الصديق هو
الذي يعرف اغنية قلبك ويستطيع ان
يغنيها لك عندما تنسى كلماتها
مثل
الحيلة
الحادية عشر : المقاومة العراقية
تفتعل معارك مع الجميع
ويقول كاتب وطني ما يلي ( وإذ
تغيب المؤشرات على اعتماد
المقاومة العراقية حصيلة تجارب
المقاومة الجزائرية فان ذلك مرده
(ربما) لتشتت الاولى وتعدد مصادر
القرار في كنفها ، واصرار الطرف
الابرز فيها على قتال المحتل تحت
راية العودة للنظام السابق وفي
اطار قواعد ايديولوجية صارمة
تستثني وتستبعد وتفتح جبهات فرعية
لاحاجة لفتحها ) . هل رأيتم ؟
!انه اتهام للبعث والمقاومة
العراقية بما يلي :
1 – ان الطرف الابرز في المقاومة
العراقية يصر على قتال الاحتلال
تحت راية ( العودة للنظام السابق
) !
2- انه يعمل في اطار قواعد
ايديولوجية صارمة تستثني وتستبعد
وتفتح جبهات فرعية لا حاجة لفتحها
!
هذه اتهامات خطيرة اذا ثبتت صحتها
فانها تجعل البعث والمقاومة
العراقية عبارة عن جماعات هدفها
الحكم والسلطة وليس تحرير الوطن
والمواطن ! هل ما قاله الكاتب
صحيح ؟ لنناقش ما جاء في هذه
الاتهامات الغريبة : -
أ – يجب ان نسمي الأشياء بأسمائها
الحقيقية مادامت ثمة اتهامات
ظالمة لنا : ان قصة القتال ( تحت
راية العودة للنظام السابق ) قصة
اول من أطلقها الاحتلال وعملاءه
من اجل التشكيك بصدق وصواب اهداف
المقاومة وعدها مجرد عمل من اجل
السلطة وليس من اجل تحرير وطن
محتل ! ان الكاتب المحترم فاته ان
يتذكر عدة حقائق بارزة اهمها ان
البعث لم يقل في اي مكان او مجال
انه يريد عودة النظام السابق ابدا
، ولم تصدر عنه اية تصرفات ومواقف
توحي بذلك ، بل على العكس فان كل
وثائق البعث والمقاومة ومسلكهما
العملي يثبت حقيقة اخرى مناقضة
لهذه التهمة الظالمة ، فالمنهاج
السياسي والستراتيجي للبعث
والمقاومة يؤكد منذ صدوره في
ايلول – سبتمبر عام 2003 على ان
النظام السياسي بعد التحرير سيكون
نظاما ائتلافيا تعدديا ديمقراطيا
، وأعاد التاكيد على هذا الموقف
برنامج التحرير والاستقلال
وستراتيجية القيادة العليا للجهاد
والتحرير ، اضافة لاغلب بيانات
الحزب ، واخيرا فان مواقف الحزب
منذ الاحتلال وحتى الان تجنبت حتى
الاشارة الى حق الحزب بالعودة
للسلطة ، ولم يطلق الحزب
والمقاومة على الرفيق المناضل عزة
ابراهيم صفة رئيس الجمهورية ، رغم
انه يحق له ذلك بعد استشهاد
القائد الشهيد صدام حسين ، حرصا
على استبعاد اي اتهام لنا باننا
نريد السلطة وان جهادنا من اجلها
. فمن اين جاء الكاتب بفكرة ان
المطلوب من المقاومة هو اعادة
النظام السابق ؟ لم يقل لنا
الكاتب شيئا عن المصدر واكتفى
بالقاء قنبلته الصوتية اللافتة
للنظر .
ولكن : - لنفترض ان القتال يتم من
اجل عودة النظام السابق فما الضير
في ذلك ؟ انه حق شرعي لانه سيكون
استمرار للقتال الذي بدأ في عام
1991 وتصاعد في عام 2003 دفاعا عن
العراق وكيانه الوطني في حرب
تحررية وطنية عظمى ، وهو قتال
مشرف وباسل ضد اقوى استعمار في
التاريخ كله . فهل غزو العراق
يسقط هذا الحق وتلك الشرعية ؟ الم
يكن النظام السابق هو الحاكم
الشرعي للعراق لمدة 35 عاما ؟ الم
تعترف به الامم المتحدة والجامعة
العربية وكل الدول ؟ والاهم من كل
ذلك هو الأسئلة التالية : من اسقط
النظام السابق ؟ ولم اسقط ؟ الم
يسقطه احتلال استعماري بسبب هويته
القومية والوطنية ورفضه المساومات
على فلسطين والنفط ؟ لم هذا
الموقف القائم على انكار ان البعث
كان يحارب وهو في السلطة وانه
فقدها نتيجة حرب استعمارية وان
المنطق والقانون والقيم الوطنية ،
والحتميات الأخلاقية ، تقول ان
على كل وطني وقومي دعم حق عودة
الحزب للسلطة ؟ الا يعني رفض عودة
البعث للسلطة تأييد الاحتلال في
واحد من اهم اهدافه وهو اسقاط
سلطة البعث والتخلص من البعث
باجتثاثه ؟ اليس انكار الحق
الطبيعي والشرعي للبعث في العودة
للحكم هو نوع خطير من انواع
اجتثاث البعث ؟ وهل سبق لحركة
تحرر كانت تحكم وغزت قوة
استعمارية بلدها واسقطت حكومتها
فسلمت بما قام به الاحتلال ؟ ام
انها قاتلت من اجل عودة الشرعية
الوطنية والقانونية ؟
ان منطق الاحتلال الطبيعي هو
انكار حق البعث الطبيعي والمشروع
في العودة ولكنه يصبح منطقا غريبا
اذا تبناه وطني كالكاتب المحترم ،
وتزداد غرابته بتذكر ان الاحتلال
الاستعماري الامريكي تبنى خطة
واصدر قانونا اسمه ( اجتثاث البعث
) أكد فيه ان البعث هو العدو
الاول للاحتلال ومصدر خوفه الاهم
، ولذلك قامت سياساته الدموية
الفاشية على تصفيته جسديا
وايديولوجيا وسياسيا وتنظيميا
وحرمان مناضليه حتى من الوظيفة
والعيش ، فهل لهذه السياسة
الاستعمارية من معنى يفرض على كل
وطني دعم البعث بغض النظر عن
موقفه السابق منه ؟ وكيف تتجلى
الروح الوطنية اذا لم تتجلى في
ادراك ان البعث كان مقاتلا صلبا
للاستعمار وانه اسقط بسبب سياساته
التحررية ؟
2 – ولا ندري لم نسى الكاتب ان
البعث هو من تخلى عن السلطة من
اجل المبادئ ، فلو كان البعث يريد
السلطة لما تمسك بمواقفه القومية
والوطنية خصوصا رفضه اي تراجع عن
تأميم النفط ، وهو احد اهم هدفين
لامريكا ، كما رفض المساومة على
قضية فلسطين ، وهو الهدف الاهم
الثاني للاحتلال الذي اراد التخلص
من نظام رفض الاعتراف بالكيان
الصهيوني واعد نفسه والعراق كله
لمواجهته . كما يجب عدم نسيان
حقيقة اصبحت معروفة وهي ان البعث
لو اراد السلطة الان لعقد مساومة
مع امريكا وهي تريد ذلك ، ولكن
هذه المساومة لن تتم الا على حساب
مبادئ البعث وسياساته التحررية
لذلك رفضها واصر على مواصلة
المقاومة المسلحة من اجل التحرير
بقوة البندقية .
أذن كيف نفسر موقف الكاتب وهو
وطني لكنه يدعم واحدا من اهم
اركان خطة احتلال العراق ؟ ربما
لا تفسر غرابة موقف الكاتب الا
اذا تذكرنا ( عقدة البعث ) ، إذ
رغم ان البعث يقاتل الاحتلال
الامريكي ، ويقدم الاف الشهداء
شهريا ويدافع عن العراق والامة
العربية ويقدم أنموذجا لمقاومة
يتيمة ولكنها قهرت اعتى قوة
استعمارية في التاريخ ، نجد وطنيا
وقوميا عربيا يعترف باحدى اهم
نتائج الاحتلال ويريد تكريسها وهي
قبول اسقاط النظام الوطني واعتبار
وجود رغبة بعودته للسلطة – على
افتراض انه يريد ذلك – عملا
مرفوضا ! بأي معيار ووفقا لأية
قاعدة وطنية وقومية يحرم البعث من
حقه الطبيعي ، لو اراد حقا ،
العودة للسلطة ؟ وكيف نفسر هذا
الموقف خارج سايكولوجيا عقدة
البعث ؟
3 – والاغرب ان الكاتب الوطني
والقومي يتهم الطرف الابرز في
المقاومة ب ( انه يعمل في اطار
قواعد ايديولوجية صارمة تستثني
وتستبعد وتفتح جبهات فرعية لا
حاجة لفتحها ) ! لم يقل لنا من
استبعد واستثني ؟ ولم يقل لنا ما
هي الجبهات الفرعية التي فتحها
ولا حاجة لفتحها ! هكذا اطلق
العنان لنفسه لاتهام الطرف الابرز
في المقاومة بما ليس فيه ! لم يكن
الكاتب محددا ويذكر اسما واحدا
استبعدناه ، ولم يقل لنا مع من
فتحنا جبهات ثانوية ؟ نعم هناك
الكثير من العناصر التي تهاجمنا
ونكتفي بالصمت غالبا حرصا منا على
تجنب الانجرار الى معارك جانبية ،
واذا اضطررنا للرد فاننا نوضح
الحقائق ولا نفتح جبهة ثانوية .
الامر الاكيد هو اننا لم نهاجم
احدا بمبادرة منا على الاطلاق ،
ولم نفتح جدلا مع احد اطلاقا وكنا
في كل الحالات مدافعين ولم نكن
مهاجمين ، باستثناء الاحتلال ومن
يخدمه حيث كنا ومازلنا مهاجمين
ومبادرين ، ولذلك وكي يتاكد من
صحة ما اقول ارجو من الكاتب ان
يذكر حالة واحدة كنا فيها من
يبادر فيهاجم تنظيما وطنيا اخرا
او شخصية وطنية اخرى .
وهنا يجب ان نشير بوضوح تام الى
انه ربما يقصد الموقف من ايران
وحزب الله ، فاذا كان الامر كذلك
، وهو كذلك كما نعتقد ، لاننا لم
نفتح معركة مع احد غير الاحتلال
ومن دعم الاحتلال وتعاون معه
مباشرة ، فان السؤال الذي يجب
عليه ان يتعامل معه هو : هل فتح
البعث جبهات ثانوية ؟ ان نظرة
لواقع العراق تؤكد بلا ادنى شك
بان ايران هي الشريك الاهم
لامريكا في غزو العراق ، وان حزب
الله هو الماكيير المختص والمكلف
بتجميل وجه ايران كلما تقبّح في
العراق ، فهل احتلال العراق
واشتراك ايران فيه بدور رئيسي
وحاسم موضوع ثانوي كي نسكت ؟
ولماذا ينكر ان ايران وليس
المقاومة العراقية هي من فتحت باب
الصراع الرئيسي ؟
4 – من الامور الغربية في حالة
المقاومة العراقية تجاوز البعض
عليها رغم انه يعترف بانها هزمت
امريكا في المعركة الرئيسية في
العالم ، وان امريكا هي القوة
الاستعمارية الرئيسية في العالم
الان التي تقاتل المقاومة
العراقية . نرى الكاتب يريد جعل
الثورة الجزائرية مثالا ايجابيا
وهذا امر لا غبار عليه ، ولكن لم
هذا الاصرار على الحط من شأن
مقاومة غير مسبوقة في التاريخ
ووصفها بما ليس فيها ؟ ولم يعرف
الكاتب الكثير والممتاز عن
الثورات الاخرى لكنه ( يبدو )
كانه فقير بمعلوماته عن الثورة
العراقية المسلحة ؟ هل حقا انه لا
يعرف ام انه متأثر بسايكولوجيا
عقدة البعث ؟ وهل مسموح لوطني او
قومي عربي ان لا يعرف ما هو مطلوب
لتقويم اعظم واخطر تجربة مقاومة
في العالم كله ؟ وبالمقابل لم هذا
الاصرار على تعظيم الصغير ، وهو
حزب الله ، الذي فقد صفة المقاوم
بعد تحرير جنوب لبنان ، مقابل
تقزيم العظيم وهو المقاومة
العراقية التي مرغت انف امريكا في
وحل الهزيمة ؟ لمصلحة من ذلك
الموقف ؟ وهل سبق لكتاب يدعمون
مقاومة ان حاولوا تقزيمها في
كتاباتهم مع انها عظيمة وعملاقة
في افعالها الميدانية ؟
5- ما هي القواعد الايديولوجية
الصارمة التي تمسكنا بها ؟ واين
عبرنا عنها ؟ ان هذا الكلام غريب
حقا فنحن لم نطرح قضايا
ايديولوجية منذ الغزو ولا جعلنا
منها عامل تخريب لوحدة المقاومة ،
بل ركزنا على الستراتيجية
والعلاقات الستراتيجية من اجل ان
نوحد الصفوف .
اما ما يجعلنا قلقين اكثر فهو
اننا ، ونحن في امس الحاجة الى
الكتاب الوطنيين للدفاع عنا ضد
حملة الشيطنة التي تقوم بها
الاجهزة الاعلامية الامريكية
والاسرائيلية والايرانية وتصرف من
اجلها ملايين الدولارات سنويا ،
نواجه موقفا مخيبا للامال من قبل
بعض هؤلاء الكتاب لانه يقوم ،
بشكل ما وبطريقة ما ، على شيطنتنا
! اليس اتهامنا بما ورد في اعلاه
شيطنة ؟ ترى اذا كنا لا نستحق
الدفاع عنا ونحن نقاتل امريكا منذ
عام 1991 وحتى الان ، وهو قتال لم
يخض مثله احد لا من العرب ولا من
العجم ، بما في ذلك الفيتناميين ،
فمن يستحقه ؟ واذا كنا نستشهد
وقدمنا اكثر من 170 الف شهيد بعثي
منذ الغزو فقط الا نستحق ان يقال
لنا ( بارككم الله ) من قبل
الوطنيين ؟ المحزن ان من نتوقع
منه كلمة طيبة يردد معلومات غير
صحيحة تسيء الينا وتشوه صورتنا .
يسقط منا 170 الف شهيد ويعدم
الاحتلال قادتنا ، وعلى راسهم
رئيس دولتنا الشرعي بقرار امريكي
وتنفيذ ايراني ، ونقاتل اعتى قوة
استعمارية في التاريخ في ساحة
الحسم الرئيسية في كل العالم
ونمرغ انفها في الوحل ، ومع ذلك
نجد ان بعض الوطنيين اما يمارسون
الصمت بازاءنا او يبحثون عن حجة
لنقدنا بصورة ظالمة وخاطئة ونحن
نذبح ! ومقابل ذلك نلاحظ بدهشة ان
نفس هؤلاء يبالغون في اهمية ودور
جهات اخرى تخوض صراعا ملتبسا
وتدور حوله الشبهات ويضعون
اقلامهم في خدمتها ! لماذا هذه
الظاهرة ؟ لماذا يحق لحزب الله ان
ينطق باسم ايران ، ويعمل من اجل
ايران ، ويشعل المعارك لمصلحة
ايران ، ويقتل لبنانيين في لبنان
من اجل ايران ، ويدرب ارهابيين
عراقيين لدعم الاحتلال ( ونضيف
الان للدراسة معلومة جديدة وهي ان
حزب الله درب ودعم الحوثيين في
اليمن على حرب الجبال ) ؟ الا
تثير ادوار حزب الله هذه المشاكل
والازمات في الوطن العربي وتضعف
الاقطار العربية ؟ ورغم ذلك يسكت
هؤلاء على هذا الدور التخريبي
والخطير وكأن حزب الله صنم مقدس
لا يمس ؟
ولم تضخم احداث عادية الى درجة
الدهشة مثل اطلاق سراح اسرى او
تبادل جثامين ، وهي مسألة انسانية
عادية سبق لمصر والاردن ان قامتا
بمثلها بهدوء وبدون دعاية ؟ ولم
تضخم اعمال فردية وتمجد على نحو
غريب ، كقنص جندي اسرائيلي او
خطفه ، ولكن وفي نفس الوقت تقوم
المقاومة العراقية بعمليات بطولية
خارقة ضد قوات الاحتلال الامريكي
ولا نجد من بين هؤلاء المصفقين
لايران من يكتب عنها ولا من
يقدرها حق قدرها ؟ هل هناك اشياء
لا نعرفها تحرك وتتحرك باتجاه
خاطئ ؟
ملاحظة حساسة جدا : الا ترون ان
هذا الظلم للبعث والمقاومة
العراقية ينمي روح الانفراد
بالسلطة لدينا مادام الاخرون لا
يظهرون مواقف عقلانية او منطقية
تجاهنا تخدم هدف التحرير ؟ الا
يشير هذا الموقف من البعث
والمقاومة العراقية الى ان احداث
العراق السابقة للغزو ، ومنها
الصراعات بين القوى الوطنية ،
كانت نتاج العقلية التي لم يغيرها
الاحتلال بكل كوارثه وبقيت مصرة
على مناكفة البعث ورفض دعمه لمجرد
الانسياق وراء موقف سابق وراي
سابق ؟
يتبع
مطلع كانون الاول 2009
ملاحظة كتبت هذه الدراسة بين
أيار/ مايو و آب / اوغست 2009
لكنها تركت مؤقتا ولم تنشر ،
والان ننشرها بعد اضافة تصريحات
ايرانية جديدة اطلقت في الاسابيع
الماضية ، ووقوع احداث في ايران
ولبنان وغيرهما اكدت ما ورد فيها
.
|