العملاء يبيحون الوطن للاعداء ويقتلون ابنائه ويدمرون تاريخه وينهبون ثرواته ويصرون على الاستمرار بهذا النهج الى ان يقتنع سادتهم بأن البلد قد انتهى تماما ولم يعد قادر على النهوض والوقوف على قدميه بالزمن المنظور،والاشراف يدافعون عن الوطن ويجاهدون في سبيل انقاذه من مخالب العملاء واسيادهم يدفعهم الى ذلك ايمان عميق بأن هذا البلد لا يمكن ان ينتهي وانه سيتعافى ويعود الى مجده التليد وقوته الازليه . وبين العملاء والاشراف شريحة اخرى وهي تلك التي التزمت الصمت وراحت تتفرج على ما حصل ويحصل وتترقب النتائج مهما كانت صورها ، ان كانت تحت رحمة واقدام العملاء ، او كانت تحت قيادة الشرفاء وعند ذاك ستحدد موقفها مع الجهة التي آلت اليها النتائج الجيده ورجحت كفتها . وهذه الشريحه هي بحق شريحة الشياطين ، لان الساكت عن تدمير بلده وقتل ابناء شعبه هو ليس فقط شيطان اخرس بل هو جبان وشيطان ومنافق اخرس وهو بهذا السكوت محسوب بلا شك على قائمة العملاء والمجرمين لان السكوت على جرائمهم دليل الرضى والقناعه .

واذا كانت السنوات الست التي مضت على العراق كافيه لكشف معادن الرجال وتوضيح حقائقهم فإن العقود الطويله من الزمن الذي مضى كانت هي الاخرى اكثر من كافيه لكشف حقائق ومعادن الانظمه الحاكمه وكذلك الدول التي استقوت على الامه وساقت بها الى منحدرات الضعف والتخلف والانضواء تحت رحمة الاعداء دون ان تكون بحاجه الى هذا الانضواء ودون ان تكون ملزمه به ، وذلك يعود الى رجحان كفة العملاء والخونه واستمرار صمت وعقم الصامتين وقلة حيلة الاشراف ووهنهم اما تسونامي العماله والخيانه والجبن والرذيله .

في السنين الغابره لم تكن العماله والخيانه جماعيه بل كانت تقتصر على افراد معدودين عادة ما يكونوا هم اصلا نكرات وحالات طارئه وشاذه ومن يستعرض التاريخ لقرون طويله سيجد اسماء تكررت كثيرا كأبو رغال وابن العلقمي وهم لندرتهم وانفرادهم بهذه الصفه اصبحوا مضربا للامثال ، اما اليوم فقد اصبحت حالة العماله جماعيه وحتى طبيعيه ، وعندما يقال ان النظام الفلاني خائن وعميل والحزب الفلاني صنيعة المخابرات الاجنبيه فالمستمع لا يعير اي اهتمام وكانه استمع لموضوع لا يزيد او ينقص من معرفته ، وهكذا يبدو ان حالة العماله تطورت بتطور الزمن ، وتزامنت مع التطورات العلميه والسياسيه والاجتماعيه للعالم ، وبالوقت الذي وصل فيه العالم الى مراحل مذهله في كاقة جوانب الحياة وطفرات مرعبه في مجالات الاسلحه والاتصالات والطب وغيرها نتراجع نحن الى الوراء ثرواتنا مبعثره وابناء امتنا يعصف بهم الفقر والجوع والمرض وهذا شأن كل من ابتلاه الله بالعماله والعملاء والهابطين والسفهاء .

لقد تمت المتاجره بقضايانا المصيريه في اسواق النخاسه وليس في ميادين الشرف وضيعنا الكثير من اعمارنا ونحن نشتم ونلعن امريكا واسرائيل بكل ما اوتينا من فصاحة اللسان وقباحة التعابير ، وكان حري بنا ان نفعل دون ان نلعن واذا كان لا بد من اللعن فاللعنة يجب ان نصبها على من ساهم في خلق مصائبنا وقادنا الى طرق الهلاك والتخلف وزاد من قوة الاعداء لكي يرسخ اسعبادهم لنا ويؤكد قوتهم علينا ، وما جرى للعراق واضح وجلي فالاعداء لم ينزلوا على العراق من السماء ولم يتسللوا من البحار متخفين بلباس الضفادع البشريه ولكنهم عبروا الى العراق من خلال بحار وقنوات عربيه وداسوا ارضه وشعبه بدباباتهم من خلال اراض عربيه وانطلقت طائراتهم وصواريخهم من مطارات وقواعد عربيه . وهكذا سيكون التصرف عندما يتم انتخاب اي بلد عربي من قبل الاعداء لاغراض التدمير والاحتلال .

لم يعرض لنا التاريخ هذا الكم والنوع من العملاء على مدى صفحاته ، هذا النوع الذى تنجست منه الارض لشدة سقوطه وانحلاله والذي جاء بفلسفه اجراميه تهتز لها الابدان واذا ما (زلزلت الارض زلزالها) فان اول شيء تلفظه سيكون جرائم هؤلاء المجرمين لشدة ثقلها على الارض ، وتستمر العماله والخيانه ونرى البعض من قادة ورؤساء شد الرحال وراح يزور رؤوس العماله ويدعمها ويشد على ازرها ويتعامل معها وكانها فعلا من البشر ، ومع اننا نعلم ان العبد مجبر على تنفيذ اوامر سيده مرغما صاغرا لانه تعود ان ينفذ ولا يأمر وان يعطي ولا يأخذ وان يقبل بكل عيوب الدنيا لانه وبكل بساطه ......عميل .

من لا يبني قوته وقدرته على اساس الحق والرجوله لايمكن ان تكون له قوه ولا قدره ، ومن يعتلي كرسي الحكم من خلال العماله والخيانه فهو كالذي يركب الحمار بالمقلوب حيث يبقى هو ممسك بذيل الحمار غارق في شجونه والحمار يقود به اينما يشاء .