بدى التفرد الأمريكي، في الساحة الدولية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي
واضحا. حيث نشأت بانفراط عقد الاتحاد السوفيتي، ظاهرة الأحادية
القطبية، بظهور أمريكا، كقوة عظمي وحيدة، في العالم.
وقد ولد هذا الانفراد لدى الإدارات الأمريكية، ودوائر صنع القرار في
أروقتها، شعورا بالغطرسة، وأوهام القوة. حيث طبعت نزعة التسلط
والهيمنة، السلوك الأمريكي بالعربدة، على مجمل الساحة الدولية.
وترعرعت في ظل مثل هذه الأوضاع، نزعة العولمة، ورافقها مسعى أمريكي
محموم، لفرض النموذج الأمريكي، على العالم، من واقع وهم القوة، التي
تمظهرت ،في واقع الحال الأمريكي، من خلال :
· القوة الاقتصادية العائلة.
· الترسانة العسكرية المتفوقة.
· التفوق العلمي والتكنولوجي.
· ثورة الاتصال والمعلوماتية.
وقد أغرت عناصر القوة المذكورة، صانعي القرار الأمريكي، في مختلف قنوات
ومراكز صنع القرار، على الاندفاع، في كل الاتجاهات ، لفرض النموذج
الأمريكي، على العالم، بذريعة الإصلاحات الديمقراطية، تارة، وبذريعة
حقوق الإنسان، تارة أخرى.
ولتحقيق هذا الغرض، استنفرت الإدارات الأمريكية، إمكانات هائلة، لتسويق
نموذجها المعولم، بقصد إحكام السيطرة على العالم.
وقد اقترن هذا التوجه، بحملة إعلامية كبرى، لتمرير المخطط، من خلال
العمل، على إعادة تشكيل وعي الجماهير المتلقية، وتزييف هذا الوعي،
لتسهيل تنفيذ إستراتيجية فرض الهيمنة، وعولمة القيم الأمريكية.
وقد كان العراق، يقع في مركز الاهتمام الأول، في محيط دائرة
الإستراتيجية الأمريكية، من خلال كونه، بؤرة التأثير، في ما وصفوه
بالشرق الأوسط الجديد، في محاولة خبيثة، لإعادة صياغة خارطة المنطقة،
وفقا لمعايير هذه الإستراتيجية، من منظور ،كونه يمثل نموذج التطلع في
الأمة ،وتجاوزه الخطوط الحمراء، المسوح بها، في حسابات هذه
الإستراتيجية.
فكان الحصار الظالم،الذي فرضته أمريكا، على العراق، يصب في صالح هذا
التوجه، رغم التزييف، الذي مارسته الماكنة الإعلامية الأمريكية،
وتوابعها، والذي كان مكثفا ومضللا، بحيث كان من الممكن، أن يحطم، أي
مركز تكون، مهما كانت قدراته فاعلة، حتى ولو كان بحجم قدرات مثل الصين،
على سبيل المثال.
ولكن الصمود العراقي، ووعي الشعب، لحقيقة المخطط ،وإدراكه التام،
لدواعي الاستهداف، افشل أبواق الحملة الإعلامية التضليلية، على
كثافتها.. وتخطاها بنجاح مشهود.
واستكمالا لتنفيذ الصفحة التالية،من مخطط الهيمنة، كان الاحتلال
المباشر، لفرض النموذج الأمريكي بالقوة. ولكن تصاعد الوعي الجماهيري،
وصمود الشعب العراقي، بوجه الاحتلال، من خلال المقاومة الوطنية.. أطاح
بمرتكزات مشروع، مخطط العولمة بالاحتلال.وافشل أبواق الحملة الإعلامية
المسعورة، حيث تعترف الآن، كل مراكز القرار الأمريكي، المهتمة بهذا
الأمر، بإخفاق إستراتيجية الحملة الإعلامية،وفشل مشروع الاحتلال. وتصرح
علنا ،بان الحل العسكري لم يعد بإمكانه حسم الأمر.
ويلاحظ أن هذا الفشل الذر يع،لإستراتيجية إعلام التضليل، لتسويق
العولمة، قد تزامن ،مع الأزمة المالية الكبرى ،التي تعصف بالاقتصاد
الأمريكي، والتي أطاحت، بكبريات المؤسسات المالية والمصرفية، إضافة إلى
إشهار صناعات عملاقة، مثل شركة صناعة السيارات( جنرال موتورز) رمز
الرأسمالية المعاصرة.. الأمر الذي أرغم الإدارة الأمريكية، على قبول
فكرة المشاركة،مع مراكز تكون أخرى، لقبول تحمل أعباء إدارة الأزمة
المالية، والتفكير جديا، بالبحث عن نظام مالي دولي جديد.. مما يعطي
الانطباع ،بأن الإمبراطورية الأمريكية، بدأت تنحدر على السفح الآخر،
نحو هاوية التفكك والانحطاط .. مؤذنة باختتام عصر الهيمنة الأحادية.
|