شنّ العرب هجوما عنيفا على محاولة
الصهاينة اقتحام باحات المسجد
الأقصى المبارك في الأسبوع
الماضي. هذه المحاولة لم تكن
الأولى، ويجب أن يكون واضحا أنها
لن تكون الأخيرة. فقبل هذا
التاريخ كانت مدينة القدس لا سيما
المسجد الأقصى هدفا مباشرا
ومكشوفا للصهاينة بلا استثناء.
المهمّ أنّ العرب بمعتدليهم
ومتشدّديهم استنكروا وشجبوا
وندّدوا وهدّدوا، الأمر الذي دعا
حكومة الصهاينة لطلب عقد جلسة
عاجلة لمجلس الأمن لبحث التهديدات
العربيّة، وتمّ إطلاق صفّارات
الإنذار في جميع مدن فلسطين
المحتلة وتحذير السكّان من مغبّة
الخروج إلى الشوارع.. أغلقت
المدارس، ووُزّعت الكمامات
الواقية من الغازات السامّة،
واختبأ السكّان في الملاجئ تحسّبا
لهجمات صاروخيّة عربيّة لا تُبقي
على أحد..
عفوا على هذه الأحلام التي لم يعد
أحد يسمح بها..
من المتعذّر أن نحيط بالانتهاكات
المستمرّة التي يعمد إليها
الصهاينة في محاولاتهم المستميتة
لإثبات صحّة دعاواهم وتأكيد
أحقيّة وجودهم التاريخيّ في أرض
فلسطين. ولكنّنا سنكتفي ببعض
الاعتداءات التي تمّت تحت أنظار
السلطة أي بعد اتفاقيّة أوسلو.
ففي 23 أوت 2009 اقتحمت مجموعات
دينيّة يهوديّة المسجد الأقصى
المبارك، ثمّ قامت بجولة في أنحاء
المسجد ترافقت بـتأدية شعائر
دينيّة وتلموديّة يهوديّة.
بعد ذلك بأيّام قلائل نشرت مواقع
الجماعات اليهوديّة صورا تُظهر
تنظيم شعائر دينيّة تلمودية تخصّ
الهيكل المزعوم وترتبط بشعائر
الزواج عند اليهود. وتمّ في الوقت
نفسه إدخال أحد العرسان اليهود
إلى المسجد الأقصى حيث أجريت له
بعض المراسم.
تعوّدنا من بعض الأطراف
الفلسطينيّة والعربيّة أن نسمع
حديثا عن نسبة مثل هذه المحاولات
إلى المتطرّفين من اليهود، في سعي
محموم إلى إيهامنا بأنّ فئة
محدودة أو شاذة داخل "المجتمع
الإسرائيليّ" هي التي تتبنّى مثل
هذه الممارسات، الأمر الذي يعني
في نظر أصحاب هذا الحديث أنّ
الذين يتربّصون بمقدّساتنا ليسوا
سوى نقطة في بحر السلام
الصهيونيّ.
غير أنّنا عندما نقلّب صفحات
التاريخ القريب والأقرب تبدو لنا
الصورة في منتهى الصفاء،
فالاعتداءات على المسجد الأقصى
تمّت في عهود مختلف الحكومات
الليكوديّة والعمّاليّة
والكاديميّة، مثلما حصلت بإشراف
من يسمّونهم الحمائم والصقور، قبل
المفاوضات وأثناءها وبعدها. وقبل
كلّ هذا كانت هذه الاعتداءات تحصل
تحت أنظار قوّات الأمن الصهيونيّة
وبإشرافها، بل وحمايتها.
في السنوات الأخيرة اشتدّت الوطأة
على المسجد الأقصى المبارك وعلى
مدينة القدس عموما، ونشطت عمليّات
الحفر قرب المسجد وحوله وأسفله.
وقد أدّت هذه العمليّات إلى
انهيار تلة باب المغاربة في فيفري
2004، وانهيار جزء من الطريق
المؤدّي إلى باب المغاربة في سور
المسجد الأقصى. وفي 10 أفريل
2005 نفذت جماعة رفافاه
اليهوديّة المتطرّفة محاولة
اقتحام فاشلة للمسجد الأقصى. وفي
28 سبتمبر 2005 أي بعد عشر سنوات
من الحفر تحت المسجد الأقصى دشّنت
السلطات الصهيونيّة موقعاً يعتبر
الأوّل من نوعه في الفضاء التحتيّ
للمسجد تحت اسم سلسلة الأجيال،
ويمتد هذا المشروع
تحت حائط البراق كاملاً.
وبعد ذلك بأقلّ من شهر ونصف
اقتحمت قوة خاصة من الجيش
"الإسرائيليّ" المسجد الأقصى،
ونفّذت مناورة شملت جميع الأجزاء
المسقوفة تحت ادّعاء حماية المسجد
الأقصى من اعتداءات المستوطنين!!
وفي ديسمبر من نفس السنة أقرّت
الحكومة "الإسرائيليّة" ميزانية
بـ 68 مليون شيكل (حوالي15 مليون
دولار) لتطوير ساحة البراق و
تأسيس مركز للزوّار فيها على مدى
5 أعوام قادمة. وبعد ثلاثة أشهر
افتتح مسؤولون يهود قاعة جديدة
لصلاتهم في ساحة البراق تحت مبنى
المحكمة الإسلاميّة، بحضور رئيس
دولة الكيان الصهيونيّ موشيه
كتساف و رئيس بلدية القدس أوري
لويوليانسكي.
للتذكير فقط -مجرّد التذكير-
نقول إنّ المحاولة الأخيرة
لاقتحام باحات المسجد الأقصى تمّت
أيّاما معدودة بعد اللقاء الذي
جمع محمود عبّاس وبنيامين نتنياهو
وباراك أوباما،.. وفي مثل هذه
الأوضاع الفلسطينيّة والعربيّة لا
يملك المقدسيّون سوى صدورهم
العارية.. ودعواتهم الصادقة..
ودموعهم الحارقة
..
|