تعتبر الأجهزة
الأمنية والشرطة العراقية منتجا
مشوها ومعيبا صنع من مواد أولية
رديئة الجودة في مصانع الأحتلال
الأمريكي، وقد ضمت هذه القوات
عناصر من الميليشيات والمجرمين
وقطاع الطرق واللصوص وتم اختيارهم
وفقا لقول الفيلسوف الايرلندي
برنارد شو الشهير" إذا سقطت
المرأة أصبحت زانية وإذا سقط
الرجل أصبح شرطيا" وهو ما يتطابق
أيضا مع المثل العراقي" سألوا
العاهرة عن زوجها فقالت شرطي" مع
إحترامنا للشرفاء والوطنيين منهم,
و تعمل هذه الأجهزة بشكل عام خارج
الرؤية الوطنية وبمعزل عن
القوانين واللوائح الدستورية
الثابتة. فهي كيان قائم بحد ذاته
ولا يخضع إلا لذاته ولا يراقب إلا
من قبل ذاته! قوات سائبة لا تخضع
للمسائلة من قبل الحكومة أومجلس
النواب, لأنها ببساطة جزء من
الميليشيات التي افرزتها الكتل
وألاحزاب السياسية الحاكمة
والممثلة في مجلس النواب، وسنحاول
في هذا الجهد المتواضع ان نرفع
الحجاب عن وهن الشرطة العراقية
وفسادها وتداعياته الخطيرة على
المجتمع العراقي بعد أن فقدت في
نظره كل مقوماتها وقيمها الوطنية
والاخلاقية، ونأمل ان لا ينزء
البعض عن التعقل ولا يسيء فهم ما
تحدثنا عنه ويفسره في غير هدفه
متشبثا بالتعصب الأعمى والتشنجات
الطائفية والحساسية الرسمية
فالفكرة هي ضفيرة من نسيج التنبيه
والغرض هو تشخيص الخلل والمطالبة
بالتصحيح.
وبدلا من أن
تكون هذه الأجهزة سياجا حاميا
للوطن تحولت إلى معاول هدامة
لتدمر البنيان الاجتماعي
والاقتصادي والثقافي والأمني,
وبدلا من أن تكون العين الساهرة
على أمن المواطنين أمست عيون
الذئب اليقظة التي تنظر إلى
فريستها بشهوة وشراهة منتظرة
الوقت المناسب للإنقضاض عليها
وإفتراسها بضراوة ووحشية, وأصبح
رجل الأمن هو العابث بالأمن
وعاملا أساسيا لتدهور الأوضاع
الداخلية وتحولت الأجهزة الأمنية
التي تعمل وفق مبدأ الوشاية إلى
عدو مبين للمجتمع وأداة فاعلة
لتدمير قيمه وأخلاقياته وعاداته
وتقاليده ومثله وتعصف بكل روابط
الإخاء الوطني وتنخر في بنيان
النظام الاجتماعي والأمني وهيبة
النظام القضائي.
ومن الطبيعي
أن لا تتمكن هذه الأجهزة المتخبطة
بثقافتها الطائفية العمياء
وعقليتها الضحلة وطابعها الدموي
ومنهجها المشبوه ومسلكها الفاسد
من حفظ أمن المجتمع والفرد من
الانحراف والتدهور لذا فإنها
ساعدت المحتل في تفكيك المجتمع
إلى طوائف وفرق متناحرة وساعدت
على إشعال الفتنة وعكرت صفو
الولاء الوطني والإخاء القومي
وغلبت عنصر الأنانية وزادت من
اللامبالاة وأطلقت مارد الكراهية
والحقد والانتقام من قمقمه.
بدأ المجتمع
ينظر إلى عناصر هذه الأجهزة
كطفيليات غريبة عن الوطن والشعب
وليست ثمرة من ثمار الديمقراطية
المزعومة, وكلما ارتفع مستوى
أذاها للمجتمع كلما زاد مستوى
التطرف في كراهيتها, والحق أن
الكثير من أعمال التطرف كانت من
بواعث الانتقام نتيجة الجرائم
التي ارتكبتها تلك الأجهزة في
سجونها السرية الرسمية وغير
الرسمية من قتل وسلب ونهب واغتصاب
وتعذيب علاوة على الانتهاكات
اليومية الصارخة بحق المواطن
العراقي،علاوة على تورطها في
عمليات الاغتيال والاختطاف
والتصفيات الجسدية وفقا لأجندة
الميليشيات المرتبطة بها, وكانت
مشاهد سيارات الشرطة وهي تحمل صور
الزعماء الدينيين كالحكيم والصدر
أبرز دليل على فسادها وانتمائها
الميليشياوي, والأكثر ألما إن
البعض منها حمل صور الخميني وعلى
الخامنئي وكأنهم شرطة إيرانيين
وليسوا عراقيين! ولا تغرب عن
بالنا صورة سيارات الشرطة في
العمارة وهي تحمل جثث المواطنين
على مقدماتها ببشاعة لم نرى مثلها
حتى عند البرابرة والشعوب
الهمجية, أو قيام رجال الشرطة
بمجزرة الناصرية عندما أحرقوا
المناوئين من أبناء التيار الصدري
وكان منظر تقشعر منه النفوس ولا
يدل على مثقال ذرة من الغيرة
والشرف والأخلاق والدين عند هؤلاء
الشراذم.
لقد أعلنت هذه
الأجهزة حربها على المجتمع بل
ومؤسسات الدولة نفسها التي تخضع
إلى هيمنة أحزاب أخرى لا تمتلك
الميليشيات، فعمدت إلى تقويض
الشرعية وتهديد الأمن الاجتماعي
كالغارات على وزارة التعليم
العالي/ دائرة البعثات والغارة
على اللجنة الاولمبية ومصنع
البطاريات ومعمل الزيوت النباتية
والعشرات غيرها وبدلا من أن تقوم
هذه الأجهزة بوظيفتها الرئيسية في
مواجهة الجريمة تحولت هي ذاتها
إلى أداة للجريمة, وبدلا من أن
توقف التجاوزات القانونية فإنها
صارت أكثر تجاوزا من المجرمين
والعصابات الإجرامية. بل إن بعض
الأحياء السكنية التي تعرضت إلى
الأذى على أيدي الميليشيات وعناصر
الشرطة رفضت مجالسها المحلية دخول
الشرطة العراقية في عمليات
المداهمة والتفتيش إلا بمصاحبة
عناصر من قوات الاحتلال كمن
يستجير بالرمضاء من النار.
ومن عوامل
استفحال هذه الظواهر المؤلمة
الافتقار لوزير متخصص في الشئون
الأمنية بسبب المحاصصة الطائفية
التي طبقت شعار( الشخص المناسب في
المكان غير المناسب والشخص غير
المناسب في المكان المناسب) حيث
استوزر باقري صولاغي وهو أفشل
وزير داخلية في تأريخ العراق
القديم والحديث تلاه جواد بولاني
بدرجة أدنى, بالإضافة الى عدم
توفر الكوادر الأمنية الوطنية
المتخصصة, والافتقار لخطة أمنية
تتناغم مع حاجة الوطن والمواطن
الفعلية, وتغليب الاتجاه الحزبي
الضيق على الاتجاه الوطني,
والفوضى في اختيار عناصرها حيث
تسلل عدد كبير من المجرمين إلى
أروقتها ونالوا رتبا عالية تدعو
الى السخرية, علاوة على دمج عناصر
الميليشيات الإجرامية في أجهزتها
المختلفة, وتنفيذ الأجندات
الأجنبية ولاسيما الإيرانية حيث
يشرف قادة من قوات القدس واطلاعات
على أجهزتها الإستخبارية
وقياداتها العليا. وهناك أسباب
مشجعة منها حصانتها من الحكومة
فهي تتكأ على ظعر أقوى الأحزاب
العميلة على المشهد العراقي,
وكذلك تغاضي قوات الاحتلال عن
جرائمها فكلاهما لا يقل إجراما عن
الآخر مما جعلهما يعملان وفق
صيغة" شيلني وأشيلك", وعدم توفر
إعلام وطني واعي بصير يمكنه تشخيص
هذه الظواهر وحفظ هذه الأجهزة من
الانزلاق إلى هاوية التدهور
والتطرف وتقاعسه وأهماله نشر
الحقائق وفضح هذه الأساليب
والعناصر المسيئة وتأليب الرأي
العام ضد هذه الشراذم البشرية,
فالإعلام محصور بين فكي رحى قوات
الاحتلال والأحزاب الحاكمة
وكلاهما ينفذ أجندته بتنسيق
وتعاون مع الطرف الآخر لذلك فقد
لعب هو الآخر دورا مهما في
التغطية على جرائم هذه الأجهزة بل
تغاضى عنها أو أنكرها أو بررها
بطريقة ساذجة.
ومن ابرز سمات
هذه الأجهزة:
التعذيب:
التعذيب أمر مرفوض وممجوج يتعارض
مع القوانين السماوية والوضعية
ويتعارض كذلك مع اتفاقيات حقوق
الإنسان بالأخص اتفاقية مناهضة
التعذيب الذي لم ينضم العراق
إليها رغم اعتناقه مذهب ديمقراطية
العم سام بل إنها تتناقض مع
الدستور العراقي الذي صاغته أنامل
المفكر الصهيوني نوح فيلدمان, وقد
تحول التعذيب بعد الاحتلال إلى
ظاهرة عامة وسمة مميزة للأجهزة
الأمنية قبل أو بعد صدور الأحكام
القضائية, ووصلت مرحلة التعذيب
أرقى مستوى لها في عهد وزير
الداخلية السابق باقري صولاغي
باستخدام أفضل طرق التقنية
العلمية في التعذيب ومنها ابتكار
الدريل الكهربائي لثقب الأجساد
والمنشار الكهربائي لتقطيع
الأوصال, وتم التعامل مع جسد
المواطن العراقي كتعامل شركات
الخردة مع المواد التي تتعامل
بها! ومن خرج سالما من دهاليز
التعذيب فأنه لا يجرؤ على
الاعتراف عما لاقاه من وحشية سيما
أن معشر الجلادين الوطنيين لم
يكتفوا بطبع آثارهم الوحشية على
جسده وإنما أعقبوها بدلائل أخرى
كتهديدات وملاحقات وتشهير وتلويح
بتكرار الواقعة إن تفوه بكلمة عما
لاقاه على أيديهم القذرة! وقد
أججت هذه الأعمال الوحشية مشاعر
الكراهية والعداء لرجال الأمن
والشرطة العراقية.
الاغتصاب:
استنفرت عناصر الأجهزة
الأمنية ورجال الشرطة طاقاتها
الهدامة كافة للإساءة إلى
المواطنة والمواطن العراقي من
خلال إتباع أقذر الوسائل في
التعامل مع السجناء والمعتقلين
والمتهمين من خلال انتهاك حرماتهم
بالاغتصاب ولم يسلم الأطفال ورجال
الدين من هذه الظاهرة الديمقراطية
الجديدة التي تركت ظلالها المؤلمة
على الضمير الإنساني, وقد أكدت
المحامية سحر الياسري ممثلة اتحاد
الأسرى والسجناء بأن عدد السجناء
العراقيين(400000) سجين من
بينهم(6500) طفل و(10000) امرأة,
تم اغتصاب 95% منهم. فشرعوا بذلك
انتهاك الحرمات وسوغوا الفوضوية
واحيوا الإحباط واليأس وانعشوا
فياغرا الانتقام والثأر من
تصرفاتهم الرعناء وادخلوا هذه
المفاهيم المخزية في قاموس
الديمقراطية الجديد, ويلاحظ أن
ظاهرة الأنتحاريات من النساء لا
يمكن أن تكون بمعزل عن هذه
التداعيات والنتائج, فمفهوم الشرف
عند العراقيات يساوي الحياة ونقيض
الشرف أي انتهاكه يعنى الموت. لذا
تحولت آثار إنتهاك الشرف عند
العراقيات الى احزمة ناسفة نثرت
شظاياها على عناصر الشرطة نفسها
و"على نفسها جنت براقش". فسوغت
أعمال العنف المقابل وغذت النزعة
الانتقامية وعمقت العلل
الاجتماعية وأصبحت ردة فعل طبيعية
لتصرفات الشرطة. ومن المؤسف جدا
ان تمتد الظاهرة لتشمل أغتصاب
الأطفال والرجال في مراكز الشرطة
والسجون وقد حدثنا النائب الدايني
خلال زيارته للسجون في محافظة
ديالى عن إغتصاب رجل دين من قبل
رجال الشرطة!
السلب والنهب:
لدينا مثل بغدادي يقول " حاميها
حراميها" وهو ينطبق حرفيا على
رجال الشرطة العراقية فعمليات
السطو والسلب والنهب اليومية التي
يقومون بها تحت ستار التفتيش
والمداهمات اتسمت بالغلظة والطباع
الخشنة والهمجية والفجاجة والتوحش
والتحلل من كل الروابط والقيم
الدينية والاجتماعية والأخلاقية
وهذا ما تجسد واقعا في الواجبات
الجديدة للشرطة ومغاوير الداحلية
من خلال قيامبها بمداهمة دور
المواطنين الآمنة والمبنية على
الشكوك والظنون والوشايات وتصفية
الحسابات وسرقة كا ما يقع أمامهم
من مال ومجوهرات بلا وجل أو حياء،
حتى اصبح الناس يخشون رجال الشرطة
أكثر من اللصوص، وكان لهذه
السرقات دورا مباشرا في ترسيخ
الشعور بالكراهية والابتعاد عن
الدولة وإضمار الحقد على مؤسساتها
الأمنية والقرف البالغ من التعامل
معها إلا وفق الحدود الدنيا
والاضطرارية, وأصبح المجتمع يف
ضفة والأجهزة الأمنية في ضفة
مناوئة، كل منهما يضمر الشر للآخر
ويتربصه للانقضاض عليه, فمن الخطأ
بل كل الخطأ أن تتنامى ظاهرة
استغلال معاناة الشعب بهذه
الطريقة البشعة تحت مبررات الفوضى
الأمنية والتمسح بأسباب لا تقدم
ولا تؤخر.
ويلاحظ إن
معظم هذه المداهمات شملت دور
الأغنياء المترفة لغرض الغنيمة
والربح في غاية مفضوحة بأن الغرض
منها ليس تعزيز الأمن بقدر ما هو
تعزيز جيوب عناصر الأمن والشرطة.
وأمست المداهمات تشكل هاجسا
كبيراً للمواطنين العراقيين
وتؤرقهم, ومن عبث الأقدار أن يتم
عزل أبناء العائلة المداهمة في
غرفة صغيرة وأحيانا في المطبخ أو
الحمام لتبدأ عملية البحث عن
المال والمجوهرات ومصادرتها
وتهديد العائلة في حال تقديم
الشكوى عن المسروقات.
الاعتقال على
الشبهة والوشاية:
القاعدة الدستورية والقانونية في
جميع دول العالم بما فيها العراق
المحتل إن " المتهم بريء حتى تثبت
إدانته" وقد غادرت هذه القاعدة
القاانونيةالعراق بصورة نهائية
بعد الاحتلال. فالسجون العراقية
ممتلئة لحد التخمة بالسجناء
المتهمين الذين يتعرضون لأبشع
أنواع الانتهاكات رغم عدم ثبوت
التهم عليهم, ويكفي أن يحصل شجار
بينك وبين جيرانك لتتهمه بأنه من
رجال المقاومة( بمعنى الإرهاب من
وجهة نظر الاحتلال وحكومة
الاحتلال) ليقبع في سراديب وزارة
الداخلية وسجونها, لتبدأ بعدها
عملية المساومة مع الشرطة لإطلاق
سراحه برشوة تضطر عائلته لبيع ما
تمتلكه من دار أو محل وسيارة أو
مدخرات سابقة لتسديدها وهنا لا
يختلف رجال الشرطة عن قطاع الطرق
واللصوص والمجرمين إلا في زيهم
الرسمي. والاعتقالات في العراق
ذات صفة مزاجية أحيانا فأي جدال
أو اعتراض عن تصرف غير لائق لرجال
الشرطة والأمن من شانه أن يضفي
عليك تهمة مفصلة وعلى القياس
كالإرهاب مثلا, وليس من حاجة إلى
شهود فزملائهم من الشرطة وبموجب
مبدأ المقابلة بالمثل باستطاعتهم
أن يقسموا بأنك اعتديت على زميلهم
وهكذا تجري الأمور.
تنفيذ أجندات
الأحزاب الحاكمة والميليشيات:
من الملاحظ إن عناصر الشرطة بحكم
أن معظمهم من الميليشيات فهم
بصورة أو بأخرى ينفذون أجندتها
خارج السياقات الرسمية, فغالبا ما
كانت أجهزة الأمن والشرطة تروج
حكايات مفبركة تافهة بأن رجال
يلبسون ملابس الشرطة ويحملون
هويات عناصرها ويحملون نفس
أسلحتها ويركبون نفس سيارتها
يقومون بعمليات الخطف والقتل
والاغتيالات, ويبدو أن هذه
الأجهزة أدركت مؤخرا صعوبة تسويق
مثل هذه السلعة الفاسدة إلى الشعب
العراقي فكفت عنها بدأت تعترف
بالنزر اليسير منها, ومن الغريب
أن تنفذ هذه الأعمال الإجرامية مع
انتشار القوات العراقية في
الشوارع وفقا للخطط الأمنية بحيث
أصبحت بغداد مميزة بكثرة السيطرات
حتى يمكن القول " انه ما بين
سيطرة وسيطرة تجد سيطرة" كما إن
بعض العمليات جرت بشكل يدعو إلى
الاستغراب ولا يمكن أن تنفذ إلا
من قبل عناصر الأمن والشرطة مثل
الغارات التي قامت بها وزارة
الداخلية على وزارة التعليم
العالي واللجنة الأولمبية ومازال
رئيس اللجنة الأولمبية احمد
الحجية رهين المحبس الحكيمي(معتقل
من قوات بدر) ولا يعرف مصيره. وقد
نفذت العمليتان في وسط بغداد ظهرا
أثناء الدوام الرسمي بقوة سيارة
تألفت من حوالي(50) عجلة ذات
الدفع الرباعي وهي التي تستخدمها
وزارة الداخلية! إضافة إلى عمليات
أخرى لا يمكن حصرها وقد زاد الطين
بله أن الحكومة ومجلس النواب غضا
النظر عن نتائج الحقيق في هذه
العمليات الإجرامية لغاية هي أوضح
من نور الشمس.
النفس الطائفي
ويمكن لمس هذا
العامل بسهولة فقد شرع القانون
البريمري أنتساب عناصر الميليشيات
الاجرامية الى الشرطة والأجهزة
الأمنية وقد تسربت الى الاعلام
الكثير من الأوامر والتوجيهات من
الكتل السياسية ذات الميليشيات
الى وزارة الداخلية تفرض عناصر
للتعين في وزارة الداخلية وبالرتب
التي ترتايها تلك الكيانات ولأن
الوزراء منسوبين الى نفس هذه
الكتل فقد تم تسويق هذه التعيينات
بسهولة. ومن المشاهد الغريبة ان
تحمل سيارات الشرطة صور الزعماء
السياسيين وتسمع من السيارات
تسجيلات اللطميات والاشعار
والاغاني المؤججة للطائفية, ولم
تقتصر المصائب على هذ الجانب فقد
افرزت مراسيم عاشوراء هذه السنة
قيام رجال الشرطة- وهذه أول مرة
تحدث في تأريخ العراق- في الشوارع
العامة وأمام انظار الجميع قيامهم
باللطم وضرب اجسادهم بالسلاسل
الحديدية ومنهم من مسك الطبول!
ولا ضير ان كان الأمر يجري بشكل
طبيعي مع تحفظاتنا على هذا السلوك
السادي والبعيد عن القيم
الاسلامية النبيلة! لكن ان تجري
تلك الممارسات بالزي الرسمي لرجال
الشرطة فهنا المصيبة! وأطلع
الكثير منا على العمليات التي
قامت بها قوات من الشرطة والجيش
في الموصل وهم يكبلون احد الشيوخ
ويغمضون عينيه بعصابة ويتراقصون
حوله كالهنود الحمر على أنغام
رادود حسيني من الشرطة بحضور ضابط
برتبة مقدم يهز اكتافه متراقصا
ويسحب مسدسه لإطلاق عيارات نارية
متناغما مع الأهازيج كأنه يشارك
في معركة الجمل ومنها " لحيتك ما
تخوفنا يا أبن سفيان نحن جدنا
حيدر حارب الندان.. لو ما حيدر
حاميها جان احتركت الدنيا "
ويتبعها بأخرى " يا أبو الحسنين
يا ليث الحرائر ياسبع الدور يا
صدر الكتايب"! وحتى النساء
اللواتي أدخلن الشرطة فأنهن من
طائفة واحدة ونظرة واحدة الى
ملبسهن المضحك يكشف عن هويتهن
وتبعيتهن الإيرانية, ولا أفهم كيف
تم أختيار هذه الملابس والألوان
وهل تم ذلك لتساعدهن في واجباتهن
كالعدو خلف المجرمين أم ماذا؟
وكيف سيتم تميزهن عن بائعات
القيمر والخضروات؟ وكيف سيحملن
السلاح؟ صدق من قال شر البلية ما
يضحة.هل يمكن ائتمان مثل هؤلاء
الشرطة والشرطيات من قبل الطوائف
الاخرى؟
ارتكاب جرائم
قتل
لعل هذا الأمر
يشكل خطورة كثر من غيرة فمن
المعروف أن الغرض من تأسيس قوات
الشرطة هو حماية المواطنين والسهر
على أمنهم وامانهم وإشعارهم بأن
هذه القوات في خدمتهم ليلا
ونهارا، أما أن تكون بعض عناصر
الشرطة مجرمين و قتلة ولصوص فهذا
الأمر لا يمكن تصوره رغم ان
القانون البريمري الذي حشر عناصر
الميليشيات المجرمة في الشرطة لا
يستبعد هذا الإحتمال. وقد أعترف
وزير الداخلية جواد البولاني بأن
بعض عناصر الشرطة متورطين في
جرائم كبرى ومنها جرائم تتصل
بكبار المسسؤولين في حكومة
الإحتلال, فقد ورد عن المتحدث
الرسمي لوزارة الداخلية اللواء
عبد الكريم خلف بأن قوات الداخلية
أعتقلت(12) من منتسبيها لقيامهم
ب(15) جريمة قتل من بينها قتل
ميسون الهاشمي شقيقة نائب رئيس
الجمهورية طارق الهاشمي عام 2006
مع سائقها,
مضيفا " أن جميع المعتقلين
كانوا ينفذون جرائمهم بزي الشرطة
مستخدمين سيارات الشرطة ومشيرا
إلى ان هناك 13 اخرين هاربين لم
يتم اعتقالهم لحد الآن والوزارة
تعمل على اعتقالهم"! وهناك الألاف
من الجرائم المتورطة بها عناصر
الشرطة ومنها تفجيرات العتبات
المقدسة في سامراء وما أعقبها من
عمليات قتل وحرق للمساجد إضافة
الى اختطاف منتسبي مركز الرازي
للحاسبات الالكترونية ومصنع
الزيوت النباتية وأختطاف وقتل
منتسبي البعثات وأعضاء من اللجنة
الأولمبية ناهيك عن الجرائم
الفردية.
قوات الطوائف
وليس الوطن
بالرغم من
المحاولات التي يدعي وزر الداخلية
الحالي جواد البولاني بأنه قد
اتخذها لتطهير وزارته من العناصر
الفاسدة التي أبتلت بها منذ ان
انتزعها رئيس الوزراء السابق أياد
علاوي من الميليشيات وعصابات
الاجرام ووطنها في قوات الشرطة
والجيش، وغذاها الصولاغي بأبشع
انواع الطفيليات الطائفية
والاجرامية، فإن خطوة البولاني
بطرد ما يقارب(24) ألف عنصر فاسد
تكاد أن لا يشكل شيئا امام غول
الفسد المهيمن على الوزارة التي
تربعت على عرش الفساد ما بين
الوزارات العراقية, ويبدو ان
الوزارة مقسمة الى قوات شأنها شأن
القوات المتعددة الجنسية فهي
متعددة الولاءات والاجندات ولا
يتحكم فيها الوزير نفسه، لكن لديه
مجموعته الخاصة وهناك قوات يحكمها
مقتدى الصدر واخرى يحكمها عبد
العزيز الحكيم واخرى تخضع لقائدها
طارق الهاشمي بل هناك قوات تخضع
الى شخصيات خارج الحكومة فهناك
افواج تخضع لنفوذ حسين الصدر
المتعشعش في الكاظمية وصفها النطق
بأسم خطة القانون بأنها لا تمت
للقوات الحكومية بصلة فهي تؤتمر
بأوامر الصدر! فما عسى تكون
اغراضها؟ وهناك قوات تخضع
للإرهابي جلال الدين الصغير تتخذ
من مسجد براثا مقرا لها وتنفذ
خططا طائفية بحته وهذا ما يقال
بحق عدنان الدليمي وصدر الدين
القبنجي وطارق الهاشمي إضافة الى
النواب والوزراء فلكل منهم
عصابته.
وأخيرا
وليس آخرا
للرياضيات
منافعها وللأحصائيات فائدتها فهي
تقدم بيانات واضحة ومؤكدة عن حجم
المأساة التي يعيشها الشعب
العراقي وسنأخذها من المصادر
الحكومية وليس من مصادر معارضة
لحكومة الأحتلال حتى لا نفتح
مجالا لمهاترات ومزايدات نحن في
غنى عنها في خضم هذه الكارثة
الإنسانية, تشير البيانات بان عدد
قوات الشرطة بحدود(350) الف عنصر,
وسبق للوزير البولاني بأن اتخذ
خطوة إيجابية بإبعاد(24) ألف عنصر
فاسد من وزارته, من ثم أعلن
الوزير نفسه مؤخرا أمام الرأي
العام العراقي عن تسريح(60) ألف
منتسب من وزارته أطلق عليهم صفة(
المدسوسين) ولم يوضح كلمة مدسوسين
ومن دسهم ولماذا وما هي جرائمهم
ولماذا تسريحهم دون إحالة الى
القضاء؟ وسبق أن طردت الوزارة(4)
آلاف منتسب لتورطهم في عمليات
فساد مالي وإداري وجرائم مختلفة.
وهذا يعني ان الوزارة طردت(88)
ألف من عناصرها! وبعملية حسابية
بسيطة فان حوالي1/4 قوات الشرطة
هم من المجرمين والفاسدين الذين
تم أكتشافهم لحد الآن وما أدرانا
ما في الوزارة من مندسين ومجرمين
وفاسدين لم يكشف عنهم لحد الآن
لسبب أو آخر؟ ولتقريب الرؤية فأنه
عندما تداهم قوات الشرطة بيت أحد
المواطنين من مفرزة مكونه من(8)
عناصر فأنه ما لا يقل عن وجود(2)
من المجرمين من ضمن تلك المفرزة!
هذه من بعض نتائج حل الشرطة
العراقية وزج العناصر الاجرامية
في صفوفها التي ابتلانا بها
المجرم اللعين بول بريمر والذي
آزره فيها اياد علاوي وإبراهيم
الجعفري.
من البديهي إن
هذه الظواهر تحتاج إلى دراسة
علمية عميقة من النواحي ألامنية
والسياسية والاجتماعية والنفسية
لحصر الخلل وتأشيره وتهيئة الحلول
الناجعة للإصلاح في هذه الوزارة
الكسيحة التي يفترض أن تكون من
أفضل الوزارات أداءا لتماسها
المباشر مع المواطن العراقي,
والعمل الجدي لتصفيتها من عناصر
الميليشيات والمجرمين وإخراجها من
حزام المحاصصة الطائفية ورفدها
بالكوادر المهنية الوطنية
والمخلصة وتشذيبها من القيادات
الإيرانية التي تتربع في أعلى
هرمها القيادي والأستخباري,
وتنمية الوعي الوطني والحس الأمني
لقوات الشرطة وتبصيرهم بتعاليم
الدين الإسلامي الحنيف واتفاقيات
حقوق الإنسان ورفع مستواهم
الثقافي والمعرفي وإعادة فتح
التحقيقات المغلقة لمعرفة حقيقة
نتائجها وعدم استغفال الرأي العام
بتمويه هذه النتائج أو درجها في
مجرات النسيان فأن طمس الجريمة هو
بحد ذاته جريمة أكبر من الأولى. |