كيف يمكن أن ينقلب إنسان نظيف
شريف كان بالأمس مدافعا بشجاعة
وفروسية عن العراق، مناهضاً
للاحتلال بكل أشكاله وألوانه
وكيفياته إلى مساند للاحتلال.. هل
هذا معقول؟!.
هل 750 ألف دولار مبلغ مغر
بالنسبة لرجل مثل الشيخ عبد
اللطيف الهميم لكي يبيع قضيته
ووطنه بسببهما؟.
لو قيل مثل هذا الكلام عن عراقي
لا يملك شروى نقير ما صدقته، لأنه
وهو الفقير يظل الوطن عنده أغلى،
فكيف بالشيخ عبد اللطيف الهميم
الذي أنفق ثروته من أجل قضيته
العراق؟.
وإذا كنا نريد أن نلتمس لأخينا
سبعين عذراً، كما علمنا نبينا
الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم،
فما عذره سوى نوازع النفس، والنفس
أمارة بالسوء، ومع ذلك فليكن عذري
مقدمًا إزاء أي خطأ: بأن البشر
بشر.
هذا الكلام الذي يلقى على عواهنه
(أغراض التسقيط السياسي) لن
يستفيد منه إلا واحد نحاربه
جميعاً ونناضل من أجل طرده هو
وأدواته من عراقنا الذي ابتلي
باحتلالات، وذاق شعبه مرارات
وعانى مهانات القتل الذي أصبح
ممنهجا ومنطقا بين أطفاله ونسائه
وشيوخه وشبابه ورجاله واجتثاثه من
التاريخ والجغرافية صار الهدف
الذي يسعى إليه المحتل وأزلامه.
أنا لا أقول لا تقاتلوا من أجل
العراق، ولكني أقول لا تسددوا
الرصاص إلى صدوركم، بل صوبوه نحو
صدر المحتل.
أنتم تعرفون عن أي أمر أتحدث
بالتأكيد.. فقد دعوت مرارا وتمنيت
دائما أن نغادر أسلوب السب
والشتائم والتهريج وإطلاق
المعلومات غير الدقيقة.. فالإعلام
في عالم اليوم علم دقيق، فإذا
أطلقت اليوم معلومة غير دقيقة
وانطلت على الناس، فهل أنت ضامن
أنهم سيصدقونك غدا حتى ولو
بمعلومة صادقة ودقيقة مائة
بالمائة.
اذكروا الأيام الأولى للاحتلال
وتذكروا الشيخ عبد اللطيف الهميم
وهو يلوح ببندقيته يدعو العراقيين
إلى الجهاد.. تذكروا خطابه اليوم
وأمس وانظروا هل حاد عن حب العراق
قيد أنملة؟.
عبد اللطيف الهميم ليس شخصا
عادياً جاء إلى الساحة السياسية
العراقية بالمصادفة كآخرين صنعهم
الاحتلال، ولمعت وجوههم شاشات
التلفزيون بكثير من المساحيق
والماكياجات ومنظفات تلميع
الصورة، بل هو جزء فاعل ومؤثر من
الحراك الجهادي والإسلامي والعربي
والسياسي والاجتماعي والاقتصادي
سواء قبل احتلال العراق، أو
بعده.. صنعته محنة العراق،
وقضيته، وحرائقه، وهمومه، ومآسيه،
ولم يكن ذات يوم مزيفا نفسه
وواقعه وتأريخه.
أما أننا نبقى ننحت في الصخر،
وننال من رموزنا الوطنية بهذه
الطريقة السيئة أو تلك، فإننا
آنئذ، لن نضيع العراق وحده، بل
سنضيع معه أمتنا العربية بكاملها
من محيطها الهادر إلى خليجها
الثائر، ونضيع أنفسنا، وتتوه
أمامنا بوصلة الاتجاهات في عالم
تلاشت فيه المسافات على الأرض وفي
الفضاء.
ثم لماذا تصدر الشتائم منا
علينا؟.. ألا نفكر ونحن في معمعان
معركة ضارية أن هناك مستفيدين من
جعلنا نقاتل أنفسنا؟
ثبت عندي أن عبد اللطيف الهميم
يحب العراق وهو يسلك الدروب
والطرق كلها من أجل الوقوف مع شعب
العراق، وهو لا يملك ذرة من
الطائفية، بل ثبت لي أن (لا
طائفيته) هي الضريبة التي يدفع
ثمنها لتلفيقات وأكاذيب في
الإعلام الطائفي، أو الحزبي، أو
الجهوي، أو المبتز.. وهو إذا كانت
لديه هنات ولكل إنسان هنات، فان
هذه الهنات مهما بلغت لن تجعله
يتهم باللا وطنية ـ حاشاه ـ ولن
تجعله يحل في قلبه غير العراق.
من المؤسف أن تكون (الوطنية) كلمة
سهلة رخيصة يطلقها الآخرون حسب
مزاجهم وأهوائهم الشخصية وقوائمهم
الانتخابية!!. فالمالكي وطني،
والجعفري وطني، وطارق الهاشمي
وطني، والحكيم وطني، والصغير
كذلك، بل أن أياد علاوي الذي
تعاون مع أكثر من 16 جهاز مخابرات
أجنبي لتدمير العراق وتخريبه..
وطني!!
لا أعلم أين كان هؤلاء الذين
يريدون تلميع صورهم، يوم حمل
الشيخ الهميم بندقيته وقاذفته على
كتفه، وعبأ الجماهير للمقاومة،
وقاد (سرايا الجهاد العربي
الإسلامي) في ملاحم ومواقع مشرفة
عابقة بنكهة البطولة في محافظة
الأنبار وخارجها، حتى بعد احتلال
العراق؟.
الشيخ عبد اللطيف الهميم يستطيع،
لو أراد أن ينزع قضية العراق من
قلبه وعقله، ويتفرغ للتجارة، فهو
ابن أسرة ثرية معروفة في هذا
المجال منذ عشرات السنين، فهل
فكرنا لماذا لم يفعل ذلك، وأنفق
ما لديه من مال على مشاريع تسعى
لتحرير العراق.
عبد اللطيف الهميم وافق على
الدخول إلى العملية السياسية
والمشاركة في الانتخابات التي يقف
ضدها كثيرون منا، لأنه يرى أن
الأمر سيجدي، ولكني أؤكد لكم أنه
إذا وجد أن لا جدوى مما فعل، فإنه
سيتراجع من فوره ويبحث عن طرق
أجدى لخدمة العراق؟.
عبد اللطيف الهميم يتحرك دائماً
في الضوء والنور، لا في العتمة
والظلام.. ويتكلم بحنجرة خطيب
بارع يهز ما تحت القبة وخارجها،
ويشد إليه الناس، فيسمع من كانت
آذانه صمما، لا يهمس همسا.. وإزاء
ذلك مطلوب منكم أن تقدموا للقارئ
حتى يصدقكم ويثق بكلامكم وثيقة
واحدة، أو محضر اجتماع، أو بيان،
أو أي كلمة مرئية، ومسموعة،
ومقروءة، قالها الشيخ عبد اللطيف
الهميم، أو وافق عليها، لم تكن في
مواجهة الاحتلال الأميركي
والطائفية المقيتة التي جاء بها
الاحتلال.
وعكس ذلك.. فاصمتوا من فضلكم،
ودعوا هذا الرجل يعمل.. من أجل
خاطر العراق وحده.. وليس غيره.
دعوا الرجل يعمل.. ولا تسبوه،
وتشهروا به، وتفبركوا أخبارا
ملفقة كاذبة ضده، وأنتم تروجون
معلومات غير دقيقة عنه للنيل منه،
وإشغاله وإشغال الجهد الوطني كله
في قضايا لا أساس لها من الصحة،
ثبت بطلانها قبل أن يطلقها
مروجوها.. ولا تكونوا سبابين
شتامين حتى مع الضالين، لأن هؤلاء
عندما سيصطدمون بجدار الحقيقة
سيعودون إليكم .. ألم نقل إننا
نقبل كل عراقي كان مخدوعا حتى قبل
ساعة من التحرير؟..
|