إعتمد المجلس
الإسلامي العراقي في الآونة
الأخيرة إدعاءات واساليب جديدة
تختلف في ظاهرها عن النهج الذي
كان يتطابق كلياً مع الإستراتيجية
الأمريكية في العراق القاضية
بإخراج العراق خارج التوازنات
الأقليمية والدولية كدولة مؤثرة
على المستوى الأقليمي في المنطقة
وإزاحته كعامل نهضوي من خلال
الغزو والإحتلال الأمريكي
الإيراني الذي وقع على العراق
وخارج نطاق القانون الدولي
والشرعية الدولية ، والعمل على
إيجاد فكرة التقسيم والفيدرالية
التي تبناه المجلس الأعلى العراقي
وإقامة الأقاليم في جنوب العراق
وتعزيز فكرة الإنفصال في شمال
العراق كما يحذو الحزبين الكرديين
الإنفصاليين إستناداً للتقسيم
الطائفي الذي جاء ت به قوات
الإحتلال الامريكي والأحزاب
المتعاونة معها ، وبعد فشل هذا
المشروع البغيض ورفضه من قبل
الشعب العراقي إستخدمت أمريكا
سياسة جديدة ظاهرها يتعارض مع
الافكار الطائفية والعنصرية
وواقعها يكرس الطائفية والعنصرية
من خلال أدواتها المعروفة مثل
المجلس الإسلامي الأعلى وحزب
الدعوة والحزبين الكرديين والحزب
الإسلامي العراقي وبعد إن تأكدت
أمريكا ودوائرها البحثية بعد
أنتخابات مجالس المحافظات الأخيرة
من أن الشعب العراقي يرفض سياسات
التقسيم والتجزئة والبعض من
العراقيين عندما إنتخبوا إئتلاف
دولة القانون رغبة في الطروحات
الإعلامية التي تبنت الدعوات
الوطنية وتطبيق القانون والنظام
...الخ من الشعارات وعلى أثر ذلك
بدأ رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
العراقي فيتصريحاته ومقابلاته
مؤخراًعرض المفاهيم والدعوات
التالية:
1- أن حل المشاكل الداخلية في
العراق يعتمد على التحاوربين
العراقيين دون تدخل خارجي .
2- إدعى ً بأنه لايوجد أي جندي
أجنبي داخل المدن العراقية .
3- أدعى أن القوى المشاركة في
العملية السياسية الحالية هدفها
وحدة العراق .
4- قال إن المحافظة على العراق
يكون من خلال فكرة الديمقراطية
التوافقية .
5- إن أهم مؤشرات النظام
الديمقراطي الجديد هو إجراء
الإنتخابات وإحترام الدستور وأنه
مع تدين السياسيين وليس تسييس
الدين .
6- قال بأن البعثيين يشكلون خطراً
امنياً عل الواقع العراقي ويجب
إتخاذ الإجراءات ضدهم وهناك عموم
البعثيين لديهم الطاقات والقدرات
والإمكانات البشرية التي يجب
إستثمارها والإستفادة من خبراتهم
في المؤسسات العراقية ودوائر
الدولة بكل مفاصلها .
7- أن الذي يساعد العراقيين في
الحفاظ على سيادتهم الكاملة
وهويتهم هو الحضور المتوازان
للجميع ومنهم إيران على الساحة
العراقية .
لم يبين رئيس المجلس الأعلى
الإسلامي العراقي كيف له ان يمارس
سياسة التحاور مع العراقيين دون
تدخل خارجي وهو يعمل تحت إشراف
ولاية الفقيه وينفذ اوامر طهران
في العراق وخير دليل على ذلك
زيارة لاريجاني رئيس مجلس الشورى
الإيراني للعراق قبيل إجراء
الإنتخابات البرلمانية وخلال شهر
تشرين الأول 2009 والذي أشرف على
ترتيبات لم شمل الكيانات والأحزاب
الموالية لإيران ضمن كتلة واحدة
للسيطرة على القرار في البرلمان
في المرحلة القادمة لتحديد شكل
الحكومة القادمة وضمان ولائها الى
إيران من خلال تشكيل أكثرية
برلمانية على شكل طائفي ..
إن الواقع العراقي الحالي يشير
الى إستمرار تواجد وبقاء قوات
الإحتلال الأمريكي داخل المدن
العراقية وتمارس قتل العراقيين
المدنيين الأبرياء بشكل يومي
ومستمر بدون ذنب خلافاً لما قاله
رئيس المجلس الإسلامي ، كما إن
كتلته ذات الأكثرية في البرلمان
لم تطرح موضوع الإستفتاء الشعبي
على الإتفاقية الأمنية خوفاً من
رفضها من قبل الشعب العراقي بل
تساهم بفاعلية في تسويف عملية
الإستفتاء .
إن الواقع السياسي الحالي
للكيانات السياسية ودستور
الإحتلال الحالي الذي وضع فيه
الشيء ونقيضه ، فهو يتحدث عن
الفيدرالية لكنه يعطي للأقاليم
صلاحيات الدولة الكونفيدرالية،
وهو يقربحرية الرأي ثم يجتث من
يؤمن بفكر معين ، ويعلن أن
الثروات الطبيعية ملك كل الشعب
لكنه يعطي للأقاليم صلاحيات
التصرف بها ، وهو يعلن أن
المواطنين متساوون لكنه يعطي
امتيازات لفئة بدعوى ( المظلومية
) وهكذا .... . ولذا نجد أطراف (
العملية السياسية ) كل منهم يحتج
بالدستور وينتقي منه ما يراه
مؤيدا لوجهة نظره ، حتى أصبح
الدستور دساتيرا ، ولا يستطيع حتى
أكبر خبراء الفقه الدستوري أن
يفتوا حول أي قضية خلافية في
الدستور ، فكل شيء مطاط وكل شيء
تحكمه الأهواء. كلها مؤشرات
أثبتها الواقع بأن الكتل
والكيانات تعمل على ترسيخ
الطائفية العنصرية بهدف تجزئة
العراق والدليل على ذلك مطالبة
الحزبين الكرديين بالسيطرة على
الثروة النفطية في شمال العراق
وهذا يخالف الدستور الحالي كما
دعو مؤخراً الى إنشاء جيش خاص بهم
وهذا يخالف أيضاً الدستور دون أن
يعارض رئيس المجلس الإسلامي
العراقي هذه الدعوات الإنفصالية
وهو قادر من حيث شكليات التصويت
في البرلمان على إفشال تلك
الخطوات الإنفصالية .
إن إدعائه بأن الديمقراطية
التوافقية هدفها المحافظة على
العراقي كان باطلاً لأن أكثر
القرارات التي تختلف عليها الكتل
لأسباب مصلحية وحزبية وفئوية
وعنصرية ضيقة وليس أسباب ذات بعد
وطني يتم حلها من قبل السفير
الأمريكي الذي هو الحاكم الفعلي
في بغداد طبقاً للواقع الذي يتصف
به كونه يمثل طرف الإحتلال صاحب
القول الفصل والكلمة المطلقة لما
لديه من قوات عسكرية فعلية على
الأرض وآلاف الإستشاريين وتحكمه
بالإمكانات المالية العراقية لأن
العراق مكبل مالياً من خلال صندوق
العراق الخاص تحت سيطرة أمريكا
بموجب قرار مجلس الأمن الدولي
المرقم 1483 لسنة 2003 النافذ
ولولا مركزية ومرجعية حسم
القرارات أمريكياًلأصبح العراق
الحالي مثل لبنان الذي تعطل فيه
كل شيء بسبب التجزئة والتحزب .
ومن العبارات الطريفة التي رودت
على لسان رئيس المجلس الإسلامي
العراقي هو مع تدين السياسيين
وليس مع تسييس الدين ويبدو أنه
تأثر بالفكر القومي الذي يدعو الى
ذلك وهو أساس الخلاف معها كما
تدعي الأحزاب الإسلامية .
كما لابد من التذكير الى دعوات
أطلقها حزب البعث وأطراف المقاومة
الى عدم التعرض للعراقيين
والعاملين في أجهزة ودوائر الدولة
العراقية وإستهداف قوات الإحتلال
فقط .وهنا تأتي دعوة رئيس المجلس
الأعلى الإسلامي العراقي الى
الإستفادة من الكوادر العراقية
المشمولة في قوانين وقرارات بول
بريمر الحاكم المحتل للعراق عام
2003 -2004 والتي شملت حل كافة
مؤسسات الدولة من قوى الأمن
والجيش العراقي ووزارات أخرى
ناهيك عن إستهداف الفكر الوطني
والقومي فإنها دعوة كاذبة وهواء
في شبك ، لأن المفروض منه وعن
طريق كتلته في البرلمان أن يقدم
مشروعاً يلغي فيه قوانين وقرارت
بريمر وإعادة كل العراقيين الذين
شملهم الإقصاء والتهميش والطرد من
مؤسسات الدولة وإعادة مستحقاتهم
وهم بالملايين دون مورد ولا رزق
ولا لقمة عيش والأكثر منه القيام
بالحجز على أملاكهم الشخصية دون
سند قانوني بل تعتبر إستحواذ خارج
القانون .
أما بصدد دعوته للوجود المتوازن
لدول جوار العراق هي دعوة تخالف
المنطق وتخالف القوانين والأعراف
الدبلوماسية والمتبعة في العلاقات
الدولية بين الدول فهو يمهد
لعلاقة عراقية – إيرانية تختلف عن
باقي الدول وفقا للدور الإيراني
في العراق ، والصحيح أن العلاقة
المتوازنة تبنى على أسس وقواعد
الإتفاقيات والبروتوكولات
والمعاهدات المبرمة بين العراق
وباقي دول الجوار ومنها إيران
وبقية الأطراف على المستوى
الأقليمي والدولي تؤمن من خلالها
مصالح الشعب العراقي على الصعد
الدبلوماسية والإقتصادية
والثقافية والسياسية مع كل
الأطراف دون المساس بالسيادة
الوطنية للعراق ، وما يجري في
العراق من تدخل فيلق القدس
الإيراني يناقض نصوص ومضامين كل
القواعد والقرارات البروتوكولات
الدولية إنه إحتلال غير معلن
وتدخل بالشأن العراقي بكل مفاصل
الدولة العراقية وحتى في القرارات
التي يتخذها البرلمان أو ما يسمى
مجلس السيادة او الرئاسات الثلاث
، فأين التوازن السيادة الوطنية ؟
إنه مجرد تسويق إعلامي وطروحات
تخلو من المصداقية الهدف منها
إنتخابي وإستخباراتي أمني مدعوم
من قوى الإحتلال للتأثير النفسي
على القوى الوطنية بهدف تصفيتها
وإن المستقبل سيكشف ذلك .
مكتب
الثقافة الإعلام
٢٢ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩
م |