النصر الأمريكي في العراق !.. ما زال بعيدا .. أم مستحيلا !..

في آخر تصريح لقائد القوات الأميركية المحتلة  في العراق الجنرال راي أوديرنو قال :

 ( إن إعلان النصر في العراق ما زال بعيد ) !..

وقال بما نصه ردا على سؤال حول الموضوع لرويترز:

 ( لست متأكدا إذا كنتم سترون أحدا يعلن النصر في العراق لأنني في المقام الأول لست متأكدا أننا سنعلم ذلك خلال عشر أو خمس سنوات ) !..

وبحسب طبيعة المسؤولين الأمريكيين كافة ..العسكريين والسياسيين والأمنيين منهم ..فهم قد تدربوا بشكل متميز على  ( حسن سماع كل شيء ) !..

وفي نفس الوقت على  ( عدم التفاعل مع ما يعرض من حقائق او معلومات )  والإكتفاء ببيان  ( الإستغراب مما يقدمه المقابل من الحقائق أو الإحصائيات  ) !..

وفي النهاية فهم مدربون جيدا على العودة الى ممارسة نفس النهج والمنهاج وربما بشكل أكثر إيغالا في الأذى على الرغم من الوعود بدراسة الحال والتوصية بالمعالجة !..

وينطبق هذا التصرف حتى على الإستشارات والتحليلات السياسية التي تُقدم لهم تبرعا أو مقابل ثمن حيث يتم تجاوزها لتصل حتى الى تعريف المفاهيم والمفردات! ..

ومنها مفهوم  ( النصر الأمريكي في العراق ) !..

من الناحية العسكرية ومن النواحي الأيديولوجية والسياسية والإقتصادية فإن مفهوم النصر مرتبط بالهدف الذي كان سببا بنشوء وتطور الصراع وبأي شكل من أشكاله..

وسؤالنا هو :

ما هو الهدف الأمريكي في العراق منذ أو قبل الغزو والتدمير والإحتلال عام 2003 ولحد الآن ليتم بضوء ذلك تقييم ما تحقق من هذا الهدف؟..

ليكون النصر بعد ذلك قريبا أو بعيدا ..

وربما قد يكون متحققا ..

أو على وشك الإنجاز..

أو مستحيلا!..

والمشكلة أن سلسلة الأهداف الأمريكية في العراق تتميز ومنذ بداية الصراع مع النظام العراقي منذ عشرات السنين بانها موزعة بين أهداف معلنة وأهداف غير معلنة !..

وأن هذه الأهداف المعلنة والمخفية هي أهداف متغيرة بإستمرار!..

وكان ومايزال على أي مسؤول أمريكي سواءا كان في البيت الأبيض أو في البنتاغون أو المخابرات أو في ساحة المواجهة العسكرية المباشرة وهو يتحدث الى الشعب الأمريكي ودافع الضرائب ومن ينزف دما منهم أن يكون صريحا وواضحا وصادقا ومُقنعا !..

ولكن الذي حدث ويحدث أن المطلوب ودائما من هذا المسؤول أن يتحدث عن الأهداف المعلنة فقط!..

وعندما يتعلق الأمر بالأهداف المعلنة فقد واجه ويواجه هذا المسؤول ودائما صعوبة في إقناع نفسه بما يقول قبل أن يتمكن من إقناع الآخرين بصدق ووضوح ما يحاول ترويجه وتبريره !..

فالمكشوف من الأهداف والنوايا لم تُحقق فيه الإدارة الأمريكة السابقة ولا الحالية أي منها ولا يمكن أن يتحقق أي نصر فيها لا اليوم ولا غدا ..

فإذا كان الهدف من الحملة الأمريكية يكمن في تحقيق النصر بتدمير أسلحة الدمار الشامل العراقية فقد إعترفت الولايات المتحدة بعدم وجود هذه الأسلحة !..

وإعترفت أجهزة المخابرات والبنتاغون والبيت الأبيض والأمن القومي بأنه تم إختلاق قصة هذه الأسلحة لتبرير إحتلال العراق!..

وإذا كان الهدف من خلق كذبة كبيرة لتبرير غزو وتدمير وإحتلال العراق هو لتحقيق نصر كبير في نشر الديمقراطية فيه..فالديمقراطية ليست هدفا بحد ذاتها بل هي وسيلة لتحقيق مجتمع مزدهر ومتقدم وراقِ ينعم بالأمن والإستقرار وحفظ لكرامة الإنسان وحقوقه ..والذي تحقق في العراق بدلا عن ذلك هي الفوضى العارمة وغياب كامل للامن والحقوق والثروات والإعمار والرفاهية والإزدهار..

أما إذا جاز للمسؤول الأمريكي أن يتحول بأهدافه الى مكافحة الإرهاب في أرض العراق ليبعد الخطر عن الأرض الأمريكية فالذي تحقق هو فشل ذريع في ذلك بعد أن خلقت العملية الأمريكية نزاعا طائفيا ومناطقيا وقوميا خطيرا في العراق بما ينذر بشرر يتطاير في كل مكان!..

كما وأن الكثير من  ( المحللين والقريبين من مصادر القرار الأمريكية )  يؤكدون  ( بجدية )  بأن الإنتصارات والإنجازات في  ( الأهداف المخفية للحملة الأمريكية )  تكاد تكون معدومة بل ومستحيلة التنفيذ!..

فإذا كان القائد العسكري الأمريكي المسؤول عن الساحة العراقية الميدانية  (  وبالرغم من كل الإنتصارات والإنجازات وما تحقق من تقدم حسبما يوصفونه بأنه ملموس في مجالات كافة ! )  يقول أن نصرا أمريكيا قد لا يتحقق قبل خمس أو عشر سنوات !..

وإذا كان الإنسحاب الأمريكي الكامل من العراق سيكون كما يقال في عام 2012 !..

فعَن أي نصر يتحدث القائد الأمريكي ؟..

هذا النصر الذي  ( من غير المؤكد أن يتحقق  )  عام 2015 أو 2020 !..

وفي أي مجال؟..

ولأي أهداف؟..

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال