إن من يستمع أو يقرأ نص خطاب الرفيق القائد لا بد وان يتبادر لذهنه شيء
مختلف عن بقية خطاباته, إذا لم يكن مستوعب لفكر الحزب والى توجهات
القيادة الحالية بل وما فرضته طبيعة المرحلة التي يمر بها الحزب والقطر
إضافة إلى التغيرات التي حصلت في المجتمع العراقي بل وفي العالم منذ
الاحتلال ولغاية الآن والذي يفرض أن يكون خطابنا يتناسب مع هذه
التغيرات مع الاحتفاظ بمبادئنا ,ومن اجل معالجة أي التباس أو سوء فهم ,
لا بد من توضيح بعض الحقائق عسى أن يوفقنا الله إلى فهم ما تريد
قيادتنا وما تقول, بل وما تفكر,وان ذلك ليس ببعيد على من يشرب من نفس
النبع.
وفيما يلي بعض الحقائق التي ستساعد في توضيح أي لبس :
1_إن سر قوة البعث كتنظيم ثوري هو تصديه لكل سلبية أو خطا ارتكبه ضمن
مسيرته النضالية في السلطة أو خارجها وهذا سر ديمومته وهذا جزء أساسي
من تكوينه الفكري والتاريخي .
2_إن الإنسان خطاء بطبيعته وخير الخطاءين التوابين ,والخطأ ملازم للعمل
على مستوى الفرد والمنظمة أي على مستوى الحزب أو السلطة ومن الطبيعي أن
تختلف الأخطاء وحسب حجمها ومرتكبها وموقعه والظروف المحيطة به
وغيرها,والخطأ يختلف عن الهفوة وهذه تختلف عن الانحراف ,وكل واحد من
هذه التسميات لها أنواعها وتأثيراتها ويبدو إن أخطرها هي التي تمس جوهر
الفكر من ناحية أو التي تمس الحزب أو الشعب والوطن ومصالحهما ,إن الخطأ
يأتي نتيجة اتخاذ القرار غير السليم سواء كان يتعارض مع فكر الحزب ,أو
التسرع في اتخاذه أو التوقيت أو التكليف لغير الأمين أو غير الكفء
بتنفيذه او المبني على معلومات غير دقيقة,كل هذه وغيرها دعت القائد
للتفريق بين الخطأ والهفوة والانحراف .
3_إن النقد والنقد الذاتي احد الأركان المهمة والأساسية لنظرية الحزب
التنظيمية وبالتالي يجب على كل أعضاء الحزب وكل القيادات ممارستها بل
إن أهم واجبات المؤتمرات الحزبية ولكافة القيادات تقييم المرحلة
السابقة للمؤتمر وتشخيص الأخطاء والهفوات الشخصية أو حتى المرتكبة من
قبل تلك القيادة وإيجاد الحلول الكفيلة بمعالجتها .
4_ إن مرحلة خمسة وثلاثون عاما فترة طويلة في حياة الإنسان أو المجتمع
لا بد وان تصاحبها الكثير من الأخطاء الشخصية أو على مستوى قرارات
القيادة أي أخطاء حزبية ,أو أخطاء من قبل السلطة, أي إن السلطة غير
الحزب ,بل إن الكثير من الأخطاء حدثت بسبب التداخل بين المفهومين أي
بين السلطة والحزب حتى وصل الأمر إلى قيام الحزب بالكثير من واجبات
السلطة وتحمل أخطائها.
5_ إن الاحتلال والغزو قد قدم معطيات جديدة وعلى كل الأصعدة وافرز
الكثير من المفاهيم المتداخلة ,إضافة إلى الإفراز الشخصي ما بين الوطني
ومن يدعي الوطنية بما فيهم المنتمين لحزب البعث ,بل إن قائد المجاهدين
قد حدد البعثيين على وجه الخصوص لأنهم الطليعة المناضلة والمتصدية
للمخططات الاستعمارية ولا يعني ذلك إعفاء بقية أبناء الشعب من
المسئولية ومن الواجب الوطني.
6_إن الرفيق عزة لم يحدد شخص أو قيادة أو فترة زمنية محددة للتقييم
بل كان كلامه واضح ومحدد ,وحدد الآلية حيث وجب أولا القيام بدراسة
المرحلة أي تقييمها والدراسة هي التي ستحدد ما هي الأخطاء ومن ارتكبها
و كيفية معالجتها .
7_ لو كان الشهيد القائد مازال على قيد الحياة وفي موقع القيادة لما
كان موقفه يختلف عن ما جاء بخطاب الرفيق الدوري ,ليس فقط لان هذا هو
نهج الحزب وخاصة بعد النكبات ,بل إن ظروف المرحلة الحالية تفرض ذلك .
8_ لقد حدد الرفيق القائد الجهة التي ستدرس التجربة وكذلك التي ستحاسب
وهي البعث والشعب ومن المعلوم إن النظام الداخلي قد أعطى المؤتمر
القطري صلاحية التقييم والمحاسبة في مثل هذه الحالات,إن الملفت للنظر
هو عدم إعطاء هذه المسئولية إلى القيادة القطرية أو إلى شخصه كأمين عام
للحزب حتى ولو كان ذلك ضمن سياقات الخطاب ,بل تقصد بتحديده الحزب
والشعب, إفهام بل وإسكات من (يتصيد في الماء العكر) والذين يتساءلون عن
أسباب عدم قيام الحزب بتقييم المرحلة الماضية رغم مرور أكثر من خمس
سنوات ,وبما إن ذلك مستحيل من الناحية الأمنية ,فيعني انه مؤجل إلى
حين, إلا إن الحزب والقيادة غير غافله عن هذا الموضوع وهي أكثر إصرارا
من غيرها عليه ولكن في الوقت المناسب .
9_ إن المعتز بالله يضيف بموقفه هذا مبرر آخر لاستحقاقه موقعه ,إن قوة
الإنسان هي باعترافه بالأخطاء على المستوى الشخصي أو على مستوى الحزب
والسلطة ,وهذا سر قوة البعث وقادته ورجاله فنحن لا نخاف من أخطاءنا بل
نخاف من الإصرار عليها, فالحزب هو أداة لتحقيق أهداف الأمة وان أي
محاولة للتغطية على الأخطاء ولأي سبب هو تدمير للحزب وبالتالي لأهدافه
ولمبادئه ولكن بشرط أن تكون ضمن السياقات الحزبية النظامية وفي الوقت
المناسب .
10_ إن ماء الينبوع يكون أصفى وأنقى واقل شوائب كلما اقتربنا من عين
النبع ,والعكس صحيح ,ولا بد من الاعتراف إن الكثير من الأخطاء قد حدثت
بسبب ابتعادنا عن منبع الفكر ألبعثي ,واعتقد إن أخطرها ترتيب أولويات
المبادئ أو القيم أي أولويات الولاء ,كذلك فان فكر الحزب ومبادئه جاء
حصيلة نضال الملايين من أبناء شعبنا العربي ونتيجة المعاناة والآلام
ولم يأت الفكر ألبعثي نتيجة المماحكة الفكرية لبعض المنظرين وبالتالي
فان تراث الحزب الفكري هو ملك للحزب ولكل بعثي بل ملك للأمة العربية
وليس ملك لفرد ولا يمكن ركنه على الرف وإبداله من قبل أي شخص مهما كان
موقعه ,إذا كان الحزب هو أداة لتنفيذ هذا الفكر فما هو موقع الفرد
قياسا إلى الفكر والى الوطن والى الشعب والى القومية,إن عودتنا إلى
أفكار البعث الأصيلة الشريفة هي التي تجعلنا نتحدث بهذا الأسلوب وبهذه
الصراحة ,كلنا فداء للمبادئ وللوطن وللشعب وللقومية وللحزب .
|