لقد صقعوا رؤوسنا البعض من الكتاب والمحللين والذين يسمونهم في زمن
الاحتلال بالمفكرين الجدد من مطبلين ومزمرين ومبوقين وهم يتحدثون
للبسطاء من الناس عن مؤسسات يزعمون هي التي تحكم في الولايات المتحدة
حتى عجز معهم الناس عن فهم كيفية صنع القرار في بلاد رعاة البقرمن
الامريكان..................
كان البعض يسخر من الذين يلجئون الى الرئيس الأمريكي مباشرة دون وغيره
من أجل التدخل في حل هذه المشكلة أو تلك المعضلة بينما هو لا حول ولا
قوة له كما يزعمون، وذلك على عكس الوضع عند الاخوة العرب حيث الرئيس
او الملك او الامير هو راس القرار في كل ما يدور ويحصل فاذا قال انحنت
له كل المؤسسات في الدولة دون اي اعتراض او حتى ابداء راي والحمد لله..
وكانوا هؤلاء المتوهمون يروجون وباخلاص منقطع النظير للمؤسسات
الامريكية ويتبجحون ويقولون دون فهم انه لا دور للأشخاص في اتخاذ
القرارات المصيرية أو تمرير هذا المشروع أو ذاك على اعتبار أن أمريكا
واوربا تقوم على المؤسسات ولا دور كبيراً يذكر للمسؤولين مهما كان
شأنهم في تشخيص وحسم الأمور في تسير سياسة الدولة وكانوا هؤلاء الكتاب
يضحكون على ذقوننا كثيراً
وكان البعض يصدق أن كل الفعاليات ومنظمات المجتمع المدني في امريكا
واوربا تشارك في عملية صنع القرار في بلادهم وبدونهم لا يمكن ان يمرر
اي قرار. فللكنائس التي لم اشاهد يصلي بها احد الا القليل القليل
وبمناسبات قليلة.....اقول ليس للكنائس دورمهم يذكر وكذلك للجامعات
والهيئات الشعبية والنقابات والاتحادات التي اراها لا شان لها في
السياسة الخارجية ويبقى شانها في تنظيم مظاهرات شكلية في الداخل بحراسة
كلاب بوليسية وهم يتناولون الكولا والنستله حتى يمضي الوقت ويعودون الى
بيوتهم ..................
وتحت منظرهذا التجمع الهائل الذي يصوره الاعلام الامريكي للمظاهرات
التي تبدوا مناهظة لقرارات الجهات التنفيذية تكاد تصدق أن الإدارة
الأمريكية كسلطة تنفيذية مغلوبة على أمرها وأن السلطة التشريعية مثل
الكونغرس ومجلس الشيوخ والمجتمع المدني ممثلاً بالشعب الامريكي هم
أصحاب الكلمة الاولى والاخيرة في الموافقة او الرفض في حل المعضلات
وتقرير مصير البلاد .....وهكذا يبدوا لك أن البرلمان في بريطانيا هو
صوت الشعب الذي لا يرد له طلب وأن الهيئات الشعبية والنقابات هي ادوات
وآلية وحيدة لتسيير البلاد.....هكذا هو المشهد المالوف والمرسوم في
اكثر الاحيان وفي الغالب ستصدق ما يحدث وبخاصة لو كنت قريب للاحداث
والمهرجانات الخطابية التي تحدث .............
وهنا السوال المهم الذي يحتاج الى اجابة...... هل يستطيع احد أن يخبرنا
من استشار الرئيس الأمريكي المجرم عندما قرر إلقاء القنبلة الذرية فوق
مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين؟ لقد كان القراراجراما فردياً
دون الرجوع إلى اي مؤسسة مدنية بل حتى من اي مؤسسة عسكرية......
وتستطيع الرجوع للوثائق التاريخية لتعرف ذلك وباقلام مؤرخين امريكان
انفسهم...............
وكي لا نخدش الصورة ولا نذهب بعيداً فإن قرار غزو العراق الذي يدفع
ثمنه الشعب الأمريكي والعراقي اليوم من دمه وأمواله اتخذه الرئيس بوش
الفاسق بالتشاور مع شلة من المسؤولين المجرمين والمحسوبين على تيار
المحافظين الجدد الذين يمثلون أنفسهم فقط.....فبدلا ان يتدارس الامر مع
المؤسسات الامريكة راح منفردا بالقرار وبتشجيع وتايد أصحاب الشركات
الكبيرة والمجمعات الصناعية الكبرى، ثم تركوا مهمة الضحك على الشعب
الأمريكي وإقناعه بمشروع الغز والعدوان لوسائل الإعلام المملوكة لبضع
عائلات وشركات بعضها مفضوحة والبعض تديرها بخفاء المخابرات الامريكية
وغيرها من القنوات الماجورة..............
الاسئلة والامثلة كثيرة ومتعددة ........فهل استشارت وكالة المخابرات
الأمريكية الشعب الامريكي وممثليهم في الهيئات الشعبية والنقابية
عندما ساعدت بل دبرت ونفذت عشرات الانقلابات في أنحاء متفرقة من العالم
وقتلت ودمرت بلدان امنة لفرض عملائها وأزلامها على هذا البلد أو
ذاك؟.................
أن المسألة لا علاقة لها بمؤسسات وهيئات أبداً لا من قريب ولا من بعيد
بل لها علاقة بحفنة من المجرمين والقتلة على راس الدولة تبحث وترسم
لمصالح شخصية وهي بحد ذاتها مصالح صهيونية بحتة...........
اعود مرة اخرى لحكام العرب لاقول أن الكثير من القضايا المهمة وغير
المهمة كان يحلها بعض القادة العرب مباشرة مع الرئيس الأمريكي على
طريقة العشائر العربية وبشكل شخصي دون المرور عبر االنواب أو الشيوخ او
لربما دون حتى علمهم. فلعبة الصفقات والمؤامرات وما يدور حولها من شكوك
وظنون جميهعا تذهب لهدف تثبيت كراسي واسقاط رؤس معارضة ومثالنا ما يحدث
في بلدي العراق فالحاكم مستعد ان يتامر بل تامر فعلا على الوطن كله
بترابه وشعبه وخيراته على ان يبقى على راس السلطة دون منازع كما يفعل
كل حكام المنطقة الخضراء اليوم.........
اذن لا تميز بين ديمقراطية وديكتاتورية، فطالما تهددت المصالح
الشخصية والحزبية بطلت المؤسسات وليذهب الجميع الى الجحيم.... ولا داعي
للتذكير بأن مكالمة هاتفية من مسؤول أمريكي او حتى ايراني نافذ كانت
ولا تزال تحل الكثير من المشاكل التي تهدد كراسي عملائهم وتفتح وتعبد
طرق الخيانة والعمالة لمزيد من تكريس المصالح الشخصية الضيقة وليذهب
الوطن وما فيه الى مستنقع النار..............
وكلنا يعلم وعلى وجه اليقين ان هناك مسؤولين من سفراء عرب وعراقيين
كانوا على علم بغزو العراق وبادق التفاصيل ربما قبل الكثير من اعضاء
الكونغرس الامريكي........ وكلنا يعلم ايظا ان اللوبي الإسرائيلي
مثلاً الذي يمثل واحداً بالمائة من الأمريكيين يستطيع أن يرسم ويخطط
ويمرر أخطر القرارات في الكونغرس الامريكي بفعل تحكمه بالسلطة
التشريعية و اغلب أعضائها................
والسؤال الاخير لكي لا ننسى .........هل اتخذ رئيس الوزراء البريطاني
توني بليرالمجرم قرار المشاركة في غزو العراق بالتشاور مع المؤسسات ذات
الشان بقرارات الحرب؟......بالطبع لا........لقد قرر المشاركة في
العدوان دون العودة إلى اي مؤسسة تذكر بل حتى تجاهل توصيات وزارة
الخارجية البريطانية الخبيرة بالمنطقة العربية وقد وصل الأمر ببلير إلى
حد الاستعانة بتقاريركاذبة مفبركة لتبرير غزوه
للعراق............والسلام عليكم
|