استقلال أي بلد من ربقة الاحتلال أو الاستعمار الأجنبي يشكل منعطفا
تاريخيا ومناسبة من أكبر واهم المناسبات التي تستحق الاحتفال والإحياء،
ومن حقنا نحن هنا في الأردن أن نحيي هذه الذكرى كل عام لان الاستقلال
بالنسبة لنا كان نقطة تحول على الرغم من أن الإعلان عنه آنذاك لم يكن
كاملا وإنما سبقه تكبيل البلاد باتفاقية مع الدولة المستعمرة بريطانيا
التي احتفظت بموجبها بالكثير من مظاهر الهيمنة والتدخل في شؤون البلاد
ومصالحها العليا ومن ذلك الإبقاء على نفوذها الفعلي والاحتفاظ بالعديد
من الضباط العسكريين على رأس قيادات الجيش والقواعد العسكرية مما كان
يشكل تهديدا مستمرا لحركة النهوض الوطني والقومي وساهم بشكل مباشر إلى
جانب ظروف أخرى قد تكون مماثلة كانت ترزح تحتها الأقطار العربية في
تنفيذ المخططات والوعود الاستعمارية الصهيونية لسلب فلسطين العربية
وإقامة الكيان الصهيوني وما ترتب على ذلك من تقتيل وتشريد شعبها العربي
فيما يسمى بالنكبة الفلسطينية الأولى عام 1948 مما كان وسيبقى سببا
لحالة عدم الاستقرار والاضطرابات المستمرة لعموم المنطقة العربية حتى
يومنا هذا .
وفي الأردن بعد ذلك استمر نضال شعبنا للخلاص من النفوذ الاستعماري
وتحقيق طموحاته للاستقلال الفعلي حيث استطاع في مطلع آذار عام 1956
الانقضاض على مراكز القوة الاستعمارية البريطانية وتعريب الجيش وتطهيره
ومن ثم إلغاء ما يسمى بالمعاهدة البريطانية لبلوغ الاستقلال الكامل
وتحرير الإرادة الأردنية، لكن عوامل الجذب إلى الوراء بقيت تراوح مدا
وجزرا للتجاوز على إرادة وحقوق الشعب وحرياته وطموحاته الوطنية
والقومية وكانت اتفاقيات وبروتوكولات وادي عربة المشؤومة قمة ذلك
التجاوز مما ينعكس سلبا ومزيدا من المعاناة في مختلف المجالات ويبقى
الغزاة الصهاينة ونفوذ القوى الدولية التي تظاهرهم في مواقع الهيمنة
والسيطرة والاستعمار الجديد لتمرير المخططات العدوانية والاستمرار في
سلب حقوق الأمة ونهب ثرواتها وتعميق معاناتها
إننا في الأردن ونحن نحيي ذكرى الخامس والعشرين من أيار في الاحتفال
بيوم الاستقلال وإذ نذكر بنضالات وشهداء طلائع شعبنا عبر كل تلك
المراحل على طريق استعادة الحقوق المسلوبة والتطلع لتحرير الإرادة
الوطنية فإننا ندعو إلى المزيد من النضال في التصدي لكل أنواع التسلط
والاستغلال والنهب والفقر والبطالة وإعادة النظر بكافة القوانين
والاتفاقيات التي ولا تزال تشكل عبئا ثقيلا لا يكفي للتخفيف منه مجرد
الشعارات والطروحات الكثيرة والمستمرة التي يصدق القول فيها ( نسمع
جعجعة ولا نرى طحنا)
إن الإصلاح السياسي الحقيقي والتنمية الاقتصادية الفعلية تقتضي الصدق
في العمل وليس بأساليب المراوغة لاستهلاك الزمن ، وان الديمقراطية لا
تقوم بالتحايلات والتمنيات والشعارات البراقة الخادعة وإنما بتفعيل
الدستور وتكريس حقوق وحريات المواطن وتحري قوانين وأنظمة عصرية تمكنه
من التعبير عن إرادته الحقيقية ووضع حد للبدع الرسمية في إقامة نوع من
"الديمقراطية النموذج ..!! " وبضمنها مؤسسات تشريعية أو اطر تنفيذية
تهريجية لا تخدم إلا طبقات أو فئات لا تمثل ولا تتوافق مع الإرادة
الشعبية ..
كما أن مؤامرة الوطن البديل التي شرع العنصريون الصهاينة في اتخاذ
خطوات تشريعية وتنفيذية لها لا يمكن إحباطها بخطاب أو تعليق إعلامي أو
بمفاوضات ولقاءات تتم هنا أو هناك بل لابد من تجنيد كافة القوى
النضالية ودعم المقاومة المسلحة لردع عناصر المؤامرة وهذه هي اللغة دون
غيرها التي يفهمونها .
وعاش نضال شعبنا على طريق الوحدة والحرية والاشتراكية
|