المقاومة, من أكثر المصطلحات التي
تعرضت للظلم والذي انجر إلى ما
تتضمنه وما تمثله هذه المصطلحات
من قيم ومفاهيم وأفعال حقيقية
وأشخاص وأحزاب ,وبطريقة مقصودة
وتأكيد مستمر لا يعرف التراجع ولا
الملل وبدون حياء وخاصة من قبل
المحتل وأبواقه وعملائه في
العملية السياسية وكذلك من قبل
عملاء إيران حتى وصل الأمر إلى
تبني هذا المفهوم من قبل اغلب
أجهزة الإعلام خوفا أو مجاملة أو
تقربا للحصول على المزيد من
التمويل الأجنبي .
المقاومة هذا المصطلح السياسي
الذي يمثل اشرف حقوق الشعوب في
الدفاع عن أوطانها ضد الاحتلال
وضد كل غزو أجنبي والذي حفظته كل
شرائع الأرض والسماء بما فيها
الشرائع الأممية التي سطرتها
الامبريالية نفسها والتي تضمنتها
لوائح حقوق الإنسان وميثاق الأمم
المتحدة وقبلها تضمنته كل الأديان
السماوية وبالأخص الدين الإسلامي
الذي فرض هذا الحق وجعله واجب على
كل مسلم .
ومن الطبيعي إن المقصود هو فعل
المقاومة وليس الكلمة أو المصطلح
والذي أرعب الولايات المتحدة
الأمريكية قبل أن يرعب عملائها في
العراق بل وفي المنطقة ,وانجر هذا
الرعب إلى إيران وعملائها في
العراق,حيث إن فعل المقاومة قد
أسس لمرحلة جهادية ونضالية جديدة
لم يشهد لها التاريخ الإنساني
شبيها ,لعدم توفر المقومات
الموضوعية لهذه المقاومة حيث إن
كل الشعوب التي مارست واتخذت
الكفاح المسلح كنهج في مقاومتها
للاحتلال كانت تعتمد على وجود
التضاريس الطبيعية التي تساعد على
القيام بالعمليات العسكرية ضد
المحتل إضافة إلى عوامل أخرى وهذا
ما لم يتوفر للمقاومة العراقية
مما جعلها فريدة وذات تأثير عظيم
,وهذا ما يوضح إصرار كل من يتضرر
بفعل المقاومة على الربط بينها
وبين مصطلح الإرهاب الذي استحدثته
أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من
سبتمبر والذي يمثل بمفهومها كل
الأفعال العسكرية وغير العسكرية
التي تستهدف مصالحها وخصوصا التي
يقوم بها المسلمون , بغض النظر عن
مشروعية هذه الأفعال,وربما يبرر
البعض ذلك لها لأنها تدافع عن
مصالحها ,ولكن ما هو مبرر الآخرين
في تبنيهم لهذا الخلط , ونقصد
بالآخرين تحديدا الأحزاب السياسية
العراقية المشتركة في العملية
السياسية والتي تدعي بالوطنية
وبالإسلام ,بل الذي يدعوا إلى
الاستغراب القوى التي تدعي
تمثيلها للإسلام وهي ابعد ما تكون
عنه والتي كانت أقذر من المحتل
وعملائه في تجنيها على اشرف من
خلق الله في هذا الزمان وهم
المقاومون والمجاهدون من خلال
خلطهم المتعمد للمقاومة مع
الإرهاب والذي يصفون به العمليات
العسكرية التي تستهدف المدنيين من
أبناء شعبنا البطل الصابر.
حيث اعتاد جميع هؤلاء المرتزقة
على وصف جميع العمليات العسكرية
سواء كانت تستهدف قوات المحتل أم
الجيش والشرطة الحكومية آم تستهدف
المواطنين العزل الأبرياء بأنها
إرهاب من اجل خلط الأوراق على
المواطن البسيط ما بين فعل
الإرهاب وفعل المقاومة وقد يكون
كل ذلك مبرر عندما يقتصر هذا
الطرح على هؤلاء المرتزقة,ولكن
الذي لا يمكن أن يكون مستساغ هو
إن اغلب الفضائيات إن لم تكن
جميعها اتخذت نفس النهج وسرت
العدوى إلى الكثير ممن يسوقون
أنفسهم على إنهم من الوطنيين,حيث
ما أن تسمع بعملية إجرامية شبيهة
بعملية الأربعاء الدامي حتى تسمع
وترى الكثير من هؤلاء يتحدث عن
المقاومة تارة وعن الإرهاب تارة
وكان المفهومان وجهان لعملة واحدة
,وكل ذلك من اجل تشويه سمعة وفعل
المقاومة وأفعالها الجهادية
والبطولية النادرة .
ونحن في الوقت الذي لا ننكر بعض
النجاحات التي حققتها هذه الطريقة
وهذا الأسلوب وخاصة بعد المساعدات
التي قدمتها الفضائيات التي تمول
من المحتل والتي تدعي الوطنية في
الأوساط الشعبية التي تفتقر إلى
الوعي والذي مهدت لها الأرضية
الطائفية غالبا وبمساعدة تجار
الدين (رجال الدين التجار ),لابد
أن نؤشر وبالذات لهذه الفضائيات
ولكل العاملين فيها وخصوصا مقدمي
تلك البرامج التي تبث السم
الأمريكي مغلف بالعسل الوطني
,ونقول لهم بأننا لن ننسى دورهم
الوطني الشريف(؟!!!) في التسويق
للمحتل ولعملائه باسم الوطنية
والدفاع عن هموم الشعب من خلال
التهجم المستمر على أسيادهم في
الدنيا والآخرة أبطال المقاومة.
كل هذه المقدمة من اجل توضيح
أسباب إصرار حكومة العملاء على
اتهام البعث بعملية التفجير
الدامي الذي استهدف وزارتي
المالية والخارجية والذي شجبها
البعث ,واعترفت القاعدة بها والذي
أجمعت المخابرات العراقية
والداخلية وقوات المحتل على انه
من فعل المجموعات الخاصة التابعة
لإيران وبتسهيل من منظمة بدر ,أي
إن الجميع وكلهم أعداء للبعث
اجمعوا على براءة البعث من هذه
التهمة ما عدا المالكي وحزب
الدعوة الذين أصروا على اتهام
البعث لماذا ؟
إن المالكي قد وصل إلى قناعة تامة
بان الخطر الذي يهدد سلطته وحزبه
حاليا وفي حالة خروج القوات
الأمريكية المقاتلة من العراق
منتصف العام القادم يتمثل بالبعث
وخاصة بعد تراجع شعبية الأحزاب
الطائفية لصالح حزبه ولم يتبقى من
يهابه في الساحة العراقية بعد أن
ضمن الساحة الشيعية غير حزب البعث
وهذا ما جعله بمناسبة وبغيرها وفي
كل كلمة وخطاب يتطرق إلى البعث
والنظام البعثي السابق وغيرها من
التعابير ويكيل له شتى التهم حتى
تضن انه يفز بالليل وهو يحلم
بعودة البعث إلى السلطة ,إن كل
التهم لم تكن مقنعة لبدء حملة
تصفية جسدية واسعة للقضاء على حزب
البعث فكان عليه أن يستند إلى عمل
مستهجن من الجميع ويتهم به البعث
لكي يبرر مثل هذه الحملة والتي
بدء تنفيذها في اغلب المدن
العراقية ضد البعث وضباط الجيش
وضد كل من يضنه مؤيد لفكر البعث
,وبالرغم من إني أؤيد ما ذهبت
إليه البعض من التحليلات في أن
هذه الاعتقالات هي لأغراض
انتخابية ولكني أؤكد من أنها تهدف
إلى ابعد من ذلك ألا وهو إنهاء ما
بدئه المحتل وما أراده من قانون
اجتثاث البعث أي إن ما يريده
المالكي هو القضاء على البعث ,فهو
الوحيد الذي يخيفه في الساحة
العراقية ,وخاصة بعد أن ضمن تأييد
اغلب الشيعة في صراعه مع الأحزاب
الشيعية ,ولن تستطيع أي من القوى
السنية زحزحته عن عرشه لأنه سيلجأ
إلى الطائفية في أي صراع من هذا
النوع ,عند ذاك لم يتبقى إلا حزب
البعث الذي اخذ في استرجاع
التأييد الجماهيري الحقيقي من
اغلب أبناء الشيعة الذي غرر بهم
سابقا مما جعله القوة الحقيقية
والوحيدة التي يجب على المالكي أن
يخشاها وان يعمل على تدميرها بكل
الطرق والوسائل مستغلا الوجود
العسكري الأمريكي الذي اقتربت
ساعة رحيله والذي سيجعله مكشوفا
عسكريا أمام فصائل المقاومة التي
يقودها البعث والتي لا بد أن
تنهيه وتنهي معه الفترة المظلمة
من تاريخ العراق الحديث ,
ويبدو إن السيد المالكي يظن إن
تنظيم حزب البعث حاله حال أي من
التنظيمات الحزبية التي عرفها أو
ربما قرأ عنها ,أي إنها شبيه
بتنظيمات حزبه حزب الدعوة الذي فر
قادته قبل منتسبيه عند أول مواجهة
مثل فرار الفئران عند إحساسهم
بالخطر,وقد سبقهم في ذلك جماعة
حميد موسى وغيرهم, وان اعتقال
البعض أو حتى قتل البعض منهم قد
ينهي هذا التنظيم ويبعد عنه الخطر
الوحيد الذي يهدد سلطته ويهدد
مصالح أسياده الأمريكان
والإيرانيين ويهدد طموحات حزبه
التي ستقبر في حالة عدم تشتيت
البعث.
لقد فات على السيد المالكي وعلى
جهابذة حزب الدعوة وأسيادهم
الكثير الذي لا يريدون أن يتعلموه
من التاريخ القريب والبعيد للبعث
العظيم ويبدو إنهم نسوا كل ما
فعلوه طيلة السنوات الماضية من
قتل وتشريد وسجن واضطهاد وفصل
لمناضلي البعث والذي أعطاه قوة
وصلابة ومنعة وإيمان زادت عن ما
كانت لديه سابقا ,وهذه حقيقة
اعترف بها أم لم يعترف فلن يغير
منها شيء.
وأخيرا نقول له كما قال خالد بن
الوليد (رض ) للروم في معركة
اليرموك (لقد جئتكم بناس يحبون
الموت بقدر ما تحبون الحياة ).
وغدا لناظره لقريب . |