|
||||||
|
||||||
|
||||||
|
||||||
بقاء ظل القتلة |
||||||
شبكة المنصور |
||||||
الدكتور محمود عزام | ||||||
في 26 كانون الثاني من عام 1998 تسلم الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون رسالة حملت عنوان (القرن الاميركي الجديد) وكانت هذه الرسالة موقعة من قيادات المحافظين الجدد الذين كانوا يرون أن بداية عهد القرن الأمريكي الجديد يجب أن يبدا بفعل قاصم ضد بغداد !..
وأن هذا الحلم لايمكن تحقيقه بإستخدام (الدبلوماسية التي أثبتت فشلها!)..بل من خلال القضاء على (صدام حسين ونظامه) بالقوة ومن خلال إستخدام العمل العسكري!..
ومثلما تطرقنا لذلك سابقا كان من بين الموقعين: ( دونالد رامسفيلد، إليوت أبرامز، جون بولتون، روبرت كاغان، وليام كريستول، ريتشارد بيرل، بول وولفوويتز، زلماي خليل زادة وغيرهم)..
في بداية الأمر كانت الدراسات
تشير الى أن الحرب على العراق
ستكون بمثابة نزهة في الصحراء
حيث سَيُستَقبَل الاميركيون
خلالها بالورود والرياحين وتُفتح
أمام واشنطن أبواب المنطقة على
مصراعيها.
وبدأت سلسلة تساقط القتلة أولهم كان ريتشارد بيرل رئيس مجلس السياسات الدفاعية ..والذي كان يعرف ب (أمير الظلمات) و(المرشد الروحي) لصقور الحرب الذي يُنظر اليه في واشنطن على انه (المنظر الأيديولوجي) ضد العراق خدمة لتحالف مصالح ثلاثي الأبعاد: شركات السلاح، شركات النفط ، وإسرائيل.
وجاء قرار فيث بترك منصبه في وقت كان لا يزال مكتب المباحث الفدرالية يحقق في تورط محلل معلومات يعمل في مكتبه للإشتباه في قيامه بالتجسس لصالح إسرائيل. وقد تمكن فيث خلال سنوات عمله الأربع في وزارة الدفاع من وضع سياسة (الحرب الوقائية) التي كان من أهم نتائجها غزو أفغانستان والعراق وشن حملة واسعة في الولايات المتحدة وخارجها على ما يسمى (الإرهاب)..
كان وولفوويتز طيلة 30 عاماً أو ما يزيد لاعباً أساسياً في رسم السياسة الاميركية عمل خلالها مع 6 رؤساء. ومعروف أن وولفوويتز قام عام 1992 بوضع ما سمي بالخطة التوجيهية لسياسة الدفاع التي نادت بالحضور العسكري الاميركي الدائم في العالم لردع كل (المنافسين الطامحين حتى لدور إقليمي) ـ مثل ألمانيا واليابان... والاتحاد الأوروبي.
وفي تشرين الثاني عام 2006 لم تكد تكتمل النتائج النهائية للإنتخابات النصفية الاميركية حتى طالت الهزيمة التي جاءت بنكهة عراقية مرة رأس الحربة ووجه الحرب وزير الدفاع دونالد رامسفيلد.
لقد قال رامسفيلد عن العراق قبل الغزو : (نعلم أن لديهم أسلحة دمار شامل ولا نحتاج الى فتح نقاش حول هذا الامر)!.. وهو ما ثبت عدم صحته بعد ذلك إلا أن الوقت كان متأخراً!. ومنيت إدارة بوش بعد ذلك بنكسة دبلوماسية كبرى أخرى مع إعلان تنحي مندوبها السيئ الصيت لدى الأمم المتحدة جون بولتون الذي يعادل خروجه سقوط رامسفيلد وهو ما قد يكون بمثابة إنتصار للأمم المتحدة وبعض الدول مثل إيران وسوريا وفلسطين... وربما لبنان.
وشكل رحيل بولتون الذي لا يعترف بمنظمة الأمم المتحدة ويسخر من وجودها خسارة ثقيلة للمحافظين في الميدان الدبلوماسي نظراً للدور المؤثر الذي أداه خلال فترة عمله القصيرة الطويلة في صياغة القرارات المناهضة لسوريا وإيران وكوريا الشمالية وفلسطين والداعمة لإسرائيل وما يوصف بـ(الديموقراطية الفتية) في لبنان.
وكانت الضربة القاضية الأخرى التي تلقاها المحافظون الجدد وصقور الادارة هي بانسحاب فرنسيس فوكوياما الإيديولوجي المفضل لدى الجمهوريين منذ أن نشر كتابه الاول عام 1992 بعنوان (نهاية التاريخ). اذ تراجع عن أفكاره ونظرياته السابقة في كتابه (أميركا على مفترق الطرق)..
وفيما بشّر فوكوياما بنهاية مرحلة المحافظين الجدد بعد عام 2008 أي بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة أشار الى أن هؤلاء سيتواجدون دوما وسيبقى لهم أنصار في الادارة ونفوذ على نحو ما!.
كثيرة هي نبؤات الساسة والمحللين الأمريكيين .. والكثير منها لا تتحقق بفعل حركة التأريخ وضعف إستيعاب واقع التنفيذ.. والبعض منها يتحقق! .. حينها تعود العقارب والثعابين لتظهر من جديد !..
وفي ظرف الترقب للتغيير في السياسة الأمريكية اليوم..هل ستتمكن الإرادة الأمريكية الباحثة عن مصلحة الشعب الأمريكي في واقع العتمة والخوف والتردد من إزالة ظل القتلة والمزورين والمخربين والحاقدين ..هذا الظل الملتصق بجدران البيت الأبيض والبنتاغون والمخابرات والامن القومي والخارجية ..
وماذا عن خيالهم وخيوطهم التي تكاد تكون متلازمة مع واقع ومستقبل السياسة الأمريكية؟ .. وماذا عن بصماتهم العصيّة على التغيير؟!.. |
||||||
|
||||||