وبدا الفارق بين تقديرات وكالة المخابرات الأمريكية حول الواقع العراقي
وبين ما يسوق له الرئيس السابق بوش ضخما إلى درجة بدت فيها وكالة
المخابرات في حرب ضد بوش، واعترف أحد الخبراء الأمنيين بأن هناك بالفعل
حربا تدور رحاها على العراق الآن ليس بين وكالة المخابرات والبيت
الأبيض فحسب، وإنما بين البيت الأبيض والجيش والخارجية الأمريكية.
في كل يوم تأتي فيه أخبار الموت العراقي ما بين اختطافات وقطع رؤوس
وتفجيرات وفوضى لم تشهد العراق لها مثيلا في تاريخها الحديث ومعركة لم
تحصل باي بلد في العالم، تأخذ طريقها لتترجم إلى تقارير أمنية بشأن
الوضع المتدهور في الداخل العراقي. أحدث هذه التقارير أصدرت بالأمس من
وكالة المخابرات الامريكية وعنوانه " تزايد التشاؤم حيال الوضع في
العراق ". يكشف التقرير عن أن ثمة شعورا بالتشاؤم الشديد يسود أوساط
الخبراء الأمنيين الأمريكيين حيال ما يحدث في العراق، وأن هؤلاء
الخبراء يرون بأن هناك فجوة كبيرة بين ما يعلنه مسؤلو إدارة بوش
السابقة للرأي العام وبين ما يجري على أرض الواقع في العراق وأن تحقيق
النجاح في العراق يكاد يكون مستحيلا.
هذا هو تقييم مجموعة من مسؤولي المخابرات ومسؤولين حكوميين وخبراء
وكالة المخابرات الأمريكية وكذا خبراء وزارات الدفاع والخارجية. وقد
جاء هذا التقييم نتيجة لدراسة استغرقت عاما لمتابعة تطورات الشأن
العراقي. إحدى أهم نتائج هذه الدراسة أن هناك إجماعا داخل الدوائر
الأمريكية بأنه في الوقت الذي يرسل فيه الرئيس الأمريكي السابق ووزير
دفاعه رسائل إيجابية للرأي العام حيال ما يحدث في العراق، فإن
المسؤولين الأمريكيين في الجيش الأمريكي الذين انخرطوا في محاربة
المقاومة العراقية ثم قاموا بدراستها في وكالة المخابرات الأمريكية
ووزارة الخارجية وداخل أوساط الجيش الأمريكي قد اكتشفوا أن المقاومة
العراقية هي أعمق وأكثر إنتشارا مما هو معترف به علنيا.
ويعترف أحد ضباط المخابرات السابقين بأن هناك "غضب شديد" داخل أروقة
وكالة المخابرات الأمريكية بسبب السياسة الأمريكية في العراق، فهي
سياسة "كارثية وقادتنا إلى مأزق كبير"، وبحسب مصدر مخابراتي آخر ليس
هناك ثمة مخرج، وأن كل ما يجب أن نأمل أن يتحقق هو دولة نصف فاشلة
تحارب الإرهابيين وسلسلة من الحكومات الضعيفة، فالأمور بالطبع لا تسير
إلى تحسن. وفي شهادة لضابط في الجيش الأمريكي عاد لتوه من العراق "بأن
ثمة أشياء يصعب تصديقها هناك رعب يحدث ويحدث الأن ومنها أن هناك
أختراقات للمنطقة الخضراء أدت لتعرضها لهجمات متواصلة
وربما المسؤول الوحيد الذي خرج عن إجماع الإدارة هو وزير الخارجية الذي
اعترف في تصريحات صحفية بأن
"المقاومة في العراق تزداد قوة".
ثمة مأزقا أمريكيا في العراق، لم يكشف عنه تصريحات ضباط مخابرات سابقين
وحاليين، وإنما يدعمها تقرير صدر قبل أيام من قبل مجلس المخابرات
القومي الذي أصدر دراسة يقييم فيها السياسة الأمريكية في العراق ويخلص
إلى نتيجة مؤداها أن هناك واقعا مختلفا ومأساويا بعكس ما يقدم في الآلة
الدعائية لإدارة بوش السابقة وهناك مقاومة عراقية شرسة ومخابراتها لها
القدرة والامكانية العالية ويمكنها ان تعمل في اي مكان في بقاع الارض.
واعتبرت الدراسة أنه في أفضل الظروف وحسب أحسن السيناريوهات المفترضة،
فإن ما ينتظر العراق هو "إستقرار مهزوز"
|