شلون "بلتيقة" ! بين فترة وأخرى يظهر لنا صاحب مقال أو من خلال إطلالة
على فضائيّة يصف أحدهم "الصدفة" السعيدة التي فاز بها أبو إسراء
برئاسة العراق حكوميّاً ؛ قائلاً ... سمعت فلان .. وأنّ أبا نعنعة
حدّثني عن أبي عن أبى جريك عن أبيه البقصمي عن خاله عن عمّه .. أو
.. قال لي أبو إسراء .. الخ , ثم يسرد نفس "الرواية" مؤخّراً
المؤرّخ حسن العلوي واصفاً "تقلّب الحال من حال إلى أحسن حال" في
آخر لحظات مغادرته سوريا إلى بغداد في أوّل أيّام احتلالها , قائلاً
: فقلت له .. "يللّه أبو إسراء تعال اركب ويّايه بالسيّارة
نروح سوَه البغداد بلكن إنلحّكلنه عله فد منصب بلكن نشوفلنه
فد كرسي وزاري ؛ غيره.." .. وواصل العلوي قائلاً : فردّ عليّ أبو
إسراء "..... إي والله صحيح أستاذ حسن , عله حجايتك .. أقللها
آني هم بلكن ألحكلي عله فد منصب ولو مدير ناحية .. مدير تربية ..
مدير بلدية ولو .. بس اعذرني أستاذ حسن .. آني راح أجي وراكم ,
لأن عندي "شغلات" أخللصهه وألْحَكّمْ " .. يعني ممستعجل ! ...
بهذه "الترنيمة" أو البلتيقة كما يقال والتي تتكرّر بين آونة
وأخرى في بعض المقالات أو الأحاديث المتلفزة , منهم المحب ومنهم
الكاره , فمن كان من ضمن المدّاحين نراه يتناول الرواية بهالة من
"البراءة" التي كان عليها المالكي وهو يتوجّه إلى بغداد منطلقاً من
قاعدته "أمّ السبح" متوجّهاً , وهو على سجيّته لا يعلم الجكّ من
البكّ , و "على نيته" وكأنّه يمشي في نومه ولم يخطر على باله أبعد
من حلمه بحصّة تربويّة أو خدميّة من الغنائم التي قدّمها المحتل
لأحزاب الطوائف التي أتت تهرول لاهثةً خلف دبّابته ... فيما يرى
الطرف النقيض , يعني الطرف من أصحاب أقلام المقاومة ممّن يسردون
الرواية ويصفونها نقلاً عن ما حصل فيرونها لا تعدو أن تكون
مفاجأة المّت بالمالكي وربحها بما ولا أحلام العذارى فيقدمه
أصحاب هذه الأقلام بطريقة السخرية , من باب "اللي شاف ما شاف !"
بعد أن كان المالكي يتحسّر على نيل وضيفة ولو بمنصب متواضع في
محافظة بابل ! ...
أنا لا أجزم بنوع خصوصيّة هويّة أبو إسراء الغامضة , إطلاقاً ,
رغم أنّ الاتّهام بهويّته الحقيقيّة قابلة لأن تثير الشكوك من
حولها خاصّة مع استقراره العجيب على كرسيّ هزّته من تحته أطنان من
المتفجّرات فاقت كميّاتها ما ألقي على هيروشيما وناكازاكي فلم تتأثر
قوائمه ! بل وأن مغامراته "المحسوبة" كان المفترض بأنها غير
محسوبة! خاصّة بالنسبة لإنسان كان جلّ طموحه وأقصى ما يتمنّاه ,
بحسب الرواية , أن يفتتح معرض "تربوي" ويقوم بقص شريطه ؛ ويسودها
جوّ من الانتحار السياسي , كان المفروض بصولة البعران .. عفون أقصد
صولة الفرسان أن يُتوقّع التضحية بكرسيّه فداءاً بتلك الصولة على
المعدان , وعليه فإنّ هذه الشكوك ليست نابعة من فراغ إذاً !
,خاصّة وأن المستعمر الغربي , والكسروي كذلك , له سابقته في هذا
المجال في حصد ما كان "يبذره" .. ولا ننسى أنّ "إيران" الفارسيّة
جار قديم للعراق , وأن التعاون الفاتيكاني ـ الصفوي كان قد حصل منذ
قرون عديدة بغية إعادة المنطقة إلى ما قبل الإسلام! أيّ تبلور ذلك
التعاون أكثر بعد سقوط بغداد على يد مولاكو .. عفون أقصد على يد
هولاكو , لأن ذلك التعاون كان قد بدأ مباشرةً بعد معارك القادسيّة
واليرموك اللتان بهما أقيمت الصروح الحقيقيّة للدولة أو للإمبراطوريّة
"الإسلاميّة" والشواهد كثير على ذلك التعاون ولا مجال لذكرها هنا ,
إذ ليس من المستبعد والحالة تلك أن يبذر الثنائي الوريث ـ الفهلويّة
ـ البريطانية ـ بذورهما هنا وهناك في النسيج الاجتماعي بهذه
المنطقة أو تلك لحصدها فيما بعد , ولو بعد أجيال , ولا نريد أن نغوص
هنا بالدلائل التي تثبت ذلك وبالخوض عميقاً في التاريخ , ولكنّنا
يكفي أن نسوق .. مثالان نستدلّ بهما على حصول مثل هكذا "بعد
نظر" من قبل "طالبي الثأر" وعلى انّه أمر ليس بمستبعد حصوله
.."أتاتورك" مثلاً .. الصربيّ الأصل واليهوديّ الهويّة والذي تمّ
زرعه في قلب إستانبول هو ومجموعة من الصرب اليهود على أساس
أنّهم "مسلمون" ! ومن مواليد الدولة العثمانيّة , وانتسبوا بعد
مراحل الدراسة إلى الكليّة الحربيّة في استانبول ليتخرّجوا ضبّاطاً
بعدها , كان كمال أتاتورك أحدهم .. وقيل بعدها أنّ القطعات
التركيّة تقهقرت أمام الزحف البريطاني ـ الفرنسي عندما كان هؤلاء ذوو
الأصول الصربيّة على رأس قيادات متجحفلة مهمّة في الجيش العثماني
مهامّها أن تقوم بصدّ هجمات الحلفاء ! ...ليعلن بعدها عن خسارة
الأتراك الحرب العالميّة الأولى إلى جانب ألمانيا ..
أو مجموعة "آل سعود" مثلاً , هذه الكتلة الطامحة التي أصولهم
مشكوك فيها كثيراً , اتفقت معهم بريطانيا , سرّاً ! على تسلّم
جزيرة العرب بعد أن تسرّح الشريف حسين "بالكنافذ" ! وما أن تضع
الحرب الأولى أوزارها بانتصار بريطانيا والحلفاء على دول "محور
الشرّ" ألمانيا وتركيا وأتباعهما بعد أن كانت قد وعدت بريطانيا
"الشريف حسين" قبلاً في حالة انتصارها في الحرب , أي بعد مساعداته
العسكريّة واللوجستيّة العشائريّة لها , باستلامه لقاء ذلك
مقاليد حكم المنطقة بأسرها "الهلال الخصيب" تصديقاً لقوله تعالى
, وهو شريف مكّة .. وشلون فاتته هاي" ( لا عهد لهم ولا ذمّة ) ! ..
فمن ذلك وغيره يتبيّن لنا , كما هو معروف , أن المستعمر عادةً ما
يعد المتعاونون معه بشيء بينما هو يدبّر شيئاً آخر مع جماعات أخرى
, ووعود المستعمر الشتّى وبشتّى أنواعها أصبحت مكشوفة للجميع ,
والمؤلفات والمقولات والشروحات بهذا الخصوص قد ملأت مكتبات العالم
و لذلك لا ندري كيف يطير من الفرح وكأنّه نجح في امتحان
"البكالوريا" من يصدّق بمنصب يعده به المستعمر قبل احتلال "بلده"
بمساعدته ! .. إلاّ إذا كان ذلك "تكليف" من جهة راعية يؤدّي هو تحت
مؤثّرها "واجبه" لفترة زمنيّة معيّنة ثم يذهب , فذلك شيء آخر ! ....
وعليه , فمن أولى مبادئ ممارسة الديمقراطيّة , ومن ألف ـ بائها ,
أنّ الوزارة تتفكّك في البلد الديمقراطي حال سقوط عبوة قاذورات أو
كيس "زبل" بالخطأ فوق رأس مستطرق من تحت "البالكون" ! .. يعني
بما ممعناه , يعني كنّا نتوقّع مثلاً أن "دولة القانون" في بلد
ديمقراطي "كالعراق الجديد" مثلاً , ستستقيل فور وصولها نبأ أنّ
القوّات "الصديقة" قد قامت بتقسيم بغداد بالكتل الكونكريتيّة وعزل
مناطقها واحدة عن الأخرى , خاصّة وكان قد أبدى المالكي استياءه
"الشديد" من ذلك الإجراء بعدها , وطالب وهو في القاهرة "أصدقائه"
المسلّحون , برفعها فوراً ! .. طبعاً كلنا يعرف كيف زوّق بعدها تلك
الجدران بالرسومات التي تخفّف من منظرها الثقيل بعيون البغداديّين !
, وكانت تلك تعتبر مقدّمة بشرى لما سيأتي من دولته على رؤوس
العراقيين بعد ذلك ! ... وتوالت الانفجارات , ما صغر منها وما كبر ,
ومنها ما عظم , ومنها ما تدوّل , وفي كل انفجار يذهب الضحايا من
العرقيّين بالمئات بين قتيل وجريح .. ودولته يتوعّد القاعدة
والأرهابيّون والصدّاميّون والبعثيّون وجند السماء والزركاويّون ,
بينما القتلى بالآلاف والجثث ترمى في الشوارع , وسعادته يتوعّد ,
ولا يستطيع أيّ منافس له أن يُزحزحه قيد أنملة عن كرسيّة , ولا ندري
من هي القوى الخفيّة التي تحميه ! , هل الشعب ! بالطبع لا .. ويستمر
مسلسل القتل والنهب والتهجير , والمالكي يثبت أكثر فأكثر مع ازدياد
الدمار والقتل والصولات والمداهمات وتزداد معها أبواب الدول
الأوروبيّة فتحاً بوجهه المغزليّ الجميل , وتنفتح معها أبواب الدول
العربيّة وخاصّة "المتزمتّة" منها , وتزداد الطلبات الدوليّة عليه
كلّما ازداد خراب بغداد , بل وأصبح المالكي مع كل خراب جديد
تزداد صلاحيّاته وبما يستطيع أن يوقف معها ويتدخّل بقرارات
الأمم المتّحدة نفسها ويوصد أبواب اللجوء بوجه العرقيّين الهاربين من
خطّة حرامي بغداد .. عفواً أقصد خطّة أمن بغداد ! .. بل ويوقّع
الاتفاقيّات الأمنيّة المصيريّة تحت صيحات وهتافات ترنيمة تظاهرة
معارضة عربيّة فصيحة "لا اتفاقيّة أمنيّة لا لا ..!" كل هذا وغيره
الكثير , وأبو إسراء ثباته ينجلي ويتجلّى بأبهى صوره ويزداد بريقاً
ولمعاناً كـ"سجّاد الكاشان" ونجمه يصعد ويزداد الفرز من تحت
خلفيّته لمادّة "الأمير" التي تزيد من التصاقه بالكرسي أكثر ! بل ,
وعلى ما يبدو لي , أن "كارثة الأربعاء" على رأي الراحلة "فايزة
احمد" ستزيد أكثر فأكثر من إفرازات خلفيّته اللاّصقة وتثبّته على
مقعد الرئاسة , بل ولربّما سيبقى ملتصقاُ به حتّى وهو مُقعد إذا ما
تعرّض لعبوة صاخبة لا سامح الله ! .. بينما أننا وجدنا المسكين
"القويّ الأمين" سقط من فوق الرئاسة وانكسرت رقبته في أول "جسر"
اختبار راح ضحيّته الآلاف من العراقييّن ! والتحقيق جار لحدّ الآن !
رغم أنّه فرّط بما ائتمنه عليه "شعبه" حين قدّم سيف "قدوته إلى
الجنّة" الأمام علي ع عربون ثقة وتضحية لعرّابه رامسفيلد ولكنّ لم
ينفعه ذلك ! .. فيا ترى ماذا قدّم دولت أبو إسراء ممّا أتمنه عليه
شعبه لكي "يتبسمر" فوق كرسيّ الرئاسة بمثل هذه البسمرة وتحته أنهار
من الدماء لأكثر من نصف مليون عراقي دمائهم برقبته إلى يوم الدين ,
منذ تسلّم الكرسي ولغاية الآن .. رغم أنّ سعادته كان يطمح بمديريّة
تعليم في محافظة وليس في العاصمة !!! ...
ويا ترى من الذي كان يزوره من "أصدقائه" الحميميّون في "معمل السبَح"
الذي يمتلكه في منطقة السيّدة زينب من ريف دمشق .. ومن هم زوّاره
"الخاصّون" في معمله "جمجم" لصناعة "النعل" ! .. من يا ترى .. ومنذ
متى .. وأين ... فالرجل , ما أن وقّع على قرار إعدام صدّام صرّح
بأنّه سيستقيل ! وأنّ القلم الذي وقّع به على قرار توقيع الإعدام
كان يحتفظ به منذ ثلاثون عاماً استعداداً لمثل "هذا اليوم" كما
ذكرت ذلك إحدى الزميلات في موقع كتبات الموقّر !! ..
|