|
||||||
|
||||||
|
||||||
|
||||||
وزارة الخارجية العراقية دبلو .. ماسية أم بلوىماسية ؟ |
||||||
شبكة المنصور |
||||||
ضحى عبد الرحمن - كاتبة عراقية | ||||||
العلاقات الدولية تعتبر أحدى أهم فروع علم السياسية ورغم أختلاف المنظرين السياسيين في تصنيفها ما بين العلم والفن، لكن هذا لا يلغي أهميتها, فهي تمثل السياج الخارجي للدولة الذي يؤمن لها السلم والإستقرار والأمن والمحافظة على منجزاتها الداخلية والخارجية إضافة إلى حماية حقوق رعاياها ومصالحهم الشخصية في الخارج. وتتخذ العلاقات الدولية نموذجين متنافرين, أولهما التعاون والمتمثل بالعلاقات المبنية على قاعدة السيادة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية ورعاية المصالح المشتركة بين طرفين أو أكثر يعملان في وسط متفائل يؤمن لهذه العلاقات الديمومة والتطور في المستقبل. والطابع الثاني هو الصراع ويتجلى بتباين المصالح وتنافرها بين الدول مما يولد تحديات جسيمة سواء كانت أقليمية أو دولية، لدولتين أو اكثر لربما مع منظمة دولية كالأمم المتحدة أو حلف سياسي أو عسكري، وربما تنعكس آثار الصراع على الأوضاع الداخلية, وتشكل عقد ومعوقات لايمكن تجاوزها إلا بحنكة سياسية وحكمة بليغة وأحيانا شيء من القوة والحزم, وقد يكون هذا التباين ظاهري يطفو على السطح السياسي وتحت طرق الماكنة الإعلامية، أو باطني يستقر في القاع متحينا الفرصة المناسبة ليطفو على السطح، وربما تنكره الأطراف المتضادة لأسباب وغايات متعددة هي خارج مجال موضوعنا.
إدارة العلاقات الدولية كما هو معروف من مهمام وزارات الخارجية في كافة دول العالم، وبالرغم من تسلمها الأوامر والتوجيهات من الجهات العليا الممثلة بالرئاسة لرسم السياسة الخارجية بما لا يتعارض وأهداف النظام السياسي. لكنها غالبا ما تقوم الخارجية بأقتراح وصياغة تلك التوجيهات من خلال موقعها الإستشاري فتقدم أفضل الحلول أو الخيارات أو التوصيات أوالأسبقيات للقيادات العليا. والدولة التي لا تمتلك سياسة خارجية كفوءة ومرنة ستفتقر حتما الى مقومات الدولة العصرية ولا يمكنها أن تواكب التطورات العالمية أو تضطلع بواجباتها على الوجه الأكمل مما يوقع الجهات العليا في أزمات وإختناقات قد تكون أحيانا مدمرة أو في غنى عنها, وأحيانا تمتد الآثار الى هدر المصالح الوطنية والقومية العليا فبدلا من أن تكون صفرا أمام رقم واحد له قيمة تنتقل إلى خلفه فتفقد تلك القيمه.
قاعدة المعلومات هي الركيزة الأساسية لعمل أية وزارة خارجية وهذه الركيزة تحتاج إلى معرفة شاملة وعميقة بالعلوم السياسية بكل فروعها ولا سيما العلاقات الدولية، إضافة إلى القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والإتفاقيات والمعاهدات والصكوك الدولية حيث تسن القوانين الداخلية لأية دولة بالشكل الذي لا يتعارض مع تلك القوانين والصكوك الدولية, وكلما كان للخارجية حضور في الميدان الدولي كلما أكتسبت تقدير وإحترام المجتمع الدولي،سواء عبر المشاركة في حل الأزمات أودفع عجلة الأمن والإستقرار الدولي إلى الأمام أو الإنضمام إلى التكتلات والتحالفات الدولية والإقليمية, وكذلك الإنفتاح على مراكز القوى الدولية ولاسيما الحديثة منها، وكلما أكتسبت أيضا المزيد من الخبرة والفاعلية والحظوة وتمكنت من تحقيق التوازن بين المصالح الداخلية والدولية، علاوة على الإنفتاح على المتغيرات الدولية ومجاراتها، إضافة إلى حسن أدائها في الملفات التفاوضية السياسية والإقتصادية والعسكرية والتنموية ومواجهة التحديات الخارجية.
العلاقات الدولية المميزة والناضجة هي المحرار الذي يمكن أن نقيس عليه مستوى نجاح وزارة الخارجية وبرودة أو دفء علاقاتها الدولية، فكلما كانت العلاقات مع العالم الأقليمي والخارجي دافئة وراسخة وبعيدة عن التصدع كلما كان إداء الخارجية ممتازا, وبقدر ما يكون نشاط الخارجية باردا أو باهتا كلما فقدت بريقها, وأحيانا قد لا يبدو هذا البرود ملموسا في زمن الرخاء والرفاهية لكنه يتوضح أكثر خلال الأزمات والصراعات و التحديات الكبرى. يكون دور الخارجية دورا مهما قبل الأزمة وأثنائها وبعد إنتهائها ومن هنا يمكن أن نخمن حجم المسوؤلية الملقاة على عاتقها، فإذا تمكنت الخارجية من تطويق الأزمة وإحتوائها قبل أن تستفحل فهي جديرة بأن تكون موضع فخر وتقدير, وإذا تمكنت الخارجية أثناء الأزمة وخلال المفاوضات الجارية مع الطرف الآخر سواء كانت (دولة أو حلف أو منظمة دولية أو اقليمية) من الحفاظ على مصالحها أو تحقيق مكاسب إضافية فأن هذا التفوق يعكس كفائتها وخبرتها وقوتها التفاوضية في إدارة الأزمات. وإذا تمكنت الوزارة من تجاوز الخلافات القائمة بعد إنتهاء الأزمة والتوجه نحو تطبيع العلاقات مع الدولة موضوع الصراع, ووضعت الأساس لرؤية مشتركة وخطت إلى الأمام لتعميق الروابط وتعزيز العلاقات في إطار المصالح المشتركة فان نقاط جديدة تضاف إلى رصيدها الإيجابي. وخير نموذج لمعرفة هذه الأدوار الثلاثة هو مواقف الخارجية قبل إندلاع الحرب وخلالها وبعد إنتهائها.
على ضوء هذه المعلومات المتواضعة يمكن أن نقيم أداء وزارة الخارجية الزيبارية منذ الإحتلال الأمريكي الإيراني للعراق حتى الوقت الحاضر, ونخرج بنتيجة مؤسفة بأن وزارة الخارجية العراقية تعد بحق من أفشل وزارات الخارجية ليس على صعيد الوطن العربي وإنما العالم كله, فهذه الوزارة منذ الغزو الأمريكي للعراق متخمة بسلسلة من الإخفاقات، فهي أما تائهة عن جادة الطريق أو تترنح في مسيرتها كالسكارى, في ظل وزير يتعامل معها كملك صرف لحزبه، مجتثا الدبلوماسيين المحترفين. فقد قامت قيادة الوزارة بأجتثاث معظم الكفاءات الدبلوماسية وسدت ثغراتها بكوادر غير مؤهلة بتاتا للعمل الدبلوماسي جلهم من الحرفيين الذين ليس لهم علاقة عن قريب أو بعيد بالعمل الدبلوماسي, وإطلعنا على نماذج تثير ليس السخط فحسب وإنما الخجل أيضا! فما شأن عارض في ملهى ليلي و جزار وكهربائي وبائع خضروات ونجار ومصلح سيارات أو طبيب بيطري أو صيدلاني أو مهندس طيران أو مهندس زراعي أو طيار حربي بالعمل الدبلوماسي (مع أحترامنا لكل المهن والحرف الشريفة), لكن ليس من المنطق أن يمارس القصاب مهنة الطبيب الجراح أو العكس, لكل منهما مجال عمله الطبيعي حسب الدراسة والتخصص والخبرة والمعرفة. ناهيك بأن عددا كبيرا منهم لا يمتلك شهادات جامعية، أو عيينوا بشهادات مزورة وقد أطلعنا على قوائم صادرة من وزارة الخارجية تطالب موظفين بدرجات وظيفية عليا كسكرتير أول ومستشار ووزير مفوض بشهادات تؤيد تخرجهم من الجامعات! فكيف تم تعيين هؤلاء الأمعيين وعلى أي أساس؟ تلك إحدى جرائم الوزارة الزيبارية بحق الدبلوماسية العراقية؟
الإفتقار إلى الخبرة بالعمل الدبلوماسي وعدم توفر قاعدة للمعلومات بسبب حرق أرشيف الوزارة من قبل عملاء الإحتلال وجارتي السوء أيران والكويت، وعدم معرفة القانون الدولي والمعاهدات والصكوك الدولية من قبل السفراء والدبلوماسيين الرضع, علاوة على الأفتقار لأبسط قواعد البروتوكول والجهل المطبق بفن التفاوض, في غضون تطبيق مبدأ الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب حسب نظام المحاصصة المقيت الذي رسمه عراب الإحتلال بول بريمر, والفساد المالي والإداري الذي ينخر سقف الوزارة وبعثاتها في الخارج تحت ظلال الترميمات والنثريات وبمشاركة ومباركة مفتش الوزارة, وتكريد الوزارة وتشييعها بعناصر غير كفوءة, لا تمثل العراق بقدر ما تمثل مصالح إقليم كردستان وإيران! إضافة الى أن معظم السفراء والدبلوماسيين(حوالي 90% منهم) متجنسين بجنسيات أجنبية وولائهم لغير العراق، كل هذا أدى إلى شلل الوزارة وعدم تمكنها من إدارة السياسية الخارجية للبلد, فضاعت وضيعت معظم حقوق العراق.
من المؤسف ان الوزارة أخفقت في إدارة جميع الأزمات الحالية سواء مع دول الجوار أو العالم العربي والخارجي, فقد فشلت في التفاوض مع الدول العربية لفتح سفارات لها في العراق المحتل رغم الضغوط التي مارستها إدارة الأحتلال على الدول العربية! كما فشلت في إدارة أزمة المياه مع تركيا وسوريا. وفشلت في إدارة أزمة شط العرب والتجرف في الخليج العربي لصالح إيران, كما فشلت في ملف الحفاظ على ثروة النفط التي تنهبها جارتا السوء إيران والكويت في جنوب العراق, وفشلت في ملف الأسرى العراقيين الذين مازالوا في سجون إلجارة المسلمة للنخاع رغم مرورعشرين عاما على إنتهاء الحرب العراقية الإيرانية! وفشلت في إخراج العراق من البند السابع من قرار مجلس الأمن في ضوء إصرار أقزام الكويت على إبقائها رغم ان كلا الحكومتين العراقية والكويتية هما عميلتان للولايات المتحدة! لكن أثبتت الرؤية بأن عمالة حكومة العراق أقل قيمة وأهمية من عمالة الكويت. العمالة درجات تبدأ بالنذالة والخسة وتنهي بالأكثر نذالة وخسة، وتختلف من عميل لآخر فهناك عملاء من الوزن الثقيل كعملاء الكويت وعملاء من الوزن الخفيف كالعملاء العراقيين. بل فشلت الوزارة في سبر أغوار الإتفاقية الأمنية المجحفة التي وقعها الزيباري مع إدارة الإحتلال, وهي إتفاقية تذكرنا بقول الرصافي:
نشروا المعاهـــــدة التي في طيها قيد يعض بأرجل الآمــــال قـــــــــد أبلعونا حبــــة إستعبادنا لكن مموهة بالإستقـــــلال والعهــــــد بين الانكليــــز وبيننا كالعهد بين الشاة والرئبال من ذا رأى ذئب الذئاب مصاحـبا بتودد حمل من الأحمـــــال
كما فشلت الخارجية في إعادة الهيبة والمكانة المميزة للعراق في المحافل الدولية, و فشلت في تعميق الروابط الأخوية مع الأشقاء العرب. وهذا أمر بديهي طالما أن الدستور أخرج العراق من العالم العربي، معتبرا شريحة العرب فقط جزءا من الأمة العربية! والجزء بطبيعة الحال لا يمثل الكل, كما فشلت الوزارة في دعم مساعي الجامعة العربية تماشيا مع توجيهات ملالي طهران بإبعاد العراق عن الحظيرة العربية والإنفراد به تمهيدا لإفتراسه وهذا ما حصل فعلا. كما فشلت في تعزيز التضامن الإسلامي من خلال منظمة المؤتمر الإسلامي، رغم إن الأحزاب الحاكمة تحمل إسم الإسلام جزافا! وتلك أحدى مكامن الخلل الرئيسي في العمل.
سنكمل الحديث بإذن الله حول فشل وزارة الخارجية في إدارة الأزمة الحالية مع الشقيقة سوريا التي إستضافت عملاء الإحتلال على أرضها عقود مضت فتنكروا لها بعد أن تسلموا مفاتيح الحكم من أسيادهم الأمريكان! سوريا المتهمة بإستباحة الدم العراقي وهي نفسها التي تحفظ دماء مليون عراقي تركوا جحيم المالكي.
تفجيرات الأربعاء الدامي كما سميًت، إرهاب حقير والكل يعرف من يقف ورائه بما فيهم عملاء النظام الإيراني... واللبيب يفهم. |
||||||
|
||||||