في الجزء الاول من مقال "أمريكيون
أعترفوا..وعراقيون خذلونا"سلطت
الضوء على سلسلة أعترافات لجنود
سابقين في الجيش الامريكي في
العراق شاركوا في"مؤتمرجندي
الشتاء 2008" المثير للجدل
مُعترفين بجرائمهم وجيشهم في
العراق وفي هذا الجزء سأستكمل
أعترافاتهم بالاساليب التي
أنتهجها الجيش الامريكي كاشفين
النقاب عن طلاسم هذا الجيش
والغازه المحيره في العراق
وأساليبه الشيطانيه بالتمويه
والتضليل عن جرائمه أمام الرأي
العام.. حيث أن الحقائق التي
كُشفت في هذا المؤتمر كثيرة
وخطيرة بأضهارها حجم الخدع
والاكاذيب التي مارسها
الامريكيون,محاولتاً منا للبحث عن
دليل جديد لتجريم"الحرب
والاحتلال"على العراق, بأعترافات
الجناة أنفسهم مستنداً بالقول "من
فمُك أدينك"وليس من المجني عليهم
"الشعب" الذي لايُسمع صوته
المبحوح بين دوي الانفجارات
وأصوات الطائرات والمصفحات وبين
صرخات الابرياء وعويل النساء التي
تزاحمت بها حتى أعالي السماء...
كم كنت اتمنى ان إكون حاظراً في
مؤتمر "جندي الشتاء "لاأرى "جون
مايكل ترنر" المجند السابق في
الجيش الامريكي الذي سبق وتحدثت
عنه في الجزء الاول وهو يرمي
ميداليته العسكرية إرضاً معلناً
بقوله..
"لم إعد موضفاً عندكم" مخاطباً
روساءه في قوات المارينز متحدثتاً
أمام العشرات من الجنود الامريكين
الحاظرين في المؤتمر..
ومارواه "جايسون واشبرن" الذي خدم
في المارينز في بلدة حديثة غرب
العراق بقوله"أن الضباط كانوا
ينصحون جنودهم بحمل إسلحة وإعتدة
أحتياطية في سياراتهم في حال
اطلقوا النار على مدني في
الشارع... في هذه الحاله وكما ذكر
واشبرن كان الجنود يرمون قطعة
السلاح على الجثه ويدعون انهم
اطلقوا النار على الرجل لانه كان
مسلحاً أو لانه كان يزرع عبوة
ناسفه على طرف الشارع"...
ويضيف "واشبرن" بأن أكثرية
المدنين الابرياء الذين رأيتهم
يُقتلون كانوا من "سائقي التاكسي"
حيث أن أي شخص يقترب من نقطعة
تفتيش أو عربة عسكرية أمريكية
معرض لاطلاق النار من دون سؤال.."
مازلنا وأعترافات "جندي الشتاء"
ورواية اخرى لمجند سابق في
المارينز "جايسون لوميو"حيث أستهل
حديثه بتذكر بعض الاوامر التي
اعطيت له ولمجموعته حيث عمل في
محافظة الانبار غرب العراق في
بداية عام 2004 ويروي احداث
المعركة التي خاضها في بداية
العام مع مجموعته في الانبار
بقوله عدم التزامنا "بقواعد
الاشتباك" المتعارف عليها, حيث
يروي تلقيه الاوامر ومجموعته
"بالقواعد الجديده" والتي قضت
بقتل كل من يرتدي دشداشة سوداء
ولفة رأس حمراء ..ويذكر لوميو بعد
ساعتين من هذه الاوامر أتت أوامر
بقتل كل من في الشارع بأعتباره
"عدو ويجب قتله"...
ويستمر المجند لوميو بالتحدث عما
حدث في يومه العنيف في محافظة
الانبار بقوله "وصلنا الى زاوية
شارع ورأينا مجموعة عراقين غير
مسلحين خرجوا من أحد المنازل
ورأيت رفيقي يصوب سلاحه نحوهم
ولسبب ما نسيت ماجرى بعدها لكنني
إذكر أنني عبرت فوق جثث الرجال
لادخل الى المنزل وأتأكد من عدم
وجود احد فيه"..
ويضيف" لوميو" بعد يومين فقط من
تطبيق "القواعد الجديده" كان ضباط
المارينز يحتفلون بقتل "مائة من
المقاتلين الاعداء" ولم يكن
هؤولاء سوىمدنين أبرياء من سكان
المدينة الذين صادف وجودهم في
الشارع في وقت غير مناسب...ويذكر
لوميو أن اساءة استخدام قواعد
الاشتباك المسلح كان السبب
الرئيسي في خروجه من الجيش ويقول
"إن إساءة استخدام قواعد الاشتباك
المسلح في العراق لاتدل على عدم
كفاءة إستيراتيجيه فحسب ولكن
ايضاً على معرة أخلاقية وعلى من
وضعوا هذه القواعد أن يخجلوا من
أنفسهم..ولذلك يجب إن تُسحب
قواتنا فوراً من العراق"..
كما لم يخلوا "جندي الشتاء" من
مفاجأته حيث لم تقتصر الشهادات
داخل قاعة المؤتمر على الجنود
الامريكين بل شملت ايضاً شهادات
عراقين كانوا ضحايا لممارسات
الجيش الامريكي في العراق تواجدوا
جنباً الى جنب مع هؤولاء الجنود
"التائبين" حيث تقدم "سلام"
البالغ من العمر أثنان وثلاين
عاماً الطالب في هندسة الكومبيوتر
والذي كان يعمل صحفي في العراق
وهو "مقعد" ليروي قصته مع الجيش
الامريكي حيث "تأسف سلام " لتحول
هؤولاء الشباب الى مجرمين بغير
ارادتهم في اشارة الى الجنود
الذين أدلوا بشهاداتهم.."
واضاف سلام قائلاً "شخص يقتل
شخصاً أخر ثم يقف ليأخذ صورة مع
الجثة وأخر ينتزع وجه الجثة ليأخذ
صورة معه,لاأستطيع إن أتخيل إن
إمرءاٍ يقدم على هذه الاعمال
ويتمكن من العيش معها في ذاكرته
بشكل طبيعي.."
كما أمتدح "سلام" هؤولاء الجنود
الذين ادلوا بأعترافاتهم حول
جرائم الجيش الامريكي في العراق
متأسفين نادمين عليها متمنين إن
يصفح عنهم الشعب العراقي في يوم
من الايام عما اقترفوه بحقه..
استمر سلام بسرد قصته عندما أوقفه
الجنود الامريكين عند نقطة نفتيش
في بغداد وهو يقود سيارته وكان
الجو صيفاً حيث بادر الجندي
الامريكي بأمره بالنزول من
السياره إذ لم يستطع سلام ذلك
لانه "مصاب بشلل الاطفال" وطلب
سلام المترجم لعدم اجادته اللغة
الانكليزية بصورة جيده لكي يشرح
وضعه الصحي,فبدا الغضب كما يقول
سلام على وجه الجندي ونادى طالباً
المترجم الذي ابلغه سلام بأنه
لايستطيع النزول من سيارته لانه
"مقعد" ونقل المترجم قول سلام الى
الجندي مما زاده غضباً ففتح باب
السياره وسحب سلام من قميصه ورماه
ارضاً بدون إي مراعاة انسانية
لحالته الاستثنائيه..
بينما يتحدث سلام بحزناً عميق على
ما اصابه كان جو القاعة الكبيره
الذي يعج بالعشرات من الجنود
يختنق من الحزن والغضب وانفاس
متسارعه وحناجر تحاول تأجيل
الانفجار بالبكاء نادمين على ما
اقترفوه وزملائهم بحق سلام
وامثاله الملايين من الشعب
العراقي..
واستهل المحلل النفسي ومخرج
الافلام الوثائقية "أريك ويرذمان"
الذي حضر جلسات المؤتمر قوله حول
شهادات الجنود" قد تعيد هذه
الشهادات صوراً الى مخيلة الجنود
يحاولون أن ينسوها وهو ما يعرضهم
لردات فعل متناقضه تختلف من شخص
الى أخر"
وأختتم المجند السابق "السرجنت
كوريغون" بشهادته التي لم يبدأ
بسرد قصته حتى أجهش بالبكاء
العميق حيث بدأت مأساته عندما
أرسل الى العراق هو وصديقه المجند
معه في نفس الفرقه ويذكر كوريغون
بأنه بعد وصلولهم العراق بثلاثة
أو أربعة أيام أنتحر صديقه
"مطلقاً النار على نفسه في
الحمام" ما أكمل الجملة حتى أختنق
بالبكاء وتابع "كوريغون" بصوته
المخنوق من البكاء حديثه "هذا
برأيي يدل على أن قادتنا
العسكريين لايقومون بواجباتهم
تجاه الجنود وتجاه العراق,أريد أن
أعتذر لكل الشعب العراقي وأتمنى
أن ينتهي ما يجري بأقرب وقت
ممكن"هكذا ختم كوريغون شهادته...
وهكذا أختتم ما حدث في"مؤتمر جندي
الشتاء 2008" لكن لا أعتقد أنها
النهاية بل هي البداية,مؤتمر جندي
الشتاء ليس النشاط الوحيد
للأمريكين الرافضين "للحرب
والاحتلال" في العراق بل هنالك
الكثير من النشاطات المتميزه داخل
الولايات المتحدة الامريكية
الرافضه للحرب والاحتلال وهي في
تزايد مستمر..
والرسائل الدورية لهذه النشاطات
والتي اتلقاها على بريدي الكتروني
تؤكد لي أن هنالك أمريكيون"يهتمون
بما نعانيه" لانهم بختصار "يعانون
ايضاً" كما نحن نفقد إبناءنا ..هم
يفقدون..مثلما نفقد أخواننا ..هم
يفقدون..مثلما نفقد أصدقاءنا..هم
يفقدون.. مثلما نتلقى خبراً محزن
بقتل عزيزاً أو قريب ونبكي
بعمق..هم كذلك يشعرون.. "لاننا
بشر" والحرب التي شنتها ادارة بوش
وأعانها فيها إراذل الارض ممن
يفتخرون "بعمالتهم"ويعترفون بها
ولايكترثون بما يحدث من مجازر
بأبناء جلدتهم ولا يأبهون الا
بجمع ملايين الدولارات وشراء
العقارات الفخمه في دول العالم
والتناحر بينهم للفوز برضا
أسيادهم ..هؤولاء نخجل من"أنهم
عراقيون"ويجب علينا أن لا ننسى إن
هذه الحرب جعلتناعراقيون
وأمريكيون مكبلين بأغلالها وضحايا
لافعالها. |