما ينحني رئيس الوزراء
الايطالي مقبلا يد حفيد القائد العربي عمر المختار , معتذرا له عن فترة
الاستعمار , وأعدام جده قبل أكثر من سبعين عام , بعد أن فرض قادة ليبيا
ذلك عليه كرد أعتبار للشعب العربي في ليبيا , عن الظلم الذي وقع عليهم
.
لقد تعالت صيحات المواطنين العراقيين معيبة على (قادة العراق الجديد) ,
أستمرارهم في مناصبهم , وعدم تقديمهم أستقالاتهم , بينما قتل المئات في
تفجيرات الاحد والثلاثاء والاربعاء الدامية , وهاهي الاصوات تتعالى مرة
أخرى معيبة عليهم نفس الموقف , وهم يتفرجون على أستهزاء المستعمر بدماء
أهلهم التي سالت في ساحة النسور ببغداد , بينما يرفعون شعارات
( يالثارات الحسين ) و(لعنة أمة قتلت حسين ) , وأيديهم مغلولة عن أي
فعل مادي أو معنوي أو باللسان أو حتى بالقلب يرد جزء بسيطا من كرامة
شعبهم المهدورة يوميا , تحت أحذية وعجلات وطائرات الجيش الامريكي ,
وشركات المرتزقة الامنيين , ويثأر لدماء أبريائهم , بل لم نكن نتوقع أن
يستغل الهاشمي رئيس قائمة تجديد , هذه الحالة لتوسيع رصيده الانتخابي ,
ويستقيل من منصبه أحتجاجا على موقف القضاء الامريكي , فيجدد الحياة
السياسية , ويشرع ببناء تاريخ سياسي جديد له, بعد أن تلوث كل تاريخه
بالعملية السياسية , أو يستقيل ( زعيم دولة القانون ) منتفضا لكرامة
شعبه , فيحصد الاصوات الانتخابية , ويفرض أحترام دولته القانونية , على
أعداء شعبه ويقتص بقانونه منهم , بل لم نتوقع أن يختم (كبيرهم)
الطالباني حياته السياسية , ويستقيل من منصبه أحتجاجا على الموقف
الامريكي , فيهب العراقيين لانتخابه رئيسا لهم مدى الحياة, بل كنا
يائسين تماما من أن يستقيل رئيس (البرلمان) أحتجاجا على مالحق بمن
يمثلهم , لانه ببساطة تامة مواطن بريطاني لاعلاقة له بشعب العراق .
لقد صدق رسول الله ( ص) وهو القائل ( وجد الامام ليؤتم به ) , وهؤلاء
أبعد مايكونوا أئمة لاهل العراق , وهم أعرف بأنفسهم بأن لايوجد من يؤتم
بهم , سوى اللصوص وسراق المال العام وممتهني الدعارة السياسية وشيوخ
الدولار , لذلك عزلوا أنفسهم في المنطقة الخضراء .
|