هل تصلح الانتخابات ما أفسدته التحالفات ؟

يعيش الشارع العراقي اليوم حراكا محموما يتمثل بالمحاولات العديدة التي تحاول خلق كيانات وإئتلافات جديدة والخروج بصورة تمثل لتحالفات تخدم المصالح السياسية للكتل التي تتشكل منها الحكومة العراقية والبرلمان؛وهذا الحراك قد يقتصر على النخب التي دخلت في العملية السياسية لمرحلة ما بعد الإحتلال والتي تشكلت منها الحكومات المتعاقبة على إدارة البلاد بفشل ذريع؛بعيدا عن المواطن العراقي الذي يبدو انه مغيب وغير معني بما يدور على المشهد السياسي في البلاد.

ومن هنا فقد شهدت الإئتلافات الجديدة حركة غير عادية للتنقل والتكتل فيما بين الكتل والقوائم لتشكل فيما بعد حركات وتجمعات يقول عنها أصحابها بأنها وطنية محاولين إيهام المواطن أو الشارع العراقي بأنها بعيدة عن الطائفية ولاتعمل وفق نهجها ولابنظام المحاصصة الذي تبنته في سالف عهدها من خلال الأسماء التي زجت في طياتها من هذه الطائفة أو تلك؛ مما يزيد من مساحة الشك لدى المواطن حول توجهات تلك الكتل التي غيرت بعض الوجوه وبقيت على ما كانت عليه ؛ذلك ان أغلب شخوصها كانوا ومازالوا يشكلون حجر العملية السياسية العرجاء التي جرت في البلاد وعلى مدى تعاقب الحكومات خلال السنوات المنصرمة؛وهذا الشك هو ما يقود الى عدم التفاؤل بحصول أي تقدم على المسار السياسي والأقتصادي في العراق مما يترتب عليه أستمرار الأخفاق في عمل الحكومة القادمة في تطبيق برامجها التي تندرج تحت بنودها الخدمات المقدمة للمواطنين وعلى رأسها الماء والكهرباء والتحسن الأمني الذي فشلت في توفيره حكومة المالكي والحكومات التي سبقته على عكس ما تروج له الدوائر التي تعمل بالضد من مصلحة العراق وأهله إن أستمرت تلك الأحزاب بالدفع بمصلحتها وتغليبها على حساب مصلحة البلد وأهله.

عزوف المواطنين عن تسجيل بياناتهم في مراكز مفوضية الأنتخابات لحد الأن يؤكد ما ذهبنا اليه في فكرتنا المتمثلة في مساورة الشكوك حول مسعى الكتل السياسية والتحالفات التي تحاول مغازلة الشارع وصبغ برامجها وخطابها السياسي بصبغة الوطنية الخالصة بعيدا عن التخندقات الطائفية والحصصية ما يعني إتساع الهوة فيما بين الشارع العراقي وتلك الأحزاب والتحالفات التي قادت البلاد الى الهاوية منذ قدومها والى يومنا هذا؛ناهيك عن عملية الخداع التي مورست على عقلية المواطن واللعب بعواطفه وأستخدام وتوظيف الرموز الدينية وزجها في العملية السياسية لتحقيق مآرب معينة تتمثل في الإنتفاع بفرص غير شريفة على حساب معانات الشعب و التي تمثلت بالأبادة الجماعية التي تعرض لها وبكل فئاته دون أستثناء على أيدي عصابات أستقدمت لهذا الغرض دون غيره وبعلم تلك الحكومات والأحزاب التي تتخندق خلفها ومازالت تمارس جرائمها على مرأى ومسمع من الحكومة الحالية؛وربما بل من المؤكد أنها هي من تقدم لهم العون والمساندة على أبسط صوره إن كانت تغض الطرف عن تلك الجرائم ومنها الجرائم التي يرتكبها النظام الإيراني والتي تعددت شواهدها ولم تعد بخافية على أحد.

لقد ثبت وبشكل مؤكد أن التمسك بالنهج الطائفي غير ذي جدوى وأنه سيجر البلاد الى مخاطر كبيرة وسيؤثر بدوره على وحدة العراق التي حاولت تلك الإئتلافات والكتل تمزيقها دون أن يكتب لها النجاح رغم ما طالها من نيران الطائفية والتي تركت أثارها الجسيمة على جسد المجتمع العراقي ككل؛ومن جهة أخرى فهي (أي الطائفية) لاتخدم إلا المحتل ومن سار بركبه ؛كما أنها تخدم مصالح من يقف أو يتخندق وراءها؛أن عملية التجرد من التفكير الطائفي وتبديل الوجوه القديمة وعدم أفساح المجال لها في التقرب من عملية التحكم بشؤون البلاد وتسلم مقاليد الحكم اليوم هي بيد المواطن وهي المطلوبة كمحاولة للخلاص ممن أوصل الوضع الى ما هو عليه اليوم نحو محاولة أصلاح ما أفسدته الأنتخابات السابقة والتي بنيت على أساس باطل وظال ومظلل؛مما ولد نتيجة باطلة تمثلت في الدستور المشوه والذي تحوم حوله الشبهات ؛ودستور يشارك في كتابته أشخاص دون مستوى التفكير السليم لهو أشبه بالمسخ إن صح التعبير وهو ماأستبعد اصحاب الفكر والعلم الذين كان من المفترض أن يعدوا مواد ذلك الدستور والذي اريد له أن يكون على تلك الشاكلة نحو تدمير العراق وفق بنوده الملغومة؛لقد عملت الأنتخابات السابقة وفق الطائفية و نظام والمحاصصة فولدت ما عشنا ه من خراب ؛فلابد لنا اليوم أن نكرس لصيغة جديدة تخدم الجميع دون أستثناء وتعمل على أظهار العراق بوجهه الحضاري الذي عرفنا العالم عليه وذلك لايتأتى إلا من خلال أستشعار أخطاء التجربة السابقة وأستبدالها بعد معالجتها بما يصلح لتوجهاتنا الجديدة التي ستولد حتما من رحم تلك المعانات القاسية التي عشنا تفاصيلها على مدى تلك السنين.

صورة الواقع الذي أعلن عنه اليوم من تشكيلات قديمة ضمت أسماءا جديدة ربما تعد على عدد الأصابع أحتوتها الإئتلافات التي أعيد تلميع صورها قد لاتختلف عما مضى من تكتلات ولايختلف نهجها عما كانت تطبق في السنوات المنصرمة؛أن نظرة لواقع التحالفات السياسية التي جرت على الساحة العراقية تبين أن كل الكتل والإئتلافات لم تقدم مصلحة الوطن وتغلبها على مصالحها الشخصية بل لم تغلبها على مصالح دول أخرى أقليمية أو عالمية كان لها عصى السبق على المصلحة العراقية عموما ومصلحة المواطن خاصة؛ثم ان تلك التجمعات الطائفية لم تخدم حتى الطوائف التي أتخذت من مسمياتها واجهة نحو الصعود الى دفة الحكم والسيطرة على مقاليد السلطة؛فلا الإئتلاف الشيعي إن جاز لنا أن نستخدم الأصطلاح بالمعنى الوارد في توجهات تلك الكتل كان قد خدم الغالبية الشيعية كما يطلقون عليها؛ولا الكتل السنية جاءت لتمثل أهل السنة في توجهاتها؛وليس أصدق من دليل على أن الغالبية العظمى من العراقيين ومن كل الطوائف والملل والنحل الأخرى نالت حظها البائس مما جرى ويجري على الساحة العراقية ولم تقدم لهم تلك الأشكال السياسية ما كانوا يطمحون اليه من أستقرار وحياة هانئة رغيدة كما تعيش الشعوب الاخرى.

الخارطة السياسية اليوم تحمل في طياتها معارك طاحنة وتقاتل على المصالح التي غيبت عنها مصلحة الشعب والشعور بالمواطنة وهي تهدف فيما تهدف اليه الأستحواذ على السلطة التي كان العراق وما زال في واد عنها وهم اي التكتلات في واد أخر؛وحظوظ القوائم أو الإئتلافات على مساحة هذه الخارطة ربما تحدده إتجاهات معينة هنا أو هناك وتتحكم به مسافة القرب أو البعد عن هذه الدولة أو تلك؛وبوضوح أكبر نرى أن درجة القرب والبعد من إيران هي البوصلة التي تحدد المسافة التي تقف عليها التشكيلات الجديدة القديمة والتي ستشارك في الانتخابات القادمة وسط تناقص فرص التأثير الأمريكي على المشهد العراقي؛ ومن هنا يتبين لنا صعود أو أفول نجم هذا الحزب أو ذاك أو تلك الشخصية وربما غيرها وتنامي حظوظها للفوز بنصيب الاسد في خدمة التوجه الإيراني على حساب مصلحة العراق وأهله؛ ولن تكون الأنتخابات القادمة إن تم خوضها بنفس الإئتلافات ونفس الوجوه والأشخاص بأحسن حال من سابقتها وسوف لن تأتي بما هو جديد؛ سيما وأن التوجهات التي تدعوا لها تلك التكتلات هي واحدة في مضامينها ولاتبدل في خطوطها؛ناهيك عن ضعف الأداء السياسي الذي يلف الجميع ممن يمثلون الحكومة والبرلمان وأن ما افسدته التحالفات القديمة التي تحاول تغيير لونها الآن وفق المشهد السياسي العراقي سوف لن تصلح الأنتخابات القادمة إن ذهبت بمضامين بطاقاتها الى الحرس القديم لتلك الأحزاب الطائفية التوجه.

يرجى الاشارة

إلى شبكة المنصور عند إعادة النشر او الاقتباس

كيفية طباعة المقال