إجتثاث ومسائلة ومناهضة .. وبيارق البعث تزداد علوّا وزهوا ..

 
 
 

شبكة المنصور

الدكتور محمود عزام

خوفا وتوجسا وإستباقا من نزول البعث لميدان لايستهويه ولايعترف به!..

فكيف بتلك الميادين التي يختارها للمواجهة؟..

 

تكمن مشكلة  ( الذي يَكرَه )  بأنه  ( لايُحِب )  ..وصُفر الوجوه لايغير لؤم قلوبها حلو حديثها ..

والكاذب ومَن بنى كيانه على المخادعة وإستثمار الظرف والتآمر والخيانة لايمكنه أن يتحول بين ليلة وضحاها الى زاهد وصادق وأمين ومخلص دون أن تُقدم أفعاله البراهين على ذلك..

 

والذي يتنكر لوطنيته وأصله ناقص ..

ومثل هؤلاء لايمكن أن يقودوا بلدا مثل العراق ولايمكن أن يخلصوا له ولشعبه..

قبل الإحتلال الأمريكي للعراق وفي زمن الحكم الوطني كان هنالك إجماع على توصيف الخيانة للوطن ولم يكن توصيف الحزب الفلاني بالعميل إلا بسبب إرتباطه الوثيق ماليا وتنظيميا وفكريا وعملياتيا بالأجنبي وخاصة إيران ..

 

وكانت القيادة واضحة في ذلك في قراراتها وتعاملها مع هذا التنظيم أو ذاك ..

وكثيرة جدا هي الحالات التي أمر بها الرئيس القائد الشهيد الخالد صدام حسين بإعفاء كل مَن صدر عليه حكم بالإعدام من المنتمين الى هذه الأحزاب والذين إعترفوا وبالأدلة القاطعة بأفعال جرمية بحق الشعب وكان العفو يشمل من كان قد ألقي القبض عليه أو في طور التحقيق ..ولم يكن مثل هذا القرار يعبر عن حالة ضعف أو حاجة او مساومة بل كان إكراما للعراق وللعراقيين ولعشائرهم ورؤساء قبائلهم أو لمواقف أقاربهم ..وإعطاء العراقي فرصة للتوبة ..

 

لم يلمس الشعب في كل القرارات التي صدرت بحق خونة الأمانة والوطن أية ضغينة شخصية أو حقد تأريخي أو بالكراهية ولأي درجة منها لكي لا نقول الإيغال فيها..كما يحصل اليوم بعد الإحتلال وما تقوم به حكومات الإحتلال المتعاقبة في إستهداف ومتابعة وإغتيال وإعتقال خيرة رجال ونساء العراق وخبراته من مناضلي البعث..

 

في زمن سلطة البعث لم تكن العقوبات والأحكام تنتقي أشخاص بحد ذاتهم ومسميات بل كانت تطبق على كل الأفعال مهما كان مرتكبها ..واليوم تُنتقى الشخصيات الوطنية ليتم الإنتقام منها بقانون يطبق عليهم فقط..حيث تتم تهيئة الشهادات وخطب الإدعاء والحكم المسبق..

 

وفي حقبة الحكم الوطني لم تتميز الأحكام القانونية والسياسية والمواقف بالضبابية أو تتأثر بميول شخصية أو ظرفية ..

 

ولم يسمع الشعب من القيادة يوما موقفا تبريريا لقرار خاطيء ..بل كان الشعب يتفهم النظرة النقدية الذاتية والموضوعية لذلك القرار وظروفه وزمانه ومسبباته ..وكانت القيادة تؤشر أين أخطأت وأين أصابت فيه.

وعندما أصدر بريمر قانون إجتثاث البعث ..

 

وقفت كل الجوقة التي جائت مع الإحتلال مع هذا القرار وصفقت له ووصفته بانه المنقذ للشعب العراقي من  ( كابوس عودة البعثيين للسلطة ) !..

 

وقد كان البعث صريحا مع الشعب ومنذ اليوم الأول للعدوان عندما أكد أن هذه الحملة لا تستهدف نظام العراق السياسي فقط  بل هي تستهدف كل العراق شعبا وتاريخا وحضارة ومنجزات وثروات وبناء ومباديء وقيم ورجولة وتضحية وإصرار وثبات وصبر ومقاومة ..

 

والبعث سيكون هو رأس هذه المنظومة المستهدفة ..

وحذر البعث من التعامل مع برامج ونهج ومراحل المحتل والسلطة العميلة مؤسساتها في تطبيق هذه السياسة والتي سيغلب على الكثير من جوانبها إستعمال كذبة  ( الحاجة المهنية  )  و (  نحن لسنا ضد البعثيين الذين لاينتمون للحزب ) !..

 

وعندما شعر القائمون على العملية السياسية التي تديرها جيوش الإحتلال بأنه لايمكن إدارة هذه الدولة والوزارات والمؤسسات وحتى الدوائر الصغيرة بدون خبرات وكفاءات البعث التي أبعدها هذا القرار بدأوا يكيلون التُهم ويلقون بالمسؤولية على بريمر!..

 

وبدأت نغمة جديدة تُطرح في الساحة العراقية ليس حبا بالبعثيين ولكن كُرها بهم وتفتيتا لصفوفهم وهي :  ( ان المحتل والسلطة المُنصبة من قبله وبكل مؤسساتها هي ليست ضد البعثيين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدم العراقي وإنما هي ضد الصداميين  ) !..

 

وخوفا وتوجسا وهلعا من البعث قاموا بتقسيمه  ( من وجهة نظرهم )  الى قسمين : بعث صدامي  وبعث عادي !..

وأرادوا لغايات إنتخابية وتخريبية وتحت عنوان  ( البعث العادي )  أن يمدوا جسورا للتعاون مع البعث السوري ومن  ( ينشق عن البعث ) !..

 

وقالوا حينها في البداية أنهم لايقصدون بكلمة  ( الإجتثاث )  هي :  ( إجتثاث للبعثيين ) !..وإنما هي إجتثاث للفكر البعثي لعدم تمكين البعث من العودة للتأثير في المجتمع!..

 

وتداخلت  ( رؤاهم ! )  في كيفية إجتثاث الفكر القومي الوحدوي العروبي ..وهل أن إستعمال وسائل الإغتيال والإعتقال والتهجير والتجويع والإساءة بتزوير الأحداث والتأريخ ستكون ناجعة ومؤثرة ومفيدة في جعلها كذبا وإفتراءا وكأنها  ( عملية فكرية منظمة ومنهجية لتحقيق هدف إستراتيجي شعبي  ) !..

 

في حين أن الحملة التي بدأها حزب الدعوة وتنظيمات بدر وجيش المهدي والمخابرات الإيرانية تحت حماية ورعاية وتوجيه ودعم القوات الأمريكية لتطبيق القانون كانت واضحة في أنها عملية تصفية جسدية كاملة ليس فقط لقادة البعث من عضو قيادة فرقة صعودا بل لكل بعثي نشط وملتزم ومتابع ووطني يحب العراق وحتى وإن لم يكن منتميا للحزب أو كان بدرجة مؤيد ونصير وعضو..

 

ولأن البعث في قواعده وقياداته أكبر وأصعب وأقوى وأكثر تجذرا من أن يتم إستئصاله بالإغتيال وهذا ما لمسه المنفذون والمخططون وماحصل من مقاومة شديدة ومواجهات أعادت للبعث صور معدنه الأصيل وبطولاته في مواجهة الملمات والصعاب ومارافق ذلك من توقف وشلل تام للدولة في كل مرافقها ومؤسساتها..ظهرت أصوات وإستشارات تطالب بعودة البعض من قيادات البعث للسلطة وخاصة أعضاء قيادات الفرق في محاولة لمعالجة الفشل الذي خَيَّم على مفاصل الدولة في كل نشاطاتها..

 

وفي وقتها لم يتكلم أحد ممن يتكلمون اليوم عن وجود  ( خرق أمني  )  سببه وجود  ( عناصر من البعث في أجهزة الدولة ) !..

 

بعد ذلك ..

طالبت قوى متعددة بتغيير كلمة الإجتثاث الى المسائلة والعدالة ..

ومع أنه قد صدر قانون بذلك ..وكان من المفروض أن تلغى الهيئة المسؤولة عن تطبيق هذه العملية الإقصائية الغير وطنية ..إلا أن أحد لم ينفذ ذلك!..

 

لأن  ( الإجتثاث )  ككلمة وفعل وتأثير عندهم أكثر شفاءا للغل وتنغما بالحقد والغدر من كلمة  ( المسائلة ) !..

وبدلا من إنتقال المالكي وحزبه وتنظيمات بدر والصدر وغيرها من توابع إيران الى مرحلة أكثر  ( تحضرا وحسن نية ! )  حسب قولهم وإدعاءاتهم من خلال إستبدال  ( الإجتثاث )   ( بالمسائلة والعدالة )  وربما كان يأمل البعض  ( يإلغاء هذين القانونين! ) ..إلا أن الذي حصل هو دخول مصطلح جديد إستخدمه المالكي وجوقته هذه الأيام خوفا وهلعا من دخول البعث في ميدان لايستهويه ولايعترف به وهو ميدان العملية السياسية وهو:

 

 ( مناهضة البعث )  !..

و ( منع البعثيين من العودة للحياة السياسية ) !..

فأين خطبهم وتصريحاتهم وتقسيماتهم وإستثناءاتهم ؟..

فإذا كانت ست سنوات ونصف من حملة مكثفة ودامية للإجتثاث لم تستطيع إيقاف مد البعث !..

فكم من السنوات يحتاج المالكي وجوقته وأعوانه للبقاء في السلطة للقيام بحملة مناهضة البعث الذي إمتدت جذوره الى كل مكان وترسخت مبادئه وقيمه في ضمير كل الشعب بعربه وكرده ..بسنته وشيعته ..

بكل قومياته وأديانه ..

 

وداخل كل أجهزة الدولة الحساسة أيض ( كما هم يدّعون ) !..

 
 
 

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال

الخميس / ١٧ ذو القعدة ١٤٣٠ هـ

***

 الموافق  ٠٥ / تشرين الثاني / ٢٠٠٩ م

الرئيسية | بيانات البعث | بيانات المقاومة | مقالات مختارة | تقارير إخبارية | دليل كتاب شبكة المنصور