|
||||||
|
||||||
|
||||||
|
||||||
الجَهَل .. وثقافة الكذب والتضليل |
||||||
شبكة المنصور |
||||||
الدكتور محمود عزام | ||||||
جورج ووكر بوش (George Walker Bush) أو جورج دبليو بوش والمشهور باسم جورج بوش الابن وهو الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية.. كان حاكما لولاية تكساس قبل توليه رئاسة الدولة.. ولد في 6 يوليو 1946 وتسلّم الحكم في 20 يناير 2001 وبعد إنتخابات متقاربة النتائج مع آل جور. وفي عام 2004 أعيد انتخابه للمرة الثانية لمدة أربع سنوات وإنتهت فترة حكمه في 20 يناير 2009.
قبل دخوله السياسة كان جورج بوش رجل أعمال. وكانت أعماله تتضمن عدد من شركات النفط، وكان أحد المالكين لنادي تكساس رنجر للبيسبول من 1989 إلى 1998. وقبل توليه الرئاسة إحتل منصب حاكم لولاية تكساس من 1995 إلى 2000. وهو يملك مزرعة في كروفورد تكساس. وهو إبن الرئيس السابق جورج هربرت ووكر بوش والأخ الأكبر لحاكم ولاية فلوريدا في حينه جب بوش وحفيد عضو مجلس شيوخ الولايات المتحدة برسكت بوش.
ومن أبرز الكتاب الذين تناولوا هذه المغالطات وهذا الجهل الكاتب فرانك ريتش كاتب عمود في النيويورك تايمز الذي كتب كتاب (سقوط الحقيقة) ..
والكاتب جيمس بامفورد الذي نشر كتاب (عذر الحرب .. إساءة استغلال وكالة المخابرات).. والكاتب بول اونيل في كتابه (ثمن الولاء) ..وغيرهم..
تتحدث جميع هذه الكتب عن جهل بوش الواضح بالحقائق والتأريخ والعوامل والأسباب وحتى بالأهداف في حربه على العراق!..
وأغرب ما ورد في هذه الكتب ما عرضه رتش في كتابه إن نسبة كبيرة من تصريحات بوش الخاطئة سببها جهله ليس فقط بما يدور حوله داخل أمريكا ولكن أكثر وأخطر من ذلك بما يدور خارج أمريكا. وانتقد الذين يكتفون بالتندر على بوش بسبب جهله وقال إن الموضوع أكبر من ذلك.
وقال: (يوجد شيء أهم من بوش ومن جهله ومن أخطائه وهو إنه فتح أبواب البيت الأبيض علي مصراعيها لمجموعة معينة ذكية وضعت خططا إستراتيجية أدخلتنا في مشكلة عالمية لم نر مثيلا لها في تاريخنا)!..
وأضاف: (إن هذه المجموعة حولت الإشاعات إلي معلومات والطموحات الشخصية إلي استراتيجيات وقدمتها إلي الشعب الأمريكي الذي لم يقدر علي إن يفرق بينها)!..
فقد قال بوش قبل غزو العراق بشهرين في خطاب أمام الكونجرس سنة 2003: (علمت الحكومة البريطانية إن صدام حسين إشتري مادة يورانيوم لصناعة أسلحة نووية من افريقيا)!.. وكأن بوش يريد إن يحمل البريطانيين مسؤولية جهله وكذبه!.
(وجدنا أسلحة الدمار الشامل.. وجدنا معامل جرثومية.. وسنعثر علي المزيد مع مرور الزمن)!..
(أنا متأكد إن هناك أسلحة دمار في مكان ما )!.. ثم ضحك وضحكت زوجته لورا وضحك الصحفيون!.. لقد جعل بوش مصير أمريكا والعالم نكاتا وضحكات!.
وفي بداية عام 2008 أصدر بوب وودوورد كتاب (حالة إنكار) كشف فيه أن بوش قال لقادة من الحزب الجمهوري: (لن انسحب من العراق)!.. وعندما قال له القادة إن الاستفتاءات أوضحت أن أغلبية الأمريكيين تعارض الحرب، قال: (لن انسحب حتي إذا لم يبق معي غير لورا (زوجته) وبارني (كلبه))!..
فبعد شهرين من غزو العراق لبس بوش ملابس طيار عسكري ووقف علي ظهر حاملة طائرات وأعلن: (انتهت العمليات في العراق. انتصرنا نحن وحلفاؤنا)!.. وقال ذلك تحت لافتة كبيرة مكتوب عليها: (المهمة نُفِّذت)!..
وإعترف بوش في سنة 2005 قائلا: (إن واحدا من أصعب مسؤولياتي في البيت الأبيض هو ربط العراق بالحرب ضد الإرهاب)!..
ورغم انه يعرف كذب ذلك ظل يكرره. وفي عام 2008 قال: (نفس الذين يقتلون جنودنا في العراق قتلوا ثلاثة آلاف شخص في هجوم 11 سبتمبر)!..
وهو الذي قال في نهاية سنة 2003: (يجيد أعداؤنا الإبداع والتجديد ونحن أيضا نجيد الإبداع والتجديد. فقد يبحث أعداؤنا عن كل وسيلة ليؤذونا ويؤذوا وطننا سواء في أفغانستان أو العراق أو غيرهما، ونحن لن نسمح لهم بذلك)!..
وقال في نفس السنة: (زاد نشاط أعدائنا في العراق وأنا أتحداهم: انزلوا رجالكم ونحن سننزل رجالنا)!..
لكنه بعد سنة من هذا التحدي قال: (زادت العمليات الانتحارية في العراق. صارت أكثر مما يجب)!..
(إن بوش يبسط الحقائق، ليسهل عليه فهمها ..وهو يبسط اختلافه في الرأي مع غيره ويحوله إلي اختلاف شخصي ليقدر علي الهجوم عليهم وعلي اتهامهم بعدم الوطنية.. ومثلما حول بوش مشكلة العراق إلي قضية شخصية مع صدام حسين..فقد حوَّل مشكلة الإرهاب الي قضية شخصية مع أسامة بن لادن)!..
ومن المعروف أن بوش قال في بعد هجوم 11 سبتمبر: (قبل نهاية هذه السنة سنقضي علي أسامة بن لادن ليس المهم القبض علي بن لادن ولكن المهم هو وقف نشاطات أنصاره.. بن لادن في كهف وهو لا يقدم ولا يؤخر)!..
وقال يوم 13 سبتمبر 2001 : (هدفنا الرئيسي هو أن نعثر علي أسامة بن لادن.. لن نرتاح حتي نعثر عليه)!..
وبعد أكثر من سنة، قال: (لا اعرف أين يوجد أسامة بن لادن ولا يهمني أين يوجد وهذا ليس هدفنا الرئيسي)!..
كما إن بوش خلط بين حرب الإرهاب وعقيدته الدينية وهو لا يعرف تعقيدات الحرب ولا تعقيدات عقيدته..
فهو يعتقد بأنه هو المسيحي الأول لكنه ظل يفعل ذلك منذ قبل حرب الإرهاب حيث قال أثناء الحملة الانتخابية الأولى إن المسيح هو فيلسوفه السياسي ووزع منشورات إنتخابية صور فيها نفسه وكأنه المسيح علي الصليب بعد أن قال معارضوه انه في عيد ميلاده الأربعين في (ولاية كولورادو) سكر حتى فقد وعيه!..
ثم تقسيمه العالم الى (أخيار وأشرار) وأعلن قائمة (محور الشر) وتحدث عن (سمو أخلاق الأمريكان فوق أخلاق غيرهم)!.
(أنا متأكد إن الله يتحدث معي. بدون ذلك لا اقدر علي أن أمارس وظيفتي)!.. لكن بعد ست سنوات من إعلان حرب الإرهاب يبدو انه أحس بأنها أكثر تعقيدا مما كان يعتقد وأنها ليست صراعا بين دين ودين ولا داخل دين بعد أن قال : (إن سببها صراع وسط المسلمين حول عقيدتهم)!..
وفي عام 2007 قال : (هل نقدر على أن ننتصر في حرب الإرهاب؟ ربما لن نقدر)!.. وكان تساؤله هذا هو إجابة لسؤال من صحفي خلال أحد المؤتمرات الصحفية. وفي نفس المؤتمر سأله صحفي آخر: (هل تريد أن يكون سجلك على صفحات التاريخ انك رئيس الحرب؟).. فأجاب: (أود أن أطمئنكم بأنني عندما أتحدث عن الحرب فأنا في الحقيقة أتحدث عن السلام)!..
ففي سنة 2004 قال بوش: (أعرف ما أؤمن به وأقول ما أؤمن به وأنا أؤمن بأن ما أؤمن به هو الحق)!..
وقال في سنة 2005: (انا سياسي وفي السياسة عليك أن تردد ما تؤمن به مرات ومرات حتي ترسخ الحقيقة.. ليست هذه دعاية، لكنها تشبه الدعاية)!..
لقد كانت مشكلة بوش أكبر من جهل لأنها مشكلة أخلاق وقيم.. مثلما في صراعه مع تحمل مسؤولية ما فعل بأمريكا وبالعالم وبنفسه.. فقد قال في سنة 2005: (لم أخطئ أبدا)!.. ثم قال في سنة 2006 : (ربما أخطأت هنا وهناك في حياتي)!.. ثم قال في سنة 2007: (حدثت أخطاء)!.. ثم قال عام 2008 عندما سأله صحفي عن لماذا لا يعترف بمسؤوليته عما حدث: (لا أريد أن أكون مثل الذي لم يرتكب اي خطأ.. أنا متأكد بأني أخطأت هنا وهناك. لكن، فاجأني السؤال وأنا لست مستعدا له)!..
هل إن مصدر الحقد على العراق كان ناجما من مواقف القادة الأمريكيين المستندة لمناهج الكذب والتضليل وتزييف الحقائق؟.. أم إن السبب يعود لجَهَل القادة الأمريكيين وقلة معلوماتهم وغياب إدراكهم للحقائق!.. هذا الجَهَل الذي يقال أنه كان أكثر أعداء أرض وشعب وثروات وتأريخ وحضارة العراق! .. فهل للجَهَل وحده هذه القدرة الفائقة على التدمير والتقسيم والنهب ومحو الهوية ؟.. |
||||||
|
||||||