وحدة مناضلي البعث ووحدة المقاومة العربية ضرورة في عصر النهايات الذي ينبغي ان ينتهي

القدس تناشد وتصرخ وتستغيث وما من ملبٍّ لنداءاتها واستغاثاتها... المستوطنات ملأت القدس وما من معارضٍ حقيقيّ لها.. الأقصى في خطرٍ والنظام العربي الرسمي والشعبي ( يجعع ) عبر الاثير .

العراق احتلت ودمرت وقدمت للفرس المجوس على طبق من ذهب ، والنظام العربي الرسمي يتضاحك ، والجماهير العربية تلطم على الخدين ( كالنساء ) .

الاحواز ، و جزر الامارات ، والجولان ، وجنوب لبنان ، وكل فلسطين ، صاروا في خبر ( كان ) فعل ماض ناقص . و إسرائيل" ماضية في مخططاتها التهويدية ، والنظام العربي الرسمي مستسلم خانع وغارق في ذله . والمحظور قد وقع والكارثة حلت والسد انهار وحلم النهضة العربية قد وئد يوم احتل العراق نيسان 2003 ، حيث لم يعد هناك اثار لأقدام امجاد مرت من هنا ، واصبح الوطن مسيجا بالغزاة مزروعا في عراء الذل ، نائما من وهج الهزائم والفضائح ، ننهزم ونتغنى بالنصر المبين ( ميراج طيارة هرب والميغ تتحدى القدر ) والعبض يفلسف هزيمة الامة في حزيران 1967، على انها انتصار ما دامت الثورة لم تسقط . رابات الهزيمة حسبوها رايات نصرا ودخلنا عصر الظلمات الجديد ، ورضينا بالهوان وهو لم يرضى بنا !

لنفترض جدلا ان هذا القلق المضني قد نشط عقل الامة المترهل وحرك جموده واحيا خلاياه الميتة في ( حمام تركي ) . لمصلحة من طبقات المثقفين والنخب الصانعة للابداع ، تتناول الاموات في قبورهم ( اذكروا حسنات امواتكم ) لا يعرفون عنها ، يهدرون بتعابير منطوقة ومكتوبة ، دعوات الى الفعل . لكن أي فعل ، والمشهد العربي اليوم هو مشهد زوال ، أكثر مما هو مشهد حضور ، والفعالية العربية اليوم هي فعالية التبدد اكثر مما هي فعالية النسج . و المؤسسات المتعددة للأنظمة العربية لا النظام السياسي وحده في حالة تخبط ، والنخب العربية الفكرية والثقافية ، لم تكن بمثل هذا التمزق والضياع ، في اقاماتها وهجراتها ، كما هي عليه اليوم . والمثقفين الذين ينقصهم الوحي الطالع من مناخات تخلق لهم الدفع والحيوية ، ليحددوا اهدافهم ، نياما في كهف السلطة وظلال انقسامها . فالارض خراب ، والرجال جوف ، والمشاعل العربية مطفأة .

قبل ان ندعوا للوحدة العربية من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي ، ونكون شعبا واحدا ، شعب عربي واحد نكافح جميعا متحدين متكاتفين من اجل حقنا في الحرية ومن اجل حقنا في الحياة ، نكافح جميعا ضد الاستعمار . ربما يكون من المفيد ان ندعو لوحدة مناضلي حزب البعث العربي الاشتراكي ووحدة المقاومة العربية على امتداد الوطن العربي كضرورة حتمية من اجل التقدم والبناء وعودة الامور الى وضعها الطبيعي ولتكون نواة ونبراسا لتصحيح الوضع العربي ، واعادة امجاد الامة العربية الى ما كانت عليه في عهد الدولة العربية الاسلامية الكبرى وهذا أضعف الايمان .

انا الست بحاجة ليعرفني احد ان العرب امة مجزأة والعرب امم قائمة لكل امة خصوصيتها وبنيتها الاقتصادية ووضعها الاجتماعي ثم السياسي ، واعرف ان البعث صار مدارس يسار ويمين .. قطري وقومي . ولكنني اسال رفاق البعث على مختلف مدارسهم ومشاربهم : متى تستدركون مخططات الاستعمار الغربي والفارسي الجديدة ، وتعملوا بصدق وتتساموا فوق الجراح وتوحدوا الصف والنضال والجهاد من اجل امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ؟ ان جمال عبد الناصر كان يحكم الوطن العربي من مغربه الى مشرقه رغم وجود الدويلات العربية الاثنتين والعشرين ، بمعنى انه كان يحدد العلاقة بين الشعوب وحكامها في المنطقة العربية اي من الخليج الى المحيط ، ولقد بدأ عبد الناصر معاركه الوطنية والقومية من مصر ، فعمل على وحدة الشعب وبناء الجيش ، واستطاع بكفاءة ان يخوض معركة تحرير الارادة الوطنية عندما واجه الغزو الثلاثي سنة 1956 م وكان قد حدد بكل وضوح مجال تحرك ثورته عندما تحدث عن الدوائر الثلاث ( العربية والافريقية والاسلامية ) ثم العالمية . وعندما اغتيل صدام حسين رفعت الاقليمية عقيرتها كما هو الحال دائما عندما يموت القادة الاقوياء الذين يصنعون التاريخ ، يظهر اولئك الذين يعبثون بالتاريخ ويلعبون بمصائر الشعوب ، فماذا نرى الأن في وطننا العربي من المحيط الى الخليج ؟؟

لمصلحة من تناولنا لتاريخ من انتقلوا الى الرفيق الاعلى ؟ لمصلحة من نكران منجزات تحققت في سورية والعراق يعرف عنها القاصي والداني ؟ ما ذا يعني للعرب ذهاب الاحمق بوش ومجيء الغافل باراك اوباما ؟ نجحت انجيلا ماركل او خسرت ، ما دامت اوطاننا محتلة ، والسجون والمعتقلات الداخل فيها مفقود والخارج مولود ، والفقر والتخلف والقهر والاضطهاد سمة عربية ، والحاكم الفعلي السفير الاميركي والسفير البريطاني ؟ و بطول الوطن العربي وعرضه : يقبض على الانسان بغير امر قضائي ، يدخل السجن ويظل عشرون عاما بلا محكمة ، التنصت على مايجري في البيوت ، والاقتحامات مع الفجر لغرف النوم بغير أمر من النيابة ، يعذب العربي بريئا كان ام مجرما .

اساليب الامس لا زالت الى اليوم ، نتقاذف بالكلمات بدلا عن المناقشة الموضوعية ، سياسة بلداننا العربية تدبر في غيبة الملايين و تكره النور حتى لا يعرفها الشعب . تقصف أقلام الكتاب ، وتفرض الرقابة على الصحف ، ويطرد الصحفيين من صحفهم ، ونتغنى بحرية الصحافة ! و باختصار العربي متهم في وطنه حتى لو ثبتت براءته ، والسياسي العربي لو انتهت مدة محكوميته مراكز القوى لا تفرج عنه بل تضعه في المعتقلات الى اجل مسمى ( قانون طواريء ) فهذه هي المصيبة الكبرى عندما تصبح الاجهزة الامنية فوق القانون .

بين الحين والاخر اقرا للبعض اتهامات لحزب البعث العربي الاشتراكي ، ونكران لما قدمه قادته التاريخيين من تضحيات جسام ولما يخدم الامة . انا لا اريد مناقشة انجازات ومواقف قادة البعث : ميشيل عفلق وصلاح البيطار واكرم الحوراني وجلال السيد وزكي الارسوزي وصدام حسين وحافظ اسد ونور الدين الاتاسي وامين الحافظ وصلاح جديد وغيرهم ممن قدموا الغالي والرخيص من اجل الامة . ولكنني اريد ان اقول للحاقدين والموتورين وناكري الجميل اتقوا الله وارحموا الموتى بدلا من الشتم حتى الاندهاش ، وان اثارة العادات والمفاهيم الاجتماعية والدينية المتخلفة والسلفية ، واثارة الغرائز على هذا الاسلوب ، وبالغش والدجل والشعوذة والكذب وحسب مقتضيات ومتطلبات اعداء الامة . شيء مخجل ولكنه بكل الحالات والوجوه متوقع .

وليس امام مناضلي البعث الا وحدتهم ، و المقاومة العربية وحدتها ، و جماهير الامة الا مزيدا من التضحية والعمل الدؤوب والصبر الذي لا ينفذ . ومن الواجب ان نقول دون مبالغة ان القومية العربية روح عظيم لا يكاد يدركه الرجل حتى يتحول الى حركة وامل وقوة ونظر بعيد .

و عصر النهايات ينبغي ان ينتهي .

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال