التبعية الاخرى للفكر العربي تبداء بتقديس الماضي ومن ثم تكفير اي
اتجاه أو فكر لايدين للماض كمنطلق لبلورة الافكار والتيارات ومن ثم
لتصيح تجاربه مقدسة وتأخذ من الماضي البداية والمنطلق وتحديد هوية
المسيرة,و كما هو وبدون اية اضافة أو تعديل أواية حالة من التكييف,و
يتم ترحيله وكما هو الى الحاضر والمستقبل,ويدخلنا اصحاب هذا المذهب في
تحجر فكري وحركي بحيث يحول روائع الماضي الى قيود وقوالب تقتل فينا هذا
النبض الحي المتوارث والذي كان في الماضي الحلو هو ذاته سببا في تقدم
امتنا ,فهم يقتلون الماضي الجميل يقيدون حركته في قوالبه القديمة الى
ان يموت وهو حي فينا ,حي يريد انبعاثا وهم اليوم يحاصورن هذا البعث
ليقتلوا الامة فيه ويحرموا الامة منه,فبعث الامة وامة البعث مترابطان
كارتباط النبتةبالارض,فكما النبتة ضرورية لجمالية وديمومة خصوبة الارض
,فان الارض هي ضرورية لحياة النبتة ونموها.. .انه التيهان السياسي في
كلا الاتجاهين بل الغباء الذي يؤدي للهدم في بناءالمجتمعات الاصيلة
وضعف في الاستيعاب ايظا.ان تفسيرنا لهذين التبعيةوالانغلاق, في الاولى
لهاث غبي وراء افكاروتجارب لم تمس فينا اي احساس بالانتماء للوطن
والامة وبه نفقد الهوية والشخصية ولكنه يمنحنا رضى الذين يخوفهم ماضيهم
بينما نحن نتوط ونتفاخر بانجازات امتنا فيه, والاخر يبعدنا عن ماضينا
ان نحن عشناه.
في كلا الاتجاهين القصد مرتبط بدرجة الوعي , وهوبهذين الحالتين لا يعد
كونه الا حالة من حالات التدني في الفكروالوعي , وان هذالتدني ليس الا
انعكاسا للبني المادية والثقافية التي انتجته هذه التبعية ,هذه فهو لا
يملك قدرة التسامي والتجرد عنها ليفككها ويتجاوزها ويفعل فيها وانما
يعيد انتاجها انفعاليا ..وهو يعتبر الاخر شيطان يجب تدميره... وعي كهذا
لا يروم لا العدل ولا الحرية, بل تتحدد اهدافه في هذا الغلق الفكري
والحياتي, والدوران في حلقات فكرية عقيمة لا فائدة منها وقريبة
الىالسفسطة اوالترف الفكري,ويتحمل الانسان والمعني في حديثنا الان هو
الانسان العربي,بمعنى اخران ازمة الامةالعربية في فكرها تتمثل اساسا
في ازمة الانسان فيها, اي في الاخلاق... فالفرد المتدني اخلاقيا يقبل
بالذل والظلم ان كان في موقع الضحية, ويكرس التسلط والاستغلال ان كان
في موقع الجلاد اويتفلسف في خلق الذرائع و الحجج لتبعيته الفكرية. وهذا
ينسحب بشكل مباشر على الديمقراطية كفكر وثقافة ونهج في ظهورها المؤثر
في الحياة العربية وكتجربة وسلوك يتعامل معهما وبهما العربي وبالخوصية
التي يفرضهما النابع من ادراكه للانسان العربي كماضي وحاضر ومستقبل
,والانسان العربي كوجود قيمي ومادي ,وكذلك كحاجة عربية وانسانية,وان
عاملي التاريخ والتركيب النفسي للفرد العربي اي السايكولوجية
العربية,هما اللذين يكفلان تقديم الانسان العربي المعاصر. ,فكل
الحقائق في الحياة العربية تدل على ان الديمقراطية والعدالة,متحققتين
في التاريخ العربي ومؤثرتين وبقوة في الحياة العربية .
ان الديمقراطية وكما عرفناها ونضيف عليها وباختصارات بسيطة, وبشكل عام
,والذي عرفتها الانسانية ايظا,هي ثقافة ومن ثم قناعة وسلوك وليست
هتافات وشعارات ومجموعة من دساتير تكتب لاضفاء الشرعية الديمقراطية على
الانظمة السياسية. والتحول نحو الديمقراطية لابد ان يسبقه بلورة ثقافة
الديمقراطية. فمثلاالذي حصل في العراق وعلى مدى السنوات الستة لا يمكن
ان يحسب على الديمقراطية وباي شكل من الاشكال او النماذج للديمقراطيات
في العالم , وادق ما يقال هو تخبط لمراهقة اومجموعة من التلامذة وهم
يراقبون حركات معلميهم او هم أمام مربيهم يبحثون يراقيون تحركاتهم
وتصرفاتهم لغرض تقليدهم الحرفي له ,واما للحضوة برضاه أولتوثيق لوجودهم
, وفي نفس الوقت يرتدون وينحرفون بكل الاتجاهات خوفا من تتطابق صورتي
الببغاوية في تقليدهم لفلسفة المحتل او الغرب وكذلك محاولتهم اليأسة
لشئ يفتقدونه في شخصيته اصلا وهو استقلالية الفكر والسلوك وهذا جعلهم
يفتقدون الى الشجاعة في اي قرار, خوفا من خروجهم على خطوط الطاعة التي
حددها لهم الاجنبي وسيكون مصيرهم كمصير الشاه او السادات لذلك يلاحظ
الكثير من التراجعات و التردد في المواقف او في تقويم لاي حدث او موقف
كان لديهم رغبة في اقناع الشعب العراقي باستقلالية قراراتهم فان رضى
سيدهم فتتحرك ماكنات الاعلام والتصريحات تمجد هذا الموقف , وان كان هذا
الموقف لا يحضى برضاه فتراهم وبدون خجل يتراجعون عنه وتحت اي عذر, انه
سلوك ديمقراطي جديد!ووفق اجندة الضعفاء المنهزمين في داخلهم قبل
انهزامهم مع الاخرين...
|