أحتلت القوات الإيرانية بئر الفكة تحت منظر ومسمع العالم أجمع متحدية
حتى القوات الأمريكية المستهترة القابعة في بغداد دون أن تحرك هذه
الأخيرة ساكنا؛إيران تحاول وبشتى الطرق فرض سياسة الأمر الواقع من خلال
تصرفاتها الإنتهازية مستغلة الواقع الهش لحكومة تابعة لاتمتلك من
القرار ما يؤهلها لتدير حديقة العاب وليس بلدا بحجم العراق ؛بعد أن
دمرته وأشاعة فيه بوادر الطائفية وتكريس الحكم بالمحاصصة وسط فراغ
سياسي فظيع تعاني منه الدولة العراقية برمتها في ظل غياب مؤسسات الحكم
التي حلها الإحتلال الأمريكي تاركاً الساحة السياسية العراقية فارغة
إلا من سياسيين من الدرجة ما بعد الأخيرة إن أردنا تقييم أدائهم
السياسي.
التبعية التي عليها حكومة بغداد لم تنشأ من فراغ بل جاءت نتيجة خبرة
السنين ودهاء الإدارة السياسية الفارسية وتمرسها في طقوس الشر والتجاوز
وفق نظريات عدة كرست لمبادىء التوسع تلك التي عمل على أرسائها الخميني
الراحل منذ أن قدم الى إيران بعد زوال نظام الشاه السابق رحمه الله؛وقد
تمثلت بل تجلت تلك الأسس العنصرية التوسعية بالأدعاء الإيراني بعائدية
بئر الفكة الى إيران رغم أن كل الحقائق تشير الى عكس ذلك الإدعاء وفق
المنطق الذي لاتعرفه الدولة الفارسية والذي لايؤهل حكومة بغداد للدفاع
عن الحق العراقي المغتصب؛ففاقد الشيء لايعطيه وهو ما تمثل وبشكل واضح
وفاضح في أداء حكومة المنطقة الخضراء التي لاتمتلك قرارها منذ البداية
كونه مرهون بعوامل عدة ليس أقلها الإحتكام الى الأجنبي وتطبيق مايمليه
عليها.
لقد عبر الشعب برمته وبتكاتف واضح وصريح من شماله الى جنوبه عبر
مظاهرات عديدة أوصلت رأيه بوضوح وصوته بلا رتوش عالياً مدوي يقول
للإحتلال الفارسي لا ومثله للأمريكي القبيح؛وهو مايخالف وضع الحكومة
التي تطالب دوماً ببقاء قوات الإحتلال وعدم رحيلها لضمان بقائهم في ما
هم فيه من ذل ومهانة؛لقد جاء صوت أبن البصرة مطابقاً لأبن كربلاء
المقدسة وهو ماشابه هتاف أبن بغداد بصوبها وابن الأعظمية النجيبة أن لا
وألف لا للإحتلال؛مما يدلل على أن الشعب واحد والعراق واحد لايتجزأ
مهما كثرت التضحيات ومهما تكالبت عليه المحن والأهوال؛وسيبقى الى يوم
يبعثون شعب واحد يوحده ذلك الآرث الحضاري العريق الذي خلق هذا النموذج
الرائع من التلاحم والتآزر في وقت المحن؛وليكشف أن من في المنطقة
الخضراء لايمثلون إلا أنفسهم وأحزابهم الطائفية التعسة والتي جرت
الويلات على البلاد وأهله بجهلها وغبائها وأنتهازيتها المفضوحة.
أن صورة الفكة كشفت ما تدعيه الحكومة من أستغلالية زائفة مشوهة وغير
حقيقية ؛كما كشفت البعد الذي تقف عليه تلك المجاميع المجرمة من الشعب
وحجم التفريط بحقوقه؛ومن جهة أخرى كشفت النوايا التوسعية للنظام
الإيراني تجاه العراق وأرضه وحجم ما تضمره من عداء لهذا الشعب العربي
الجبار؛وبينت مدى التعاون والتنسيق المفضوح فيما بين طرفي الإحتلال
الفارسي والأمريكي ولعب الأدوار المشتركة على الساحة العراقية؛وهو ما
أدى الى غض الطرف عن التجاوزات الفارسية بحق العراق وعدم التطرق لها أو
التحدث عنها أو صدها كون الإحتلال الأمريكي هو المسؤول عن حماية العراق
وأهله ومن مهمته وفق المواثيق الدولية ؛هذا غن كان هناك من مواثيق
فعلا؛ وعدم إفساح المجال لأي كان للتجاوز على أراضيه أو حتى التدخل
بشؤونه الداخلية لا قتل أهله وممارسة الإجرام على كل أجزاءه.
وما صفقة اطلاق الرهينة البريطاني إلا شاهداً على ماجاء بكلامنا ؛مما
يترك لنا مساحة كبيرة للتسأؤل لماذا لم تطالب بريطانيا ومن قبلها
الولايات المتحدة بتطبيق أحكام الإرهاب على النظام الإيراني بعد أن ثبت
وبالملموس أن من أحتجر الرهائن الإنكليز ومن ثم قتلهم والإبقاء على
واحد منهم فقط ثم أطلاق سراحه هي إيران ؛وإن من يقوم بكل تلك الأحداث
الدامية المجرمة في العراق هي إيران؛ وهي التي تعمل على تهريب كل أنواع
السلاح والعتاد للمليشيات العاملة على الساحة العراقية ومن ضمنها فيلق
القدس وبأعترافات القادة الأمريكان أنفسهم ؛هذا أنا الفقير الى الله
أعلمه ويعلمه كل أهل العراق الشرفاء؛فما بال أمريكا .
اليوم وبعدأن تم تدمير العراق لصالح إيران ومن قبلها الكيان الصهيوني
نرى أن الجارة الفارسية تطالب بترسيم الحدود التي تجاوزت عليها وأحتلت
بئرا عراقيا صرفا؛سالت عليه دماءً طاهرة زكية من أجل الحفاظ على
عراقيته لتفرض أمراً واقعا لايتم تجاوزه عند عقد أي جولة مفاوضات تخص
الحدود بين البلدين؛والتي من المؤمل لها أن تكرس هذا التفريط بالحق
العراقي؛إيران تريد فرض سياسة الأمر الواقع لتملي شروط مجحفة في ظل ضعف
الدولة العراقية؛فهل من رادع؛لاأتصور ان هذا الرادع موجود اليوم على
الساحة العراقية بعد ان رحل صدام حسين رحمه الله غدرا وغيلة.
|