الشهيد القائد صدام حسين
وفلسطين
هذا نص النداء الذي وجهه الشهيد رحمة الله
عليه في يوم الخامس عشر من كانون الاول من عام 2001 بعدما بلغ السيل
الزبى من قتل صهيوني لأبناء الشعب الفلسطيني المجاهد الصابر المرابط...
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والسمو والسيادة المحترمون..
أيها الاخوة العرب، أنظمة وحكومات وشعبا..
السلام عليكم..
أتوجه إليكم جميعا، هذه المرة، باسم القيادة وشعب العراق بصورة مباشرة،
بنداء أخوي، بعد أن بلغ السيل الزبى، وبلغت صور التدمير والإرهاب
والقتل وإهانة المقدسات والإساءة إلى الحرمات مبلغها العظيم، من قبل
الكيان الصهيوني العدواني الإرهابي المجرم، وحليفته الباغية أمريكا، ضد
إخواننا وشعبنا المؤمن المجاهد في فلسطين السليبة.. ولو حقق الشر
أهدافه هناك، لا سمِح الله، فإن شهيته للمزيد سوف تتسع لتصيب شعبنا
وأرجاء أخرى في وطننا الكبير أيضا، بالإضافة إلى ما أصاب ويصيب شعب
فلسطين..
لذلك فإنني أتوجه إليكم، أيها الاخوة، اليوم برسالة نداء من أجل فلسطين
تحديدا، ومن خلال فلسطين وقدسها المقدس، من أجلنا جميعا أيضا، ومن خلال
أمتنا، من أجل الإنسانية، التي ابتليت بطغيان التحالف الأمريكي
الصهيوني الشرير..
أيها الاخوة..
إننا عندما نتوجه إليكم بندائنا هذا، لا ننطلق من خيال إلـى ما هو
خيال، وإنما ننطلق من إيمان عميق، وفهم لتراث أمتنا وتاريخها المجيد،
الذي يشير إلى إن أمتنا كانت، في اشد الظروف تعقيدا وقسوة، تجد طريقها
عندما تستنفر قدراتها وهمتها، ومهما ادلهم عليها من خطب، وأرخى ليل
عليها سدوله، تكون قادرة على أن توقد شموعا على جانبي الطريق لتضيء
لها، إلى حيث اختيارها وأهدافِها عندما تهتدي..
وإننا، أيها الاخوة، ننشد الثواب من ربنا والعز في دنيانا والدنيا
الآخرة، معكم، ومن خلال جمعنا، وفعلنا المشترك، وليس بمعزل عنكم إلا
إذا صرنا في حال المضطر ليقف كل على أساس الموقف الذي يناسب رؤيته،
وأيمانه، ولذلك، ورغم إننا نعرف ظروف كل واحد من عناوين الأمة الرسمية
وقدراته، فإن أملنا كبير بكم، أيها الاخوة، لاستنهاض الهمة، لنفوز معا،
وليس منفردين، برضا الله وامتنا والإنسانية، ذلك لأن ما يراه أي منا،
من إن همومه وأعباءه، ضمن حدود القطر الذي هو فيه وعلى أساس وصف خصوصية
ميدانه وقدراته، ثقيلة إلى حد الذي ينوء تحت ثقلها، فإنها بالتضامن،
والتكاتف، والعمل الجماعي المشترك تغدو هي وغيرها أخف وزنا، بما يجعل
همة الجماعة، أو الهمة التي تتولد من شعور التضامن والفعل الجمعي قادرة
على النهوض بها، والعواتق أكثر قدرة على التحمل والثبات، ذلك لأن يد
الله مع الجماعة المؤمنة المتكلة عليه، سبحانه، وإن من ينتصر للحق ضد
الباطل، ينتصر الله له، فينصره في الدنيا، ويعزه في الآخرة، وله حسن
الثواب..
إننا، أيها الاخوة، لا نريد أن نثقل عليكم، فنعيد التذكير بصورة
وتفاصيل ما يحصل لشعبنا المؤمن المبتلى بشر الصهاينة المؤيدين من
أمريكا.. فإن ما يحصل لشعبنا وإخواننا هناك واضح بما يكفي، حتى لو
اكتفينا برؤية مسرح الأحداث من على شاشات التلفزة.
أيها العرب..
كان كثر من المسؤولين من بين عناويننا، وربما أوساط ومسميات بعينها من
الشعب العربي أيضا، يوجهون اللوم إلى الفلسطينيين، بدعوى إن
الفلسطينيين لم يقاوموا الاحتلال الصهيوني كما ينبغي، بعد العام 1930،
حتى هزيمة من هزم من الأنظمة العربية في عام 1948.. وما بعد ذلك.
ولكن ماذا بإمكان أي منصف، وغير مشبوه أن يقول الآن عن موقف شعب فلسطين
البطل، رجالا ونساء ، أطفالا وصبيانا وشيوخا؟
إن موقف شعب فلسطين المجاهد البطل، الذي تحمل بمفرده مواجهة تحالف
وتآمر الصهيونية والإمبريالية المصمم أصلا ضد الأمة كلها.. يواجه على
الطرف العربي بما يشبه العجز.. وإن سبب العجز ليس ضعف إمكانات الأمة
وإرادة شعبها في كل الأحوال، وإنما ضعف إرادة أصحاب القرار، أو عدم
رغبتهم في أن يتولوا مسؤوليتهم بالحد الأدنى الذي يكسبهم الشرف
والوطنية وطوق النجاة إلى حيث شاطئ السلامة للجميع، ناهيك عن التنازل
المؤلم عن ابسط حقوق مبادئ القومية العربية، ومعاني الإيمان الذي يرتبه
على عناويننا، وعناوين غيرنا، تراث امتنا الخالد، والمعاني التي تحملها
امتنا كأمة واحدة، جندها الرحمن الرحيم لتكون قدوة المؤمنين بالله
الواحد الأحد، ومنارة إشعاع للإيمان والفضيلة في قهر الباطل والانتصار
للحق..
إننا، أيها العرب، مدعوون جميعا إلى أن نتذكر، ولا ننسى، حقوق الله
علينا، وحقوق امتنا، وحقوق شعبنا، بل وحقوق الإنسانية بوقفة عز، حتى لو
جاءت بأي وصف يسجل لها، فوق حالة التردي والعجز الذي تشهده امتنا أو
حالة التفرج على شعبنا الفلسطيني المجاهد البطل، وهو يواجه القتل
والتدمير اليومي الذي يتعرض له.. ولعلنا جميعا نتذكر ما أسفر عنه
التخلي والخيانة اللذان حصلا في العام 1948.. وما يمكن أن يقع لو استمر
الحال على قياس ما حصل آنذاك..
مطلوب منا، أيها الاخوة، أن نقول بلسان واحد، وقلب مؤمن مطمئن، وبموقف
لا يتخلل صفوفه ضعف يخرج صاحبه خارج إطار الحد الأدنى من مسؤوليته
القومية والوطنية والإنسانية المؤمنة، إن أمريكا عدوانية وإرهابية، وأن
الكيان الصهيوني لم يعد كيانا مغتصبا لأرض فلسطين وأراضي العرب وحقوقهم
المشروعة في السيادة والأمن فحسب، وإنما صار مركزا إرهابيا تدميريا
شريرا علنيا ضد شعب فلسطين وضد امتنا كلها.. وان على صفنا أن ينبذ
سياسة الخنوع والتستر والضعف والمجاملة على حساب الحق، ليقول إن أمريكا
تشجع الكيان الصهيوني على البقاء على حساب العرب، وعلى قتل العرب
والمؤمنين، وأن أهدافها وأهداف الكيان الصهيوني واحدة، وإن مسلكهما
الشرير واحد، وأن هدفهما تدمير الأمة وإذلالها.. وأن أحداث الحادي عشر
من أيلول ليست إلا غطاء أراداه ليمضيا في منهجهما الشرير لتدمير الأمة
وإذلالها، وأن علينا جميعا، أن نؤجل ما نختلف عليه فيما عدا هذا.. لنقف
وقفة عز يشهد لنا بها، بعد الله، التاريخ والشعب، على إننا وقفناها
متضامنين، متكاتفين، شعبا وحكومات، ليحترمنا العالم، بعد أن صار هو
ومجالسه التمثيلية يستهين بالعرب وإمكاناتهم وموقفهم، ولعل البعض يحتقر
العرب بسبب ضعفهم، وفي مقدمة من يتصرف على هذا الأساس أمريكا، وحليفها
المصيري: الكيان الصهيوني..
وعلينا جميعنا، أيها الاخوة، أن نتذكر، فقط، موجبات وأسباب وحدتنا في
هذا الظرف العصيب، وننسى أن استطعنا، أو نؤجل، ما عدا ذلك، وكل ما يبعث
على الفرقة التي أرادها عدونا تحت عناوينه ومسمياته، وأن نرفض أي فكرة
لتجزئة قدرات ومواقف وعناوين قيادة شعب فلسطين وقيادات فصائله المناضلة
والمجاهدة، وفق التكتيك الخبيث الذي تسعى إليه الصهيونية، تدعمها
أمريكا وقسم من الحكومات الغربية، بما يضعف شعب فلسطين وإرادته في
الجهاد..
وعلى من لا تحشده الحمية على أواصر الصلة والمبادئ، أن يتحشد، ويتآلف
مع العمل الجماعي المشترك على أساس الإحساس بالخطر الداهم فعلا..
وعلى من لا يسعفه حاله ليتذكر الأهداف الكبيرة لأمتنا ودورها الإيماني
العظيم، أن يتذكر إن مصير حياة العرب والشعب، الذي نحن مسؤولون عنه
أمام الله الآن، يتحقق بوحدتنا، وليس بفرقتنا وتناحرنا..
وإن العراق على استعداد، شعبا ونظاما وقيادة، لان يتحمل مسؤوليته، بأمل
أن نصل معاً إلى موقف يرضي الله وامتنا، وأن يسجل التاريخ بعد ذلك ما
يعز أحفادنا من بعد أبنائنا بوقفة عز، بعد أن نستجيب لنداء العقل
المؤمن، وضمير كل ذي ضمير طاهر، وصدر مؤمن، وتطلع حر شريف.. وسيكون
الله حامي حمى من يؤمن ويتكل عليه، سبحانه.
أيها الاخوة..
في ظروف بعينها يكون المسؤولون، سواء في دست السلطة والسلطان، أو في
عناوين أخرى داخل الشعب، أمام اختيارات كلها صعبة. وفي ظروف الطوارئ،
ومنها سمة هذا الظرف الذي نحن فيه، يغدو أي قرار واختيار من الاختيارات
والقرارات محفوفا بالمخاطر والاحتمالات، التي قد لا تهواها النفس عند
خط البداية كلها، ولكن لأن ظروف الطوارئ الصعبة لا تجري كلها مجرى
الاختيار المسبق عند خط البداية، فلا بد، والحال على هذا الوصف، من أن
تواجه باختيارات وقرار بمستواها.
وإذا كان أعمال الحكمة تقتضي السكوت أو السياسة في ظروف الاختيار
المرتاح أحيانا، وفي السلم بخاصة في ظرف وحال ليس على هذا الوصف، فإن
الاختيارات والقرارات لمواجهة ظروف حرب وعدوان وشر مستطير يفرضه آخرون
على امتنا وشعبنا، تستوجب أن تخضع لموازنة رؤية عميقة وشمولية، لتبنّي
ما يدفع الشر، ويرفض الباطل، وينتصر للحق بأقل ما يمكن من الخسائر،
وبما يرضي الله، ويعز الأمة، ويؤمن مستقبلها، ويبقي المستقبل أمامها
مفتوحا من غير عوائق.. انه بلاء وابتلاء، أيها الاخوة، فلنواجههما معا،
مستعينين به، سبحانه، مسنودين من أمتنا وقدرتها العظيمة، بعد الاتكال
على الله القادر، جلت قدرته..
وإننا نجد إن الانتصار لشعبنا في فلسطين، في محنته القاسية، في حكم
الضرورة الواجبة، وإن ما قدمه، كل منا في ميدانه، حتى الآن، ليس أقل من
الواجب فحسب، وإنما اقل مما نحن قادرون عليه، لو أردنا..
وإن إرادتنا جميعا تغدو في وضع أفضل لو صفت القلوب إزاء أهدافها..
وإن هذا يتم، لو أردنا، وتداعينا لاجتماع سريع على مستوى القمة، من غير
انتظار لزمن إضافي لبحث موضوع العدوان على شعب فلسطين حصرا..
وإن من يقول بإمكانية أن يحصل هذا في آذار القادم، كمن يؤمل من يقف على
جمر بإمكانية إحضار مطفأة بعد عدة شهور.. فقد كان العرب يتداعون على
مستوى القمة في فواصل زمنية متقاربة من أجل شؤون لم تكن اخطر مما يحصل
في فلسطين الآن..
فلنتداعى إلى هذا بقلوب صافية، وعقول راغبة في أن تتطهر.. ولنجعل من
قوة واقتدار أي منا قوة واقتدار لمن هو بحاجة إلى أن يستزيد، أو من
ينقصه شئ منها..ِ
ولنجعل من قدرتنا المجتمعة المتفاعلة على منهج الخير لرد العدوان والشر
على أمتنا كلها، القدرة التي نعمل بموجبها وننميها، بعد أن نتوكل على
الله، ونشهده علينا جميعا..
وليكن مكاننا في هذا الكعبة المشرفة، أو أي عاصمة عربية يؤمّن مكانها
حضور الجميع..
وإن دعوتنا اخوتنا إلى هذا الاجتماع لا تلغي الاجتماع القادم، وليست
بديلا عنه، وإنما هي دعوة لاجتماع طارئ، في ظرف طارئ فعلا، بكل
المقاييس والاعتبارات..
والله اكبر..
الله اكبر..
الله اكبر..
صدام حسين
في الثلاثين من رمضان، ١٤٢٢ للهجرة
الموافق للخامس عشر من كانون الأول ،
٢٠٠١ للميلاد
|