منذ سنة مضت كتبت مقالة بعنوان " الجارتان ايران وتركيا والعمق الزمني
للضغينة " , أشرت فيها الى أن ضغينة الفرس ضد العرب قائمة منذ ألف و400
سنة . سببها أن العرب أعزوهم بالاسلام . بينما ضغينة الاتراك أقل كثيرا
من قرن . وبالرغم من ذلك تناسوها . سببها ان العرب خذلوا الدولة
الاسلامية العثمانية . وساندوا الامبراطوريتين البريطانية والفرنسية
أبان الحرب العالمية الاولى .
اليوم يواصل الفرس تغذية هذا العداء للامة العربية . بالرغم من
استبشارنا خيرا بقيام الثورة الايرانية على الشاه. وتطلعنا الى ان طبقة
الملالي الذين عاشوا في العراق سنوات طويلة . وتعلموا في دور العلم
والثقافة بمعاهد النجف الاشرف . وأكلوا من خيرات العراق وشربوا من مياه
الرافدين , سوف ينزعون الى خلع عمائم الضغيتة . ويمدوا ايديهم الى
العرب . الا أن ماحدث هو العكس فقد شنوا مبكرا حربا ظالمة على العراق
دامت ثماني سنوات . ليؤكدوا ان فارسيتهم أغلى من أسلامهم . وانهم
أمتداد لاْكاسرة ساسان .
واليوم ايضا .. تنزع تركيا وهي جارة للعراق مثلها مثل ايران , الى ولوج
بلاد العرب , وقد تخلصت من ضغائن باني تركيا الحديثة كمال أتاتورك ,
وفصيل العساكر المؤمنين بأفكاره العدائية للعرب والاسلام . لتعود تركيا
من جديد , جارة ودودة , تمد يدها البيضاء الى كل الدول العربية . مصممة
على أن تكون شريكا فاعلا في حل كثير من قضايا العرب المركزية . واهمها
قضية العرب المركزية فلسطين . فالاتراك ومنذ تأسيس الدولة الاسلامية
العثمانية , وهم منشغلون بهموم مواصلة الفتوحات الاسلامية . حتى وصلت
نجاحاتهم الى ابواب فيينا قلب اوروبا وقتذاك . وفتح السلطان الخالد
الذكر محمد الفاتح القسطنطينية عاصمة بيزنطة . ليحقق حلم العرب يفتح
هذه المدينة المنيعة . ولينشر الاسلام في اوروبا . ولتكون تركيا اليوم
راعية المسلمين في اراضي البلقان . وبفضل الدولة العثمانية نمت وبقيت
الدول الاسلامية نابضة بالحياة في منطقة القوقاز واواسط اسيا .
وأذ يسجل لاْحفاد الباب العالي من فخار , فهو موقف حزب العدالة المشرف
. لرفضه ان تكون الاراضي التركية منطلقا لغزو العراق على يد الاحتلال
الانجلو امريكي ايراني عام 2003 . تماما كرفض السلطان سليم القانوني
دخول بغداد غازيا , وهو واقف على مشارقها . وقد طفرت الدموع من عينيه
حزنا على حاضرة الرشيد . التي اصابها الدمار جراء ما خلفته الدولة
الصفوية . الى جانب الغرق وتفشي مرض الكوليرا .
لم يسجل التأريخ يوما صفحة مشرفة للفرس في دعم الاسلام ومساندة العرب .
فكان اقليم خراسان دائما مصدر قلق للدولتين الاموية والعباسية . ويوم
ضعفت الدولة العباسية تكالبت عليها الدويلات الصفوية المتعاقبة . فبدلا
من ان يلعب الفرس دورا في نشر الاسلام الى العمق الاسيوي , أنشغلوا
بالعراق وتدميره الى يومنا الحاضر . فيما ظل سلاطين الدولة العثمانية
يحترمون مكانة الخليفة العباسي , حتى وبعد فرار آخر الخلفاء العباسيين
من بغداد , بعد غزو المغول . وأتخاذه من مصر مقرا دائما له . لم يتجرأ
سلطان عثماني أن يسبغ على نفسه لقب الخليفة . وفي كل فتوحاتهم كان
يأخذون الخليفة العباسي من مصر معهم , ليضفوا الشرعية عليها .
|