(دراسات في تاريخ الخليج العربي
الحديث)، هو آخر كتاب صدر، قبل
أيام، للمؤرخ والخططي العراقي
الدكتور عماد عبد السلام رؤوف عن
الدار العربية للموسوعات في
لبنان، وهو يضم مجموعة من
الدراسات تتناول تاريخ العلاقات
الثقافية بين أقطار الخليج العربي
خلال القرون المتأخرة فضلا عن
دراسة عن التوسع المصري في
المنطقة عهد محمد علي باشا.
كما صدرت له عن جمعية المؤرخين
الأكراد في أربيل ثلاثة كتب هذا
العام أيضاً، أولها صفاء الدين
عيسى البندنيجي (من مندلي) وهو
أحد المؤلفين عن تاريخ بغداد
وخططها وكان رئيس علماء بغداد في
القرن التاسع عشر وقد تناول في
الكتاب حياته وآثاره، وثانيها
(محمد سعيد الزهاوي سيرته
ومخطوطاته) يحتوي على فهرس
مخطوطاته الغنية والفريدة. أما
ثالثها فهو (السلطان حسين الولي
أمير بهدنان في القرن السادس عشر)
ويضم سيرة أحد الأمراء الكبار
والمهمين الذين اقترنت حياتهم
بحوادث مهمة في العراق والدولة
العثمانية..
والدكتور عماد غزير الانتاج لا
يمرّ عليه عام من دون أن ينجز
عدداً من الكتب التي تنال اهتمام
الباحثين في التاريخ وعلم الخطط،
وقد أطلقت عليه في موضوع كتبته
عنه لقب (الرجل المسبار) فهو
عندما يسير على الأرض يعرف ماذا
كان تحتها في غابر الأزمان، لأنه
ليس مؤرخاً فقط، وإنما هو خططي
أيضاً، وليس المؤرخون كلهم خططيين
ولكن الخططيين لابد أن يكونوا
مؤرخين.
ولمن لا يعرف علم الخطط فهو علم
"يؤرخ نشأة المدن وتطورها
العمراني والبشري، وحالة سكانها
وأساليب معيشتهم، وما تضمه المدن
من آثار وعجائب".
وكانت مصر قد وضعت أسس هذا العلم
الذي لم تسبقنا اليه أمة من الأمم
القديمة، و"كان للمؤرخ الرائد
عبدالرحمن بن عبدالحكم المتوفى في
257هـ فضل السبق في تأسيس هذا
العلم، وسار على دربه نخبة من
كبار المؤرخين مثل الكندي، وابن
زولاق، والقضاعي، وابن دقماق، حتى
اذا ظهر المقريزي المتوفى في عام
'845هـ' وصل علم الخطط على يديه
إلى ذروة الفنون والعلوم، وذلك من
خلال كتابة الموسوعي (المواعظ
والاعتبار بذكر الخطط والآثار)".
وبعد هذا الرعيل من مؤرخي مصر
العظام دخل علم الخطط غياهب
النسيان إلى أن جاء العلامة علي
باشا مبارك في أواخر القرن التاسع
عشر ليبعث الروح فيه، ويجمع
المؤرخون على أن خطط علي مبارك
تفوقت على خطط المقريزي.
والدكتور عماد عبد السلام رؤوف
ولد في بغداد عام 1948 وحصل على
شهادة الدكتوراه في جامعة
القاهرة. ترأس اتحاد الكتاب
والمؤلفين العراقيين، وقد نشرت
بحوثه ومقالاته في الصحف العراقية
والعربية، ومن مؤلفاته (ولاية
الموصل في عهد آل الجليلي 1749-
1834)، و(تاريخ الشرق الادنى)،
و(مدارس بغداد في العصر العباسي)،
و(زبدة الاثار الجلية في الحوادث
الارضية – دراسات وتحقيق)،
و(الاثار الخطية في المكتبة
القادرية)، و(التاريخ والمؤرخون
العراقيون في العصر العثماني)،
وقد صدر بطبعتين آخرهما في لندن
2009 و(فهرست مكاتب بغداد
الموقوفة)، و(كتابة العرب
لتاريخهم في العصر العثماني)،
و(الاصول التاريخية لمحلات
بغداد)، و(معالم بغداد في القرون
المتأخرة)، و(معركة عين جالوت)
و(رحلة طه الكردي الباليساني)
و(الشجرة الزيوكية - وثيقة نسب
أمراء بهدينان وتاريخهم) و(أخبار
بغداد وما جاورها من البلاد
لمحمود شكري الآلوسي- تحقيق)
و(مذكرات ضياء جعفر) و(مذكرات عبد
المجيد محمود) و(مذكرات محمد قاسم
الرجب) و(النفحة المسكية في
الرحلة المكية للسويدي- تحقيق)
و(مراكز ثقافية مغمورة) و(دراسات
وثائقية في تاريخ الكرد الحديث)
و(تحقيق المخطوطات العلمية)
و(رحلة المطراقي زاده- تحقيق)
و(تذكرة الشعراء للشهراباني-
تحقيق) و(ديوان العشاري- تحقيق)
و(تاريخ حوادث بغداد والبصرة
للسويدي- تحقيق) و(حديقة الزوراء
في سيرة الوزراء للسويدي- تحقيق)
و(المدرسة العلية في بغداد)
و(مطالع السعود بطيب أخبار الوالي
داود- تحقيق) و(تاريخ الأسر
العلمية في بغداد- تحقيق) و(خطط
بغداد في دراسات المؤرخين
المحدثين) و((تاريخ القراغول-
تحقيق) و(العقد اللامع في آثار
بغداد والمساجد والجوامع- تحقيق)
و(خير الزاد في تاريخ مساجد
بغداد- تحقيق) و(مساجد بغداد في
كتابات الأجداد- تحقيق) و(سلطان
بن ناصر الجبوري)، و( المملكة
العربية السعودية في ضوء تقارير
القنصلية العراقية في جدة) و(
تاريخ الزبير والبصرة- تحقيق)
و((تاريخ بيوتات بغداد في القرن
الثالث)، لعبد الرحمن حلمي
العباسي السهروردي- تحقيق)، وهذا
الأخير موّل طباعته ونشره الدكتور
محمد عيسى الخاقاني الاستاذ في
جامعة البحرين الآن، وغير ذلك،
فضلاً عن دراسات وبحوث كثيرة نشرت
في مجلات علمية مختلفة..
يقول أحد طلاب الدكتور عماد
متحدثاً عنه: "بدأ عمله البحثي في
سنوات حياته المبكرة ـ الدراسة
المتوسطة ـ فكسب بذلك وقتاً
ودُربة، ثم أفنى من سني عمره
أجملها، في البحث والتقصي والسفر
والتغرب وافتراش الأرض وتحمل
الضنك. رحلة شاقة وممتعة استغرقت
أربعين عاماً، كان من حصيلتها
الملموسة إنجاز أكثر من ثمانين
كتاباً مطبوعاً، بين مؤلف أصيل،
ومحقق نادر، ونحو مائتي بحث
ودراسة منشورة في مختلف المجلات
والدوريات والموسوعات".
وعلى الرغم من أن بحوث الدكتور
عماد ودراساته التاريخية وتدريسه
في جامعة بغداد تستغرق وقته وجهده
إلا أنه يجد دائماً متسعا من
الوقت لممارسة هواياته في الفن
التشكيلي، وقد أقام مرة معرضاً
للوحات التشكيلية أذهلت الفنانين
المختصين.
وفي القسم الثاني من هذا المقال
سألاحق اكتشافات الدكتور عماد
التي رافقته في بعض منها. |