ناسك زاهد, متعبد في محراب القضية
الفلسطينية, صاحب إيمان راسخ
بالله وما أنزل في كتابه الكريم
مردداً آيات من القرآن الكريم,
(بسم الله الرحمن الرحيم,
"وليدخلوا المسجد الحرام كما
دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علو
تتبيرا" صدق الله العظيم) . مؤمن
بالنصر, وبأن شبلاً من أشبال
فلسطين سوف يرفع راية فلسطين فوق
أسوار القدس.
كسر حاجز الصمت العربي بطلقات
سجلت فتحاً في مسيرة شعبنا
الفلسطيني بل في مسيرة امتنا
العربية, بأن المقاومة هي الطريق
لتحرير فلسطين. لم تكن المبادئ
شيئاً مجرداً بل جعلها واقعاً
يمارس وحياة يعيشها. تحدى الأطر
الجامدة ورتابة الأنظمة في
معالجته القضية وفرض قوانينه
للصراع فغدا القائد الرمز لكافة
المؤمنين والمجاهدين من أجل
فلسطين ومن اجل قضايا الحق ونصرة
الشعوب.توج حاملاً لراية الثورة
العالمية ما بعد تحرير فيتنام,
وفرض القضية الفلسطينية كقضية
أولى على أجندة المجتمع الدولي
بعد أن كان قد لفها النسيان
والرهانات الخاسرة.
حريص على الوحدة الفلسطينية بما
تمثل من فصائل ،. لم تغب عنه
التفاصيل والوصول إلى القواسم
المشتركة على طريق المقاومة كان
دائماً هدفاً له وقد قال في ذلك
الشهيد القائد الوطني الكبير جورج
حبش" يا أخ أبو عمار نحن نختلف
معك ولا نختلف عليك" ,لأن القائد
الرمز أبو عمّار لم يكن قائد فتح
وحسب وإنما هو قائد لمسيرة الشعب
بكل فصائله وبمختلف مسمياته.
وجد فيه المظلومين نصيراً
والمعوزين صديقاً, كان أخ من لا
أخ له, ويقضي حاجة الفقير ويفرج
كرب المعوزين, وبنى للشعب
الفلسطيني كل ما يخفف من آلامه
ويزيد من صموده على طريق التحرير,
كان دائماً في مقدمة الصفوف.
يملؤه الإيمان مدفوعاً بقوة الحق,
مؤمناً بأن ما يصيبكم إلا ما كتبه
الله لكم. عرف مختلف المواقع
المتقدمة وجاب الأرض مع المقاتلين
ورغم ضعف الإمكانات الفلسطينية
كانت دائماً له الكلمة العليا في
الصراع.
خاطب دول العالم في جينيف ممثلة
بالجمعية العامة من موقع الثائر
الذي لم يترك سلاحه يوماً مناشداً
أن لا يسقطوا غصن الزيتون من يده
قائلاً "جئتكم أحمل البندقية بيد
وغصن الزيتون باليد الأخرى فلا
تسقطوا غصن الزيتون من يدي". كان
مؤمناً أن الحقوق لا تعطى مجاناً
بل تنتزع, وأن الحياة هي للشعوب
المناضلة والمجاهدة في سبيل
حقوقها. وأن خيار المقاومة هو
خيار باق ومستمر وأن شعبنا قادر
على العطاء والتضحية.
إيمانه المطلق بأن ما أخذ بالقوة
لا يسترد بغير القوة , وأن شعب
الجبارين قادر على انتزاع حقوقه
مهما علت التضحيات, ومن هتافاته
في الجماهير "عالقدس رايحيين
شهداء بالملايين" أسطورة الطفل
الشهيد فارس عودة الذي واجه
الدبابة الإسرائيلية بالحجارة لم
تغب عن ذهنه يوماً فكان دائماً
يردد اسمه بين الجماهير مخلداً
فيه صورة شعب أبي صامد مقاتل مسلح
بالإيمان, ومستعد للتضحية
والفداء.
صاحب القرار الفلسطيني المستقل,
كان مع توجه العرب إلى فلسطين
لكنه لم يكن مع استخدام العرب
لقضية فلسطين, قاتل محاولات
الاحتواء والتبعية بكل ما أوتي من
قوة. وفرض الرقم الفلسطيني الصعب
على المجتمع الدولي.
لم تنل منه محاربة الأشقاء بل
آلمه أن ينقلب هؤلاء إلى أعداء.
حريص على وحدة الصف, بابه مفتوح
للتائبين الذين غابت عنهم صورة
الحقيقة في تشابك الأحداث. لم
يعرف الحقد قلبه المليء بالمحبة
ولا عجب في ذلك فهو القائد والرمز
والمجاهد.
في حصار بيروت أذهل العالم بصموده
وصبره, لم ينل منه الحصار ولم
ترهبه الطائرات التي لم تغادر
أجواء بيروت لا في الليل ولا في
النهار بل كان دائم التجوال على
المواقع متابعاً لحاجات الناس من
رغيف الخبز وحتى الماء. استهدف
مرات ومرات لكن ذلك لم يزده إلا
قوة ورباطة جأش حتى أن أقوى جيوش
العالم وقف عاجزاً أمام جدار قوة
إصراره وإرادته التي لا تلين
والتي تجسدت في المقاتلين من
حوله.
وعندما سؤل إلى أين أنت ذاهب يا
أبا عمار أجاب " إلى القدس"
لم يؤلمه مواجهة العدو بل كان
أمراً يسعى إليه لكن ما أحزنه ان
يشترك الأشقاء والأعداء في
استهداف القضية, وقد قال في حصار
طرابلس ماذا أقول لأبنائنا
وللأجيال القادمة, حيث نواجه قصف
الأعداء من البحر وقصف الأشقاء من
البر.
عمل على إعادة وحدة الصف
بالمؤمنين من مؤيديه وأنصاره
وحلفائه فأكد الشرعية في وجه
محاولات تزوير إرادة شعبنا
الفلسطيني و الذين حاولوا إخراجه
من بعض المواقع فأخرجهم من
القضية.
عاد مظفراً إلى فلسطين بعد
انتفاضة شعب قاوم الاحتلال وتمسك
بشرعية القائد الرمز وفرض نفسه
الرقم الصعب. وكرس إرادته , لكن
إسرائيل أرادت أن تحول السلام إلى
استسلام والنصر إلى هزيمة واشتد
الصراع, وامتد الحصار على القائد
الرمز والذين أرادوه أن يكون
أسيرا أو طريداً. فأشهر ببندقيته
التي لم تفارقه يوماً وقال كلماته
المأثورة يريدونني أسيراً أو
طريداً ولكنني أقول لهم شهيداً,
شهيداً,شهيداً.
وقف العالم مأخوذاً بشجاعة القائد
وشدة مقاومته وعمق إيمانه . حتى
نقل عن بيريز قوله " يكفينا قتل
مسيح واحد" في التاريخ.
القائد الشهيد أبو عمار خالد في
ذاكرة كل ثائر و باق في ضمير
الشعب الفلسطيني رمزاً لكل
المناضلين والمجاهدين ومثالاً
لكافة القادة المؤمنين بالقضية
والشعب.
خالد في ذاكرة الأجيال إلى جانب
القادة العظام ، خالد بن الوليد
وصلاح الدين الأيوبي وهوشيه منه
وبسمارك وديغول وشهيد الحج الأكبر
الرفيق صدام حسين . |